فيس بوك
جوجل بلاس
رئيس الإصلاح بالمهرة: الاحتفال بـ14 أكتوبر رسالة واضحة على تمسك الشعب بمكتسباته الوطنية
أحزاب تعز تشدد على قيام الرئاسي والحكومة بإصلاح الوضع الاقتصادي والمعيشي وحشد الطاقات لمعركة التحرير
بالطيف: سبتمبر وأكتوبر محطتان رئيسيتان في الكفاح اليمني ضد الاستبداد والاستعمار(حوار)
ندوة سياسية للإصلاح بشبوة تدعو السلطة المحلية والمكونات الى تغليب مصلحة المحافظة
النائب العليمي: 14 أكتوبر ثورة عظيمة خاض الشعب لتحقيقها نضالاً شاقاً نحو الاستقلال والحرية
التحالف الوطني للأحزاب: 14 أكتوبر حدثاً ملهماً وماضون في الانتصار لمكتسبات الثورة اليمنية
ثورة 14 أكتوبر المجيدة.. تضحيات اليمنيين بين نضالات التحرير ووحدة المصير
رئيس إعلامية الإصلاح: 14 أكتوبر يعني التحرر من الوصاية والخلاص من الفرقة والتجزئة
تعرض حزب المؤتمر الشعبي العام لهزات عنيفة، منذ اندلاع ثورة 11 فبراير 2011 الشعبية السلمية، أثّرت على وحدة الحزب وعلى علاقته بالأطراف الأخرى؛ فالحزب انقسم إلى جناحين، أحدهما موالٍ للرئيس عبدربه منصور هادي، والآخر موالٍ للمخلوع علي صالح، وتحالف مع جماعة الحوثيين للانقلاب على السلطة الشرعية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، رفضًا لمشروع النظام الفيدرالي، كونه سيُحَجِّم من نفوذ وسلطة المخلوع صالح وعائلته وحلفائه الإماميين الجدد (جماعة الحوثيين).
وبما أن الأحداث التي شهدها اليمن منذ العام 2011 وحتى يومنا هذا تعد بمثابة مخاض ولادة اليمن الجديد، بعد سنوات كثيرة من الفساد وهيمنة المخلوع علي صالح على السلطة والثروة، فإن هذا المخاض ألقى بظلاله على مختلف التيارات والقوى السياسية في البلاد، غير أن حزب المؤتمر يعد الأكثر تأثرًا، وأصبح مستقبله السياسي يتسم بالغموض، فالخلافات الحادة بين جناحي الحزب لا يمكن ردمها بسهولة، وتحالف جناح المخلوع صالح مع الحوثيين مفخخ بالخلافات المتزايدة بين الطرفين، والتي تصل أحيانًا إلى حافة نشوب مواجهات عسكرية بينهما.
فكيف إذن تفاقمت الخلافات بين جناحي الحزب؟ ولماذا ظهرت خلافات أخرى بين جناح المخلوع علي صالح في الحزب وحلفائه الحوثيين؟ وكيف يبدو المستقبل السياسي للحزب في ظل تشظيه وعداواته مع الجميع؟ وما مصير التحالف بين جناح صالح في الحزب وجماعة الحوثيين؟ وهل أصبح "الانهيار" هو المصير الذي ينتظر الحزب، كما هو الحال بالنسبة لأحزاب سياسية عربية كانت تحكم بلدانها، أم أن الحزب سيعيد ترميم نفسه ويصفر عداواته وخلافاته مع بقية القوى الوطنية وينهي تحالفه مع جماعة الحوثي العنصرية والإمامية، والتي لا تؤمن بالديمقراطية والحزبية والتداول السلمي للسلطة؟
- الانقسام إلى جناحين
رغم أن تشظي حزب المؤتمر بدأ بعد "جمعة الكرامة"، في 18 مارس 2011، حيث توالت الاستقالات من قبل بعض قيادات الحزب، احتجاجاً على تلك المجزرة البشعة بحق شباب الثورة، إلا أن انقسام الحزب إلى جناحين متصارعين، أحدهما موالٍ للرئيس هادي والآخر موالٍ للمخلوع صالح، بدأ في شهر نوفمبر 2014، وذلك بعد تكليف الرئيس هادي لخالد بحاح بتشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة باسندوة، حيث رفض حينها جناح المخلوع صالح المشاركة في الحكومة، وشارك فيها مؤتمريون من جناح هادي، ورد جناح المخلوع صالح بإقالة الرئيس هادي من منصبه كنائب لرئيس الحزب وأميناً عاماً له.
