الثلاثاء 19-03-2024 05:36:07 ص : 9 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

تمسك اليمنيين بالنظام الجمهوري.. ثورة مستمرة ضد الإمامة بنسختها الحوثية

الأربعاء 31 مايو 2023 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

 

عندما اندلعت ثورة 26 سبتمبر 1962 ضد الإمامة السلالية الكهنوتية، كان اختيار الأحرار اليمنيين للنظام الجمهوري كتعبير عن رفضهم للإمامة بكل بشاعتها، وتأكيد على حق اليمنيين في الحياة وفي الحرية وفي الكرامة الإنسانية، ومهما كانت مساوئ الأنظمة التي حكمت الجمهورية، فلا مجال للمقارنة بينها وبين الإمامة، فبالجمهورية يستعيد الشعب إنسانيته وحريته وكرامته وعقيدته وهويته قبل أن ينال حقه في العدالة والمساواة.

ومن غير المنطقي مقارنة أنظمة معاصرة حتى وإن كانت ديكتاتورية بمليشيا الحوثيين الإمامية الإرهابية، لأن الإمامة ليست نظام حكم يختلف عن الجمهورية أو الملكية أو أي نظام عصري ولو كان ديكتاتوريا، فالإمامة هي الإرهاب والخراب وموت الإنسان ودمار المدن، ولم يسبق أن شهد العالم عبر التاريخ طريقة حكم مثل الإمامة في اليمن التي يمثلها اليوم الحوثيون، فالإمامة بكل مراحلها خليط غريب من العنصرية والفاشية والتخلف والجهل والإرهاب والإبادة الجماعية والقتل وتدمير الأوطان وتمزيق النسيج الاجتماعي وعدوان سافر على الإنسانية.

 

- الحوثية أبشع مراحل الإمامة

وتمثل المليشيا الحوثية اليوم أسوأ وأبشع مراحل الإمامة، لأنها ابتدعت أساليب قتل وتنكيل وإبادة وحرب طائفية وثقافية وهوياتية بطريقة أسوأ مما كانت تفعله الإمامة سابقا، ساعدها على ذلك تطور أدوات القتل والعنف ووسائل التحريض والتضليل ونشر ثقافة الموت والإرهاب والكراهية.

وتعد الإمامة أسوأ النكبات والكوارث التاريخية التي حلت باليمن، وشكلت حاجزا صلبا بين اليمنيين وبين كل سبل ووسائل الحكم في التاريخ الإسلامي، بمعنى أنه لا يوجد ما يشبه الإمامة في تاريخ المسلمين كله وفي مذاهب المسلمين جميعا المنقرضة والحية، ويزيد من فظاعة الأمر أن الإمامة بقيت بنفس بشاعتها من عهد الرسي إلى عهد الحوثي، ولم تتطور الإمامة إلا للأسوأ بتطور وسائل القتل والتدمير والتنكيل والعنف والإرهاب بكل أشكاله.

لقد أوقفت الإمامة التراكم الحضاري لليمنيين، وحالت دون استقرار اليمن خلال ألف ومئة عام، ودمرت بكل ما أوتيت من وسائل الدمار المدن والبنيان والآثار وأحرقت المؤلفات والمخطوطات، ومزقت وحدة البلاد، وانتهكت الإنسانية، ويزيد من بشاعة الأمر عندما تتمكن من الحكم والسيطرة، وهو ما يتجسد اليوم في حكم مليشيا الحوثيين بمناطق سيطرتها. ونتيجة لكل ما سبق ذكره، يرى اليمنيون النظام الجمهوري طوق نجاة من الإمامة الإرهابية بنسختها الحوثية، وهو الراية الجامعة لكل اليمنيين للتخلص من آخر أعراض التخلف والجهل والظلام الكهنوتي السلالي العنصري.

 

- أبرز ملامح حكم الإمامة

من ملامح نظام الحكم الإمامي الذي قضت عليه الجمهورية وتريد مليشيا الحوثيين الإرهابية إعادته:

  • كانت الأمراض الفتاكة تفتك بآلاف اليمنيين، وحتى الأمراض البسيطة التي كان يصاب بها المواطنون تتفاقم إلى أن تؤدي إلى الوفاة نظرا لعدم وجود خدمات أو رعاية طبية ولا حتى أدوية يمكن أن تقدم لهم، في حين أن الفقر الشديد للأسر اليمنية كان يجعل معظم الأسر تقف عاجزة عن إنقاذ مريضها وتجبر على التخلي عن المريض حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة.
  • كان نصف الأطفال المواليد عرضة للموت في اليمن في تلك الحقبة، لانعدام الخدمات الصحية والتحصين ضد الأمراض وسوء التغذية وغياب الرعاية للأم والطفل.
  • كان اليمنيون يعيشون حياة القرون الغابرة، جراء التخلف والتردي الكبير والفقر المدقع والجهل والمعاناة الشديدة التي كان يعيشونها آنذاك، ولا يمكن أن تقارن بما كانت وصلت إليه البشرية في وقتها، بل تشبه حياة القرون الغابرة.
  • كان اليمنيون يعانون من المجاعة الشديدة، ولجأ الآلاف من أبناء تهامة إلى المرتفعات، وتفشي الإسهال والدوسنتاريا بسبب الاكتظاظ والجوع وانعدام النظافة وارتفع عدد الموتى.
  • القمع والتنكيل، والذي كان من مظاهره أن أطفالا بعمر الزهور رهائن لدى الإمام، حيث كان الحكم الإمامي يتفنن في إذلال الشعب اليمني وممارسته الضغوط على شيوخ ووجهاء القبائل اليمنية لإبقائها خاضعة لطغيانه من خلال أخذ الرهائن.
  • كانت الإمامة تحكم بالسيف، وكان الإمام يعدم معارضيه علنا، بل فالإمام أحمد ذبح اثنين من أشقائه علنا.
 

