الجمعة 15-11-2024 06:38:15 ص : 14 - جمادي الأول - 1446 هـ
آخر الاخبار

إعلام الإصلاح في قلب المعركة

الأربعاء 13 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت - وليد الراجحي

 

 

كان إعلام الإصلاح ولا يزال في قلب المعركة الوطنية، لنقل الحقيقة بكل شفافية ومصداقية ووضوح للرأي العام، كما كان -ولا يزال- صوت المواطن، والمعبر عن همومه وتطلعاته، ومع المصلحة الوطنية العليا مهما كانت التضحيات، وإزاء موقفه الصادق ودوره الفاعل كان أحد أهم أهداف المليشيات الإرهابية وأعداء الحقيقة والإعلام.

وقدم الإعلام الإصلاحي -مؤسسات وأفرادا- فاتورة باهظة وتضحيات كبيرة في المعركة الوطنية ضد المشروع الإيراني وأدواته ممثلة بمليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، ولا تختلف المليشيات الأخرى التي جاهرت مبكرا باستهداف الإعلام الإصلاحي، بما فيها في المناطق المحررة إذا ما تحدثنا عن السنوات الأخيرة.

وقدم إعلام الإصلاح تضحيات جمة ومتعددة، حيث تعرض كأشخاص للاختطاف والإخفاء القسري، والسجن والتعذيب، والقتل، والفصل من الوظيفة العامة، والتهجير والتشريد والتهديد، والنزوح، ناهيك عن المئات الذين تعرضوا للإصابات.

وعلى مستوى المؤسسات كانت مؤسسات الإعلام الإصلاحي أول الضحايا، فقد تعرضت قناة سهيل للقصف الذي أدى إلى احتراق مقرها بما فيه من أجهزة ومعدات، وما إن استعادة القناة عافيتها تعرضت للاقتحام ونهب ممتلكاتها من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية، التي اعتبرتها أول المؤسسات الإعلامية هدافا لها، بعد أن قصفت مبنى التلفزيون والفضائية اليمنية، وليست القناة فقط إنما هي نموذج مما تعرضت له المؤسسات الإعلامية والصحفية التابعة للإصلاح.

وفي أحلك الظروف بعد أن سطت المليشيات الحوثية على المؤسسات الإعلامية والصحفية الرسمية والحزبية والأهلية في صنعاء، التي أرادت أن تغيب صوت الشعب وما يتعرض له، عن الرأي العام المحلي والعالمي، في أحلك الظروف، لم يتوقف الإعلام الإصلاحي كأفراد رغم توقف المؤسسات، فقد كان الإعلام الإصلاحي يواكب الواقع، وينقل الحقيقة والمعاناة والانتهاكات وكذلك المعارك بعد أن شنت مليشيا الحوثي حربها ضد الشعب، واستطاع شباب الإصلاح نقل الحقيقة وكشف زيف وشائعات مليشيا الحوثي التي كانت تزعم سيطرتها على كل البلاد، وتصدى لتلك الأكاذيب ودحضها بالصور والفيديوهات في أكثر من جبهة، ذلك الحضور في قلب المعركة الوطنية في مواجهة مليشيا الحوثي، كان له كلفة كبيرة، سيما وأن نهج المليشيات السلالية الإمامية خاضت حربا بالتوازي مع المعركة العسكرية ضد الإعلام، ولا يمكن لمن يوثق أو يتحدث عن الإعلام اليمني خلال سنوات الحرب أن يتجاوز أو يغفل تضحيات إعلام الإصلاح، أو يجد من يضاهيه في التضحية أو خوض المعركة الإعلامية سواء مؤسسات أو أشخاص، عندما نتحدث عن تضحيات الإعلام اليمني لا يمكن أن تتجاوز أسماء وقامات إعلامية إصلاحية كبيرة بتضحياتها، بدءّا من الصحفي جمال الشرعبي، مرورا بجريمة احتجاز الصحفيين عبد الله قابل ويوسف العيزري من قبل مليشيا الحوثي التي وضعتهما كدروع بشرية في عملية إجرامية غير مسبوقة، أودت بحياتهما وهما في ريعان الشباب، وبداية مشوارهما الإعلامي، كمراسلين لقناة سهيل ويمن شباب.

جسد شهداء إعلام الإصلاح خارطة اليمن من أقصاه إلى أقصاه، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ولذلك حينما نتذكر جانبا من تضحيات الإصلاح لا يمكن أن نتجاهل أو نغفل ارتقاء البطل عبد الكريم مثنى مؤسس أول إذاعة رسمية في مأرب، وهو أول صحفي استشهد بمأرب في ٢٠١٥، ولا يمكن أن تتعدى مأرب أو تسمع أو تقرأ عنها ويغيب عنك الدور الإعلامي للشهيد عبد الله القادري في مأرب، ولا ننسى دور الشهيدين عبد السلام السعيدي وصالح الثابتي وغيرهم من أبناء مأرب، وفي محافظة الجوف لا يذكر الإعلام ولا يمكن أن تشاهد صورة أو مقطع فيديو أو خبرا إلا وكان للشهيد مبارك العبادي بصمة فيه، وحينما تفتش عن أخبار معركة شبوة ستجد بصمة وحيدة في معاركها للشهيد البطل أحمد المصعبي الذي اغتالته رصاصة حوثية أثناء تغطيته للمعارك على حدود البيضاء، وما إن تقترب من جبهة البيضاء إلا وتجدها مخضبة بدم الشهيد الإعلامي الحمزي، وإن اتجهت جنوبا سيحدثك الناس وتحتفظ الذاكرة الصحفية بابن الضالع الصحفي الشهيد زكي السقلدي، ولا يمكن أن ننسى الصحفي خباب عواض ابن أرحب محافظة صنعاء، وأبطال تعز وعيونها على الحقيقة أواب الزبيري والعبسي، والجرباني في حجة، وقائمة تطول من شهداء الإصلاح.

