الإثنين 06-05-2024 00:47:29 ص : 27 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

خسائر سيول الأمطار بصنعاء.. بشاعة سلطة الحوثيين تزيد من معاناة المواطنين

السبت 22 أغسطس-آب 2020 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت- تقرير خاص- زهور اليمني

 

لم تعد الأوبئة والمجاعة وحدها ما يؤرق حياة اليمنيين، فالفيضانات التي خلفتها الأمطار خلال الأسابيع الماضية تصدرت لائحة الأزمات، بعدما أدت إلى وفاة عدد من المواطنين في أمانة العاصمة صنعاء وتشريد آخرين، وتهدم عشرات المنازل على ساكنيها، بالإضافة إلى دمار كبير للسدود والمدن والمواقع التاريخية والتراثية.

وأمام ما يعيشه اليمنيون جراء هذه الكارثة، والحالة الإنسانية المروعة التي خلفتها لعشرات الأسر، تجاهلت مليشيا الحوثي كارثة السيول، وغابت قياداتها تماما عن الحدث، أو حتى الإشارة إلى الكارثة عبر وسائل إعلامها المختلفة، وكرست جل طاقتها لعقد مزيد من الاجتماعات واللقاءات اليومية مع قيادات محلية ومجتمعية، بهدف تحشيد المواطنين للمشاركة في مناسبتها الطائفية "يوم الغدير".

 

الكارثة أظهرت الوجه القبيح للحوثيين:

بعد غرق كثير من المحلات، وتهدم عدد كبير من البيوت على ساكنيها، يوجه أمين العاصمة في حكومة الحوثي غير المعترف بها دوليا، حمود عباد، ما سماها المكاتب والجهات المعنية بالعمل على إنقاذ الأسر المتضررة جراء السيول الجارفة، وتوفير شفّاطات لإخراج المياه من داخل المنازل المتضررة، وتقديم مساعدات عاجلة للأسر التي تضررت.

وأشار عباد إلى أن قيادات أمانة العاصمة والمجالس المحلية ومؤسسة المياه ومجاري السيول ودائرة الأشغال العسكرية والمرور وعدد من الجهات المعنية متواجدة لإنقاذ الأسر المتضررة.

هذا الخبر نشرته وسائل الإعلام الحوثية، ولكي نتأكد من تنفيذ ما وعد به أمين العاصمة، توجهنا إلى تلك الحارات التي تضرر أهلها من تدفق السيول والأمطار، والتقينا بعدد من الأشخاص المتضررة منازلهم ومحالهم.

(س.ت) من سكان حي شميلة، تحدثنا إلينا قائلا: "السيول خلفت العديد من الكوارث وخسائر في الأرواح والممتلكات والمنازل، وكان منزلي أحد المنازل التي تهدمت، ولولا لطف الله بنا ووقوف الجيران إلى جانبنا لأصبحنا في عداد الموتى".

وأضاف: "هذه الكارثة أظهرت الوجه القبيح لمليشيا الحوثي، فهم يكذبون دون الخوف من انكشاف كذبهم، فالتصريح الذي سمعناه من أمين العاصمة، والذي تحدث فيه أنهم قاموا بمساعدة المتضررين من الأمطار والسيول، لا أساس لها من الصحة".

وتابع: "لم تصلنا أية مساعدة من أي نوع كانت، ولم يقم أحد بزيارتنا، وهذه المساعدات التي أعلن عنها سمعنا بها عبر وسائل الإعلام فقط، أما على الواقع فلم نر أو نلمس شيئا".

