فيس بوك
جوجل بلاس
رئيس الإصلاح بالمهرة: الاحتفال بـ14 أكتوبر رسالة واضحة على تمسك الشعب بمكتسباته الوطنية
أحزاب تعز تشدد على قيام الرئاسي والحكومة بإصلاح الوضع الاقتصادي والمعيشي وحشد الطاقات لمعركة التحرير
بالطيف: سبتمبر وأكتوبر محطتان رئيسيتان في الكفاح اليمني ضد الاستبداد والاستعمار(حوار)
ندوة سياسية للإصلاح بشبوة تدعو السلطة المحلية والمكونات الى تغليب مصلحة المحافظة
النائب العليمي: 14 أكتوبر ثورة عظيمة خاض الشعب لتحقيقها نضالاً شاقاً نحو الاستقلال والحرية
التحالف الوطني للأحزاب: 14 أكتوبر حدثاً ملهماً وماضون في الانتصار لمكتسبات الثورة اليمنية
ثورة 14 أكتوبر المجيدة.. تضحيات اليمنيين بين نضالات التحرير ووحدة المصير
رئيس إعلامية الإصلاح: 14 أكتوبر يعني التحرر من الوصاية والخلاص من الفرقة والتجزئة
أن تتواجد في مناطق سيطرة مليشيا الحوثيين الإرهابية ستجد أن أجواء الحرب حاضرة في كل مكان، فصور قتلى المليشيا وشعارات القتل وسفك الدماء تغطي الجدران والشوارع العامة والمؤسسات الحكومية كالمدارس والجامعات، وستجد زوامل الحرب والموت من المظاهر اليومية التي تحاصرك في كل مكان، وخطب الجمعة في المساجد التي تسيطر عليها المليشيا كلها تحريض على القتل والعنف، وكذلك تفعل وسائل إعلام المليشيا التي تبث خطابا تعبويا على مدار الساعة، تمجيدا للقتال والدعوة إليه ونشر ثقافة الكراهية والعنف والقتل والإرهاب، وستشاهد جنازات قتلى المليشيا تعود يوميا من جبهات الحرب، كما تتدخل المليشيا في كل خصوصيات المواطنين.
هذه الحالة التعبوية اليومية لا تعكس قوة المليشيا، وإنما تعكس ضعفها وعدم ثقتها بذاتها، فهي تعيش مخاوف من اندلاع ثورة شعبية ضدها، لذلك فهي تبالغ في صبغ مظاهر الحياة اليومية بلون الدم ورائحة البارود، لقهر المجتمع وكبته وممارسة الضغط العنيف عليه، وتحميله فاتورة الحرب كاملة، وأيضا تحميله فاتورة الثراء الشخصي لقيادات المليشيا، ومواصلة ضرب قوة المجتمع بمختلف الوسائل، ومحاولة إجباره على الاستسلام الدائم، ولأجل ذلك حاصرت المواطنين بالسجون السرية والاعتقالات العشوائية والمحاكمات العبثية والأحكام الجائرة ونشر الجواسيس والمبالغة في إحكام القبضة الأمنية الحديدية على المجتمع.
كما تحولت المليشيا الحوثية إلى وكر لعصابات النهب والأشخاص الساديين وغير الأسوياء الذين وجدوا في تلك المليشيا مظلة للثراء الحرام وقمع المجتمع، كل ذلك لتجعل المليشيا المجتمع يشعر بأنها قوية ولديها مخالب إجرامية للبطش والتنكيل بكل من سيحاول الثورة ضدها أو مجرد الاعتراض على ممارساتها الإرهابية، لاسيما أن تعدد العصابات الإجرامية داخل المليشيا، أوجد تجانسا سلوكيا وأخلاقيا بين جميع أجنحة المليشيا، مما خلق شبكة كبيرة ومعقدة من ذوي المصالح الذين ينتشرون في جميع المدن والقرى التي تسيطر عليها المليشيا، ويمارسون السلب والنهب الذي يشمل المنازل والأراضي والمزارع ومؤسسات القطاع الخاص والإتاوات الطائلة باسم "المجهود الحربي" و"المساهمات المجتمعية".
