الإثنين 14-10-2024 11:15:47 ص : 11 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار

عقيدة الحوثيين في الآخر المخالف (قراءة تاريخية)

الأحد 29 أكتوبر-تشرين الأول 2017 الساعة 10 مساءً / التجمع اليمني للاصلاح - موقع المثقف الجديد

 

تقوم مبادئ الزيدية الوحشية التي يعتمدها الحوثي شريعة له في اليمن على عقيدة الإمام الهادي يحيى بن الحسين، الذي يروي سيرته ابن عمه وصاحبه علي بن محمد العلوي، في كتاب من تحقيق سهيل زكار.

وفي هذا الكتاب (أي: سيرة الهادي) يروي ابن عمه أنه وجد في كتب عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب أن (القائم من ولد الحسن إذا خرج وبدأ بالمسير في نجد، فيمر ببطن من عقيل يقال لهم بنو معاوية بن حرب، فيسير إلى اليمن، فيسوق يمنها إلى تهامتها إلى مكة، كسَوق الراعي غنمه إلى مرعاها، يَقْدُمه بين يديه رجل من ولد العباس بن علي عليه السلام).

ويزعم الكتاب أن خروج الإمام الهادي في القرن الثالث الهجري (280هـ) إلى اليمن كان بتوقيت محدد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعلمه: (فيخرج رجل من عترتي اسمه اسم نبي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً).

ثم يروي في ذلك أبياتاً لشاعر يتحدث فيها عن عودة الملك المغتصب إلى آل البيت:

عدا قومٌ على ملكٍ… وكان اللهُ قد شدّه

ولا بدّ لأهل البيـ…ـــتِ أن يسترجعوا عَقدَه

إذا ما مضتِ المائتا…نِ واستوفتْ لها العِدّة

وعشرٌ بعد سبعينٍ.. فقد انقضت المدّة

وجاءتنا أماراتٌ… فهيّأنا لها العدّة

إذا ما خرج الهاديُّ…بعد البأس والشدّة

دقيق الساق ضخم الرأ…سِ في نظرته حدّة

ليلقى أمّةً حادتْ… عن الإسلام مرتدّة

 

فهذه الأبيات توضّح أن هذه العقيدة التكفيرية ترى أن هذا المذهب يقوم على أن الأمة مرتدّة، لأنها بحسب زعم معتنقيها أعطت حقّ أهل البيت في الولاية لغيرهم.

 

هذه العقيدة هي التي حملت بعض الزيدية على تكفير بعضهم بعضاً، وعلى استباحة دمائهم وأموالهم، وسبي نساء المسلمين، عند أدنى اختلاف يحدث بينهم، ومن هؤلاء أحد مشاهير أئمة الزيدية، وهو الإمام عبدالله بن حمزة (ت 614هـ)، الذي يصفه صاحب كتاب (إنباء الزمن) بقوله: “كان في العقيدة على مذهب أبي هاشم السائد لدى الزيدية المخترعة”. كما نقله إسماعيل الأكوع في كتاب هجر العلم ومعاقله في اليمن.

 

يقول الأكوع: (وكان الإمام عبدالله بن حمزة شديد الوطأة على من يخالف رأيه أو عقيدته؛ فقد أعلن الحرب على فرقة المطرّفية، وهي من فرق زيدية اليمن، مع أن علماءها وقادتها بايعوه حينما دعا إلى نفسه بالإمامة؛ وتابعوا جُمعتَه وجماعتَه، وأنها كانت على مذهب الهادي يحيى بن الحسين في الفروع… لكنها أي المطرفية ترى جواز أن يتولى الإمامة العظمى من ليس علوياً فاطمياً… ثم أخذ في مناداة قبائل اليمن واحدة بعد واحدة يحرضها ويدعوها إلى عدم الانخداع بأقوال المطرفية، وكان يسميها روافض الشيعة… فأمر الإمام عبدالله بن حمزة أخاه يحيى بالتقدم بجيشه إلى قاعة [أي: هجرة للمطرفية] لثلاث خلت من جمادى سنة 603هـ لقتلهم، بعد أن كفّرهم بالإلزام؛ لقولهم بجواز الإمامة في غير أبناء الحسنين، فقال:

لستُ ابن حمزة إن تركتُ جماعةً… متجمعين بقاعةٍ للمنكرِ

ولأتركنّهمُ كمثلِ عجائزٍ… يبكين حول جنازةٍ لم تُقبرِ

ولأروينّ البيض من أعناقهم… وسنابكَ الخيلِ الجيادِ الضُّمّرِ

هذا وقد تمكّن من القضاء عليها وأباد خضراءها، وأتلف تراثها العلمي، وأخرب مساجدها لأنها في نظره مساجد ضرارية.