يعد الإجراء الذي قام به جناح المخلوع صالح في الحزب مخالفًا للائحة الداخلية للحزب، رغم غرابتها، والتي تنص على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب، لكن المخلوع صالح تشبث برئاسة الحزب، ليتخذ منه واجهة للتأثير في الحياة السياسية، رغم أنه يفترض أن يكون الرئيس هادي رئيساً للحزب، بحسب لائحته الداخلية، وكان هادي يشغل منصب النائب الأول لرئيس الحزب، وأمينه العام، الذي بيده صلاحيات إدارة الحزب مالياً وتنظيمياً منذ نوفمبر 2008.
تزايدت الخلافات بين جناحي الحزب بشكل كبير بعد عملية "عاصفة الحزم"، وذلك بسبب مغادرة قيادات كبيرة في الحزب إلى الرياض وتأييدها للتحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة السلطة الشرعية في اليمن، وأعلن جناح المخلوع صالح في الحزب إحالة قيادات الحزب التي غادرت إلى الرياض إلى الرقابة التنظيمية. ومن جانبها، عينت اللجنة العامة للحزب -من الرياض- الرئيس هادي رئيساً للحزب، في 22 أكتوبر 2015، وأصدرت قراراً بعزل المخلوع صالح ومن معه، وإحالتهم إلى المحاسبة التنظيمية في الحزب "على ما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب اليمني، وما ألحقوه من أضرار جسيمة بحق الوطن، ووحدته الاجتماعية، وبحق التنظيم الذي منحهم ثقته"، بحسب ما ورد في بيان اللجنة العامة للحزب.
استمر المخلوع علي صالح بممارسة السياسة بصفته "رئيس الحزب"، واستطاع توظيف نفوذه السياسي في الإبقاء على بعض القيادات الصغيرة والهامشية في الحزب إلى جانبه، ولم يبقِ معه في جناحه سوى حلفائه القبليين والعسكريين. وتحول جناح المخلوع صالح في الحزب إلى مليشيات طائفية، بعضها اندمجت في مليشيات الحوثيين، والبعض الآخر تقاتل تحت لافتة حزب المؤتمر، رغم أنها مليشيات طائفية وقبلية ومناطقية، لا علاقة لها بالحزبية والعمل السياسي.
- التحالف مع الحوثيين
بدأت مؤشرات تحالف المخلوع علي صالح مع الحوثيين في الأسابيع الأولى بعد اندلاع ثورة 11 فبراير 2011، وذلك عندما سلّم محافظة صعدة للحوثيين، وأمدهم بعد ذلك بأسلحة من مخازن قوات الحرس الجمهوري، وتزامن ذلك مع تسليمه لأجزاء من محافظة أبين لتنظيم القاعدة، وكان هدفه من كل ذلك إرباك الثورة الشعبية ضده، وتخويف المجتمع الدولي من مآلاتها، من خلال التلويح بورقة الجماعات الإرهابية والطائفية.
ثم برز التحالف بين جناح المخلوع صالح في حزب المؤتمر وجماعة الحوثيين أثناء جلسات مؤتمر الحوار الوطني، وذلك لتطابق رؤى الطرفين بخصوص بعض القضايا التي نوقشت في مؤتمر الحوار، وعلى رأسها فكرة نظام الأقاليم الفيدرالية، وهي الفكرة التي لم ترُق للمخلوع صالح والحوثيين، وكلٌّ منهم ينظر لها من زاوية مصلحته الشخصية ومشروعه الضيق.
يرى المخلوع صالح بأن الفيدرالية ستحرمه وتحرم عائلته من الهيمنة الكاملة على البلاد، وستعيق مشروع التوريث، بينما يراها الحوثيون بأنها ستعيق مساعيهم لإعادة نظام الإمامة ولو بثوب جمهوري، ومن هنا برز التحالف بين الطرفين للانقلاب على السلطة الشرعية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وكل طرف أراد استثمار تحالفه مع الطرف الآخر ليتمكن من تحقيق مشروعه الضيق.