- العنف كوسيلة للحكم والقهر
تعتمد مليشيا الحوثيين الإرهابية العنف كوسيلة لحكم المجتمع وقهره وإذلاله كي لا يثور ضدها أو يطالبها بأداء وظيفتها الاجتماعية كسلطة أمر واقع، وتعتقد أن العنف ضد المواطنين سيحمي سلطتها من أي انتفاضة شعبية، وللإيغال في قهر المجتمع تعمل المليشيا على تجريف الشخصيات والقيادات المجتمعية والنخب العلمية والمثقفة والأكاديميين، فكل من لا يعمل لخدمتها مصيره الاعتقال والسجن إذا لم يغادر مناطق سيطرتها قبل أن يداهمه الخطر، ولذا فإن إفراغ المجتمع من الشخصيات المؤثرة أو القيادية يجعل المجتمع تحت سيطرة المليشيا.
سلطة الإكراه والعنف الحوثية تمثل نتيجة طبيعية لسلوكها العدواني العنيف والإرهابي، كونه نابع من طبيعتها البدائية وغياب تأثير التفكير العقلي ونقص التربية، لأن التربية والتعليم والخبرة تنتج نقلات اجتماعية وسياسية تدريجية تنقل صاحبها من سلوك المليشيا البدائي الغريزي والهمجي في السيطرة والحكم إلى مرحلة الدولة ومؤسساتها الدستورية.
بيد أن ما يحصل في مناطق سيطرة الحوثيين عكس ذلك، فالدولة أصبحت مغيبة تماما بنظمها وهياكلها الإدارية، لصالح من يسمونهم "المشرفين" وغيرهم من أعضاء الهيكل التنظيمي للمليشيا الإرهابية، وهذا طبيعي بالنسبة لمليشيا تتصف بسلوك غريزي من الصعب التخلي عنه، لأنها مجرد قوة عارية تراكمت نتيجة أخطاء تاريخية وسياسية، ولذلك فهي لا تستطيع البقاء إلا اعتمادا على العنف وبث الرعب والخوف والإكراه بالتهديد والعنف وإشعال الحروب وسفك الدماء كوسيلة للبقاء، ومن دون ذلك فلا مجال لها للحضور في الفضاء العام.
ونتيجة لكل ما تتصف به المليشيا الحوثية من سلوك إرهابي عدواني وإقصائي بدوافع عنصرية سلالية، فإنه من الصعوبة التعايش معها تحت أي مسمى، لأن دافعها العدواني ضد الآخرين لا يمكنها التخلي عنه كسلوك غريزي بحت، إذ ستظل تفتعل الحروب والأزمات ومحاولة قهر المجتمع وإخضاعه لطريقة حكم غير سوية وعديمة الأخلاق، لاسيما أنها ترى السلطة والثروة ملكية خاصة بها وفق ما تعتقد أنها توجيهات وأوامر إلهية، وترى أن حكم الآخرين ونهبهم وقتالهم مسألة تعبدية وجهاد دفاعا عن الملكية الخاصة بها.
- النهب وسيلة للقهر والثراء الحرام
تتعدد وسائل مليشيا الحوثيين لقهر المجتمع، ومنها نهب الممتلكات العامة والخاصة، وأيضا نهب الرواتب، بل فكل شيء عرضة للنهب، بما في ذلك المساعدات الغذائية المقدمة من الخارج، كما أنها تنهب أقوات البسطاء والفقراء من أفواههم تحت مسمى "المساهمات المجتمعية" و"المجهود الحربي"، ومن لا يجد طعاما لتنتزعه المليشيا من فمه، يكون البديل تسليم أحد أبنائه للقتال في صفوف المليشيا، وحدث قبل أيام أن طردت المليشيا الحوثية عددا كبيرا من طلاب المدارس في محافظة إب وحرمتهم من الدراسة بمبرر رفضهم دفع الإتاوات التي أقرتها على أطفال المدارس تحت مسمى "المساهمات المجتمعية".
