الأحد 05-05-2024 18:46:01 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

حذف الحوثي لأهداف 26 سبتمبر من المنهج.. تجريف إمامي للهوية وتكريس الطبقية

السبت 12 أغسطس-آب 2023 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

"هذا الحذف اعتراف صارخ بكونهم (مخلفات) قذرة، لا أكثر"، هكذا غرد الإعلامي اليمني عبدالله اسماعيل، ردا على قرار مليشيا الحوثي بحذف فقرة "إلغاء الامتيازات بين الطبقات" من الهدف الأول من أهداف ثورة 26 سبتمبر في منهجها الدراسي الجديد، الذي شرعت في توزيعه بين طلاب الصفوف الأساسية.

وكان ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي قد تداولوا، نسخة محرّفة من كتاب الوطنية للصف الخامس الابتدائي، حذفت فيه مليشيا الحوثي فقرة من الهدف الأول من أهداف الثورة الذي ينص على
"التحرر من الاستبداد والاستعمار وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق بين الطبقات".

كشف التعديل الحوثي الجديد في المنهج الدراسي، الوجه الحقيقي للمليشيا الحوثي، وأسقط قناعها وفضح معاداتها لثورة 26 سبتمبر، حيث تستمر في تتبع رموز هذه الثورة الخالدة، في محاولة يائسة منها لمحو آثارها، وآثار رموزها، كجزء من محاولاتها البائسة الرامية لتجريف الهوية اليمنية، تحت شعار ما يسمى بـ "الهوية الإيمانية" الزائفة.

لقد عمدت المليشيا الحوثية منذ انقلابها على الدولة في على تكريس المناطقية والطبقية داخل المجتمع اليمني، ولذا عملت على إزالة هذه الفقرة، كتعبير عن حقدها الدفين، لكل ما يسهم في إزالة الفوارق والعصبيات بين أبناء المجتمع، وتكريس للعنصرية التي باتت تمارسها على أرض الواقع.

 

تحريفات ممنهجة

جاء التعديل الحوثي بحذف فقرة إزالة الفوارق بين الطبقات، بعد أن عمدت إلى سلسلة من التحريفات الممنهجة في المناهج الدراسية خاصة مواد الإسلامية والعربية والقرآن والوطنية والتاريخ، حيث أظهر غلاف الكتاب الجديد، قائمة بأسماء المؤلفين كلهم من الحوثيين، بعد أن كان يحتوي على قائمة متنوعة من مختلف الفئات والمشارب الاجتماعية اليمنية.

وتحاول مليشيا الحوثي من خلال تدميرها للتعليم العام، وتغيير المناهج الدراسية، إلى إنشاء منظومة دراسية جديدة، تعتمد كليا على الدورات الثقافية الحوثية التي تنبع من الفكر الشيعي الممجد للسلالة الهاشمية وإيران، وتعادي الشعب اليمني وتحطم جمهوريته.

ورأى مراقبون أن مليشيا الحوثي عمدت حذف هذا الهدف من أهداف ثورة 26 سبتمبر العظيمة، لأن الجماعة تمثل الصورة الحية للنظام الطبقي العفن، خصوصا بعد مصادرتها الحق الدستوري لأغلبية أبناء الشعب والغاء التعليم المجاني، وحصر المليشيا التعليم العام بنظامي نفقات خاصة وموازي.

لقد كشفت تلك المحاولات الحوثية لتحريف أهداف ثورة 26 سبتمبر، كشفت للعالم معدنها العنصري، بعدما سقط قناعها أمام اليمنيين، حيث تدرك المليشيا يقينا بأنها هي المقصود بوصف "مخلفات الإمامة" بالهدف الأول من أهداف ثورة الت 26 من سبتمبر الخالدة، كما تعي أن جملة "إزالة الفوارق بين الطبقات" الواردة في نفس الهدف، معناه القضاء على مشروعها العنصري، وفقا للباحث اليمني عادل الأحمدي.

 

حرب فكرية موازية

لم يكن هذا العبث الحوثي بالمنهج الدراسي جديدا، فهو ما دأبت عليه منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014، حيث سارعت للسيطرة على قطاع التعليم وإجراء تغييرات جذرية طائفية على المناهج الدراسية، في حرب فكرية موازية للحرب المسلحة التي شنتها على المحافظات اليمنية.

