الأحد 05-05-2024 16:56:14 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

من تعز إلى المهرة.. صراعات عبثية وسباق لخدمة الحوثيين وإيران

الإثنين 27 يوليو-تموز 2020 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

في الوقت الذي ترسخ فيه مليشيات الحوثي سلطتها في مناطق سيطرتها، وتكثف من حملات التجنيد في صفوفها، وتعمل على تعزيز وتطوير قدراتها العسكرية، تتسابق عدة أطراف لخدمة الحوثيين وإيران من خلال افتعال صراعات عبثية والتصعيد ضد السلطة الشرعية من تعز إلى المهرة، مع أن تلك الأطراف يفترض أنها مناوئة للحوثيين والمشروع الإيراني في المنطقة العربية، باعتبارها أيضا مستهدفة من ذلك المشروع، بل ويشكل خطرا وجوديا عليها، باعتبار كل طرف منها غير قادر على مواجهة المشروع الحوثي-الإيراني بمفرده.

كما أنه لن يتحقق النصر على ذلك المشروع إلا بتشكيل كتلة وطنية تحمل مشروعا وطنيا جامعا، وتتجاوز خلافاتها العبثية، وتشترك جميعها في بناء الوطن، بدلا من الانشغال بمعارك عبثية بحثا عن سلطة أو غنيمة غير موجودة أصلا، وإن وجدت، رغم استحالة ذلك، فهي مهددة بالخطر الحوثي الإيراني في أي لحظة.

 

- أين يكمن الخلل؟

والمتأمل في طبيعة تلك الخلافات والصراعات العبثية وأهداف الأطراف الأجنبية التي تغذيها، ومقارنتها بخطر المشروع الحوثي-الإيراني الذي يهدد منطقة المشرق العربي ككل وليس اليمن فقط، سيجد أنها خلافات تبعث على الخجل وتدين من يفتعلونها، وتظهرهم بمظهر المتجرد من الوطنية واللامبالاة بحجم المخاطر التي تهدد الجميع.

وإذا كان هناك مطالب فئوية تشكلت على هامش الحرب، فهذه المطالب لن تتحقق إلا في ظل دولة موحدة ومستقرة وآمنة ومزدهرة تضمن حقوق الجميع بلا استثناء، كما ستضمن عدم إقصاء أي طرف.

أما افتعال معارك وصراعات عبثية من أجل مطالب فئوية ومشاريع شخصية ضيقة على حساب المشروع الوطني الكبير، فإن ذلك ليس سوى تفتيت واستنزاف وإنهاك للجبهة الداخلية المناوئة للحوثيين وحليفتهم إيران، كما أن استمرار تلك الصراعات على نفس الوتيرة، يعني انتظار لحظة الحصاد التي ستكون لصالح مليشيات الحوثي وحليفتها إيران.

 

- صراعات عبثية

وإذا تأملنا في الأطراف التي تختلق صراعات عبثية تنهك السلطة الشرعية وتخدم مليشيات الحوثي، فسنجد أنها تسعى لتحقيق مصالح ذاتية مناقضة لمصلحة الوطن بشكل عام، علما بأن مصالحها الفئوية والذاتية لا يمكن أن تتحقق حتى وإن تحولت الدولة إلى أشلاء وانهار كيانها تماما، وأبرز هذه الأطراف هي: مليشيات الانتقالي، مليشيات طارق صالح، مليشيات أبو العباس، وبعض أجنحة في بعض الأحزاب السياسية.

والقاسم المشترك بين مختلف هذه الأطراف أنها تتلقى دعما أجنبيا يهدف لتوظيفها في طمس ما تبقى من معالم الدولة وإنهاك السلطة الشرعية في معارك عبثية وتمزيق البلاد خدمة لمصالح أطراف أجنبية.

وتشكل المطالب والطموحات الفئوية للأطراف المذكورة السبب الأبرز في حدوث اختراق أجنبي للمجتمع اليمني وبالتالي نخره من داخله، وقد ألقت الصراعات العبثية بظلالها الكئيبة على المعركة الوطنية الكبرى للحفاظ على الدولة والجمهورية والمكتسبات الوطنية ضد مليشيات همجية قادمة من كهوف التاريخ وغبار الجغرافيا ومدعومة من وراء البحار.

وإذا كانت تلك الصراعات عبثية، فإن المطالب والطموحات التي تمثل الدافع الرئيسي لها هي أيضا مطالب وطموحات عبثية، كونها غير قابلة للتحقيق سواء في زمن السلم أو في زمن الحرب، وتتنافى مع فكرة الدولة الحديثة وحقوق الإنسان والعدالة في توزيع الثروة والشراكة في السلطة والتسليم للإرادة الشعبية في اختيار من يحكم الشعب.

 

- عبث في زمن التوازنات

إنه من العبث أن تعتقد جماعة أو فئة معينة أن شعبا تعداده أكثر من 30 مليون نسمة، وينتشر فيه السلاح على نطاق واسع، سيسكت على أن تتولى عائلة أو سلالة أو قرية تحديد مصيره أو حكمه بقوة السلاح وإفقاره وتجويعه، بينما تستأثر الفئة الحاكمة بالسلطة والثروة إلى الأبد، وترسخ حكمها بقوة السلاح، وكأن البلاد بلا توازنات سياسية وعسكرية من شأنها ترجيح كفة الصراع لصالح المشروع الوطني الكبير ونبذ واحتقار المشاريع الصغيرة وأصحابها، في حال سنحت الفرصة الملائمة، وانحسر التدخل الأجنبي في شؤون البلاد، خاصة التدخل الإيراني الداعم للحوثيين ولكل المليشيات الطائفية التخريبية في دول المشرق العربي.

ويعود ظهور الصراعات العبثية في البلاد إلى سببين رئيسيين: الأول، أن ظهورها كان نتاجا لتراكمات سلبية بسبب أخطاء نظام الرئيس السابق علي صالح، وأيضا بسبب عدم قدرة السلطة الشرعية عن منع ظهورها أو احتوائها أو وأدها. والثاني، أن السلطة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها لم يحسنا إدارة الصراع وتحجيم دور الفئات المذكورة والمطالب الفئوية التي تنادي بها، والتسريع في القضاء على المليشيات الحوثية، بل فهناك أطراف محلية وأجنبية تدعي دعم السلطة الشرعية، بينما هي في الواقع تدعم المليشيات المختلفة المناوئة لها.

 

- سباق لخدمة الحوثيين وإيران

تتعمد الأطراف اللاوطنية إنهاك السلطة الشرعية في صراعات عبثية في مختلف المحافظات والمناطق التي تتواجد فيها، وأحيانا يكون التصعيد ضدها متزامن، كما حدث خلال الأيام الأخيرة من محاولات لنشر الفوضى في ريف محافظة تعز وفي محافظة المهرة، في حين تركت الكثير من الجبهات ضد مليشيات الحوثي في حالة جمود، بينما الجيش الوطني منشغل بالتصدي لمحاولات المليشيات الحوثية التقدم في مأرب والبيضاء وغيرها.

إن كل رصاصة توجه ضد السلطة الشرعية تعد بمثابة خدمة مجانية تقدم للحوثيين وحليفتهم إيران، وكل تصعيد تقوم به بعض الأطراف ضد السلطة الشرعية يعد بمثابة سباق فيما بينها لخدمة المشروع الحوثي الكهنوتي والمشروع الإيراني التوسعي والتخريبي، ويقف الحوثيون وإيران موقف المتفرج من هكذا صراعات عبثية في انتظار حصاد نتائجها.

كلمات دالّة

#اليمن