وبسبب تباين مشروع كل منهما، فقد ظهرت الخلافات بينهما رغم أنهما لم ينتصرا بعد في الحرب، بل فقد خسرا كثيرًا من المناطق التي كانا يسيطران عليها، ويدركان أن مشاريعهما للسيطرة على اليمن بكاملها لا يمكن أن تتحقق في ظل الواقع الجديد، وما يشهده من تغيرات على مستوى الإقليم، وكذلك تقلبات العلاقات والتحالفات الدولية، وتأثير البعد الطائفي لطبيعة الصراع، واستمرار التدخل العربي في الحرب اليمنية، والمساند للسلطة الشرعية، فضلًاً عن حالة التوازن العسكري داخل البلاد، والتي ستكبح مشاريع التوريث وعودة الإمامة.
- خلافات وإهانات
هناك العديد من العوامل التي أسهمت في توثيق التحالف بين جناح المخلوع علي صالح في حزب المؤتمر وجماعة الحوثيين، مثل التجانس المذهبي والروابط القبلية والتعصب المناطقي، وهي عوامل تنمو كالعادة في أية بيئة ينتشر فيها الجهل على نطاق واسع، لكن هذه العوامل لم تصمد كثيرًا، بسبب بروز البعد العنصري لدى جماعة الحوثيين، والتي يتعامل قادتها الذين يدعون "النسب الهاشمي" باستعلاء مع بقية الفئات المساندة لهم، ويصفونها بوصف عنصري ينم عن احتقار وازدراء، وهو وصف "زنابيل"، مقابل وصف "قناديل" الذي يطلقه مدعو "النسب الهاشمي" على أنفسهم.
تعمدت جماعة الحوثي إقصاء المؤتمريين من وظائفهم في مناطق سيطرتها، الذين تصفهم بـ"الزنابيل"، بشكل تدريجي، وإحلال موظفين آخرين مكانهم من الجماعة الذين يطلقون على أنفسهم "قناديل"، وترافق ذلك مع إهانات متعمدة للمؤتمريين من أتباع المخلوع صالح، وانتقل بعدها الصراع من المؤسسات الحكومية إلى وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، وتبادل الشتائم، وتحميل كل طرف للطرف الآخر مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية الخدمات العامة، وأيضًا تحميل كل طرف للطرف الآخر مسؤولية هزائم المليشيات الانقلابية في عدة جبهات، فضلًا عن التهم المتبادلة بممارسة الفساد والنهب.
وبعد أن تزايدت شكاوى وأنين أتباع المخلوع صالح من اضطهاد وإقصاء جماعة الحوثيين لهم، وبدأ البعض منهم بمغادرة البلاد، ابتكر المخلوع علي صالح فكرة "المجلس الانتقالي"، ثم ما أسماها "حكومة الإنقاذ"، من أجل تقاسم السلطة مناصفة بين أتباعه وأتباع الحوثي، لكن كل ذلك لم يعد مجديًا، مما دفع بالمخلوع صالح إلى محاولة ترميم شتاته من خلال تكثيف ظهوره الإعلامي، وعقد اجتماعات مع مناصريه بوصفها اجتماعات تنظيمية لحزب المؤتمر، فضلًا عن حملة فتح باب العضوية في الحزب في مختلف المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون.
تسببت الحملة التنظيمية لجناح المخلوع صالح في حزب المؤتمر في إزعاج زعيم المليشيات الانقلابية عبدالملك الحوثي، الذي سخر منها في خطاب له بقوله إن البعض يمارس النشاط السياسي الحزبي وكأن البلاد مقبلة على انتخابات وليست في حالة مواجهة مع ما وصفه بـ"العدوان".