وكانت المليشيا الحوثية قد عيّنت القيادي المليشاوي يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، وزيراً للتربية والتعليم في حكومتها غير المعترف بها؛ لكي يسهل لها استغلال العملية التعليمية لغسل أدمغة الطلبة وتحويل المدارس إلى معسكرات طائفية، وقد أشرف على إجراءات تغيير المناهج بما يتفق مع أفكار الجماعة الطائفية وبما يخدم أجندات المشروع الإيراني الطائفي العابر للحدود.

وعمدت خلال السنوات الماضية إلى فرض أفكارها ومعتقداتها الطائفية المستوردة من إيران على شباب وأطفال اليمن في المدارس الحكومية والخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وهو ما ينذر بخطر كارثي على الأجيال القادمة، حيث شملت التغييرات الحوثية، المناهج الدراسية في جميع المراحل الدراسية.

كما طالت التحريفات الحوثية الممنهجة، مواد التربية الإسلامية، واللغة العربية، والتاريخ، والتربية الوطنية، كما عمدت إلى تشويه الرموز الوطنية، واستبدالهم بعناصر يتبعونها، وطالت جرائمها أهداف الثورة اليمنية الأم 26 سبتمبر ضمن محاولتها لطمس معالم النظام الجمهوري.

 

نهج إمامي يتكرر

"نهج إمامي يتكرر" هكذا وصف الشعب اليمني ما قامت به مليشيا الحوثي من حذف وتحريف لأهداف ثورة 26 سبتمبر الخالدة، فبعد بعد أكثر من ٦٠ عاما تطل الإمامة من جديد، محاولة إعادة الناس إلى عهد العبودية والاستعباد، من خلال تكريس نهجها العنصري القائم على نظرية الاستعلاء والاصطفاء الإلهي كما تزعم، وتقسيم الناس إلى طبقات ما انزل الله بها من سلطان.

لم يكن ما أقدمت عليه المليشيا الحوثية من حذف وإزالة لهذه الفقرة إلا جس نبض ومحاولة لمعرفة رد الشارع اليمني، وذلك في إطار تنفيذ أهداف عنصرية أخرى، قد تهدف لإلغاء فكرة سبتمبر من الأساس. حيث ‏تعتقد مليشيا الحوثي السلالية الإرهابية أن حذفها لفقرة "إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات" من الهدف الأول لثورة 26 سبتمبر المجيدة، أن بمقدورها طمس الهوية الجمهورية، وإرث سبتمبر، ولا تدرك ان إرث سبتمبر راسخ في وجدان كل يمني.

لقد أثبت ردود فعل الشعب اليمني بأن ‏أهداف ثورة 26 سبتمبر المجيدة، أهداف مقدّسة، وأقدس ما فيها الجزء المبتور من الهدف الأول الذي ينص على إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات، وأن الاعتداء عليها، والمساس بها، أو بجزء منها يعد جريمة، باعتبارها تخالف للقوانين الانسانية التي تحث على أن الناس سواسية كما جاء في المادة الأولى من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان 1948، كما تخالف نص ديننا الإسلامي الذي أبطل دعاوى التفاخر بالأنساب والأحساب.

وأكد مراقبون، أن تلك التعديلات الحوثية تؤكد أن المليشيا الحوثي تمضي نحو مشروعها الإمامي الطبقي، الذي تحاول من خلاله إحياء الفوارق والامتيازات، بعد عسكرتها المنهج الدراسي طائفيا ومذهبيا وطبقيا، وإحياء مصطلحات عنصرية كانت ثورة 26 سبتمبر قد وأدتها؛ حتى أطلت الإمامة الحوثية بقرونها لتعمل عابثة على إحيائها من جديد دون جدوى.

 

مخلفات الاستعمار

ولم يستغرب اليمنيون ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي من تحريف لأهداف ثورة سبتمبر، فحسب الناشط عبدالكريم عمران، إذا كان "الحوثي حرّف دين الله، وأوّل القرآن، لخدمة فكرة ابليس الاستعلائية، فهل سيخجل من تحريف أهداف ثورة ٢٦سبتمبر التي اطاحت بأسلافه والتي انقلب عليها؟

وحسب الكاتب اليمني عبدالله شروح، فقد أمسكت المليشيا الإمامية الهدف السبتمبري الأول الجامع، وحذفت منه لفظ "مخلفاتهما"، والجزء المتعلق بـ "إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات"، لتفصح بهذا الفعل الغبي كم أنها تتفق معنا في تعريفنا لها؛ بأنها تنظيم عرقي يسعى إلى السيطرة على البلاد، بتقسيم الشعب إلى طبقات، بامتيازات تضمن سيطرتها هي في المحصلة كنظامٍ مستبدٍ هو من ألعن مخلفات الاستعمار.