من جانب آخر، تحدث إلينا أحد المواطنين الذين جرفت السيول محالهم بما تحتويه من بضاعة، واستفزه سؤالنا عن المساعدات التي وصلته، حيث قال: "أي مساعدات تتحدثين عنها؟ عباد هذا يطالب بمزيد من تدفق الأموال لخزينته وخزينة القادات الحوثية، وهذا الأسلوب أصبح سمة رافقتهم منذ انقلابهم، فهم يستغلون أي كارثة تقع على رأس المواطن اليمني ليملؤوا جيوبهم بالأموال التي تصل عبر المنظمات العالمية، والدليل على ذلك كارثة السيول التي لا زلنا نعاني منها، والتي أظهرت العبث الذي رافق المشاريع الوهمية في شوارع العاصمة خلال السنوات الماضية، وأبسط مثال على ذلك أن هذه المشاريع الضخمة التي نراهم يتحدثون عنها في قنواتهم لم تقم حتى بعمل قنوات ومخارج لمياه الأمطار، والتي تعتبر أحد الأسباب في مضاعفة الأضرار والخسائر التي لمسناها على الواقع، ودفعنا نحن المواطنين ثمن ذلك خسائر جسيمة".

وأضاف: "يبقى تعامل المليشيات مع هذه الكارثة هو المؤرق لنا، حيث جعل العاصمة صنعاء قرية تفتقر إلى أبسط الخدمات ومنها البنية التحتية، وجعلها كل عام خصوصا في مواسم الأمطار تلاقي قدرها المحتوم ونصيبها الشاق من هذه الكوارث، فنحن لم نشعر بأن هناك سلطة تقوم بواجبها، رغم أن السيول ظلت تتدفق لعدة أيام وظلت الخسائر تتضاعف، بل تعاطت مع هذه الأزمة التي لا زلنا نعاني منها وكأن شيئا لم يحدث، وإذا توقعنا العكس فإننا نعيش أحلام يقظة لن تتحقق مطلقا".

وتابع: "أما بالنسبة للمساعدات التي أعلنوا أنهم قدموها للمتضررين، وأتيتِ للتحقق منها، فلم يصلنا منها شيء، بل زادوا من معاناتنا نحن أصحاب المحال وأرغمونا على إزالة مخلفات السيول، وعلى حسابنا الشخصي، وبالقوة".

 

مصادرة مخصصات الصناديق الخاصة:

في بيان لها، أطلقت الهيئة العامة للآثار نداء استغاثة لإنقاذ صنعاء القديمة من خطر الانهيار، وقالت إن بعض مباني المدينة القديمة تعرضت لانهيارات شبه كلية جراء هطول الأمطار غير المسبوقة، وحدوث انهيارات جزئية للجدران الحاملة، والأسقف في السور الشمالي والجنوبي من المدينة المصنفة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1986.

التقينا بأحد العاملين في الهيئة العامة للآثار، والذي تحدث عن العجز الظاهر في بيان الهيئة، حيث قال: "لأن صندوق الهيئة العامة للآثار والمتاحف وغيرها من الهيئات والمؤسسات الأخرى فارغ من المال، لم تجد الهيئة العامة للآثار وسيلة للقيام بوظيفتها غير مناشدة المنظمات الدولية والمحلية ورجال المال والخيِّرين، ومطالبتهم بمد يد العون والمساعدة العاجلة في مواجهة الأضرار التي ألحقتها الأمطار والسيول في المعالم والمواقع الأثرية والسدود وغيرها".

وأضاف: "الجميع يعلم أن الحوثيين يقومون بمصادرة مخصصات الصناديق الخاصة، وتوريدها إلى حسابات خاصة بنافذين في صفوفهم، والاستحواذ على إيرادات السلطات المحلية في المحافظات والمديريات وكذا الهيئات، والتي من ضمنها إيرادات صندوق التراث والتنمية الثقافية الذي أنشئ عام 2002، بهدف الإسهام في الحفاظ على المواقع الأثرية والتاريخية وترميمها وصيانتها، لذا وجدت الهيئة نفسها عاجزة وغير قادرة على القيام بأي عمل يمكنه تفادي الأضرار التي لحقت بصنعاء القديمة، فكل ما يصل للهيئة من مساعدات خارجية عبر المنظمات العالمية المهتمة بالتراث، يصل إلى جيوب القيادات الحوثية، ويتم الإعلان عن تنفيذ المشاريع التي لا تخرج عن نطاق الورق فقط".

