الإثنين 06-05-2024 23:08:41 م : 27 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

مظاهرات وشعارات تطالب برحيلهم .. بوادر ثورة شعبية لإسقاط المليشيا الحوثية

الثلاثاء 28 مارس - آذار 2023 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص

  

يومًا تلو أخر، تزداد حدة الاحتقانات التي تشهدها عدد من المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، تحمل بوادر ثورة شعبية ضد المليشيا الكهنوتية؛ نتيجة تصرفات هذه العصابة التي خلّفت حالة من السخط الشعبي الرافض لتلك الممارسات منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014.

لعل أبرز تلك المؤشرات، ما شهدته مدينة إب خلال اليومين القادمين، بعد تشييع جثمان الناشط حمدي الخولاني المعروف بـ"المكحل"، والذي قتل على أيدي العصابة الحوثية داخل سجونها، وتحولت جنازته إلى تظاهرة شعبية ضد المليشيا الحوثية، حيث خرج أبناء إب رجالا ونساء لتشييع شهيدهم، صادحة حناجرهم بهتافات: "لا إله الا الله، والحوثي عدو الله".

لقد أثارت جنازة المكحل في مدينة إب، وتفاعل المواطنون معها، سواء في الميدان أو في وسائل التواصل الاجتماعي، أثارت الرعب لدى المليشيات الحوثية، التي قامت بفرض حصار خانق على المدينة القديمة، واختطاف عدد من الناشطين ردا على مشاركتهم في تشييع جثمان زميلهم المكحل، فضلا عن استقدام تعزيزات عسكرية من صنعاء وذمار، تحسبًا لبوادر ثورة شعبية باتت تتوسع بشكل متسارع.

تدرك عصابة الحوثي، أنها خلّفت حالة من السخط الشعبي الرافض لممارساتها، وبدأ المواطنون يدركون بأن الانتفاضة عليها هي السبيل الوحيد لاستعادة دولتهم وحقوقهم المنهوبة، والتحرر من العبودية والابتزاز المتواصل، ولذا تسعى جاهدة للتصدي لأي ممارسات من شأنها أن تسهم في إحداث أي ثورة أو انتفاضة شعبية.

 

بداية مرحلة

"لم تكن جنازة فحسب، بل انتفاضة شعبية واسعة". هكذا وصف اليمنيون جنازة المكحل في مدينة إب، مؤكدين أن جنازة المكحل لم تكن تشييعًا لدفنه فحسب؛ بل بداية لمرحلة جديدة وحاسمة ضد الحوثي، وفرصة مواتية للمضي قدمًا نحو مواجهة عصابة الحوثي الانقلابية، من خلال تلك التظاهرة التي تعد الأقوى منذ سيطرة مليشيا الحوثي على صنعاء في سبتمبر 2014.

ويرى مراقبون، أن خروج الناس في جنازة المكحل بذلك الزخم الكبير، والهتافات التي صدح بها المشيعون من أبناء المحافظة ضد المليشيا، تؤكد رفض الشعب اليمني لهذه المليشيات الإرهابية، والتي باتت تتوسع خيارات الرفض ضدهم يومًا بعد أخر، وأن الثورة الشعبية ستكون هي الفاصلة لاستعادة الجمهورية والقضاء على الإمامة الحوثية.

كما أن جنازة المكحل حددت بوصلة الصراع، وعملت على توحيد الصف الجمهوري في مواجهة المليشيا الانقلابية، حتى باتت إب على موعد مع التاريخ ولن تخلفه أبدا زمانًا ومكانًا بإذن الله، وأن "مدة صلاحية صكوك الولاءات المؤقتة التي أبرمت في لحظة غرر تاريخي، وفي زمن الخيانات والتواطئات، وفشل النخبة، وغياب دور البطل الملهم قد انتهت"، وفقا لتعبير السياسي اليمني عبده سالم.

 

انتفاضة الكرامة

إن التحرك الواسع والانتفاضة الشعبية التي تعيشها محافظة إب، منذ تشييع جثمان الناشط المكحل، هو بداية مرحلة لمحافظة عانت كثيرًا من سطوة المليشيا، وانتهاكاتها التي تنوعت بحق المواطنين بين القتل والإعدام والتصفيات للقيادات السياسية والوجاهات الاجتماعية، وتعذيب المختطفين، وعمليات الاختطاف، وتعذيب المختطفين، وتفجير المنازل وغيرها.

