الثلاثاء 30-04-2024 20:55:52 م : 21 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تنامي شعبية الشرعية...تعدد الفاعلين يعيد تشكيل المشهد السياسي في الجنوب

الخميس 24 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 07 مساءً / الاصلاح نت- خاص/ اسماء محمد
 

 

تزايدت شعبية السلطة الشرعية في جنوب اليمن، برغم محاولات إقصائها وإبعادها عن المشهد في المحافظات هناك، ومحاولة إظهار ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" بأنه الطرف الذي يستفرد بكل شيء والقوة الأبرز المتواجدة على أرض الواقع.

فبرغم أن الانتقالي توجهت نحوه بعض الأنظار في بداية انطلاقه لمعرفة كيف سيدير الأمور هناك، إلا أنه فشل في إثبات نفسه كجهة قادرة على إدارة حتى محافظة واحدة، ولم يخرج من دائرة "المليشيات" وقوانينها واتضح ذلك جليا من خلال ممارساته، وعمل منفردا، مُذكرا بالنموذج المليشاوي سيء الصيت الذي مثله الحوثيون في المحافظات الشمالية.

كما أن الحرب المتعمدة ضد وجود الحكومة الشرعية في الجنوب، لم تقلص شعبيتها بل زادتها، برغم عدم استغلالها لمختلف الأوراق التي تملكها، وفرض نفسها في تلك المحافظات وخلق معادلة جديدة تعطي توازنا في المشهد اليمني، وتساعد على تحقيق الهدف الرئيسي المتمثل بإنهاء انقلاب مليشيات الحوثي واستعادة الدولة.

تكتلات داعمة للشرعية

ظهرت خلال فترة الحرب في اليمن وتحديدا بعد الإعلان عن تأسيس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017، كثير من التكتلات التي شكلت انعكاسا للواقع السياسي في الجنوب معلنة عودة الحياة السياسية إلى تلك المحافظات.

اختلفت توجهات تلك التكتلات، لكن الكثير منها أظهر تأييده للشرعية في اليمن، خاصة بعد أن ظهر الانتقالي كطرف لا يعمل بأي شكل من الأشكال من منطلق دوافع وطنية خالصة، بل مجرد أداة وتابع لدولة أخرى.

من أبرز تلك التكتلات الداعمة للشرعية، والتي لها حضور واسع في الساحة الجنوبية، الائتلاف الوطني الجنوبي الذي فرض نفسه وبقوة، وينافس الانتقالي الجنوبي الذي حاول وفشل بالانفراد بالمشهد هناك.

تمكن هذا الائتلاف الصاعد من تنظيم مظاهرات حاشدة في الجنوب لم تستطع مليشيات الانتقالي مجابهتها أو ربما حتى التفكير باعتراضها، وهي تؤيد الحكومة الشرعية وفكرة الدولة الاتحادية التي تم التوافق على شكلها في مخرجات الحوار الوطني وأن تكون من ستة أقاليم.

ومن المتوقع أن تزيد أعداد مثل تلك التكتلات، بسبب تعطش الشارع الجنوبي للحصول على جهة تمثله، وتوصل صوته ومطالبه، وتجعل المواطنين يعيشون في ظل الدولة والقانون، بعد أن شاهدوا كيف قام الانتقالي بتهميش المواطنين، ولجأ للعنف ضد كل من يناوئه في سلوك مليشاوي يُذكر بالمليشيات الحوثية التي ذاق المواطنون بسببها مختلف أنواع الانتهاكات والحرمان من أبسط حقوقهم.

إضافة إلى ذلك الائتلاف، يعمل مؤتمر حضرموت الجامع على تأييد الشرعية أيضا، في محافظة حضرموت التي تشكل ثقلا كبيرا في الجنوب، إذ يمكنها الوقوف بشدة أمام أي طموحات تقع خارج مخرجات الحوار الوطني الذي تم التوصل له سابقا بمشاركة مختلف المكونات السياسية والاجتماعية والحقوقية وغيرها.

الانتقالي.. أنموذج سيئ

الالتفاف حول الشرعية في الجنوب وتراجع شعبية الانتقالي الواضحة لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة لممارسات مختلفة قام بها ذلك المجلس، واتباعه نهجا إقصائيا يعبر عنه فقط، ولا يهتم بتطلعات الشارع الجنوبي حيث يرغب المواطنون بالعيش باستقرار بعد أن تم استعادة محافظاتهم، وهنا أبرز النقاط التي أثرت سلبا على المجلس:

فقدان الاستقرار والخدمات

لم يشهد الجنوب أي نوع من الاستقرار المطلوب برغم أن عدن -على سبيل المثال- تم استعادتها منتصف 2015، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، كان يفترض أن يكون واقعها اليوم مختلفا تماما، خاصة أنها حظيت بفرصة التحرر من قبضة مليشيات الحوثي مبكرا.

