الإثنين 29-04-2024 19:49:51 م : 20 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حملات تجنيد وإتاوات.. كيف يستغل الحوثيون العدوان على غزة لتحقيق مكاسب خاصة؟

الثلاثاء 21 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 الساعة 07 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

من جديد وتزامنا مع الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، تمضي مليشيا الحوثي في حشد المقاتلين والدعوة إلى التجنيد والالتحاق في صفوفها بذريعة مناصرة الشعب الفلسطيني والقتال إلى جانبه، وهو الأمر الذي دأبت عليه المليشيا في استغلال المناسبات والأحداث، لخدمة مشروعها وتحقيق أهدافها، سواء من خلال التجنيد أو جمع التبرعات.

وقد دأبت مليشيا الحوثي على استغلال حب الشعب اليمني للفلسطينيين وتعاطفه مع قضيتهم لتوظيف ذلك في خدمة أجندتها، وحشد أكبر عدد من الشباب والأطفال وتجنيدهم في صفوفها، خصوصا مع تناقص أعداد المقاتلين في صفوف المليشيا إما بسبب مقتل العديد منهم في المعارك التي تشعلها بين الفينة والأخرى، أو بسبب هروب الكثير منهم من الجبهات وعودتهم إلى مناطقهم.

استغلال الأحداث

وقد نشطت المليشيا الحوثية في استغلال الأحداث الجارية في غزة واستنفرت قادتها ومشرفيها في المحافظات التي تسيطر عليها لتنظيم حملات تجنيد جديدة في قرى ومناطق تتبع تسع محافظات، من بينها صنعاء وريفها وإب وذمار والحديدة وعمران وحجة والمحويت.

وبسبب عزوف المجتمع اليمني عن مدها بالمقاتلين نظرا للملل الذي أصاب الكثيرين من أبناء الشعب من خطابات المليشيا، وانكشاف كذب شعاراتهم وألاعيبهم، فقد لجأت إلى استغلال هذه الأحداث، وشكلت ما تسمى بـ "اللجنة العليا لنصرة الأقصى"، وانبثقت عنها لجان أخرى على مستوى تلك المناطق لتولي مهام الإشراف على التعبئة والتحشيد إلى جبهات القتال، أو إلى قتال اليهود كما تدعي المليشيا، وضمن ما أطلقت عليه "كتائب طوفان الأقصى".

ووفقا لمصادر إعلامية فإن مليشيا الحوثي قد أوكلت إلى مجموعة من القيادات الحوثية مسؤولية التعبئة والتحشيد في مختلف المحافظات، فقد تولى المهمة في صنعاء وريفها القياديان خالد المداني وسيف الهاشمي، وفي الحديدة أوكلت المهمة إلى القيادي محمد قحيم، وإلى علي الخطيب في المحويت، وسجاد حمزة في عمران، ومحمد النهاري في ريمة، وراكان النقيب في محافظة إب، وإبراهيم الحملي في حجة، وأحمد الضوراني في ذمار، وفق ما ذكرت مصادر مطلعة.

عزوف مجتمعي

وتفيد الأنباء أن مليشيا الحوثي منيت بفشل ذريع في استقطاب الشباب وإضافة مجندين جدد في أغلب الأحياء والمديريات التابعة للعاصمة وفي قرى وعزل تتبع محافظة ريف صنعاء ومناطق أخرى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية منذ بدء الحملة الجديدة التي كانت وجهت بتنفيذها للتحشيد إلى الجبهات، الأمر الذي قاد كبار قادة المليشيا إلى اللجوء مجددا إلى توسل بعض زعماء القبائل، خصوصاً بمناطق ما تسمى "طوق صنعاء" لمساعدتهم بإنجاح حملات التجنيد بعد إغرائهم بالأموال والمناصب، لمواجهة هذا العزوف المجتمعي والقبلي عن دعوات التعبئة والتحشيد.

وبحسب مصادر إعلامية فقد عقدت قيادات حوثية بريف صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرتها في الأيام القليلة الماضية سلسلة لقاءات مع وجاهات وبعض زعماء القبائل ومسؤولين محليين، بزعم التعبئة لنصرة فلسطين، وهو ما وصفه سياسيون بأنه يندرج ضمن استغلال المليشيا المتكرر للقضية الفلسطينية والاستفادة منها بتعزيز جبهاتها عبر حملات التجنيد القسري، إلى جانب جني الأموال من الجبايات المفروضة على السكان.

