الإثنين 29-04-2024 16:13:28 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ولاية الفقيه والحوثية.. الحكم بعباءة الثيوقراطية

الخميس 25 إبريل-نيسان 2019 الساعة 09 مساءً / الاصلاح نت-خاص- توفيق السامعي
 

 

ماهي ولاية الفقيه؟
ولماذا الخوف وتحسس الناس من هذه الولاية والمسمى؟
وهل يمكن تطبيقها في عصر الديمقراطية والتكنولوجيا والقرية المفتوحة؟

ولاية الفقيه عند الإثنا عشرية تعني الحاكم باسم الله أو نائب الإله في الأرض، له كل السلطات المطلقة التشريعية والسياسية وكافة المرجعيات، وكل السلطات تتركز بيده.
وأما الرئيس الذي يكون رئيساً للجمهورية لا يعدو عن كونه موظفاً لدى الولي الفقيه وفي أحسن الأحوال يعتبر رئيس وزراء فقط يسير أمر البلاد إدارياً، أما صاحب السلطات المطلقة فهو الولي الفقيه (الإمام).
يعني بما يطلق عليه اليوم الحكم الثيوقراطي الكهنوتي، كل شيء من تشريع وقوانين ومؤسسات هو فوقها ولا تجوز معارضته ولا نقده ولا تبديله ولا حتى مراجعته في بعض الأشياء. هو نصف إله ومتحدث باسم السماء، وقد رأينا الطقوس الإيرانية في عبادة الإمام الذي يركعون له أحياناً ويجعلونه شريكاً مع الله.

فمثلاً ظل الخميني هو الحاكم المتحكم بكل شيء حتى وهو على فراش الموت.
ويشرح الخميني معنى ولاية الفقيه بالقول: هو تفويض الفقهاء العدول الولاية على المجتمع الإنساني في عصر غيبة إمام الزمان (المهدي المنتظر) من قبل الشارع المقدس، وذلك بصورة مباشرة وبلا واسطة من الناس، وإن الشارع الجاعل للولاية يعتبر الفقهاء العدول منصوبين للولاية، كما يعتبر الناس مولّى عليهم.

بل إن ولي الفقيه عندهم يستطيع أن يحكم على ضوء مصلحة النظام بصورة أوسع من دائرة الشرع، وأن أحكامه ليست فقط واجبة الاتباع والإطاعة وإنما هي مقدمة على جميع الأحكام الشرعية الفرعية إذا تزاحمت معها، وهي قائمة على أساس الشرعية الإلهية المباشرة، من الشارع المقدس وليس من الناس المولى عليهم.
ومن هذا المنطلق نقول بأن ولاية الفقيه لا تسري فقط في الداخل الإيراني، إنما تفرض وصايتها من خلال أذرعها الحركية الدينية على المجتمعات التي تمثل الحركات قوة صاعدة فيها كلبنان بشكل خاص وفي دول أخرى بصورة عامة والحوثيين في اليمن.

بمعنى أنه لو تمكن الحوثيون من حكم اليمن فإن المرجعية السياسية والدينية والتشريعية وكل المرجعيات ستكون عبر الولي الفقيه في إيران وهو نصف إله. بمعنى إلغاء الدستور والقوانين وإلغاء التعددية وإلغاء التوافق، وفرض الهيمنة الواحدة والديكتاتورية المطلقة، والقضاء على التنوع الثقافي اليمني، وهذا ما رأيناه في الانقلاب على الحوار ونتائجه الذي استمر لعام كامل في صنعاء.
بطبيعة الحال فإن الحوثية، مؤقتاً اليوم، تؤجل هذه الفكرة رغم تأييدها لها حتى تتمكن من الشارع اليمني وحتى لا تصطدم بالمرجعيات الهادوية الزيدية التي تمثل أغلبية داخل المشروع الإمامي وهي خصوصية يمنية دون الإثنى عشرية.

لكن المؤكد أن الحوثية تمضي في هذا الطريق لتطبيق ولاية الفقيه في اليمن وقد سمعنا ورأينا تصريحاتهم في ذلك والإشادة به، وفي الواقع حكم التابع للمتبوع يفرض عليهم ذلك لاستمرار الدعم الإيراني لهم.
تحت ولاية الفقيه هذه تأتي بعد ذلك المجالس المختلفة؛ فمثلاً اليوم يعتبر عبدالملك الحوثي للحوثيين هو كل شيء والمرجعية النهائية وهو ممثل ولاية الفقيه رغم أنه ليس فقيها وليس بالغاً في العلم وإنما فرضته واقع السيطرة الأسرية الحوثية كونها المؤسسة وهو كان وريث أخيه حسين في الجناح العسكري الباسط نفوذه على كل شيء.

