الثلاثاء 19-03-2024 09:48:05 ص : 9 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

كيف حولت مليشيا الحوثي مؤسسات الدولة إلى وسيلة تجسس لإرهاب المواطنين؟

الثلاثاء 30 مايو 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

 

"الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها"، هكذا خلّد ابن خلدون مقولته التاريخية قبل أكثر من سبعة قرون، وهي مقولة تصف اليوم واقعًا تسعى مليشيا الحوثي إلى تكريسه في المجتمع، من خلال نشر مجموعة من الاجراءات التي تكشف عن القيم المنحرفة التي ما دأبت المليشيا تسعى لتكريسها في المجتمع ومنها جريمة التجسس على المواطنين في مناطق سيطرتها.

حيث كشفت تقارير حقوقية عن قيام المليشيا الحوثية بعملية تجسس ضد المواطنين، ووسائل إعلام، ومنظمات غير ربحية، وصل بها الحد الى التجسس على عدد من المسؤولين في الحكومة الشرعية، وكذا المنظمات الدولية، والناشطين، والمنظمات الإغاثية والإنسانية.

وتتنوع أساليب المليشيا الحوثية للتجسس على المواطنين، فمن المساعدات الإنسانية، إلى استخدام النساء "الزينبيات"، وكذا الملتقيات التي استحدثتها في الجامعات، والتي حولتها للقيام بمهمة التجسس على الطلاب والطالبات والأكاديمييين، وكذا استخدام كشوفات الغاز للتجسس على المواطنين في الأحياء المختلفة.

ومع سيطرة مليشيا الحوثي على قطاع الاتصالات والأنترنت، تحولت الاتصالات الى سوط تستخدمه المليشيا للتجسس على معارضيها، من خلال سرقة البيانات والاطلاع على أنشطة المسؤولين الحكوميين، المدنيين والعسكرييين، وصل بها الحد الى محاولة سرقة البيانات من مختلف السفارات اليمنية في الخارج.

 

تجسس حوثي على المنظمات ووسائل الإعلام

مؤخرا، كشف تقرير حديث صادر عن شركة الأمن السيبراني Recorded Future عن تعرض مجموعات إنسانية ووسائل إعلامية ومنظمات غير ربحية في المنطقة ومنها اليمن لتجسس رقمي عبر تطبيق واتساب. مؤكدة أن تقرير التجسس يتم عبر مجموعة قرصنة تُعرف باسم OilAlpha لها صلات محتملة بمليشيا الحوثي.

الشركة الأمنية ومقرها الولايات المتحدة، قالت إنه في الفترة من أبريل إلى مايو 2022، حين استضافت المملكة العربية السعودية لمفاوضات يمنية، أرسلت مجموعة القرصنة OilAlpha ملفات Android ضارة عبر تطبيق واتساب إلى الممثلين السياسيين والصحفيين. مشيرة إلى أن مجموعة القرصنة يبدو أنها تفضل استخدام أدوات الوصول عن بعد لتثبيت برامج التجسس المحمولة مثل SpyNote و SpyMax.

وقالت الشركة، إن مجموعة القرصنة ستستمر على الأرجح في استخدام التطبيقات الخبيثة "لاستهداف الكيانات التي تشترك في الاهتمام بالتطورات السياسية والأمنية في اليمن والقطاعات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في اليمن".

ويتضمن برامج التجسس SpyNote و SpyMax القدرة على الوصول إلى "سجلات المكالمات، وبيانات الرسائل القصيرة، ومعلومات الاتصال، ومعلومات الشبكة، والوصول إلى كاميرا الجهاز والصوت، بالإضافة إلى بيانات موقع GPS، من بين أمور أخرى", مشيرة إلى أن التقرير ركز على مجموعة القرصنة على هواتف Android المتوفرة على نطاق واسع في المنطقة.

 

تجسس عن طريق انتحال منظمات سعودية

وتعتقد الشركة الأمنية أن المجموعة انتحلت أيضا منظمات سعودية مثل مؤسسة الملك خالد ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومشروع مسام الذي يزيل الألغام الأرضية في المنطقة، حسبما أشار التقرير بعد العثور على رموز مع تلك المنظمات في البرامج الضارة.

وقالت إن المجموعة انتحلت أيضا في طلبات لها منظمات غير حكومية مثل صندوق الطوارئ التابع للأمم المتحدة للأطفال والمجلس النرويجي للاجئين وجمعية الهلال الأحمر. تقوم كل هذه المنظمات إما بإدارة أو تنسيق الاستجابة للكوارث والعمل الإنساني في اليمن.

وأضافت الشركة "باستثناء اكتشاف معلومات جديدة أو تحولات جيو استراتيجية أوسع، من المرجح أن تستمر مجموعة القرصنة في استخدام التطبيقات الخبيثة المستندة على نظام الاندرويد لاستهداف الكيانات التي تشترك في الاهتمام بالتطورات السياسية والأمنية في اليمن والقطاعات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية التي تعمل في اليمن".