- الجمهورية كنقيض للإمامة

اختار اليمنيون النظام الجمهوري كنظام حكم يضمن العدالة والمساواة بعد أن اكتووا بنيران الإمامة العنصرية السلالية الكهنوتية خلال عقود كثيرة، فبالرغم من أنها سلالة وافدة، لكنها قسمت المجتمع إلى طبقات ومنحت نفسها الأفضلية على سكان البلاد الأصليين، وهذه الأفضلية لا تقتصر على التمييز الطبقي العنصري، وإنما منحت نفسها أحقية احتكار السلطة والثروة ونهب أموال المواطنين بذريعة زكاة الخُمس وغيرها، وهذا ما دفع الأحرار اليمنيين إلى الثورة على الإمامة الكهنوتية في 26 سبتمبر 1962، واختيار نظام الحكم الجمهوري باعتباره نقيضها تماما من كافة النواحي، ولذلك فهي ترى النظام الجمهوري بمنزلة سم قاتل لها، لأنه لا يمكن لها البقاء في ظله مطلقا.

يعتقد الإماميون أن السلطة حق مقدس أو حق إلهي بالنسبة لهم، لكن النظام الجمهوري ينسف هذه الخرافات تماما، ففي النظام الجمهوري يحق لأبناء الجمهورية المشاركة في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث لا يستطيع الحكام أخذ قرارات بمعزل عن الرجوع إلى رأي شعوبهم عن طريق الانتخاب، والتصويت، وإبداء الآراء، ويتم إجراء استفتاء لكافة فئات الشعب في القضايا والشؤون الهامة، بحيث تكون نتيجة التصويت ملزمة للرئيس.

كما أن انتخاب الرئيس في النظام الجمهوري يكون بمنزلة تعاقد مع الشعب على اتباع القانون وتطبيقه والمحافظة على سيادة الدولة وكيانها.

والهدف من تطبيق النظام الجمهوري في الحكم هو أنه يضمن خدمة الرئيس لشعبه وحرصه المستمر، كي يكسب رضاهم، حيث تعد المدة الرئاسية المحددة للرئيس بمنزلة حافز رئيسي لتقديم مزيد من الخدمات، وإقامة وافتتاح الكثير من المشروعات لشعبه كي يضمن النجاح في الانتخابات التالية، وإكمال فترة رئاسية جديدة.

وبخصوص طريقة الحكم، أخذ النظام الجمهوري شكلين: الشكل الأول، النظام الرئاسي، حيث يتولى فيه الرئيس جميع المهام التنفيذية للدولة، كاختيار رئيس الوزراء، والموافقة على التشكيل الوزاري.

والشكل الثاني، يتمثل في النظام البرلماني، حيث تقوم السلطة التشريعية بمنح الرئيس جزءا من المهام التنفيذية، تحت إشراف ورقابة منها.

 

- مميزات النظام الجمهوري

يستند نظام الحكم الجمهوري الحديث إلى فرضية أن السيادة بيد الشعب، وفيه يُنتخب الرئيس من خلال استفتاء شعبي عام أو من خلال الانتخابات، ومن أبرز إيجابيات نظام الحكم الجمهوري أنه شكل فعال للحكومة، وتُعد الميزة الأساسية التي يوفرها نظام الحكم الجمهوري هي إمكانية الاستفادة القصوى من الهيئتين التشريعية والتنفيذية اللتين تعملان تحت مظلة الدستور، وتحكمهما القوانين والأنظمة، وغالبا يسعى رئيس الجمهورية المُنتخب إلى تطبيق وتفعيل القوانين والسياسات ذات الأولوية.

ومن المميزات أيضا اختيار مرشح يمثل الشعب ينتخبه المواطنون المؤهلون للتصويت، الذي يعتقدون أنه سيمثلهم، ويُعطي أهمية لمشاكلهم، وأفكارهم، وآرائهم، فنظام الحكم الجمهوري يمكن الشعب من التعبير عن نفسه من خلال انتخاب رئيس يمثله.

يضاف إلى ذلك أن نظام الحكم الجمهوري يشجع المواطنين على المشاركة في العملية السياسية، فالانتخابات الرئاسية تُعطي الشعب شعورا بالتقدير والأهمية، مما يدفعهم ليكونوا أكثر حماسا في مواكبة ما يجري في البلاد، والعمل على تقديم كل ما يمكن لتقدّم دولتهم.

كما أن النظام الجمهوري تطبيق فعلي للديمقراطية، بل فهو يعد من أقوى أشكال الديمقراطية، فالشعب هو المُخوّل الوحيد في اختيار حاكمه، وهذا يعني أن القوة الحقيقية المطلقة بيد الشعب، فرئيس الدولة الجمهورية لا يُفرَض على الشعب من دون إرادتهم أو انتخابهم له.

الخلاصة، النظام الجمهوري، بالنسبة لليمنيين، خيار مقدس ومصيري، ومظلة للتعبير عن رفض الإمامة الحوثية بكل بشاعتها، والكفاح حتى القضاء عليها واستعادة الدولة، وتأكيد على حق الشعب في الحياة وفي الحرية وفي الكرامة الإنسانية.

وبالجمهورية يستعيد الشعب إنسانيته وحريته وكرامته وعقيدته وهويته، وينال حقه في العدالة والمساواة والأمن والاستقرار والخدمات العامة والحق في اختيار من يحكمه، والأمن على نفسه وعرضه وماله، وعدم تسيد الأشخاص غير الأسوياء عليه، وغير ذلك من شروط المواطنة المتساوية.