السبت 27-04-2024 14:34:55 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مليشيا الحوثي والمولد النبوي.. مناسبة لنهب الأموال والتحريض الطائفي

السبت 23 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

ما بين مناسبة وأخرى تتحين المليشيا الحوثية فرصتها للانقضاض على ممتلكات المواطنين وأموالهم في جمع التبرعات وأخذ الجبايات لإقامة مناسباتها الطائفية والاحتفالية الخاصة، إذ عادة ما ترهق المليشيا الحوثية كاهل المواطنين بتلك الإتاوات، ولا يكاد المواطن يسترد أنفاسه بعد مضي مناسبة من المناسبات حتى يفاجأ بأخرى، والتي عادة ما يكون العنوان الأبرز لها هو تحصيل الأموال والجبايات.

ويعد الاحتفال بالمولد النبوي واحدا من المناسبات التي دأبت فيها المليشيا الحوثية على إحداد شفرتها فيها لنهب أموال المواطنين، بحجة إحياء المولد النبوي، ومزاعم حب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، إذ إن دفع الأموال النقدية والعينية إلى أيدي عناصر المليشيا الحوثية هو مصداق حب الناس له واتباعه، ومن لم يبادر إلى دفع المال فليس من أتباع النبي وأحبابه، وفقا للخطاب الحوثي.

 

- موسم للفيد

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط في وقت سابق عن مصادر في صنعاء معلومات تفيد باتهام قيادات قريبة من دائرة حكم الانقلابيين الحوثيين لقيادة المليشيا بـ"العبث بالمال العام، للاحتفال بالمولد النبوي، في وقت يعاني فيه الأهالي من أزمات حادة في المواد والخدمات الأساسية، وفي ظل انقطاع رواتب الموظفين العموميين منذ 6 أعوام".

وتضيف الصحيفة "فإن ما يزيد عن 80 مليون ريال (الدولار يعادل نحو 530 ريال يمني) تمّ تخصيصه لشراء ألعاب وأعيرة نارية، وأطنان من الإطارات التالفة لإقامة احتفالات في صنعاء العاصمة وبقية مناطق سيطرتها، إضافة إلى المبالغ التي تمت جبايتها من المواطنين والتجار والشركات التجارية".

وقد دأبت مليشيا الحوثي على تحويل ذكرى المولد النبوي إلى موسم للابتزاز ومصادرة أموال المواطنين في العديد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، حيث تفرض في بعض الحالات على كل صاحب محل -وفقا لمصادر- دفع مبلغ يتراوح بين 300 و 500 ألف ريال يمني أو توفير مولدات كهرباء لإنارة شارع بالكامل ومبانيه باللون الأخضر.

وقد وصل الأمر في كثير من الحالات إلى الاعتداء بالضرب أو القتل على كل من يرفض الإنارة أو تلوين منزله بالأخضر، وهو ما حدث بالفعل مع الشاب عبد الباري الكرمدي الذي قتل بنيران مسلح حوثي أمام منزله في حي شميلة في العاصمة صنعاء بعد رفضه تلوين منزله ودفع مبلغ مالي، كما تم الاعتداء على العديد من المواطنين في مختلف المحافظات.

 

- استخفاف وامتهان

وعادة ما ترافق ذكرى المولد النبوي حملات واسعة يقوم بها الحوثيون لرفع شعارات باللون الأخضر يغلب عليها جمل ومفردات تعكس التوجه العام للمليشيا والسياسة التي تتبناها، وتمتلئ الشوارع كل عام في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للحوثيين بعشرات الشعارات واللافتات الخضراء التي تدعو الناس للاحتفال بالمولد النبوي مقرونة بشعار مليشيا الحوثي المنادي بـ"الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل"، وتذكرهم بولاية علي بن أبي طالب، باعتبارهم من سلالته.

ومنذ أيام بدأت المليشيا بتدشين المناسبة من خلال ممارسة جباية الأموال من الناس وإصدار توجيهات صارمة عبر بعض الدوائر الحكومية بإلزام ملاك المحال التجارية برفع الأعلام الخضراء وطلاء أبواب محلاتهم، تعبيرًا عن احتفائهم بالمولد النبوي.

وقد تداول ناشطون على نطاق واسع صورا لبعض المواطنين وقد تم صبغ وجوههم وكافة أجسامهم باللون الأخضر، في صورة تعكس مدى استخفاف المليشيا بعقول الناس وحجم الامتهان الذي تمارسه المليشيا الحوثية بكرامة المواطنين.

