فيس بوك
النائب العليمي: 14 أكتوبر ثورة عظيمة خاض الشعب لتحقيقها نضالاً شاقاً نحو الاستقلال والحرية
التحالف الوطني للأحزاب: 14 أكتوبر حدثاً ملهماً وماضون في الانتصار لمكتسبات الثورة اليمنية
ثورة 14 أكتوبر المجيدة.. تضحيات اليمنيين بين نضالات التحرير ووحدة المصير
رئيس إعلامية الإصلاح: 14 أكتوبر يعني التحرر من الوصاية والخلاص من الفرقة والتجزئة
طلابية الإصلاح بأمانة العاصمة تنظم ندوة عن الحياة الطلابية في زمن المليشيا
دائرة المرأة بإصلاح المهرة تقيم حفلا فنيا وخطابيا بمناسبة ذكرى التأسيس وأعياد الثورة اليمنية
دائرة المرأة للإصلاح بساحل حضرموت تقيم دورة لمسؤولات الحزب بالمديريات
الشيخ حميد الأحمر.. تاريخ من النضال الوطني ونصرة القضية الفلسطينية
في لقاء بوجهاء عيديد.. أمين تنفيذي الإصلاح بوادي حضرموت يشدد على تعزيز القيم الوطنية
ثورة 48م
في واحدة من أغرب الأحداث التاريخية التي تسترعي الانتباه وتستدعي التوقف عندها لاستيغار أبعادها واستكناه حقائقها ما يمكن أن نسميها "بعقدة النقص الثورية" التي لازمت الأحرار ورجالات الحركة الوطنية وانعكاساتها السلبية في الغالب، عدا الحالة الإيجابية الوحيدة المتمثلة بحالة 26 سبتمبر، وما عداها فقد تسببت بجنايات وطنية لا حصر لها ولا تزال..
بدأت القضية الوطنية اليمنية في القرن العشرين منذ منتصف الثلاثينيات، وتحديدا بعد اتفاقية الطائف عام 1934م التي هزت شخصية الإمام يحيى أمام الشعب، وأمام النخبة المستنيرة؛ حيث بدا الملك عبدالعزيز آل سعود كالمنتصر فيها، لحنكته السياسية ودهائه المعروف عنه، وللقوة التي فاوض بها، في الوقت الذي لم يكن الإمام يحيى يملك من القوة غير "فقهيته" التقليدية التي لا تؤهل للتفاوضات السياسية أو الحكم، وكانت بدايتها خجولة وعلى استحياء، إلا أنها كانت تتنامى يوما بعد يوم، وتبدت بصورة واضح لدى رجالات "الحكمة" الوريث والمطاع والكبسي وآخرين، فيما بين 39 ـ 1941م، وأسفرت هذه المعارضة جلية بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي زادت اليمن سوءا إلى سوئه، منذ منتصف الأربعينيات، عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وحتى مصرعه في فبراير/شباط 48م، دون أن يجد لهذه الأزمة حلا، أو يخفف من غلواء جنونه "الضرائبي" الذي اشتهر به منذ شبابه، حيث كان موظفا لدى الأتراك العثمانيين جابيًا للزكاة، وجامعا للضرائب، وحين وصل إلى كرسي الحكم، مارس الحكم بنفس الذهنية التي نشأ عليها "ذهنية جابي الضرائب" لا بذهنية الإمام/ الخليفة، فكان همه الأول والأخير جباية الضرائب، لا رعاية الناس، باعتبار الحكم حالة من الاستبصار السياسي، وباعتباره نتيجة الحكمة، كما العلم نتيجة المعرفة، إذ لا حُكم بلا حكمة، ولا علم بلا معرفة. وهذا ما لم يتميز به الإمام، وإن كان على قدر عال من التفقه الديني وعلوم اللغة، وكلاهما مما لا يؤهل لحكم عصري وحداثي في زمن تتسارع أحداثه بقوة.
المهم.. كانت ثورة 48م بعد تمخضات عسيرة وجدالات طويلة، وكان الوقوع الأول في "عقدة النقص الثورية" التي ذكرنها آنفا، وهي اختيار إمام بدلا عن الإمام من فرع آخر، بعيد ـ إلى حد كبير ـ عن المشروع الثوري وعن تطلعات الشعب، وعن بنود "الميثاق المقدس" الذي صاغه ثوار 48م ولا تزال تلك البنود هي مطالب الشعب إلى اليوم للأسف الشديد. وفي خلال أسبوع واحد هو عمر الثورة كلها مارس الإمام الجديد ما كان يمارسه سلفه، فسقطت الثورة، ومات الوليد في مهده، ليعقب تلك الثورة مجاوز وحشية من الإعدامات والسجون التي كلفت الشعب الكثير. لم يكن للثوار قائد من وسط الصف الثوري يتبنى ثوريتهم، وفقا لفلسفة وأصول البرنامج الثوري نفسه، فالإمام الجديد لم يكن غير امتداد لسلفه، فكرا وممارسة، مضاف إلى ذلك العجز الذي وقع فيه من أول لحظة، ودفع رأسه ورؤوس آخرين ثمنا لذلك.. هذا فيما يتعلق بثورة 48م. فماذا عن انقلاب 1955م الذي وصفه البعض بالثورة؟!