حتى بلغ به الأمر إلى أنه كفّر بالإلزام من أنكر عليه من علماء الزيدية والشافعية لما فعله بالمطرّفية، كما بيّن ذلك أحمد بن عبدالله الوزير في كتابه (الفضائل) تاريخ آل الوزير، ولم يسلم من شرّه حتى الأمير يحيى بن الإمام أحمد بن سليمان، فقد قُتل خنقاً بعمامته، وذلك بأمر من الأمير يحيى بن حمزة عن أمر الإمام نفسه، كما ورد ذلك في كتاب (الفضائل).

كذلك فإن أخاه الأمير يحيى بن حمزة سبى ست مئة سبية من نساء صنعاء، واقتسموهن في قاع طيسان، وقال الإمام عبدالله بن حمزة [أي: شعراً]: “أما السباءُ فنحن الآمرون به” لأن أهل صنعاء في نظره من المجبرة والمشبهة، وأن حكمهم حكم كفار التأويل ما داموا تحت حكم الأيوبيين، وليسوا تحت حكمه. والعلة التي استند بمقتضاها في الحكم على المطرفية بالفناء والزوال هي العلة نفسها التي حكم بها على نشوان بن سعيد الحميري بقطع لسانه من فيه ويتم بنيه، وذلك لقيام نشوان بتقلد منصب الإمامة العامة مما أثار عليه غضبه وحقده، رغم أن ذلك قد تمّ قبل ظهور الإمام عبدالله بن حمزة إماماً على مسرح الحياة بسنوات عديدة).

بعد هذا لا يُستغرب أن يكون من بين كتب الإمام عبدالله بن حمزة (أحد أئمة الزيدية المشاهير) كتاب اسمه: (الدرة اليتيمة، في أحكام السباء والغنيمة)، وهي رسالة أجاب فيها عن أسئلة وردت إليه من ناحية قطابر، وفيها يقول:

(ولا كفر أكبر من [كفر] هذه الفرق المخالفة لنا في مذاهبنا المتعلقة بأصول الدين كمن يضيف أفعال العباد إلى الله تعالى. وبهذا دانت المجبرة والمطرفية أقماهم الله تعالى، أو ينفي أفعال الله عن الله. وبهذا اختصت المطرفية وأضافته إلى ما سبق مما اشتركت فيه هي والمجبرة، وما جانس هذا من التشبيه والقدر والإرجاء والإجبار، وما جرى مجرى ذلك).

وفيه يقول عن الإمام المتوكل [أحد أئمة الزيدية ت 556هـ]:

(وأما صنعاء فإنما دخلها بالحجاز… فكان لا يتمكن من السبي، ولو قدر عليه لفعله -إن شاء الله تعالى- إلا أن يتركه لغرض، فهو غير متهم في النظر سلام الله عليه وآله، وله أن يفعل وأن لا يفعل لا حرج في واحد من الأمرين؛ لأن السبي ليس مما يجب، بل الخيار إلى الإمام).

وعن إفتاء المتوكل بذلك يقول:

(ولما ظهر ابن مهدي في تهامة… احتاج في حربه إلى الولاية والفتوى، فولاّه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليه السلام، واتفق هو والقاضي شمس الدين على فتواه بجواز قتل مقاتلة عرب تهامة، وسبى ذراريهم؛ فأغار إلى وادي عين، وسبى وقتل، وكذلك إلى المهجم، وقتل وسبى، وراحت السبايا إلى الشام، ووطئهن المسلمون).

وفيه يقول عن المتوكل نفسه أيضاً:

(ولقد أفتى عليه السلام في المطرفية الكفرة بهذه الفتوى، وصرح بذلك في رسالة سماها: (الواضحة الصادقة في بيان ارتداد الفرقة المارقة) وذكر فيها أن دارهم دار حرب، وذكر في كتاب (العمدة في الرد على المطرفية المرتدة ومن وافقوا من أهل الردة)، وهو كتاب موجود عندهم فيما نظن في الناحية، وهو اليوم في اليمن نسخ كثيرة بعضها بخط الإمام عليه السلام).