كما أكدت المصادر أن المليشيا الحوثية فشلت في محافظات الحديدة وذمار وإب، في تجنيد أهالي عُزل وقرى تتبع مديريات عدة، منها زبيد والتحيتا والجراحي وجبل رأس والحدا والمنار وعنس وجبلة ومذيخرة وذي السفال، مضيفة أن أتباع المليشيا حاولوا قبل أيام استخدام جميع وسائل الضغط والترهيب بحق الأسر بتلك المناطق بغية القبول بإلحاق أبنائها في الجبهات، لكنها قوبلت بالرفض الواسع.

استغلال الفئة المهمشة

الرفض المجتمعي لمطالب مليشيا الحوثي وعدم التجاوب معها دفع المليشيا لتغيير خطتها والتوجه مباشرة لتجنيد المهمشين بعد أن فشلت في إقناع القبائل وخاصة ما يعرف بـ"قبائل الطوق" ولاقت منها رفضا لتجنيد أبنائها وعدم تجاوبها مع التحشيدات الحوثية تحت ذريعة التجهيز لنصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، إثر العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي، باستثناء بعض الأسر الفقيرة والمغلوبة في المجتمع، التي استجابت لمطالب المليشيا تحت ضغط الحاجة للمال، أو نتيجة للتهديد الذي تمارسه المليشيا بحق تلك الأسر.

وقد ركزت مليشيا الحوثي على الفئة المهمشة في اليمن من ذوي البشرة السوداء وهم الفئة الأكثر فقرا في المجتمع، حيث بدأت حملة تجنيد في صفوفهم، وخصصت مبالغ مالية للاستقطاب في صنعاء وإب، وفق ما أفادت به مصادر مطلعة.

حملة التجنيد في أوساط المهمشين من مختلف الأعمار أطلقتها مليشيا الحوثي منذ وقت مبكر من اندلاع الحرب في غزة، وذلك في 30 مديرية تتبع العاصمة صنعاء ومحافظة إب، مع رصد مبالغ مالية على هيئة أجور ونفقات تشغيلية في ظاهرها نصرة فلسطين، وفي باطنها استقطاب وتجنيد مقاتلين جدد إلى صفوف المليشيا.

وتدعي مليشيا الحوثي أن حملة التجنيد التي أطلقتها حديثا في أوساط المهمشين، وغيرهم من الفئات بمناطق سيطرتها، تأتي دعما للقضية الفلسطينية، وأنها ستقوم بنقلهم إلى فلسطين للقتال، بالتزامن مع تهديدات أطلقها زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي توعد فيها باستهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، وهو ما تحول إلى مثار سخرية واسعة في أوساط اليمنيين.

وقد أقرت مليشيا الحوثي بحملة التجنيد التي تجري في أوساط اليمنيين، أو ما تسميه المليشيا بـ"فتح باب الجهاد" كنوع من الاستغلال الحوثي للأحداث والمتاجرة بالقضايا، بدعوى دعم فلسطين ومساندة معركة طوفان الأقصى في قطاع غزة.

وبحسب ناشطين وسياسيين، فإن المليشيا تسعى لإلحاق المهمشين وغيرهم من اليمنيين بمعسكراتها التدريبية، ثم الدفع بهم إلى جبهات التماس مع القوات الحكومية اليمنية.

تطهير عرقي

وأكد أفراد من فئة المهمشين فروا إلى محافظة تعز أن الحوثيين يستغلون فقرهم وحاجتهم للمال ويحاولون إقناع المجندين بأنهم سيذهبون للقتال في فلسطين، غير أن ما يحدث خلاف الواقع تماما.

وقال أحد المهمشين الفارين إلى مدينة تعز: "هجم علينا واحد من مليشيا الحوثي، وقالوا تجندوا من أجل غزة، ووافق بعض أصحابنا، ولكننا رفضنا وهربنا إلى محافظة تعز، وأصحابنا أخذوهم يقاتلون في الجبهات داخل اليمن وبعضهم أصيب وبعضهم اعتقل وحرموهم من حقوقهم ولم يعطوهم شيئا".