ويرى "عبد الله. م. ع" (أكاديمي من محافظة إب) أن المليشيا الحوثية "تمارس نفس ما كان يمارسه أجدادها من قبل، في الاستخفاف بالمواطنين وتكليفهم بأشياء مهينة ومضحكة، فبعد أن ولى زمان القطرنة ها هي القطرنة تعود من جديد وإن كانت بألوان مختلفة".

ويضيف محمد أن ما تمارسه مليشيا الحوثي "يعبر عن تعالي هذه العصابة وغمطهم واحتقارهم للناس واستهانتهم بكرامتهم وأموالهم بدعوى حب النبي وتعظيمه والنبي منهم براء، فإذا كان ميلاد النبي رحمة، فقد حولوا ذكراه إلى نقمة وأزمة".

 

- توظيف سياسي

إن ما تفعله مليشيا الحوثي في احتفالها بالمولد النبوي يعد استعراضا للعضلات بشكل سخيف وبدائي وأخرق، في مقام ذكرى رسول الرحمة والسلام، وتوظيف سياسي لمناسبة كانت تعد في السابق من المناسبات الدينية الجامعة، والتي كانت حافلة بالوقفات التربوية المستوحاة من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، ولم تكن توظف لفئة دون فئة، وإنه لمن دواعي الأسف والخزي أن يحدث هذا التوظيف السياسي والعصبوي المقيت للمشترك الديني والوطني لليمنيين.

وتستغل مليشيا الحوثي مناسبة مولد النبي وبطريقة احتفالها لإذكاء النزعات الفئوية الضيقة التي من شأنها تعزيز البغضاء وتغذية الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، وبات الناس ينزعجون كلما اقترب موعد هذه المناسبات، خوفا على أموالهم التي تتم مصادرتها خلالها.

 

- مظاهر سيئة

وعادة ما ترافق الاحتفال بالمناسبات التي يحييها الحوثيون الكثير من المظاهر السيئة التي تعكس تخلف هذه المليشيا، والتي باتت سمة بارزة تغلب على طبيعتها، وأبرز تلك المظاهر هو انتشار بعض المنتمين لمليشيا الحوثي في الكثير من المناطق والمدن متجهمين ومتباهين بأسلحتهم، بطريقة مستفزة للكثير من المواطنين، إذ إن من شأن ذلك خلق حالة من التوتر والضغينة وتعزيز للبغضاء والكراهية داخل المجتمع اليمني.

وعادة ما يتم تحويل احتفالات الحوثيين بالمناسبات التي تصفها المليشيا بالدينية عبر وسائل إعلامها المختلفة، يتم تحويلها إلى مهرجانات سياسية ودعائية، يتم من خلالها ممارسة التعبئة والتحريض ضد المخالفين لسياسة المليشيا وإطلاق التهم الشنيعة عليهم، ومن بين تلك التهم التي تطلقها المليشيا عبر خطبائها ونافذيها ومشرفيها: الارتزاق والعمالة والخيانة والإرهاب.

ولا تتورع مليشيا الحوثي عن ممارسة العنف والإرهاب بحق المواطنين في مختلف المناطق لحشدهم إلى الميادين العامة، معتبرة كل من يتخلف عن حضور تلك المناسبات بأنه خائن أو عميل، إذ تهدف المليشيا من وراء تحشيدها للناس إلى الاستعراض بأعداد كبيرة، زاعمة أن تلك الأعداد التي يتم دفعها تحت تهديد السلاح أنها تعبر عن تأييدها ودعمها للمليشيا الموالية لإيران من خلال ذلك الاحتفال المبالغ فيه، وإظهار لمدى حضورها الشعبي، لتكريس أفكارها الطائفية في أوساط المجتمع اليمني.

تشويه الحياة العامة والشوارع والمؤسسات والحدائق ووسائل النقل وأبواب المحال، بطلائها باللون الأخضر، وتعليق الأقمشة الخضراء ومصابيح الإنارة في الأزقة والحارات والطرقات والمباني العامة والخاصة، وصبغ كل ما يظهر للناظر بلون واحد حتى ليبدو المشهد العام شبيها بعبث الأطفال، هو مظهر آخر من المظاهر التي ترافق مناسبة المولد النبوي، والذي تعتبره المليشيا من لوازم الاحتفال لإحياء المولد.

ولا تنتهي المظاهر السيئة التي ترافق مناسبة المولد النبوي عند هذا الحد، فإطلاق الأعيرة النارية في الهواء مظهر سيئ آخر من المظاهر التي تتعمد المليشيا الحوثية القيام بها في كل مناسبة للمولد النبوي، إذ تعمد المليشيا الحوثية إلى إطلاق الرصاص الحي في الهواء بشكل كثيف، الأمر الذي تسبب في العديد من الحالات بإصابة العشرات من المواطنين، أدى بعضها إلى الوفاة، نتيجة للرصاص الراجع من الهواء.

