الأحد 05-05-2024 20:06:39 م : 26 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

انتحار عسكري.. لماذا تستميت مليشيات الحوثي في التقدم نحو مأرب؟

الإثنين 24 أغسطس-آب 2020 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد السلام الغضباني

 

تشهد مختلف الجبهات المتاخمة لمحافظة مأرب مواجهات عسكرية عنيفة منذ أكثر من أسبوع، بدأت مع محاولات مليشيات الحوثي التقدم نحو مدينة مأرب بهدف السيطرة عليها، في معركة تعد بالنسبة لها معركة كسر عظم، رغم تكبدها خسائر مادية وبشرية فادحة، غير أنها لا تبالي بتلك الخسائر، كونها تنظر للمجندين في صفوفها من أبناء القبائل المغرر بهم مجرد مقاتلين عديمي القديمة، ولذا فليس يهمها ما إذا كانت تلك المعركة مجرد محرقة لن يترتب عليها تحقيق أي مكاسب عسكرية أو سياسية أو حتى إعلامية.

شكلت جبهات محافظة مأرب تحديا صعبا لمليشيات الحوثي، منذ الانقلاب على السلطة الشرعية عام 2015، وباتت محافظة مأرب بمثابة شوكة الميزان في الحرب على الانقلاب الحوثي والمشروع الإيراني التخريبي في اليمن، ذلك أن مأرب هي بوابة النصر على المشروع الإيراني في حال استعصت على الحوثيين، وهي بوابة الهزيمة في حال أحكمت المليشيات الحوثية السيطرة عليها، أي أن معركة مأرب هي المعركة الفاصلة، وما سواها مجرد تفاصيل. ولذا، فإن استعدادات الحوثيين لمعركة مأرب بدأت منذ انقلابهم على السلطة الشرعية، وازدادت وتيرة الاستعدادات منذ مطلع العام 2019 وحتى اليوم، لكن حصاد هذه الاستعدادات يبدو اليوم مجرد محرقة كبيرة وانتحار عسكري حوثي على أسوار محافظة مأرب.

- خسائر بالجملة

تتوالى الإحصائيات عن خسائر مليشيات الحوثي يوميا، بحسب وسائل الإعلام التابعة للجيش الوطني، خاصة بعد أن أشعل الجيش الوطني المعارك ضد المليشيات في عدة جبهات، في البيضاء والضالع ونهم والجوف وصعدة، لتخفيف الضغط على مأرب، فتسبب ذلك بارتباك كبير في صفوف مليشيات الحوثي.

وأفادت مصادر إعلامية أن قادة المليشيات وجهوا بتخفيف التحشيد العسكري إلى جبهات مأرب بسبب اندلاع معارك عنيفة في عدة جبهات، ما يعني أن اندلاع معارك في جبهات أخرى أربك خطة الحوثيين بتحقيق اختراق باتجاه مأرب، وتسببت خسائرهم في أسوار مأرب بادعاء تحقيق انتصارات على تنظيمات إرهابية في محافظة البيضاء، وهي مزاعم كاذبة، خاصة أن الطرفين (مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية) يتعايشان ويتخادمان في البيضاء وغيرها منذ سنوات.

وخلال اليومين الماضيين فقط، قتل عدد من عناصر مليشيات الحوثي في كمين محكم نفذته القوات الحكومية شرق مدينة الحزم بالجوف، حيث استدرجت قوات الجيش مجموعة من الحوثيين إلى أحد المواقع في منطقة الجدافر وباغتتها بهجوم، وفقا لموقع "سبتمبر نت".

كما استهدفت مدفعية الجيش ومقاتلات التحالف مواقع وتعزيزات مليشيات الحوثيين في المنطقة ذاتها، وكبدتها خسائر في العتاد العسكري، وصدّت قوات الجيش أعنف هجوم للحوثيين بالمدرعات في منطقة العلم.

وشهدت عدد من الجبهات الأخرى المحيطة بمأرب معارك عنيفة، وتصدت قوات الجيش لهجوم حوثي عنيف في جبهة المخدرة، كما شنت هجوما على مواقع الحوثيين في قرى "المشرشف" في البيضاء وسيطرت على مواقع جديدة.

وأعلن الجيش الوطني تحقيق انتصارات وتقدم ميداني عقب معارك مع ميلشيات الحوثي في جبهات مختلفة في كل من محافظات الضالع وصنعاء والبيضاء والجوف ومأرب. وأكد الناطق باسم الجيش، العميد عبده مجلي، أن مليشيات الحوثي تعيش في حالة انهزام واستنزاف مستمر في ميدان المعركة.

ووفقا لمصادر عسكرية، فقد بلغ عدد قتلى مليشيات الحوثي 581 قتيلاً بينهم أكثر من 17 قياديا ميدانيا رفيعا و1200 مصاب، خلال الأسبوع الأول من المعارك مع قوات الجيش الوطني في الجبهات المحيطة بمحافظة مأرب.