وقال آخر إن مليشيا الحوثي أخذت بعضا من أولاده بحجة توظيفهم، مما اضطره إلى النزوح من صنعاء إلى تعز، وفقدان فرص العمل التي كانت مصادر لرزقه هو وأولاده كعمال في القطاع الخاص.

ويرى الناطق الرسمي للاتحاد الوطني للفئات المهمشة في تعز "عبد الغني عقلان" أن حملة التجنيد التي تستهدف مليشيا الحوثي من خلالها المهمشين من ذوي البشرة السمراء تعد انتهاكا لحقوق الإنسان.

وأضاف أن "ما تقوم به المليشيا الحوثية من استغلال لقضية المهمشين والزج بهم إلى الجبهات تحت مسمى دعم غزة يعتبر انتهاكا لحقوق الإنسان، ونحن كمواطنين سود في اليمن ندين هذه الانتهاكات والتصرفات التي تؤدي إلى الإبادة العرقية وإنهاء هذه الفئة".

أطفال على مهب الريح

وبحسب مصادر إعلامية فقد دشنت مليشيا الحوثي حملة تجنيد جديدة مستهدفة الشباب وصغار السن في محافظة إب تزامنا مع الحرب التي تشنها الآلة الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من شهر.

ووفقا للمصادر فقد استغلت مليشيا الحوثي الإرهابية في محافظة إب حالة الغليان الشعبي المندد لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ودشنت حملة استدراج للشباب وصغار السن للقتال في صفوفها في عموم مديريات المحافظة.

وأضافت أن قيادات من المليشيا وعصابات مرتبطة بها تجوب الأحياء والقرى وتوهم الشباب وصغار السن بأنهم سيُعدّونهم للتدريب في معسكرات خاصة وسيرسلونهم للقتال في فلسطين، لافتة إلى أن عددا من الأهالي والمستهدفين انطلت عليهم الخدع الحوثية والتحقوا بها.

وقد تناقل ناشطون أنباء تفيد باختفاء العديد من الأطفال خلال الأيام الماضية، حيث عاودت ظاهرة اختفاء الأطفال في مدينة إب ومديرياتها بالتزامن مع تلك الحملات، في الوقت الذي كشفت مصادر عسكرية عن تعزيزات بشرية جديدة دفعتها المليشيا إلى جبهات القتال وخاصة في محافظتي مأرب وتعز اللتين تشهدان تصعيدا حوثيا منذ أيام عدة.

سلاح التضليل

حملات المليشيا الحوثية المتواصلة للتحشيد واستقطاب المجندين من مختلف الأعمار والفئات منذ أكثر من شهر تأتي استغلالا للأحداث من قبل المليشيا الحوثية، وانشغال العالم بأحداث غزة لتعزيز جبهات القتال سواء لمحاولة إحداث تقدم عسكري أو إحراز نصر أو تعزيز تلك الجبهات وتفعيلها والتي تنظر إليها المليشيا الحوثية كأوراق للضغط راهنت عليها طيلة سنوات الحرب والتي سعت من خلالها لتحقيق مكاسب سياسية.

وقد استخدمت مليشيا الحوثي الوجهاء وعقال الحارات والمشايخ ومسؤوليها بمختلف مديريات محافظة إب وبقية المحافظات التي تسيطر عليها، وألزمتهم بالتحرك الفعال واستقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها تحت لافتة "دعم القضية الفلسطينية"، كوسيلة مناسبة وجديدة للتغرير على المواطنين وإقناعهم بها للدفع بأبنائهم وإلحاقهم ضمن مقاتلي المليشيا.

كما مارست المليشيا الحوثية التضليل وإطلاق بعض الإشاعات لا سيما في الأيام الأولى للعدوان الصهيوني على غزة، وأن مكاتبها فتحت لمن أراد القتال طواعية والذهاب إلى غزة للقتال ضد الإسرائيليين ودعما للمقاومة الفلسطينية، غير أن العديد من المواطنين اشتكوا من ضغوطات مورست بحقهم وتهديدات لهم للاستجابة لطلب المشرفين والدفع بأبنائهم وإلحاقهم في صفوف المليشيا لتلقي التدريب في معسكرات المليشيا ومن ثم الدفع بهم إلى جبهات القتال، فقد أعدت المليشيا خطة جديدة تشرف عليها قيادات عليا للاستفادة من الحرب على غزة بما يحقق لها مكاسب ميدانية ومادية متعددة.

كلمات دالّة

#اليمن