حيث تعد محافظة إب واحدة من أبرز المحافظات اليمنية التي تمارس فيها المليشيا الحوثية جرائمها بشكل مستمر، حتى تحولت المحافظة المسالمة إلى ساحة مفتوحة لمختلف أنواع الانتهاكات والجرائم الحوثية والتي يكتوى بتبعاتها المواطنون الأبرياء في مختلف مديريات المحافظة، وسط غياب تام للمنظمات الإنسانية والحقوقية، ومطالبات محلية ومجتمعية واسعة بالتدخل ووضع حد للانتهاكات والجرائم الحوثية في المحافظة.

وكان تقرير حقوقي، صدر في يناير الماضي قد كشف عن حجم الانتهاكات والجرائم التي تمارسها مليشيا الحوثي في محافظة إب وتزايدها في الآونة الأخيرة بشكل لافت، وبنسبة كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة، حيث كشف التقرير عن ارتكاب المليشيا قرابة (6300) انتهاك وجريمة شهدتها محافظة إب خلال العام المنصرم 2022م، وفقا لتقرير صادر عن منظمة "رصد للحقوق والحريات".

فيما وثق تقرير حقوقي رصدته "منظمة الجند" لحقوق الإنسان، انتهاكات المليشيا في النصف الأول من العام 2021 بواقع أكثر من (700) انتهاك في محافظة إب، ليكشف عن تزايد حدة الانتهاكات من قبل المليشيا في المحافظة مقارنة بالعامين الماضيين 2021-2022م، وهو الأمر الذي يؤكد أن الانتفاضة الشعبية في إب هي انتفاضة الكرامة ضد بغي المليشيا الحوثية، والتي ستتوسع يومًا بعد أخر، ثأرًا لكرامتها، ووفاء لتضحيات شهداءها وقادتها.

 

بوادر ثورة شعبية

الحكومة اليمنية كانت قد أكدت في وقت سابق، أن حالة السخط والرفض الشعبي المتصاعدة ضد مليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران تنبئ ببوادر ثورة شعبية للإطاحة بها.

وقال وزير الإعلام معمر الإرياني، إن الشعارات التي يدونها مواطنون على الجدران في العاصمة المختطفة صنعاء، والتعليقات في مواقع التواصل، وعدم التجاوب مع دعوات التظاهر، وفشل حملات التحشيد للجبهات كلها مؤشرات تعكس حالة السخط والرفض الشعبي المتصاعد لمليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران.

وكانت مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء قد استنفرت عناصرها الأمنيين، بعد ظهور شعارات مكتوبة على الجدران، تطالب برحيلها من العاصمة، التي تسيطر عليها منذ منتصف عام 2014.

حيث فوجئت المليشيا بالشعارات التي ظهرت على جدران عدد من المنازل، المطالبة برحيلهم، إلى جانب حالة الغضب الشعبي الواسعة، التي وصلت حد الانتقادات العلنية للمليشيا وقيادتها، حتى من بعض السياسيين الذين كانوا يؤيدون الانقلاب، ويتبنّون مواقفه طوال السنوات الماضية.

 

غضب مكبوت

لقد كشفت جنازة المكحل وما رافقها من تظاهرات شعبية رافضة للمليشيا الانقلابية، عن الغضب المكبوت في نفوس المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، والذين باتوا ينتظرون الشرارة التي ستشتعل نارًا في وجه المليشيات الحوثية، التي تمارس قبضة أمنية حديدية في مناطق سيطرتها، ولكن ذلك لن يمنع المواطنين من التعبير عن رفضهم لها بطرق وأساليب متعددة.

حيث تتعدد أساليب الرفض من قبل المواطنين لسلوك المليشيات الحوثية، وسط تزايد لافت لحدة الغضب الشعبي المكبوت والمتراكم، والذي قد ينفجر كالبركان في وجه المليشيا التي حولت مناطق سيطرتها إلى سجن كبير للمواطنين تمارس فيه ضدهم مختلف أشكال القمع والتنكيل والتضييق، وتفرض نفسها كسلطة أمر واقع بالعنف والإرهاب، لاعتقادها بأن ذلك من شأنه ترسيخ هيمنتها والقمع الاستباقي لأي محاولات للثورة المجتمعية ضدها.

