السبت 27-04-2024 05:58:36 ص : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون بين خسارة القوة المالية أو خسارة الوجود

السبت 30 يونيو-حزيران 2018 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ محمد عبدالكريم
 

 

الأهمية الإستراتيجية لتحرير الحديدة ..

 

أعطي الحوثيون فرصا واسعة ، في إبقاء السيطرة على ميناء الحديدة ، والسلطة والتحالف لا يجهلون أهمية الحديدة على المستويات الإقتصادية والأمنية؛ إذ تسيطر المحافظة على معظم الشريط الساحلي الغربي والجزر اليمنية في البحر الأحمر، ويقع الممر الدولي على مرمى حجر، لذلك ظلت ورقة ضغط حوثية والتلويح باستهداف السفن في البحر الأحمر، بل وإطلاق صواريخ، واستهداف سفن، لما لها أهمية عسكرية وأمنية قصوى.

قد تكون القدرات الحربية للحوثيين محدودة ، لكن ما هو مؤكد أن طول الساحل يمكنهم من تهريب السلاح ، وليس بالضرورة عبر الميناء، الذي قد يتمكنون عبره من تهريب بعض السلاح غير أن هناك جزر وشواطئ تمكنهم أكثر إذ يصعب المراقبة الشاملة والدائمة للساحل.

 

الأهمية الاقتصادية

ما هو مؤكد أن ميناء الحديدة يتم بواسطته إدخال 70 % من إجمالي الواردات، وأن الضرائب والرسوم التي يتم تحصيلها منه تقدر ب 30 مليون دولار شهريا، وهناك تقديرات أعلى، وكلها تذهب الى خزينة الجماعة، فضلا عن وسائل مختلفة لجني الضرائب والرسوم من التجار في أوقات مختلفة ، وظهور الثراء الواسع لقياداتها ، أي أن الحديدة ومينائها عنصر قوة هائل للحوثيين، ويمدهم بأسباب البقاء، والتجنيد والتحشيد.

  وعلى الرغم من فشل الجهود المختلفة في جلبهم للتفاوض، ليس سعيا للسلام بل سعيا للمحافظة على سلامتهم ، وبقائهم كقوة ، على الرغم من ذلك فإن الأمم المتحدة ومن ورائها الولايات المتحدة ، أظهرت تدليلا واسعا للحوثيين، ولو كانت جماعة غيرهم بهذه العقلية التي شعارها الموت وفعلها ، لكان التعامل معها مختلف ، بل لتم معاملتها ك معاملة داعش؛ إذ لا تختلف عنها كثيرا، إنها جماعة مسلحة تقتل من أجل القتل ولا ترى في السياسة جدوى.

وقد لفت أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي في تغريدة له على تويتر28 يونيو الى ذلك التناقض في تعامل الأمم المتحدة مع الحوثيين(الحوثيون لا يعاملون مثل أية مليشيات إرهابية أُخرى ولهم حوار مع الأُمم المتحدة ، والفرصة للتفاوض بشأن العملية السياسية ، ولكن في تهديد المدنيين يتصرفون مثل أية منظمة إرهابية أُخرى ، ويجب على المجتمع الدولي أن يضع ذلك في الاعتبار).

حين وصلت جهود المبعوث الدولي الى طرق مسدودة ، وأعلنت الحكومة اليمنية والتحالف العربي اتخاذ قرار التحرير تداعت الأمم المتحدة والمبعوث نفسه للإلحاح على الحوثي بتسليم ميناء الحديدة للأُمم المتحدة حتى أعلن عبد الملك الحوثي ذلك.

وعلى الرغم من شروط الحوثي المستفزة إلا أن جريفيت أخذها مأخذ الجد وربما عد ذلك انجازا، مع أن عرض الحوثي يجعل من الأمم المتحدة عبارة عن موظفين يشرفون على تحصيل الضرائب والرسوم وتوريدها الى خزانة الحوثي (بنك صنعاء).

إن الأُمم المتحدة وفي حديثها عن الوضع الإنساني ، تحذر التحالف في حين لا تنظر الى ما يفعله الحوثيون من أعمال إجرامية ك حفر الخنادق وتقطيع الشوارع وقطع الخدمات الضئيلة ك المياه ،واتخاذ السكان دروعا بشرية ، واستخدام السلاح الثقيل من وسط الأحياء السكنية .

 

توقف العمليات

الفرضية الأولى نجاح المبعوث الأممي في إحباط العمليات العسكرية عبر تفاوض بلا أُفق بحصول الأُمم المتحدة على ذلك الإعلان من قبل عبد الملك الحوثي ، اردفت بتصريحات أمريكية بالضغط على التحالف لوقف العمليات ، والقبول بعرض الحوثي تسليم الميناء لإشراف الأُمم المتحدة.

إعلان الحوثي يظل على المستوى اللفظي، من جهة ولأن التفاوض عليه وترتيبه من قبل الأُمم المتحدة، سيأخذ وقتا ليس بالقصير من الجهة الأُخرى ، فإنه يعني الوقوع في حالة رمادية حالة اللا حرب واللا سلم.

  المبعوث االأممي لم ييأس ، ولديه إسناد غربي واسع وحيث جعل الإتحاد الأوروبي وبريطانيا من اليمن ورقة تفاوضية مع إيران، التي أكدت استعدادها لجلب الحوثيين للتفاوض، ذلك يعني احتمال وقف العمليات العسكرية ، الى أجل غير مسمى.