انقلاب 1955م
كان الحال من بعضه، انقلاب "مستعجل" بنفس آلية ثورة 48م أو يكاد.! يتم إجبار الإمام على تسليم السلطة لأخيه "الإمام" الأقل سوءا السيف عبدالله، وعلى الثوار أن يبقوا في صف الخدمة تحت تصرف "المقام الإمامي" مهما كانت حداثة الإمام الجديد، ومهما كان قربه من الثوار/ الانقلابيين، فهو في نهاية المطاف ابن الفكرة المقدسة، الواقع تحت تأثير نظرية الحق الإلهي في الحكم، ومن عارض فالسيف له دواء.! ومع هذا فلم يكن بمستوى اللحظة الفارقة التي يتحول فيها مجرى التاريخ، وتحفظ للثوار ثوريتهم، كما تحقن دماءهم.. كان بعد الانقلاب ما بعده، ومن ذلك تطايرت رؤوس، أولها رأس الإمام الجديد وأخيه، واستضافت السجون العشرات بالظنة والشبهة.!
من هنا أسدل الستار على مشهد، ليتبدى مشهد جديد من الثورية والنضال، بدأ رويدا رويدا، ولسبع سنوات متتالية حتى كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62م الذي يكاد يكون مقدسا لدى النخبة اليمنية المثقفة، والتي تدرك معنى سبتمبر إدراكا حقيقيا. وسار الثوار على ذات المنوال، بعد عشرة أشهر من الإعداد والتحضير من خلال "تنظيم الضباط الأحرار" الذي تأسس في ديسمبر 1961م، وكان شبه ظاهر وشبه مكشوف خاصة في شهره الأخير، إلا أن مرض الإمام الذي ألزمه الفراش على ذمة حدث مستشفى العلفي بالحديدة جعله أسير اهتمامته الخاصة شخصيا، بعيدا عن شؤون الحكم والسياسة، أما نجله البدر، فقد كان أقل من أن يحتوي ثورة بحجم ثورة 26 سبتمبر التي مثلت خلاصة الانتفاضات والثوارات اليمنية لألف سنة وأكثر.
المهم.. بعد أخذ ورد وقع نظر الثوار على قائد حرس الإمام البدر عبدالله السلال، والذي كان على تواصل معهم من قبل، وفقا لرواية نجله علي السلال، إلا أن هذا الاختيار في هذه المرة كان موفقا، واستطاع السلال قيادة الثورة بحنكة واقتدار، ربما لكونه ابن السياسة والجندية معا، وكونه من خارج الأسرة الحاكمة التي تنتمي إلى تربة الوطن حقا، متماهية مع مطالب الشعب وبرنامج الثوار، وقاد الثورة في مشهدها الأول حتى انتهى بانقلاب أبيض عليه في الخامس من نوفمبر 1967م.
ثورة 2011م
في العام 2011م تفجرت ثورة 11 فبراير التصحيحية التي لا نزال جميعا نعيش تفاصيل مشهدها إلى اليوم، بما له وعليه، شمالا وجنوبا، وفي مشهد سريالي، بطابع شبابي خالص، إنما "عقدة النقص الثورية" حاضرة بكامل قواها وهيئتها، كما خلقت لأول مرة في 48، وتجددت في 55 وبدت في 62م..! ولله في خلقه عجب عجاب يتعجب منه العجب..!
رغم الاختلاف الكثير في الوسائل والآليات وفي المطالب، وفي الزمان إلا أننا لم نستطع تجاوز هذه العقدة للأسف.. أقام الثوار ثورتهم في سبعة عشر ساحة ثورية على امتداد الوطن، شماله وجنوبه، شرقه وغربه؛ لكنهم عجزوا أن يأتوا بقائد ثوري من أوساطهم وينتمي إليهم، وفي مشهد ختامي للثورة انتهى بالسياسة وقع الاختيار على نائب الإمام/ الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لينفذ برنامجهم الثوري، ويعمل على تجسيد أحلامهم الثورية، وكان من أمر هذه الثورة ما كان.. وما يكون.. وما سيكون..! ولله في خلقه شؤون..
الخلاصة.. لا يكفي أن تكون صاحب حق حتى تنجح.. لابد للحق من برهان يوضحه وقوة تسنده، كان الحق.. وكان البرهان؛ إلا أن القوة لم تكن..