لقد حملت المليشيا الحوثية المواطنين في مناطق سيطرتها فاتورة الحرب كاملة، من أقواتهم ودمائهم، وحملتهم أيضا فاتورة الثراء الشخصي لقياداتها، ولم تكتفِ بنهب رواتب الموظفين ولا نهب القطاع الخاص وصغار التجار والمزارعين، وإثقال كاهل المواطنين من خلال الضرائب الباهظة التي يضيفها التجار فوق الأسعار للمستهلك، واحتكار تجارة المشتقات النفطية والغاز المنزلي وبيعها بأسعار مضاعفة في السوق السوداء، وإنما عمدت مؤخرا إلى نهب المواطنين البسطاء مباشرة من خلال فرض إتاوات بذريعة دعم المجهود الحربي والمساهمات المجتمعية، كما أنها في مواسم حصاد الذرة ترسل السعاة إلى الأرياف لجمع الذرة من المواطنين، كما كان يفعل الأئمة قديما، ولم تستثنِ حتى الموظفين العاطلين عن العمل الذين نهبت رواتبهم طوال السنوات الماضية، إذ تطالبهم بدفع الإتاوات والذرة في مواسم الحصاد، كما تطالبهم بدفع الزكاة في رمضان.
- إرهاب ومظالم بلا حدود
تتعدد المظالم في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية الإرهابية بشكل مفزع، ومعظم تلك المظالم لا تصل إلى وسائل الإعلام ولا إلى المنظمات الحقوقية، لاسيما في القرى والأرياف التي لا تتوفر فيها خدمة الإنترنت، ولا يوجد فيها ناشطون حقوقيون أو إعلاميون ينقلون معاناة المواطنين جراء تلك المظالم، ولا يستطيع المواطنون فيها إيصال أصواتهم إلى وسائل الإعلام، بسبب الجهل وعدم القدرة على التواصل مع وسائل الإعلام، وأيضا التعتيم الإعلامي الذي يفرضه الحوثيون، وتهديدهم المستمر لذوي الضحايا باتخاذ إجراءات عقابية صارمة في حال وصلت مظالمهم إلى وسائل الإعلام أو إلى المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
كما أنها تبتز ذوي الضحايا بالقول إن تسرب قضايا ذويهم إلى وسائل الإعلام سيؤثر على إجراءات الإفراج عنهم، وبعض مظالم يعدها المواطنون من العيب ولا يستطيعون الإفصاح عنها، مثل اختطاف الفتيات وابتزاز ذويهن بمبالغ مالية باهظة للإفراج عنهن بعد تلفيق تهم لهن تمس سمعتهن وأخلاقهن، وأيضا الزواج بالإكراه، وغير ذلك من المظالم والمآسي.
- القبضة الأمنية الحديدية
تحكم مليشيا الحوثيين المواطنين في مناطق سيطرتها بقبضة أمنية حديدية، وتتضخم أجهزتها الأمنية القمعية يوما بعد آخر، لتوحي للمواطنين بأنها قوة ضاربة، لشعورها بأن السخط الشعبي يتزايد ضدها، وأنه في حال اندلعت ثورة شعبية ضدها فلن يمكنها الصمود أمامها، لأن المنتسبين إليها كان دافعهم لذلك الاتخاذ منها مظلة للنهب والسلب والتسيد على الآخرين، أي أنهم أهل مصالح وليسوا مستعدين للتضحية بأنفسهم من أجل المليشيا في حال اندلاع ثورة شعبية واسعة ضد تلك المليشيا العنصرية.