لكن على العكس من ذلك، فقد عاشت عدن منذ ذلك الحين وحتى اليوم هي ومناطق أخرى جنوبية، أوضاعا غاية في السوء، وظلت الدولة غائبة وحضرت فيها المليشيات وبقوة.

تعرض العشرات هناك للاختطاف، وتبدو عدن متوترة بسبب القبضة الأمنية التي يحاول الانتقالي من خلالها فرض وجوده هناك، الأمر الذي حال دون استقرار المحافظات التي يتواجد فيها الانتقالي بشدة.

وأدت سيطرة مليشيات الانتقالي على بعض المحافظات الجنوبية وتعمد إقصاء الشرعية والحرب ضدها وتنفيذ الانقلابات عليها، إلى إعاقة تطبيع الحياة في الجنوب، والافتقار للخدمات وضعفها.

وبرغم ذلك، تصر قيادات الانتقالي على تحميل السلطة الشرعية مسؤولية التدهور في الخدمات، برغم أن مليشيات المجلس تمنع عودة الحكومة، وتعمل ضدها بقوة.

انتهاكات وممارسات مرفوضة

كانت قبل الحرب قد غابت كثير من المظاهر التي كانت تعيد ذاكرة اليمنيين إلى العنصرية والمناطقية التي يرفضها الشعب، لكن مع سيطرة الانتقالي على عدن تحديدا، بدأت الممارسات المنبوذة تقع على المواطنين الشماليين الذي عاشوا وولدوا في الجنوب ويعملون هناك منذ عقود، وتم ترحيل الكثير منهم والذين أغلبهم عمال بسطاء بطريقة لم تحفظ لهم كرامتهم، فضلا عن التضييق الذي أصبح يتعرض له الزائر لعدن من محافظات شمالية في نقاط تابعة للمجلس خارج العاصمة المؤقتة وحتى داخلها.

وأصبح أي مواطن عرضة للإخفاء القسري أو الاعتقال، كما أن عمليات السلب والنهب تزايدت للأراضي، وأصبح هناك كثير من المخالفات غير القانونية التي تحدث منها البسط على أراضٍ مختلفة بالقوة.

وباتت اليوم المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانتقالي نموذجا سيئا، خاصة بسبب ارتباط اسمها بعمليات الاغتيالات الممنهجة التي طالت العشرات، من بينهم قيادات عديدة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، برغم أنها معروفة باعتدالها.

 فساد

تفوح وبشكل كبير رائحة فساد بعض قيادات الانتقالي أو الشخصيات المؤيدة لهم، وبدأت مواقع التواصل الاجتماعي تتداول أسماء العديد منهم والذين استغلوا قضية الجنوب وعملوا على المتاجرة بها من أجل مصالحهم الخاصة، وحصلوا على أموال طائلة باسم المواطن الجنوبي، مكنتهم من إنشاء وتأسيس استثمارات كبيرة خارج اليمن، في الوقت الذي تفتقر فيه المحافظات الجنوبية لأبسط الخدمات كالكهرباء الضرورية في تلك المناطق الحارة.

رفض تمثيل الانتقالي للجنوب

استمرار الانتقالي حتى اليوم بالتحكم بالمشهد في بعض المناطق الجنوبية، ليس لوجود قاعدة شعبية تؤيده، بل لوجود إرادة أطراف في المنطقة تعتبره أداة يمكن من خلاله تحقيق أجندتها في الجنوب، ولامتلاك المجلس مليشيات تساعده على فرض وجوده بالقوة، دون إعارة القوانين أي اهتمام.

ولذلك فإن الغضب ضده يتنامى، ويساعد ذلك على تشكيل تكتلات لها أهداف نقيضة له، وترفض كذلك تمثيل الانتقالي للجنوب ولقضيتهم العادلة التي تم الخروج بحلول لها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

ومن وقت لآخر تخرج مظاهرات ترفض ممارسات الانتقالي وتطالب بإصلاح الوضع في الجنوب، بينما يحاول المجلس عبر مليشياته التصدي لها وإن كان بالقوة، مثلما حدث مؤخرا في سقطرى التي ظلت بعيدة عن الفوضى إلى أن دخلها المجلس وبدأ بالعمل وفق أجندة خارجية، ووقف ضد الحكومة الشرعية.

ويبدو أن شعبية الانتقالي ستستمر بالتراجع في الجنوب، ليس فقط لوجود تكتلات مختلفة تعمل في إطار بعيد عنه، بل أيضا لتوجه المجلس نحو أمور تعد ثوابت بالنسبة لليمنيين، وبالتالي فأي طرف يخالفها تجعله يفقد كثيرا من أتباعه، ويكون الفشل والموت السريري هو النتيجة المتوقعة لتوجهه ذاك.

كلمات دالّة

#اليمن