 

التسول أسلوب الحوثيين:

في الوقت الذي تجاهلت فيه المليشيات كارثة السيول التي أدت إلى نزوح آلاف الأسر خلال الأسابيع الماضية، لجأ الكثير من سكان صنعاء القديمة إلى حماية منازلهم ومحالهم التجارية بالأشرعة (الطرابيل) ذات الأحجام والمقاسات المتنوعة، 
 لمنع تسرب مياه الأمطار عبر الأسطح والجدران، وتفاديا لانهيارها، خصوصا عقب ظهور عدة تشققات في أسقف وجدران الكثير من تلك المباني.

أحد المواطنين الساكنين في صنعاء القديمة تحدث إلينا عن معاناة الناس هناك قائلا: "لقد قام معظم المواطنين بتغطية منازلهم بالطرابيل، لأنها الوسيلة الوحيدة لحماية منازلهم ومحالهم التجارية من مياه الأمطار، التي جعلت الكثير منها مهددة بالانهيار".

وعند سؤاله حول المساعدات التي أعلنت المليشيات أنها قدمتها للمتضررين من السيول أجاب: "عندما سمعنا البيان الذي أعلن فيه عن تشكيل فرق، ووضع خطط ونزول لحصر الأضرار، شعرنا بالأمل واستبشرنا خيرا، لكن كل تلك الوعود بقيت حبرا على ورق، وتركوا ملاك المنازل والمحال المهددة بالانهيار، والتي انهارت بالفعل دون أية مساعدة، رغم أننا سمعنا أنه تم صرف مبالغ لها لكننا لا نعلم إلى أين تذهب، وعوضا عن ذلك رفعت المليشيات بأسعار الطرابيل بطريقة غير مسبوقة بسبب تزايد الطلب عليها، ويمكنك أن تقومي بجولة على كل الأسر المتضررة لتتأكدي من كلامي".

وأضاف: "هذا أسلوب الحوثيين من يوم عرفناهم، وهو التسول من العالم على حساب المواطنين، ومن وراء كارثة السيول سيجنون كثيرا من الأموال والمساعدات المخصصة للمواطنين المتضررين، والتي لن يصلهم منها ريال واحد وستورد إلى جيوب قيادة الحوثيين".

ستظل تتكرر معاناة الناس، في ظل غياب حكومة وسلطة محلية عاجزة عن أداء واجباتها، وتوفير أقل ما يمكن لحماية أرواح الناس.

 

نداء استغاثة:

أطلق مثقفون يمنيون بيان "نداء استغاثة وتضامن" لإنقاذ المدن اليمنية من كوارث السيول.

وقال البيان، الذي حمل توقيعات عشرات المثقفين اليمنيين، إن "الأمطار الغزيرة وشبه المتواصلة تهدم المنازل في شبام وصنعاء، المدينتين المدرجتين في كنوز التراث العالمي والإنساني، وتجرف السيول المدن والقرى في تهامة (القناوص، والزهرة، واللحية)".

وجاء في البيان أن "اليمن المصابة بالمليشيات والإرهاب، والموبوءة بالفساد والاستبداد، والأوبئة الفتاكة، وكورونا، والمنكوبة بالمجاعة، والجوائح، وكوارث السيول والأمطار، في ظل غياب الحماية الوطنية والعون، مهددة بالفناء، وندعو كل أبناء اليمن للتنادي للعون والمساعدة والمساندة لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بوطنهم ومدنهم وبلادهم، كما ندعو الضمير الإنساني، والمنظمات الدولية، واليونسكو، للتحرك لإنقاذ الإنسان اليمني، والتراث الإنساني في شبام وصنعاء".

 

تخلي الجهات المعنية عن القيام بواجبها ضاعف الأضرار:

 السيول الناجمة عن الأمطار اجتاحت شوارع وأحياء في العاصمة صنعاء مأهولة بالسكان مثل حي الخفجي والسنينة والتحرير وشوارع خولان وتعز وشميلة والستين وشميلة وباب اليمن والحثيلي وسعوان وشعوب والزبيري وعصر وغيرها، وخلفت عددا من حالات الوفاة والمصابين، إضافة إلى خسائر مادية كبيرة، في ظل اتهامات للحوثيين بتجاهل الكارثة.

