الأربعاء 08-05-2024 04:58:24 ص : 30 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

التجمع اليمني للإصلاح.. محطات في مسيرة الكفاح الوطني (2-3)

الإثنين 26 سبتمبر-أيلول 2022 الساعة 02 مساءً / الإصلاح نت - خاص
 

 

كان التجمع اليمني للإصلاح سباقا في التحذير من خطر زحف المليشيا الحوثية الإرهابية نحو العاصمة صنعاء ثم السيطرة عليها، وكان صادما عدم مبالاة بعض النخب الحزبية والمكونات السياسية وبعض وسائل الإعلام بما كان يحدث حينها من انتكاسة كبيرة ستقود البلاد حتما إلى الجحيم.

وبعد أن دخلت مليشيا الحوثيين الإرهابية العاصمة صنعاء، وانقلبت على السلطة الشرعية، واغتالت العملية السياسية، وبدأت بغزو المدن الأخرى للسيطرة عليها، ثم دخول إيران على خط الأزمة وتصريح بعض مسؤوليها بأن صنعاء رابع عاصمة عربية تسقط بيد إيران بعد بغداد وبيروت ودمشق، وأن الإمبراطورية الفارسية عادت وعاصمتها بغداد، ثم اندلاع عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية، كل تلك التطورات شكلت إرباكا كبيرا لمختلف القوى والمكونات اليمنية، وكان مجرد تحديد موقف وطني من تلك التطورات مخاطرة كبيرة في ظل توحش الانقلابيين واستخدامهم العنف والإرهاب في حق من يقف في وجوههم.

ورغم اللحظات الحرجة تلك، لكن التجمع اليمني للإصلاح كان له مواقفه الوطنية منذ بداية تلك التطورات، وما يزال متصلبا حول مواقفه، وقدم تضحيات كبيرة في سبيل ذلك وما يزال يقدم التضحيات تلو التضحيات، وكانت المكتسبات الوطنية، كالجمهورية والديمقراطية والوحدة، بمنزلة البوصلة التي على ضوئها يحدد مواقفه، دون الالتفات للحسابات السياسية الضيقة وتربص البعض به.

- موقف مبكر رافض للانقلاب الحوثي

عندما خرج الحوثيون من كهوفهم وسيطروا على محافظة صعدة، عام 2011، حاولوا في العام التالي، 2012، السيطرة على محافظة حجة بهدف الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، والسيطرة على ميناء ميدي، حسب إملاءات ملالي طهران، لاستخدامه في تهريب الأسلحة والأموال من إيران، وأيضا تهريب الحشيش والمخدرات وغيرها، إلا أن انتفاضة قبائل حجة كبدت مليشيا الحوثيين خسائر فادحة، ولم تتمكن المليشيا من السيطرة على المحافظة إلا بعد الانقلاب ودخولها العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.

حينها كان حزب الإصلاح أبرز مكون سياسي يمني يدين اعتداء مليشيا الحوثيين الإرهابية على المدنيين وارتكاب جرائم فظيعة بحقهم تشمل القتل والتهجير وتفجير المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم وتلغيم منازل المدنيين بعد تهجيرهم منها وتفجير البعض الآخر، بالإضافة إلى نهب الممتلكات وإحراق المزارع، وغير ذلك من الممارسات الإرهابية، وكانت وسائل إعلام الإصلاح توثق تلك الجرائم وتطلع الرأي العام عليها.

ومنذ ذلك الحين، بدأ الحوثيون ينظرون لحزب الإصلاح كخصم رئيسي لهم، وباتوا مقتنعين تماما بأن مشروعهم السلالي الطائفي والعنصري لن ينجح في ظل وجود حزب الإصلاح، لذلك ركزوا جهودهم ضده منذ بداية الانقلاب وحتى اليوم باعتباره أكبر عقبة أمام المشروع السلالي هو والمكونات الوطنية الأخرى الرافضة للانقلاب السلالي الدموي والكهنوتي.

لقد حدد حزب الإصلاح موقفه مبكرا من محاولات المليشيا الحوثية الانقلاب على الدولة وإرهاب المجتمع، كما حدث في محافظات حجة والجوف وعمران قبل أن تسيطر المليشيا على العاصمة صنعاء، وظل يدعو إلى إنهاء أعمال التمرد والجلوس إلى طاولة الحوار وتجنيب البلاد ويلات الاقتتال والحرب الأهلية.

بيد أن المليشيا الحوثية كانت قد حسمت أمرها بالارتهان الكامل للمشروع الإيراني التخريبي في المنطقة العربية، ولم تجدِ معها كل محاولات التهدئة، وزاد من صعوبة الأمر أن الجيش الذي كان يفترض به حماية العاصمة صنعاء بقي في موقف المتفرج، وفي نفس الوقت كانت بعض القوى السياسية تتعامل مع تلك التطورات باستهتار، رغم أن الدولة اليمنية تتداعى أركانها أمام الجميع، والمحاولات الحوثية الكهنوتية بإعادة التاريخ إلى الوراء واضحة المعالم.

