فيس بوك
جوجل بلاس
وقفات تضامنية في مارب وتعز تضامنا مع غزة والمطالبة بوقف حرب الإبادة
العديني: التوافق الذي شهدته عدن مفتاح رئيسي للحل والواقع بحاجة لتوحيد الجهود والطاقات
الحكومة تبارك إشهار التكتل الوطني وتعتبره جهدا وطنيا مميزا في لحظة تاريخية
إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية وإقرار لائحته وأهدافه (نص بيان الإشهار)
المهرة.. اجتماع لفروع الإصلاح بالمديريات الغربية يدعو لتعزيز وحدة الصف
الإصلاح بالمهرة يحتفي بذكرى التأسيس واعياد الثورة اليمنية ويؤكد على وحدة الصف الوطني
إعلامية الإصلاح بالحديدة تكرم كوكبة من رموز الفن والفلكلور التهامي
أحزاب تعز تطالب الرئاسة والحكومة بتحمل مسؤوليتهما في انقاذ الاقتصاد الوطني
الوصابي: ما تقوم به مليشيا الحوثي بحق الإصلاح واليمنيين ككل جرائم لن تسقط بالتقادم(حوار)
على الرغم مما تمثله ثورة 26 سبتمبر 1962 من رمزية خاصة وعنوان بارز للجمهورية وقاعدة صلبة للنظام السياسي الجمهوري، وبما تحظى به تلك الثورة من مكانة عالية لدى الشعب اليمني بمختلف مكوناته وانتماءاته، إلا أن هذه الثورة باتت أمام خطر حقيقي يهدد مسيرتها التي انطلقت في 26 سبتمبر من العام 1962، والتي اندلعت بإرادة شعبية محضة سعيا لغد أجمل ومستقبل أفضل، بعد أن جثم نظام الملكية والاستبداد على صدر الوطن قروناً من الزمن مخلفا وراءه الكثير من الكوارث والمعاناة.
وتعتبر عملية التمرد والانقلاب الذي قادته مليشيا الحوثي الإرهابية في 21 سبتمبر من العام 2014 أكبر خطر واجه الشعب والثورة السبتمبرية منذ تفجر بركانها قبل 60 عاما، إذ يمثل هذا الانقلاب اليد الطولى للإماميين الذين حكموا تلك الحقبة المظلمة بالحديد والنار، حيث تشكل جماعة الحوثي المتمردة امتدادا لتلك الجذور بنظرتها المتخلفة ونزعتها السلالية وأفكارها العنصرية.
عودة الإمامة
ورغم الفترة الوجيزة من عمر الانقلاب إلا أن مليشيا الحوثي سعت جاهدة بكل ما أوتيت من قوة إلى طمس كل ما له علاقة بثورة 26 سبتمبر وإنهاء ميراثها السياسي والاجتماعي، لدرجة تغيير الكثير من المسميات كالمدارس والشوارع والمؤسسات الحكومية التي تحمل مسميات لرموز الثورة، كما حرصت على أن تجعل تحركاتها الانقلابية والتوسعية متزامنة غالبا مع شهر سبتمبر من كل عام، وليس أدل على ذلك من اختيار الجماعة للشهر ذاته لتنفيذ انقلابها على الجمهورية وعلى الثورة بثورة مضادة حددتها بتاريخ 21 من نفس الشهر الذي يحظى باهتمام بالغ في ذاكرة اليمنيين.
ويرى الكاتب عبد السلام قائد أن ثورة 26 سبتمبر 1962 "تعد أول ثورة عربية تتعرض للانتكاسة من بين ثورات التحرر العربية التي اندلعت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كما أنها تعد أطولها زمنيا كون الحرب التي تلتها بين الجمهوريين والملكيين استمرت ثماني سنوات، وها هي اليوم لا زالت تواجه نفس الوجوه ونفس الأفكار الكهنوتية المتمثلة بعودة الإماميين الجدد من تيار الحوثية السلالية. وما زالت الحرب بين الجمهوريين والإماميين مستمرة، وكل ذلك نتيجة الأخطاء في صفوف الجمهوريين التي يتشابه بعضها في كلتا الحالتين، بل فبعض الأخطاء تتكرر اليوم بشكل أكثر فداحة وخطرا على النظام الجمهوري، خصوصا ما يتعلق بالانقسامات والخلافات البينية، وبطء الحركة الثورية".