هذا السلوك الإرهابي للمليشيا ليس نتاج تقديرات خاطئة، ولكنه يعكس طبيعة تلك المليشيا وتكوينها العقائدي والنفسي، فهي غير قادرة على الإتيان بسلوك مناقض للسلوك الذي جُبلت عليه، فما تتخذه من إجراءات قمعية عنيفة تعد جرائم حرب بحق المواطنين لم ترتكبها حتى أشد الجماعات الإرهابية في العالم.

لقد ضيقت المليشيا على المواطنين مختلف سبل العيش، ولم تسلم من بطشها الأنفس والدماء والأعراض والأموال والممتلكات وسائر الحقوق، فكل شيء عرضة للنهب والسلب، وأي معترض أو متذمر مصيره القتل أو السجن والإخفاء والتعذيب حتى الموت أو الإصابة بعاهات جسدية مستدامة.

 

مظاهر الرفض الشعبي

منذ سيطرتها على الدولة في سبتمبر 2014، برزت بشكل واضح مدى الرفض الشعبي الواسع لسلوك المليشيا الحوثية، بدءا من الانتفاضات المسلحة التي شهدتها عدد من المناطق اليمنية مثل حجور في حجة، وعتمة في ذمار، والشعاور في إب، والأهمول في العدين إب كذلك، وآل عواض بالبيضاء، وغيرها من المناطق التي شهدت انتفاضات مسلحة في وجه المليشيا، بإمكانيات بسيطة، وجهود شعبية، وكسرت هذه الانتفاضات حاجز الخوف من إرهاب المليشيا وبطشها، حيث تكررت في أوقات وأماكن مختلفة رغم القمع لها.

إضافة إلى أن الانتفاضات الشعبية ضد مليشيا الحوثي الإرهابية كانت قد بدأت منذ اللحظات الأولى للانقلاب، وعرفت حينها باسم "المقاومة الشعبية"، واندلعت تلك الانتفاضات قبل عملية "عاصفة الحزم" واستمرت بعدها، ثم التحق رجال المقاومة الشعبية بالجيش الوطني لمأسسة النضال ضد المليشيا الحوثية الكهنوتية الظلامية.

كما تنوعت مظاهر الرفض الشعبي لسلوك المليشيا الحوثية، من مقاطعة المناسبات الطائفية التي تحييها المليشيا بين كل وقت واخر، وكذا مقاطعة صلاة العيدين والجمعة في المساجد التي احتكرها الحوثيون، وإبراز الأناشيد الوطنية في حفلات التخرج والأعراس، وكتابة شعارات على الجدران تطالب برحيل الحوثيين، ورفض التجنيد وحضور الدورات الطائفية وغيرها.

وهكذا تتعدد مظاهر وأساليب رفض المواطنين للمليشيا الحوثية الإرهابية داخل مناطق سيطرتها، وهو ما دفع المليشيا الإرهابية إلى المبالغة في القمع وتشديد القبضة الأمنية الحديدية وتكثيف تجنيد المخبرين والجواسيس في الأحياء السكنية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة من يعبرون عن رفضهم للمليشيا ورفع البلاغات عنهم واعتقالهم وإخفاءهم في السجون وتعذيبهم، باعتبار ذلك قمعا استباقيًا لأي ثورة شعبية ضد المليشيا.

لكن تلك الإجراءات القمعية لن تمنع المواطنين من التعبير عن ثورتهم وغضبهم بوسائل مختلفة، ومهما يكن فالمليشيا لن تستطيع القضاء على الغضب المكبوت، وحالة الغليان ضدها والتي تشبه غليان البراكين، والانفجار الشعبي في وجهها قادم لا محالة، حيث سيشهد المستقبل مزيدًا من الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي المناهض للحوثي، ولن يكون بإمكان الحوثي مواجهتها حتى بإعادة إشعال المعارك ضد التحالف والحكومة، وفقا للكاتب سلمان المقرمي.