الإثنين 14-10-2024 15:20:59 م : 11 - ربيع الثاني - 1446 هـ
آخر الاخبار
شعلة سبتمبر التي لا تنطفئ
بقلم/ أحمد عثمان
نشر منذ: 7 سنوات و أسبوعين و 4 أيام
الثلاثاء 26 سبتمبر-أيلول 2017 05:33 ص
  

الآن يشعل شباب تعز شعلة سبتمبر وبحماس يزلزل الجبال؛ جبل صبر المطل على المدينة كله شعلة (تنصير) للتعبير على إرادة الثورة وبقاء شعلة سبتمبر في القلوب، وقبلها سكب أبناء صبر وتعز عموماً دماءهم لحماية الجمهورية وإسقاط مشروع الملكية الذي حاول التسلل بعد أكثر من خمسين سنة ليطعن الجمهورية وينتقم من الشعب بقتل 26 سبتمبر بمسخ سماه 21 سبتمبر وهو يظن أن ذاكرة الشعب مثقوبة وأنه لا يفرق بين الزيف والجوهر.

روح مفعمة بسبتمبر بالشارع والقرى والجبال هنا في تعز وفي الوقت نفسه يجري الحماس ذاته وبذات الروح في مارب التاريخ والجمهورية، وفي كل بيت في اليمن يغني بسبتمبر يردد النشيد الوطني ليكتب التاريخ أن اليمن جمهورية، وأن سبتمبر الثورة لن تموت ولا يمكن تزييفها.

لقد تسلل الإماميون الجدد بفعل الضعف والخيانات في معسكر الجمهورية وحضر في غفلة من الزمن وتحت دخان الإنهاك العام الذي صنعه الحاكم الفرد الذي صعد من قاع المجتمع بفضل ثورة سبتمبر.

 

لقد طعنت سبتمبر قبل هذا الانقلاب بكثير وبالإمكان أن نؤرخ لصعود علي عبد الله صالح في السبعينات بأنه أول طعنة وجهت لثورة سبتمبر حيث كرس الحاكم العسكري امبراطوريته الخاصة وبدأ يؤسس لحكم عائلته، مزيحاً الجيش وقادته وكبار رجال الدولة، وبدأ يوسس دولته الصالحية على حساب الجمهورية وثورة سبتمبر التي لولاها لما اقترب من القصر ولكان موقع غفير هو أكبر ما يمكن أن يصل اليه.

 

لكن هذا الاعتداء على روح الجمهورية وتحويل الحكم إلى ملكية جمهورية كشف عن ضعف كبير في بناء مؤسسة الجمهورية؛ حيث اكتفت بإسقاط الملكية ثم ذهبت نحو الاسترخاء، وكان لعملية الاغتيالات لرجال الثورة عامل مهم في الابتعاد عن بناء نظام جمهوري عميق إضافة الى غياب الأدوات الشعبية وخاصة الأحزاب التي كانت أيديولوجية إقصائية متوحشة، حيث ساعد هذا الوضع في نخر دولة الجمهورية وغياب حراسها، والى هذا أشار البردوني نحو هذه الحالة المسؤولة عن ما وصلنا إليه

 

الأباة الذين بالأمس ثاروا

 أيقظوا حولنا الذئاب وناموا 

 

حين قلنا قاموا بثورة شعب ..

قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا 

 

ربما أحسنوا البدايات لكن ..

هل يحسون كيف ساء الختام؟!

 

وهو ما يحتاج إلى وقفة عميقة وتقويم، فكيف استطاع العسكري الصاعد من بيئة أمية أن يعبث كل هذا العبث بالجمهورية ويعرضها للموت السريري، ثم لما فشل حاول تقديمها للقمة سائغة للإمامة المتوثبة وراء الوهم، وكاد أن يعلن رسمياً مملكته الجمهورية، وهو هنا أوغل في تخريب الجيش وعبث بعقيدته العسكرية وخرب الوظيفة العامة، وجعل المواطن يحس بالغربة في وطنه وبأنه قد غدر به وهو إحساس راكم الغضب الشعبي ليعبر عنه في ثورة 11 فبراير التي أبرزت حقيقة أن الشعب لا يموت، وأن عجلة التاريخ لا تعود للوراء، وأنه مهما تآمر المتآمرون على انجازات الشعب فإن الشعب سيجد وسيلة للانتصار لكرامته وإعادة الاعتبار لثوراته التاريخية التي تحولت الى هوية وطنية، وجاءت المقاومة لتقف أمام بربرية القوة الغاشمة السلالية والعائلية المدعومة بكل مراكز القوى الداخلية والخارجية، لتبقى روح سبتمبر متوهجة، وتبقى الشعلة سامقة متقدة لم تسقط أرضاً، وهذا ما يقوله اليوم الشعب الذي يشعل شعلة سبتمبر في مارب وتعز والمدن اليمنية وتنطلق (التنصيرات) في الوديان والجبال لتقول إن سبتمبر قدر الله، وإن النظام الملكي العنصري لا مكان له في اليمن وهو لم يزد في هذا الانقلاب الأخير إلا أنه أيقظ المارد وتعرى على حقيقته كما لم يتعرى من قبل ليسقط أمام الشعب عسكرياً وسياسياً أخلاقياً وثقافياً وهوت الخرافة وسترمى في مزبلة التاريخ كالأطمار البالية وستبقى الجمهورية وسبتمبر شعلة متوهجة لا تموت بل تتجدد وتصحح الانحراف وتنطلق الى المستقبل مصطحبة أشعار الزبيري وخطب النعمان وحكم عبدالرحمن الإيراني ونشيد الفضول وصوت أيوب طارش لتردد نشيد البقاء الوطني الذي لا يموت، وسيبقى متجذراً في قلوب الشعب وعمق الوطن:

 

رددي أيتها الدنيا نشيدي

 ردديه وأعيدي وأعيدي

 واذكري في فرحتي كل شهيد 

 

- رايتي.. رايتي..

يا نسيجاً حكته من كل شمس

 أخلدي خافقة في كل قمة

 

- أمتي.. أمتي..

إِمنحيني البأس يا مصدر بأسي

واذخريني لك يا أكرم أمة