فيما يذهب المحلل السياسي، مانع المطري، إلى أن مليشيا الحوثي "تستهدف قيم ومبادئ ثورة 26 سبتمبر بأفعالها وانتهاكاتها"، مؤكدا أن "الحوثيين لا يجرؤون على المجاهرة بأنهم ضد ثورة 26 سبتمبر وإن كانت كل أفعالهم تهدف إلى طمس وإنهاء الثورة وأهدافها التي كانت على ما يريد الحوثي إعادته".
حقد أسود
وتأكيدا لما يذهب إليه المراقبون بالقول إن مليشيا الحوثي آخذة في حسبانها طمس معالم الثورة والقضاء على كل ما له علاقة بها، فقد ترجمت المليشيا بعض ما تضمره وتكنه من عداء للثورة، وحولت ذلك بالفعل إلى واقع عملي من خلال العديد من الخطوات التي قامت بها في العديد من المحافظات.
وقد كشفت مصادر محلية مؤخرا عن ترتيبات تقوم بها مليشيا الحوثي في محافظة إب تتمثل بعزم المليشيا الإرهابية منع الاحتفالات الشعبية بالذكرى الـ61 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة.
وبحسب المصادر فقد أصدرت مليشيا الحوثي في المحافظة تعميمات إلى المسؤولين المحليين وعُقال الحارات ومدراء المراكز التعليمية والمدارس في المدينة والمديريات، تقضي بمنع أي تجمهر أو تجمعات خلال الأيام المقبلة، أو إقامة أي تجمعات أو تنفيذ أنشطة بالمناسبة، وذلك بالتزامن مع اقتراب ذكرى ثورة سبتمبر المجيدة.
وتضيف المصادر أن مليشيا الحوثي منعت دخول موظفي المركز الثقافي بمدينة إب حيث كانوا يعتزمون مع نشطاء آخرين إيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر تزامنا مع الذكرى، مشيرة إلى أن موظفي المركز الثقافي أعدوا منذ أيام برنامجا احتفائيا بذكرى ثورة سبتمبر وإيقاد الشعلة، غير أن المليشيا وجهت بمنعهم من الدخول منذ مساء الأحد، حيث اعتاد أبناء محافظة إب على إحياء الفعالية في المركز الثقافي من كل عام.
وتشير المصادر إلى أن عقال الحارات ومدراء المدارس تلقوا بلاغات بمنع تكرار أنشطة سابقة شهدتها عدد من مناطق ومدارس المحافظة، احتفاء بذكرى ثورة 21 سبتمبر، والاكتفاء بأنشطة وفعاليات المليشيا الطائفية بذكرى المولد وإسقاط صنعاء بيد المليشيا، مطالبة إياهم بإبلاغها عن أي تجمعات يجري الترتيب لها أو من المتوقع التجمع فيها.
مخاوف مستمرة
ويأتي رفض المليشيا الحوثية لإحياء هذه الفعاليات بحسب مراقبين بناء على مخاوفها من تنامي الوعي والحس الثوري لدى المواطنين، واستعادة أحداث التاريخ مجددا ومعرفة تفاصيله التي لا تخدم مشروع المليشيا القائم على أنقاض مكتسبات الثورة والجمهورية، بالإضافة إلى ما تعتبره المليشيا رفضا شعبيا لها، خصوصا وأنها تأتي بالتزامن مع أنشطة تقيمها المليشيا ولا تجد من يتفاعل معها أو أي استجابة من قبل المواطنين بمختلف مديريات المحافظة، بعكس الأنشطة الاحتفائية بثورة 26 سبتمبر التي تأتي كمبادرات تطوعية وذاتية وتفاعل شعبي واسع، كما تخشى المليشيا من تحول أي فعاليات احتفائية بثورة سبتمبر إلى تظاهرات مناوئة لها، كما جرت مع أحداث سابقة تؤكد مدى الرفض الشعبي للمليشيا في المحافظة التي تحكمها بالحديد والنار.