التقينا بأحد المواطنين الساكنين في شارع خولان، والذي نال نصيبه من كارثة السيول، حيث قال: "السيول خلفت أضرارا كبيرة في البنية التحتية، وتحديدا في شارع خولان الذي أسكن فيه، حيث اقتلعت السيول طبقات كبيرة من الإسفلت وحملتها إلى منتصف الشارع، ثم حفرت أخدودا بعمق مترين، ليصبح الشارع سائلة لم يعد في الجهة الشرقية منه ما يدل على أنه كان شارع، كما جرفت عددا من السيارات، وغرقت المنازل التي تقع على جانبي الشارع، وأمام هذه الكارثة لم نشاهد فرق إنقاذ تأتي للمساعدة، أو لردم الحفر الكبيرة التي تسببت بأضرار بالغة في السيارات والمواطنين معا".

أحد العاملين في الدفاع المدني بصنعاء، تحدث إلينا قائلا: "رغم تدفق السيول على كثير من أحياء العاصمة صنعاء، وتضرر كثير من البيوت وغرق كثير من الأشخاص، إلا أن المليشيات تجاهلت الأمر ولم تقم بواجبها في حماية الناس ومصالحهم وممتلكاتهم، واكتفت فقط بإطلاق أعيرة نارية في الهواء ومطالبة بعض السكان عبر مكبرات الصوت بعدم مغادرة منازلهم، بعد أن كانت السيول قد تجاوزت مناطقهم المتضررة".

وأضاف أن "عدم قيام الجهات المعنية بعملية الإخلاء والتحذيرات المسبقة، وتحرك فرق الدفاع المدني والقيام بدورها قبل وصول السيول إلى المناطق المنكوبة، أسهم بدرجة رئيسية في مضاعفة الأضرار. كان بالإمكان تفادي كثير من الخسائر من خلال عمليات إخلاء ونقل لمحتويات المحال والأسواق إلى مناطق آمنة، خصوصاً أنه كان هناك وقت مناسب لتقليل الكلفة الباهظة التي دفعها السكان والتجار وأهالي المناطق المنكوبة".

 

بيع مولدات الشفط الخاصة بشفط المياه:

نقلت وسائل إعلامية حوثية عما يسمى عمليات وزارة الصحة في بيان لها، أن عدد ضحايا الأمطار والسيول التي شهدتها أمانة العاصمة والمحافظات التي تسيطر عليها 131 وفاة و124 مصابا.

وأشار البيان إلى تضرر 106 منازل ومنشآت خاصة وعامة كليا و156 جزئيا منها ما جرفته السيول أو تهدمت نتيجة الأمطار الغزيرة.

وعلى صعيد متصل، فقد تسببت الأمطار بهبوط سقف نفق جولة تعز، النفق المؤدي من شارع تعز باتجاه منطقة الصافية.

وقال شهود عيان التقينا بهم إنه شوهد ميلان لسقف النفق مما قد ينذر بكارثة وشيكة في حال عدم الالتزام بإجراءات منع السير عليه.

كما لحقت أضرار كبيرة بجسر جولة مذبح الذي هو قيد الإنشاء، وتسببت السيول بردم أجزاء من النفق الترابي الذي يتم إنشاؤه حاليا تحت الجسر، والذي قد ينذر هو الآخر بكارثة في حال السير عليه.

وتأتي هذه الأرقام والإحصائيات لتكشف حجم الإهمال المتعمد من قبل المليشيات الحوثية، التي وجهت كل إيرادات العاصمة صنعاء وما يقع تحت يدها من موارد لما تسميه المجهود الحربي، وتجاهلت عمل أي معالجات للمشاكل والأضرار في البنية التحتية المتراكمة منذ ست سنوات، رغم تسلمها دعما أمميا لذلك ورصدها لميزانيات لهذا العمل، لكن الأمر يقتصر على تصريحات وإعلانات في الصحف ثم تضيع كل الأموال التي تم استلامها وخصخصتها لصيانة الطرق والجسور والأنفاق داخل العاصمة صنعاء، بل وصل الأمر إلى قيام مليشيا الحوثي ببيع مولدات الشفط الخاصة بشفط مياه الأمطار في عدد من أنفاق صنعاء.

كلمات دالّة

#اليمن #صنعاء