وحينذاك دخلت المليشيا الحوثية أمانة العاصمة من دون أي مقاومة، وبدأت بالسيطرة الشكلية على المعسكرات والمؤسسات الحكومية، قبل أن تتمكن من إحياء النعرات المناطقية والطائفية وخلط جميع الأوراق، وبدأت بترسيخ انقلابها وسط مواقف صادمة وغير متوقعة من قبل بعض المكونات السياسية والنخب الحزبية وبعض قيادات الدولة وبعض وسائل الإعلام التي كانت ترحب بدخول الحوثيين العاصمة صنعاء، والانقلاب على السلطة الشرعية، وتصوير الأمر بأنه مجرد صراع بين حزب الإصلاح ومليشيا الحوثيين، رغم إدراك الجميع أن الإصلاح حزب سياسي مدني ليس لديه جناح عسكري ولا يمتلك ألوية عسكرية وأسلحة خاصة به.

ويبدو أن تلك التغطيات الإعلامية كانت ضمن خطة ممنهجة تهدف إلى التلاعب بعقول الجماهير وتضليلها وتجميل الانقلاب الحوثي، ووصف المليشيا الحوثية بـ"الجماعة الفتية" التي ظهرت للقضاء على من يصفونها بـ"القوى التقليدية"، رغم أن المليشيا الحوثية جاءت من رحم الحكم الإمامي العنصري السلالي الذي بدأت معالمه الأولى قبل 12 قرنا، بينما عمر التعددية السياسية والحزبية في اليمن لا يتجاوز ربع قرن حتى ذلك الحين.

- تشكيل المقاومة الشعبية

لم يقف حزب الإصلاح موقف المتفرج عندما رأى مليشيا الحوثيين -بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء- تسعى للسيطرة التدريجية على مختلف محافظات البلاد، ولكنه وجه منتسبيه وأنصاره بالتصدي للمليشيا الحوثية وحشد رجال القبائل لمقاومة المليشيا وتوعيتهم بخطر عودة الإمامة، فتشكلت المقاومة الشعبية على عجل وبإمكانيات بسيطة لكنها كانت فعالة ومؤثرة.

وبرزت في بداية الحرب ضد الانقلاب أسماء قادة إصلاحيين كان لهم الدور الأكبر في توعية الجماهير بخطر انقلاب المليشيا الحوثية الإرهابية وعودة الإمامة والدعوة لمواجهتها والدفاع عن الدولة، مثل: الشيخ علي بدير في محافظة إب، والشيخ حمود المخلافي في محافظة تعز، والشيخ الحسن أبكر في محافظة الجوف، والشيخ علي فلات في محافظة حجة، والأستاذ نائف البكري في العاصمة المؤقتة عدن، وغيرهم الكثير لا يتسع المجال لذكرهم وفي محافظات عدة وصلت إليها مليشيا الحوثيين الإرهابية، وقد استشهد عدد كبير من قيادات ومنتسبي حزب الإصلاح دفاعا عن الوطن وأمنه واستقراره ودفاعا عن الجمهورية والديمقراطية والتصدي للنفوذ الفارسي في اليمن والمنطقة.

- تأييد عاصفة الحزم

وبعد اندلاع عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، ترقب كثيرون موقف الإصلاح منها، خاصة بعد أن وصفت مليشيا الحوثيين وحلفاؤها التدخل العسكري بأنه "عدوان" على اليمن، ووصفوا من سيؤيده بـ"الخائن" و"العميل"، وتوعدوا بمحاكمته، وطلب تحالف الانقلابيين من حزب الإصلاح إدانة التدخل العسكري بقيادة السعودية ووصفه بالعدوان، مقابل الإفراج عن معتقليه السياسيين وإشراكه في السلطة.

بيد أن الإصلاح أبى إلا أن يكون سندا للسلطة الشرعية ومتحالفا معها، وأبدى ترحيبه بالتدخل العسكري العربي بقيادة السعودية للقضاء على الانقلاب الحوثي وإعادة السلطة الشرعية إلى العاصمة صنعاء وتقليم مخالب إيران في اليمن، ودفع أنصاره ومنتسبيه وقياداته للانخراط في المقاومة الشعبية والجيش الوطني والتضحية بالغالي والنفيس من أجل الوطن وأمنه واستقراره وحمايته من الوقوع في مستنقع التمدد الفارسي الطائفي التخريبي في اليمن والمنطقة بشكل عام.

وبعد اتساع دائرة الحرب وتعدد جبهاتها، برز حزب الإصلاح كأكبر مكون يمني مساند للسلطة الشرعية، وأكبر تنظيم سياسي يشكل حماية للوحدة الوطنية كونه يتجاوز الانقسامات القبلية والمناطقية والمذهبية وغيرها من الشروخ التي مزقت المجتمع اليمني خلال السنوات الأخيرة، وبنفس الوقت ظل الإصلاح مرحبا بجميع مساعي السلام وإنهاء الحرب.

كلمات دالّة

#اليمن