وغير بعيد من هذه الممارسات وهذا التاريخ فقد اقتحمت مليشيا الحوثي العام الماضي 2022 في الذكرى نفسها تجمعا لشباب ومواطنين من أبناء مدينة ذمار، أثناء استعدادات وتجهيزات لإيقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر.
وأفادت المعلومات حينها أن عناصر مليشيا الحوثي قامت بتفريق المواطنين في ساحة الميدان الأحمر بمدينة ذمار بالقوة، ومنعتهم من إيقاد شعلة الثورة، في الوقت الذي أجرى شباب ذمار تنسيقا مع قيادات الحوثيين بالمحافظة والتي سمحت لهم بالفعالية، لتتراجع عنها قبيل التنفيذ.
وأشارت المعلومات إلى أن مليشيا الحوثي اختطفت ثلاثة شبان ممن كانوا يعتزمون إيقاد شعلة الثورة.
وفي فبراير من العام الماضي أيضا، وثق مقطع مصور لجريمة قامت بها المليشيا الحوثية الإرهابية تمثلت بتفجير مدرسة 26 سبتمبر في جنوبي مديرية الجراحي جنوبي محافظة الحديدة، حيث قامت عناصر المليشيا بتفخيخها قبل أن تقوم بنسفها عن بعد وتتصاعد أعمدة وسحب الدخان جراء التفجير، الأمر الذي وصفه ناشطون بأنه يأتي في إطار حقد المليشيا وانتقامها من رموز ومسميات ثورة 26 سبتمبر.
اعتداء سافر
وفي إطار السعي الحثيث لمليشيا الحوثي للقضاء على رموز ومعالم ثورة 26 سبتمبر حذفت المليشيا شطراً من الهدف الأول من أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، والذي ينص على "إلغاء الفوارق والامتيازات بين الطبقات"، من أحد مقررات التعليم الأساسي بمناطق سيطرتها، وعمدت المليشيا إلى حذف الفقرة من كتاب التربية الوطنية للصف الخامس من التعليم الأساسي، واختارت الشطر المذكور من هدف الثورة الأول تحديدا لما يمثله من حساسية لدى المليشيا السلالية، حيث ينص الهدف قبل تعديله على "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات"، وبناءً على التحريف الحوثي أصبح أول أهداف الثورة "التحرر من الاستبداد والاستعمار، وإقامة حكم جمهوري عادل"، في تعمد واضح لتكريس نظرة المليشيا الاستعلائية السلالية وترسيخ ثقافة العبودية والاسترقاق التي تمارسها، وفق معاييرها العنصرية المقيتة، كاشفة حقيقة مشروعها السلالي الطبقي المخالف للدين والأعراف والقيم والمواثيق الإنسانية.
وقد أدان أدباء ومثقفون وحقوقيون وسياسيون يمنيون، إقدام مليشيا الحوثي على هذا العبث بأحد أهداف ثورة 26 سبتمبر، التي تمثل أعظم ثورة في تاريخ الشعب اليمني، في أحد المقررات الدراسية، واستنكر بيان صادر عن الأدباء والحقوقيين والعشرات من الصحفيين والمثقفين، قيام فريق التأليف التابع للمليشيا بـ"تقديم الأهداف الستة لثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة بطريقة لا تخلو من الانتقاص من إنسانية الثورة المجيدة، حيث إنهم حذفوا عبارة "ومخلفاتهما وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات".