يبدو أن المجموعة لم تفعل الكثير لإخفاء بنيتها التحتية. حيث قالت شركة ريكورديد فيوتشر إن مجموعة القرصنة OilAlpha تستخدم في الغالب شركة الاتصالات العامة اليمنية التي تحت سيطرة سلطات الحوثيين. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت المجموعة بشكل شبه حصري DNS الديناميكي، والذي كان بمثابة مؤشر آخر لربطه بالحوثيين، حسبما لاحظته شركة Recorded Future.

وأشارت الشركة إلى أن "جهات التهديد الخارجية مثل حزب الله اللبناني أو العراقي، أو حتى المشغلين الإيرانيين الذين يدعمون الحرس الثوري ربما قادوا نشاط التهديد هذا"، استنادا إلى حقيقة أن هذه الجماعات لها مصلحة راسخة في نتيجة الحرب باليمن.

 

الإغاثة ومطار صنعاء أدوات حوثية للتجسس

مطلع يناير 2021، كشف تقرير صادر عن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي الصادر حينها بشأن اليمن، عن توصل فريق الخبراء المعني باليمن إلى معلومات عن أنشطة القيادي الحوثي أحمد حامد، المعين مديرا لمكتب الرئاسة، مؤكدة أنه أعاق العمل الإنساني.

وكشف التقرير الدولي عن تأسيس أحمد حامد، لخلية معلومات أمنية عملها التجسس والمخابرات، وتوفير البيانات والمعلومات حول كل القيادات التي تتبع حزب المؤتمر وبعض القيادات الحوثية المنتمية لجناح صنعاء، والتي عمل كثير منها في مؤسسات الدولة سابقا قبل الانقلاب الحوثي، وإسقاط المليشيا للعاصمة.

ولم يسلم بذلك مطار صنعاء الدولي الذي حولته المليشيا كوسيلة للارتزاق والتجسس من خلال تشكيل المليشيا لجنة يسمونها باللجنة الطبية تعمل في مقر الخطوط الجوية اليمنية، وهي اللجنة التي قال مراقبون إن المليشيا تسعى من خلالها للجباية والتجسس على المسافرين في السفر، وانتهاك خصوصيتهم، والحصول على بياناتهم الخاصة.

وكانت صحيفة «الشرق الأوسط» قد نقلت عن مصادر خاصة في الخطوط الجوية اليمنية في صنعاء؛ أن المهام الحقيقية لهذه اللجنة لا علاقة لها باسمها. مؤكدة أن المهام الحقيقية لهذه اللجنة تجسسية ومالية في الأساس، حيث تعمل على فحص ملفات المسافرين ومراقبة أنشطتهم، ومن ثم تقرر السماح أو عدم السماح لهم بالسفر.

 

ملتقيات حوثية تجسسية في الجامعات

وفي إطار تكريس ثقافتها الإجرامية في المجتمع، غدا التجسس بالنسبة للمليشيا ثقافة تعمل على غرسها في كل المؤسسات التي تضع يدها عليها، ومنها الجامعات التي أصبح طابعها العام الوشاية ونقل المعلومات عن الطلاب والموظفين والأكاديميين، مما أصبح الجميع عرضة للانتهاكات الحوثية، والذي يتعدد ما بين الفصل والاختطاف وغيرها من الجرائم التي تمارس دون أي رادع.

حيث تحرص المليشيا الحوثية على تنفيذ أجندتها الطائفية والعنصرية في الجامعات التي تسيطر عليها، سواء في العاصمة صنعاء أو غيرها من المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، عبر تنظيم طلابي، استنسخته من الجامعات الإيرانية، ومنها الملتقى الذي أنشأته المليشيا في جامعة العلوم التي غدت مرتعاً للملتقيات التجسسية الموازية والتي تتبع كيانات داخل الجماعة الحوثية، حيث كل ملتقى يتجسس على الآخر.

وكشفت مصادر حقوقية، وثائق صادرة عما يعرف بملتقى الطالب الجامعي، والذي أنشأته المليشيا في جامعة العلوم والتكنولوجيا، والتي باتت وكأنها جامعة حوثية، لا تمت بصلة لملاكها، أو لمركزها الرئيس في العاصمة المؤقتة عدن، والذي أعلن في وقت سابق أن فرع الجامعة بصنعاء ومحافظات أخرى لا ترتبط به، وذلك بعد الممارسات الحوثية في الجامعة.

وأفادت المصادر، أن الملتقى يعمل لصالح المليشيا، كما أنه عينها في أوساط الطلاب والأكاديميين على حد سواء، وهو ما يجعله يشكل مصدر رعب وتهديد للدارسين. مشيرة إلى أن الملتقى يعمل على رصد كل المعارضين لقرارات المليشيا داخل كليات الجامعة، كما أنه يعمل على فرض الغرامات والرسوم الباهظة ويغطي على انتهاكات المليشيا وجرائمها، كما أنه يمارس التهديد والابتزاز ضد الطلاب والأكاديميين والإداريين.