في التسلسل الحركي لهذه الحركة هناك ما يسمى بالمجلس السياسي، وهناك مايسمى اللجنة الثورة العليا، وهناك اللجان المتفرعة الأخرى في المحافظات وصولاً إلى المؤسسات ثم المشرفين الحوثيين.
يعني اليوم مهدي المشاط وقبله الصماد يمثلون الرئاسة عند الإيرانيين وعبدالملك مرجعية الجميع، وحسن نصر الله مرجعية عبدالملك والخامنئي مرجعية نصر الله، وهكذا..هذا يعني أن عبدالملك الحوثي وجماعته مجرد بيدق صغييييير في رقعة الشطرنج الإيرانية ومجرد أداة من أدوات إيران ليس إلا..

يذهب بعض الباحثين في الشأن الحوثي، وعلى رأسهم الدكتور أحمد الدغشي، إلى أن الحوثية والهادوية تختلف نوعاً ما عن الثيوقراطية الخمينية الاثنا عشرية، ولكن بالنظر إلى واقع الحال هم يطبقون كل الثيوقراطية الخمينية بحذافيرها، وربما كان هذا رأي قديم للدكتور الدغشي في كتابه السابق عن الحوثية قبل أن ينظر إلى أساليبها اليوم.
لكن كلنا ينظر اليوم إلى سلوك عبدالملك الحوثي هو الولي الفقيه على الحوثية ولا فقه له، وهناك من هو أفقه منه في الحوثية وهو ابن عمه محمد عبدالعظيم الحوثي، لكن عبدالملك سياسي مليشوي مسلح لا حظ له في الفقه والعلم، فقط بحسب نظرياتهم أنه خرج بالثورة شاهراً سيفه وسلاحه، ولا يغرنكم خطاباته التي يمكث زمنا طويلا لحفظها والتدرب عليها والتلقين بها.
بمعنى أن ولاية الفقيه ستصادر كل شيء عن الشعب، حريته وكرامته وتعطل مؤسساته، بما فيها الشورى والمجالس المحلية، وكل ما اتفق عليه اليمنيون في اتفاقية الوحدة اليمنية ومن قبله أهداف الثورتين سبتمبر وأكتوبر، والحكم على أساس من الطبقية والاستعباد والعنصرية والطائفية..

لننظر اليوم إلى العرب الأحوازيين كيف يتم التعامل معهم كأعداء ومواطنين من الدرجة العاشرة، تصادر ممتلكاتهم وأراضيهم وحريتهم، وكل يوم يتم تصفية وشنق العديد منهم،، ولننظر كذلك إلى المسلمين السنة هناك كيف يعاملونهم، لا مساجد لهم، ولا تعليم ثقافتهم السنية ولا مناهجهم التي يعرفون، وتسلط كل آلات القمع عليهم، ويعاملون كمواطنين من أدنى الدرجات.

الحوثيون اليوم أو غداً إن لم يتم كسر انقلابهم والقضاء على أسلحتهم ومليشياتهم المسلحة أو إجبارهم على السلام سيصلون بالبلد إلى ما وصلت إليه إيران أو أسوأ من ذلك، وقد بدأوا مع زحفهم الانقلابي من صعدة إلى عدن، وأول ما بدأوا به تفجير المساجد والمعاهد العلمية ومدارس تحفيظ القرآن الكريم وتدمير جامعة الإيمان للتعليم السني، وحرق الكتب السنية ليصلون في نهاية الأمر إلى ما وصلت إليه إيران، وهي خطة ممنهجة بإيعاز إيراني، وكذلك فعلوا في العراق وسورية وغيرها، وكذلك سيفعلون في كل المناطق التي سيطؤونها إن لم يتم إيقافهم.

في الهادوية التاريخية هكذا فعل عبدالله بن حمزة مع فرقة المطرفية التي فقط رأت رأيا فقهيا مخالفا لاعتقاد الهادوية رغم أنهم منهم، رأيهم كان أنه يجوز ولاية المسلمين في غير البطنين التي تعتقد به الهادوية فتم إبادتهم جميعاً، فما بالك بغيرهم من السنة الذين يعارضونهم معارضة كلية؟!
اليوم حينما علم الحوثة بمعتقد عبدالكريم جدبان كأحد أتباع المطرفية التاريخية تم تصفيته من قبلهم، وتم إقصاء صالح هبرة كمطرفي آخر بحسب بعض المعلومات، وكذلك الرزامي ومحمد عزان، وهم أعمدة الحركة الحوثية التي اعتمدت وقامت على أكتافهم، تم التخلص منهم اليوم، حتى لقد منعوا دفن جثة جدبان في مقابرهم.

خلاصة الموضوع:
ولاية الفقيه هي مرجعية دينية ثيوقراطية نصف آلهة ومتحدثة باسم السماء لا تؤمن برأي آخر ولا تسمح به، وهي فوق السلطة والقانون والتشريع، وكلام الولي الفقيه تشريع وأوامره قوانين، عنصرية طبقية سلالية تصادر الحقوق والحريات، ترفض المعارضة والاحتكام إلى الصندوق واختيار الشعوب حكامها وحكوماتها وسلطاتها، وهو حكم قمعي رجعي.