كما أن استعدادات المخلوع صالح وأتباعه للاحتفال بذكرى تأسيس حزب المؤتمر، والتي تصادف يوم 24 أغسطس، أزعجت جماعة الحوثيين، وبدأ نشطاء حوثيون بمهاجمة الفعالية المرتقبة يوم 24 أغسطس، وفهموها بأنها تأتي ضمن سياق محاولات المخلوع صالح لاستعادة شتاته واستقطاب أنصار جدد تحت لافتة حزب المؤتمر، بعد أن نجح الحوثيون في التمدد واستقطاب أتباع المخلوع إلى جانبهم، وطال ذلك الاستقطاب عددًا كبيرًا من قيادات وجنود قوات "الحرس الجمهوري" التي شكلها علي صالح كقوات لحراسة وحماية مشروعه العائلي (التوريث).
وتنذر الخلافات المتزايدة بين جناح المخلوع صالح في حزب المؤتمر وجماعة الحوثيين بنشوب مواجهات عسكرية دامية بينهما، إلا أن ما يعيق أو يؤجل هذه المواجهات، هو استمرار الحرب التي تشنها السلطة الشرعية وحلفائها ضد الانقلابيين، بمساندة فاعلة من دول التحالف العربي بقيادة السعودية، وإذا ما قدر للانقلابيين الانتصار في المعركة، فإن الحرب ستنشب بينهما فورًا، لأن كل طرف منهما يسعى إلى الاستئثار بالسلطة بمفرده، ولن يقبل بالآخر بالشراكة معه، بسبب التباين بين مشروعي "التوريث" و"عودة الإمامة".
وفي خضم الخلافات المتزايدة بين طرفي الانقلاب (تحالف جناح المخلوع صالح في حزب المؤتمر وجماعة الحوثيين)، بالإضافة إلى الإرث المؤلم لحروب صعدة الست (2004-2010) التي تسبب بها المخلوع صالح، يبدو تحالف الانقلابيين هشًا، ومصيره الانهيار، إن لم تكن المواجهات العسكرية، ولن يستمر إلا في حال توفرت ظروف ملائمة، بصرف النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب.
- مستقبل غامض
لكن السؤال الأهم هو: هل سينجح الحزب في استعادة وحدته وردم الفجوة بين جناحيه؟ وهل سينجح في الحفاظ على بقائه كحزب مؤثر في الساحة اليمنية أم أن مصيره التلاشي والانهيار؟
يبدو وضع حزب المؤتمر اليوم كالتالي: القيادات البارزة في الحزب انضمت إلى جناح الرئيس هادي وأيدت عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، لكن جناح هادي في الحزب ليس لديه قاعدة جماهيرية مؤثرة، بينما القيادات الهامشية بقيت في جناح المخلوع صالح في الحزب، ومساندة للانقلاب وللتحالف مع الحوثيين، ولدى جناح المخلوع صالح في الحزب قاعدة جماهيرية أكثر من جناح الرئيس هادي، لكن ما يحركها هو الولاء والتعصب القبلي والمناطقي للمخلوع، وليس الثقافة السياسية والحزبية، فضلًاً عن الإيمان بالديمقراطية.
وبما أن مهمة القضاء على الانقلاب صارت قضية وطنية مسنودة بدعم إقليمي وبقرارات أممية، فإن المستقبل السياسي لحزب المؤتمر سيترتب على موقفه من هذه القضية، ولهذا، فحزب المؤتمر سيحافظ على حضوره وعلى مستقبله السياسي إذا انصرف كلياً إلى مساندة السلطة الشرعية، والقصد بذلك أن ينشق من تبقى من قيادات الحزب إلى جانب المخلوع، ويعلنوا المساندة للسلطة الشرعية، حتى يظهر المخلوع صالح وحيدًا بدون حزب أو قيادات حزبية تقف إلى جانبه.
أما في حال استمرار تشظي الحزب، وهيمنة المخلوع صالح على مقدرات الحزب وإمكانياته ومقراته ووسائل إعلامه، واحتكار تمثيله واستخدامه كواجهة سياسية، فضلًا عن استمرار تحالفه مع الحوثيين، فإن ذلك يعني أن حزب المؤتمر ربط مصيره بمصير جماعة الحوثيين، وهي الجماعة التي يستحيل أن يقبل الشعب اليمني أن تحكمه، بسبب مشروعها الإمامي العنصري، وعدم إيمانها بالنظام الجمهوري وبالديمقراطية والحزبية والانتخابات وحرية الإعلام والتداول السلمي للسلطة.