 والعمل الذي يقوم به المبعوث لا يعدو عن كونه عملية إنقاذ للحوثيين وإطالة أمد الحرب، ومن ثم يغدو الحديث عن المدنيين والنزوح والحالة الإنسانية عبارة عن شعارات ، تستخدمها الأُمم المتحدة في وجه الشرعية وقوى التحالف ، ذلك أنه بكل الحسابات والمقاييس لا يوجد أفتك من الحوثيين بالإنسان ، اعتبار القهر للناس ، وقتلهم وتشريدهم وسلب كل حقوقهم أهداف مشروعة.

من المبادئ الأساسية أن جمع طرفين للتفاوض ، يكون بينهما قواسم مشتركة ، لتكون هناك أرضية للتفاوض ، وفي الوقت الذي لا يعترف الحوثيون بالمرجعيات بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي ، أي الأُمم المتحدة ذاتها ، فإن الأُمم المتحدة تسقط كل تلك الاعتبارات ، وتبدي حرصا غير معقول على الحوثيين.

 

التحرير

هل تبقى الحالة الرمادية ؟ وهل تطول ؟

الحالة الرمادية قد تطول، إن تم توقف العمليات ، والموافقة على عرض الحوثي وترتيب الإشراف الأُممي على الميناء ، غير أن للحكومة اليمنية والتحالف حسابات تتعارض بالضرورة مع الحالة الرمادية ، وفي الوقت نفسه يدرك التحالف أنه لو أوقف العمليات فإن الحوثيين لن يتوقفوا.

هل اقتنعت الحكومة اليمنية بالعرض الحوثي ؟ وهل اقتنع التحالف ؟

بعد زيارة جريفيت الأربعاء لعدن والتقاء الرئيس هادي ، كان الرد واضحا من قبل السلطة اليمنية ، إن على الحوثيين الإنسحاب من محافظة الحديدة كاملة ، ولا معنى للميناء بدون المدينة وبدون الصليف واللحية.

المبعوث سيأخذ رد السلطة الى الحوثي ليرى رده ومن ثم دخول الحالة بين الأخذ والرد الى أجل غير مسمى ، تلك فرضية .

الفرضية الأُخرى الأكثر احتمالا تتلخص في قرار تحرير الحديدة تم اتخاذه وليس هناك المزيد من الوقت للجولات المكوكية للمبعوث الأممي ، وأن الأيام القادمة ستشهد مزيدا من التصعيد والمضي في اتجاه التحرير الكامل للمحافظة .

من الواضح أن الحكومة والتحالف ليسوا مقتنعين بعرض الحوثي ، ويدركون انه عرض يبقي الحوثي على اتصال مع الأمم المتحدة وحتى لا يقطع كل خطوط الرجعة ، لكنه في حقيقته غير عملي، إنه فقط لإرباك المشهد.

لذلك تحدث وزير الخارجية اليمنية عن مساع لإقناع الأمم المتحدة بضرورة تحرير محافظة الحديدة والميناء لتحقيق الأهداف الإنسانية ، تحدث الرئيس هادي أن تحرير الحديدة سيتم إما بالتسليم من قبل الحوثيين أو حربا .

 

حتمية التحرير عسكريا

الحوثية لا تعرف السياسة وتعرف القوة والقتل لذلك ستجبر الحريصين عليها على التخلي عنها ذلك أن إنهاء الأزمة والحرب في اليمن لن يتم إلا بهزيمة الحوثيين عسكريا. وكما يقول عبد الملك: سنحارب الى يوم القيامة ، وأثناء حرب صعدة ، قال: مستعدين نحارب 300 و 400 سنة ، فالحرب الوسيلة الوحيدة للحوثي ، وليس لديه غيرها .

لذلك ستضطر السلطة اليمنية والتحالف ، لتحرير الحديدة ، والمناطق اليمنية الأُخرى بالقوة . بتحرير الحديدة تكون السلطة قد سيطرت على معظم الإيرادات العامة.

 

حقائق

الحوثي هو الطرف الأكثر قسوة في الجانب الإنساني ، ويستخدم السكان دروعا بشرية ، ويقطع الخدمات ، ويقطع الرواتب ، ليس من شأنه النزوح ولا يبدي أي تعاطف مع المدنيين.

تعتبر الحديدة وميناؤها أهم المصادر للثروة الحوثية وتحافظ على استمرار الحرب وإطالة أمدها .

لا يتحدث المجتمع الدولي عن تجنيد الأطفال ، وعن الأفعال المعادية للإنسان من قبل الحوثي ، بل يسعى للمحافظة على الحوثي ك قوة .

تسليم الميناء لإشراف الأمم المتحدة مع توريد الضرائب والرسوم الى بنك صنعاء ، لا يعني شيئا.

تسليم الميناء لإشراف الأمم المتحدة، وتوريد الإيرادات الى البنك المركزي ، يعني خسارة الحوثيين لأهم مصادر التمويل.

السيطرة العسكرية للشرعية على الحديدة ، إفقاد الحوثيين ، قوتهم ويغدو الحديث عن المسألة من حيث الوجود، وذلك ما تخشاه القوى المدللة للحوثيين، الحريصة على إطالة أمد تعذيب الشعب اليمني.