على امتداد الجغرافيا اليمنية سكب الإعلام الإصلاحي دمه، وهذا ليس منا من الإصلاح بل يرى أنه واجب وطني.

ووفقا لإحصائيات رسمية فإن إعلام الإصلاح كأفراد ومؤسسات تعرض لقرابة ألف انتهاك توزع بين حالة القتل والإصابات والاعتداءات والاختطاف والإخفاء القسري والفصل من الوظائف وكذلك مصادرة منازل، وتهجم على بيوت ونهب قرابه ٣٠ مؤسسة إعلامية إصلاحية، وحجب العشرات من مواقعه على الإنترنت، ناهيك عن نزوح المئات من الصحفيين والإعلاميين.

لم يقتصر دور إعلام الإصلاح على التغطية ونقل الحقيقة وتوثيق المعارك والبطولات التي كان لها الأثر الكبير في تغيير سير المعركة وبث روح المقاومة في أوساط المجتمع، وكشف زيف وتضليل الإعلام الحوثي وأكاذيبه، بل كان له دور توعوي وتعبوي وثقافي، من خلال البرامج الوطنية، وإعادة التذكير بشهداء ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، وكذلك من خلال تبني برامج تلفزيونية ومقالات وتقارير صحفية وكثير من الأنشطة والفعاليات التي بينت حقيقة الإمامة والسلالة والكهنوت، وكشفت حقبها المظلمة للشعب، وكل ذلك ساهم في تحصين المجتمع من أفكار تلك المليشيات، وأضعف الاستجابة لها، وكان الإعلام الإصلاحي باكورة الإعلام المقاوم في الميدان، وكان لتقارير عبد الإله البوري الميدانية، وعدسة فهد العيال في مأرب ونهم والجوف وشبوة، أثر كبير وملموس تضع الرأي العام في قلب الحدث.

كان لإعلام الإصلاح الجهد الأكبر في تعزيز ثقافة الدولة وزرع ثقه الناس بها، وشكل ذلك أهمية كبيرة في تعزيز ثقة الناس بالدولة في ظل تكاثر المليشيات هنا وهناك، وساهم ذلك في عدم انخراط الكثير من أبناء المجتمع في صفوف المليشيا.

ولا أعني هنا أن الإعلام الإصلاحي كان كل شيء، وأغفل دور وجهود الإعلام الأهلي في المعركة، لكني هنا في معرض الحديث عن الإعلام الإصلاحي حاولت أن أركز على جانب من ذلك الدور الإعلامي في المعركة، باعتباره أكثر وسائل الإعلام ومؤسسات وأشخاص تعرضوا للانتهاكات، ورصد تقرير صادر عن الدائرة الإعلامية للإصلاح، قبل ثلاثة أعوام، تعرض الإعلام الإصلاحي لـ 767 حالة انتهاك، مما أسفر عن استشهاد 19 صحفيًا وإعلاميا وإصابة 23 آخرين، وتعرض 22 إعلاميًا للاختفاء القسري، اختطفت المليشيا الحوثية 120 إعلاميًا إصلاحيًا وتعرضت منازل إعلاميين للهجوم واحتلال منازل آخرين، وتوفى رئيس دائرة الإعلام والثقافة بالبيضاء مختار النقيب، بعد أسبوع تقريبا من تهديد المليشيا بمصادرة منزله رغم نزوحه منه في ٢٠١٥، وفصل 37 إعلاميًا من وظائفهم، ونهب 22 مؤسسة إعلامية إصلاحية.

كما تم حجب 17 موقعًا إخباريًا إصلاحيًا على الإنترنت، وتعرض 54 إعلاميًا إصلاحيًا للتعذيب أثناء احتجازهم. ونتيجة لهذه الاستهدافات، نزح قرابة 200 إعلامي إصلاحي من محافظاتهم إلى داخل وخارج اليمن، وفق إحصائية لدائرة إعلام الحزب.

ورغم كل التحديات يبقى الإعلام الإصلاحي مواصلا لرسالتك الوطنية السامية، المناهضة للمليشيات الإرهابية وفكرها المتطرف الدخيل، ومقاوما لعملية التجريف الذي تتعرض له الهوية اليمنية، حريصا على أن تكون رسالته تحشد الجهود وتلملم الشتات وترص الصف الوطني على طريق استعادة الدولة.