ولا ينفك هذا العبث عن عبث آخر تمارسه المليشيا الحوثية، إذ تعمد المليشيا إلى إحراق أطنان من الإطارات التالفة في مختلف المدن احتفالا بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وتعبيرا عن محبته التي اختزلتها بهذه الطريقة، فقد شكا سكان من مناطق محاذية لمرتفعات جبلية من تصاعد أعمدة طويلة من الدخان الأسود الكثيف في السماء، نتيجة إحراق الحوثيين للإطارات في مناسبات سابقة، حيث انتشرت تلك الأدخنة أفقياً وبلغت منازل الكثير من المواطنين بفعل الرياح، مسببةً لهم حالات غثيان وصداع ودوار ونبضات سريعة في القلب.

وقد حمّل خبراء وعاملون في هيئة حماية البيئة الخاضعة لسلطة مليشيا الحوثي في صنعاء المليشيا مسؤولية حدوث أي مخاطر، نتيجة إحراق أتباعها أطناناً من الإطارات التالفة في العاصمة وبقية مناطق سيطرتها، محذرين من الأضرار الناجمة عن هذه الأدخنة، بسبب احتواء الإطارات التالفة عند حرقها على نحو 20 مادة كيميائية تنبعث منها، تشمل الكربون والكبريت والأسلاك والأصماغ والنايلون والمطاط الطبيعي والصناعي، مؤكدين أنها مواد سامة تسبب ضرراً بالغاً على البيئة وصحة وحياة المواطنين.

 

- حملة اختطافات

وتهدر مليشيا الحوثي أموالا طائلة في أمور تافهة غير مهمة، في الوقت الذي يتضور فيه الناس جوعا وتشهد البلاد انهيارا تاما في كل مجالات الحياة، وتعاني من ويلات الفقر والفساد.

وبحسب إحصائية لصحيفة "الشرق الأوسط"، فقد نظمت المليشيا أكثر من 118 احتفالية خلال أسبوعين، وقدرت مصادر مطلعة في صنعاء أن الميليشيا أنفقت ما يعادل 5 ملايين دولار على الفعاليات التي أقامتها أخيراً فقط، لمناسبة ذكرى مقتل زيد بن علي، الذي قُتل قبل عدة قرون.

ووفق مصادر إعلامية فقد فرضت مليشيا الحوثي منذ أيام على أصحاب المحال والمؤسسات بمحافظة إب، تزيين محلاتهم بالطلاء والمصابيح والأقمشة الخضراء التي استوردتها قياداتها سابقًا، في الوقت الذي حولت فيه المليشيا مناسبة المولد إلى موسم فيد ونهب وثراء على حساب المواطنين، كما شرعت المليشيا الحوثية بشن حملة اختطافات لتجار ومواطنين في إب لامتناعهم عن تعليق شارات وإضاءات خضراء بمناسبة ذكرى "المولد" الذي غدى موسماً للجبايات والنهب وابتزاز المواطنين.

وقد أصدرت مليشيا الحوثي توجيها لجامعة إب يقضي بتعطيل العملية التعليمية، لإجبار الطلاب وموظفي وأكاديميي الجامعة على حضور بعض مناشط المليشيا في وقت سابق، بالإضافة إلى إجبار جميع الكليات والأقسام الدراسية بجامعة إب على إغلاق أبوابها في وجه الطلاب، للحضور والمشاركة في فعاليات حوثية بذكرى المولد النبوي.

كما كلفت إدارة الجامعة عمداء الكليات ورؤساء الأقسام بإلزام جميع الطلاب والطالبات بالحضور إلى فعاليتها التي أقامتها في باحة الجامعة، وقدمت إغراءات للطلاب ووعود بمنحهم درجات في بعض المواد الدراسية، بالإضافة إلى وعود بخصم خمسة آلاف ريال عن رسوم الدراسة لطلاب الموازي.

وقد عمت حالة من الإستياء في الأوساط الطلابية والأكاديمية، جراء إجبارهم على حضور مناشط حوثية، بإغراءات وصفت بأنها "كاذبة" وتهديدات وجهت لهم من قبل المليشيا.

وخلال السنوات الماضية، حولت مليشيا الحوثي جامعة إب إلى مركز لنشر أفكارها وثقافتها الطائفية والمذهبية وساحة لإقامة فعالياتها ومناشطها، وسط مطالبات بالنأي بأهم مؤسسة تعليمية داخل المحافظة عن تبعات الصراع الذي تشهده البلاد.

كلمات دالّة

#اليمن