ولإحكام قبضتها الأمنية الحديدية، فقد أوصلت المليشيا الحوثية ما تسميها "المربعات الأمنية" إلى الأرياف، بعد أن كانت حصرية بالمدن التي تسيطر عليها، والهدف من ذلك تشكيل تنظيم هرمي لعناصرها الذين يتولون مهمة نهب ممتلكات المواطنين، بمن فيهم المزارعون وأصحاب المواشي، وبما أن بعض من حاولت المليشيا تعيينهم كـ"مشرفين" في المربعات الأمنية رفضوا تلك المهمات، فقد أوكلتها إلى آخرين من البلاطجة الذين اندفعوا لممارسة البلطجة والنهب الذي يحدث نهارا جهارا تحت شعار "المساهمات المجتمعية" و"المجهود الحربي".
وهكذا يظل الهاجس الأمني والخوف من المواطنين الساخطين الشغل الشاغل للمليشيا، التي تدرك أنها مرفوضة ومكروهة من المواطنين، وأن مسألة المواجهة المباشرة آتية لا محالة، وكل إجراءاتها القمعية هي محاولات لإضعاف المجتمع وإذلاله وقهره، لكن ذلك يأتي بنتائج عكسية، فحالة السخط والغضب ومشاعر الكبت ودوافع الثورة والانتقام هي الكامنة والآخذة في الانتشار، وساعة الصفر آتية لا محالة، لأن ذلك ما تقتضيه طبيعة الصراع، فالنفس البشرية بطبيعتها تأبى الذل والخضوع، وتظل تتحين الفرصة المناسبة للتخلص من عثرتها وكبوتها والوثوب على الخصم الطاغية الذي أذاقها الويل والفتك به.
إذن تعتمد مليشيا الحوثي على القبضة الأمنية الحديدية لحماية سلطتها والحفاظ على وجودها، فهي تدرك مدى السخط الشعبي ضدها، وتدرك جيدا أنه لن يستقر لها المقام في السلطة إلى الأبد، وأن الخطر ضدها قائم، فهناك الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وهناك تدخل عسكري خارجي مساند للسلطة الشرعية ضدها، وهناك أيضا رجال المقاومة الشعبية الثائرين ضد المليشيا الحوثية، وإذا حانت اللحظة الحاسمة، ستكون المليشيا الحوثية غير قادرة على مواجهة الجميع، ولن تجد حاضنة شعبية في أوساط المجتمع الذي تذيقه اليوم الويلات، بل إنه سيتشجع وسيثور ضدها.
- الحياة لا تطاق تحت جحيم المليشيا
لقد أصبحت حياة المواطنين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية الإرهابية جحيما لا يطاق، بسبب توحش المليشيا واستبدادها وطغيانها، لدرجة أن المواطن البسيط لم يعد يطالب المليشيا براتب أو مشاريع خدمية أو أي منفعة، وصار حلمه الوحيد أن يسلم من شرها، لاسيما أن حوادث القتل والعنف والإرهاب والاعتقالات والإخفاء القسري والتعذيب في السجون وأحكام الإعدام هي النمط اليومي السائد في مناطق سيطرة تلك المليشيا، كل ذلك يحدث وسط صمت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان.
ونتيجة لما سبق، صار كل مواطن في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية يترقب متى سيأتيه الدور، مما يزيد من مشاعر الكراهية والسخط ضد المليشيا، والجميع يترقبون لحظة الخلاص منها، وعندما تحين تلك اللحظة، ستضيق الأرض بتلك المليشيا، وستتضح كذبة الحاضنة الشعبية، التي تتوارى خلفها المليشيا الحوثية، لإخفاء ضعفها وعجزها وقلقها الدائم من المجتمع، لذلك فهي تمعن في إخماد أي انتفاضة محدودة ضدها، خشية أن يتسع نطاقها، وتكون كالشرر الذي يشعل النار التي ستلتهم المليشيا المنبعثة من ظلام الكهوف ومزابل التاريخ.