ومنذ اللحظات الأولى لانقلابها في العام 2014 قامت مليشيا الحوثي بخطوة مماثلة حيث ألغت أهداف الثورة من الصفحة الأولى لصحيفة الثورة الرسمية واستبدلتها بمقولات لقيادات حوثية، كما ألغت المليشيا مؤخراً الاحتفال بذكرى الثورة ضمن التقويم الدراسي المعتمد، وأزالت ثورة 26 سبتمبر من قائمة الأعياد والمناسبات الوطنية، واستبدلتها بمناسبات طائفية، وأوغلت المليشيا أكثر في عدائها لثورة 26 سبتمبر مما جعلها أخيراً تلغي الاحتفال بذكرى الثورة ضمن التقويم الدراسي المعتمد، واستبدلتها بمناسبات طائفية خاصة بالحوثيين باعتبارها مناسبات وطنية، مثل "الذكرى السنوية للشهيد" و"ذكرى استشهاد حسين الحوثي" و"يوم القدس العالمي" و"ذكرى الصرخة" و"يوم الصمود" و"ذكرى استشهاد الصماد" و"ذكرى رحيل بدر الدين الحوثي".
عقيدة وطنية
ويرى الباحث والسياسي فهد سلطان أن مليشيا الحوثي "تدرك مدى ارتباط اليمنيين بهذه الثورة، وحبهم وتقديسهم لها كعقيدة وطنية، لا يجوز المساس بها أو نكرانها، لذلك لم تجرؤ على التصريح بتجاوزها أو التطاول عليها، رغم أن مشروعها مناقض تماما لمشروعهم، وذلك تجنبا لسخط وغضب اليمنيين الذين يرون في المناسبة إرثا نضاليا وحقوقيا ومقوما أساسيا لحياتهم".
ويضيف سلطان "تشعر المليشيا طيلة سنوات الانقلاب أنها لم تستطع أن تطبع المجتمع مع انقلابها الذي تسميه ثورة، إذ لا يزال المتجمع اليمني بالكامل يرفض التماهي مع ذلك المشروع ويراه انقلابا، كما أن المليشيا نفسها لم تستطع أن تخفي مشروعها السلالي الطائفي والإمامي والذي يتناقض تماما مع أهداف وأحلام اليمنيين ومكتسباتهم، وبالتالي جعل المليشيا الحوثية في عزلة محلية ودولية في نفس الوقت".
ويتابع الصحفي فهد سلطان بالقول "تحاول المليشيا مرة بالترهيب وأخرى بالترغيب التسلل نحو المجتمع، وتحطيم عدد من الرموز الوطنية، لكنها لا زالت تواجه صدودا عنيفا ومقاومة شرسة، مما يجعل مشروعها صعب التطويع والقبول، وأنه عبارة عن جسم غريب ودخيل على المجتمع اليمني بالكامل، وأن الحديد والنار لن يطول، وأنها بغير هذا الأسلوب العنيف لن تستطيع أن تجد لها قبولا داخل المجتمع".
استفزاز للمشاعر
وقد كشفت بيانات أخذت من موقع وكالة "سبأ" في نسختها الحوثية -أجراها الموقع بوست - أن مليشيا الحوثي "نظمت في العام 2021 فقط (1840) حفلًا خطابيًا لتمجيد يوم مناسبة 21 سبتمبر، والتي يطلق عليها ـ عند غير الحوثيين ـ بذكرى الانقلاب على الجمهورية، وذلك خلال الفترة 8-27 سبتمبر، منها (349) احتفالًا نسويًا، فيما تكرر تداول أخبار تلك الفعاليات (8900) مرة خلال الفترة نفسها، وتوزعت تلك الاحتفالات بين (189) مديرية في (15) محافظة خاضعة لسيطرتها، إضافة إلى احتفالات المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية والأمنية، في مشهد جسد مدى الإمعان في قهر المعارضين لها".
ويضيف المصدر أنه "بالمقابل لم يُقم الحوثيون خلال الفترة نفسها إلا احتفالًا واحدًا بمناسبة العيد الـ59 لثورة 26 سبتمبر تمثل بإيقاد شعلة العيد في ميدان التحرير بصنعاء، وما يرافق ذلك من عرض كرنفالي اعتيادي دون إقامة أية فعالية احتفالية خطابية أو فنية بالمناسبة وفقا لتلك البيانات التي تم رصدها"، قبل أن تقرر الجماعة إلغاء العيد وشطب المناسبة بالكلية من قائمة المناسبات والأعياد الوطنية.