وأشار إلى أن الإمامة، من حيث هي نظام حكم كهنوتي يجرد الناس من كل حقوقهم السياسية؛ ابتداءً بحق اختيار الحاكم، ويحدد وجودهم الاجتماعي كسخرة للحاكم وسلالته، خالعاً للحاكم مزايا الإله بسلطته المطلقة، تضع نفسها كتجلٍ أقصى للاستبداد، إذ لا تقف في حدود التضييق على الكيان المادي للإنسان، بل تتعدى إلى سحق روحه ومسخ كينونته وتدمير حسه بالكرامة.

لقد أثبت الأيام أن المليشيا الحوثي تريد إعادة اليمنيين غلى عصور الرق والعبودية، في القرن الحادي والعشرين، فمنذ انقلابه يسعى جاهدا لممارسة ذلك واقعًا، حتى أنه لم يعد يحتمل مبادئ الشعب اليمني وثورته العظيمة، حتى سعى جاهدا لحذفها من المناهج الدراسية، متناسيًا أنه مهما عمل، فستظل ثورة 26 سبتمبر خالدة خلود الدهر، وستظل أهدافها الستة كابوسًا يضج مضاجع مخلفات الإمامة والاستعمار، ومنطلقًا لاستكمال الثورة بالقضاء على تلك المخلفات الضارة.

 

افتتاح مدارس طائفية

يأتي هذا بالتزامن مع حملة الاستنفار التي قامت بها مليشيا الحوثي الإرهابية لتدشين مدارس ثانوية جديدة في عدد من المحافظات اليمنية، كنظام تعليمي خاص بها، بعيدا عن التعليم العام الذي دمرته، ورفض صرف مرتبات المعلمين والتربويين.
حيث افتتحت خلال الاسبوعين الماضيين، عددا من المدارس في صعدة وصنعاء وإب وحجة وريمة، تحت مسمى "مدارس شهيد القران"، في إشارة إلى مؤسسها حسين الحوثي التي تطلق عليه هذا اللقب، باعتبارها مدارس موازية ثانوية تقوم على نسف شامل للتعليم العام وإحلال المنهج الدراسي الحوثي محله.

وتوفر مليشيا الحوثي في هذه المدارس سكنا وتغذية للطلبة والمدرسين ومنهجا دراسيا دينيا مختلفا عن المدارس الحكومية تشبه مراكز التجنيد والتعبئة الحوثية الصيفية ولكنها هذه المرة باسم شهيد القرآن وتستهدف من خلالها طلبة الثانوية العامة، في الوقت الذي ترفض صرف مرتبات المعلمين في المدارس الحكومية للعام الثامن على التوالي.
ويخوض المعلمون في المدراس الحكومية إضرابا شاملا في صنعاء والمحافظات التي تحتلها مليشيا الحوثي، لإجبارها على صرف المرتبات المقطوعة منذ ثماني سنوات، بينما ردت المليشيا بالخطف والاعتقالات والتهديد وفتح المدارس الموازية الممولة كليا من المليشيا.

 

مخاطر وتحذيرات

ويرى مراقبون أن هذا الاستنساخ الحوثي للتعليم، له مخاطر كبيرة على الأجيال اليمنية، حيث تستفرد بالطلاب لحشو أدمغتهم بالأفكار الطائفية، بما يسهل من عملية تجنيدهم لخدمة مشروعها السلالي واستمرار تحكمها بالمناطق الخاضعة لها.
وحسب مصادر حقوقية، فأن المليشيا تستغل تحكمها بالمشهد في صنعاء وصعدة وصولاً لمحافظة إب من أجل تطبيق نظامها الموازي مما يساهم في تدمير التعليم العام الذي تعرض لهزات عنيفة خلال السنوات الماضية أثر على العملية التعليمية برمتها بما فيها الجامعية التي تعيش أسوأ مراحلها.

مؤكدين أن التعليم الحوثي الموازي، يدل على أنها تنقل تجربة حزب الله في لبنان فيما يخص الجانب التعليمي، لإدراكها أن الشعب اليمني لن يسكت كثيراً عن جرائمها، لذا وجود مثل هذه المدارس تحصين لها وضمان لإيجاد محاضن تربوية ترفدها إما بالمقاتلين أو بالاتباع لها.

كلمات دالّة

#اليمن