 

الاتصالات .. أداة تجسس حوثية

منتصف 2022، كشفت مبادرة "استعادة" المعنية بمتابعة الأموال المنهوبة لدى الميليشيات الحوثية، عن إشراف خبراء إيرانيين وآخرين من «حزب الله» اللبناني على تأسيس شركة اتصالات جديدة في اليمن كجناح استثماري استخباري مشترك، مؤكدة أنها حصلت على وثائق تثبت التدخل الإيراني في قطاع الاتصالات في اليمن وتسخيره لصالح الميليشيات في الجانب الاستخباراتي والاستثماري والمالي بعد استكمال السيطرة على شركات الهاتف المحمول الأربع في البلاد.

وذكر التقرير، أن قطاع الاتصالات أصبح واحداً من أهم الموارد المالية واللوجيستية للميليشيات لتمويل حربها ضد اليمنيين، حيث تعمل على تسخير قطاع الاتصالات في جرائمها وانتهاكاتها بحق المعارضين، واستخدامها في انتهاك حرمات وخصوصيات المواطنين والمعارضين عبر التجسّس على مكالماتهم ورصد تحرّكاتهم بغرض ابتزازهم وتطويعهم لخدمة توجّهاتها وأفكارها ومعتقداتها.

واستخدمت الميليشيات – بحسب التقرير - هذا القطاع في التجسس على قيادات وأفراد الجيش اليمني ورصد تحرّكاتهم بغرض جمع المعلومات واستهدافهم، والضغط على جبهات القتال عبر التحكّم في إغلاق وفتح خدمات الاتصالات في أماكن المواجهات بما يخدم تعزيز قدراتها وتفوقها على حساب القوات الحكومية.

يأتي هذا في الوقت الذي كشفت تقارير حقوقية، عن قيام مليشيا الحوثي بفرض التجسس عبر شركات الاتصالات الرسمية والأهلية التي تسيطر عليها بصنعاء على أكثر من ثلاثة آلاف شخص أغلبهم من القيادات المعارضة ومواليين تدور حولهم شكوك ادرجتهم ضمن قوائم المكالمات المسجلة، وذلك ضمن حرب المليشيات على الشرعية.

 

الزينبيات أداة حوثية للتجسس على النساء والطالبات

وفي سابقة لم تعهدها اليمن من قبل تستخدم المليشيا الحوثية زينبياتها للتجسس على طالبات جامعة صنعاء والاعتداء عليهن، سعياً منها لإسكات كل صوت يخالفها أو يرفض تصرفاتها.

كما أطلقت مليشيات الحوثي الانقلابية تهديدات بتفعيل أنشطة التجسس على السكان وقمعهم في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محاولها منها لإرعاب المواطنين وإخضاعهم لسطوتها المطلقة والحيلولة دون نشوب احتجاجات ضدها خصوصًا في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعيشها السكان في تلك المناطق.

وتمنع مليشيا الحوثي الإرهابية من توزيع مادة الغاز المنزلي بالطريقة المعتادة، والتي فرضتها مسبقاً على سكان العاصمة، من خلال عقال الحارات، الذين يطلبون من رب الأسرة عدد الأفراد المقيمين، والمسافرين، وأين يتواجدون، وفي أي مدينة داخل اليمن، أو خارجه، وهو ما أثار الريبة والخوف لدى المواطنين، وهو ما اعتبروه نوعاً من التجسس على المواطنين.

كما تجري مليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لإيران، عملية حصر أمني قامت به المليشيا عبر استمارات خاصة تدون كل معلومات سكان العاصمة صنعاء، في إطار الأمانة والمديريات والمراكز والأحياء، في خطوة تمهد لتعسفات واختطافات ومصادرة منازل وممتلكات.

وأثارت استمارة المليشيات للرصد التجسسي، غضب سكان العاصمة صنعاء، والتي اعتبروها سلوك إرهابي وتجسسي يستهدف أمنهم وحياتهم الخاصة، وقد تمهد لتعسفات جديدة، مؤكدين أن المليشيات تسعى من وراء هذه العملية التجسسية، الى تقيد حرياتهم، وتكشف في ذات الصدد مساعي نهب جديدة من خلال تدوين بيانات السكن من ناحية الملكية ووسائل النقل من سيارات ومركبات التي يمتلكها المواطنين.

ولم تستثن المليشيا الحوثية طالبي السفر الى المملكة العربية السعودية، من خلال مضايقة الطالبين للسفر إلى المملكة بإجراءات استخباراتية، تطلب من المسافر تعبئة استمارات خاصة فيها كافة التفاصيل منها السكن والمنطقة وتوثيق سجلات خمسة من الأقارب في اليمن والأقارب في الخارج؛ وذلك ضمن سياستها الإرهابية والقمعية، التي تنفذ من خلالها السياسة الإيرانية في مناطق سيطرتها.

وجاءت الإجراءات الاستخباراتية الحوثية وفق السياسة الإيرانية التي تنتهج القبضة الأمنية، إضافة إلى جمع المعلومات والبيانات عن اليمنيين في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وهو يعدّ تجسساً فاضحاً تمارسه المليشيا بتبعية مطلقة لإيران من خلال المضي في تنفيذ أجندتها واحدة تلو الأخرى.