ونشرت مواقع إلكترونية أسماء بعض قتلى الحوثيين من القيادات، من بينهم: حسين النمس الذي قتل في الجوف، وأبو إسحاق راوية، وأبو صالح المداني، وحسين المروني، الذين قتلوا في جبهة قانية، وعلي مفرح جرمان الشريف، وعلي أحمد محبوب، قتلوا في جبهة العلم، وحمد محمد الراعي، حسن يحيى بلال، قتلوا في جبهة الجدفر.

وتؤكد مصادر ميدانية وجود قرابة 100 جثة لعناصر مليشيات الحوثي ما تزال مرمية في مناطق الاشتباكات المختلفة في معظم الجبهات.

وفيما يتعلق بالخسائر في المعدات، فقد بلغ عدد العربات العسكرية الحوثية التي دمرت كليا 33 عربة، واغتنمت قوات الجيش 11 عربة أخرى، في حين بلغ عدد عربات بي أم بي وغيرها التي تم تدميرها 13 عربة، وست عربات دمرت جزئياً، بينما اغتنم الجيش عربتين، في حين تم تدمير دبابتين في قصف لطيران التحالف، وتمكنت قوات الجيش الوطني من إسقاط خمس طائرات مسيرة حوثية في قانية والجوف.

- تقدم في صعدة

ويوم الجمعة الماضي، أعلن الجيش الوطني السيطرة على مواقع جديدة في مديرية باقم بمحافظة صعدة، وهي الجبهة التي استأنفها الجيش ضمن جبهات أخرى لتخفيف الضغط على مأرب.

وقال أركان حرب اللواء الخامس العميد سليمان النويهي، إن قوات الجيش سيطرت يوم الجمعة على مواقع جديدة في مثلت باقم عقب هجوم شنته على مواقع مقاتلي الحوثي في مديرية باقم بصعدة، بحسب وكالة "سبأ" الرسمية.

وأوضح النويهي أن المواجهات أسفرت عن سقوط خمسة قتلى من عناصر الحوثي واستعادة كمية من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

- حصاد معارك الأسبوع الأول

وبعد مضي أول أسبوع من المعارك في جبهة مأرب وجبهات أخرى، أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد الركن عبده مجلي، تحقيق قوات الجيش "انتصارات وتقدمات ميدانية إستراتيجية"، عقب معارك تكبدت خلالها مليشيات الحوثي خسائر كبيرة في مختلف الجبهات القتالية، خصوصا جبهات محافظات الضالع، وصنعاء، والبيضاء، والجوف، ومأرب.

وقال العميد مجلي -في تصريح لـ"سبتمبر نت"- إن مليشيات الحوثي تلقت، يوم السبت، هزيمة كبيرة بعد اختراق مواقع دفاعاتها بنيران الجيش والمقاومة الشعبية في "مريس" شمال مديرية قعطبة بمحافظة الضالع.

وأضاف أن الجيش حرر عددا من المناطق والمرتفعات والهيئات الحاكمة، وأهمها قرية القهرة والزيلة ومواقع السبعة وموقع الدبابة ومريفدان وجبلي "ملزق" والخواو"، وموقع الخزان الإستراتيجي المتاخم لمنطقة سون القريبة من جبل ناصة الإستراتيجي، وما زالت المعارك مستمرة أمام انهيار وفرار المليشيات الحوثية.

وأفاد العميد مجلي أن "الانتصارات والتقدمات مستمرة" في منطقة "نجد العتق" في جبهة نهم بمحافظة صنعاء، وجبهتي "النضود والجدافر" بمحافظة الجوف، وكذلك جبهة قانية بمحافظة البيضاء وصرواح بمحافظة مأرب.

وذكر أن قوات الجيش استخدمت العمليات العسكرية الهجومية والدفاعية والأساليب التكتيكية من المناورة والمفاجأة والهجوم المباغت والكمائن والالتفاف والتطويق، التي من خلالها تحققت "التقدمات" والقضاء على التسللات وإلحاق خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات بالمليشيات المتمردة، وأسر عدد من عناصرها، واستعادة عدد من الأسلحة والذخائر المنوعة.

- مأرب تقزم الحوثيين

تعد محافظة مأرب أكثر محافظة يمنية تجعل الحوثيين يشعرون بالتقزم كلما حاولوا الاقتراب منها، وهي بالنسبة لهم المعركة المؤجلة منذ بداية الانقلاب على السلطة الشرعية في عام 2015، إلا أن هذا التأجيل طال مداه، وكلما حاولوا الاقتراب منها يعودون لتأجيل المعركة ضدها مرة أخرى، وحشد المقاتلين والأسلحة لجولة جديدة من الحرب سرعان ما تفشل، بل فأحيانا تفشل المعركة ضدها قبل أن تبدأ، ذلك أن مأرب غرست الهزيمة النفسية لدى الحوثيين منذ أن دشنت "المطارح" للدفاع عن المحافظة قبل غزوهم لها بداية الانقلاب.

أجّل الحوثيون معركة غزو مأرب في بداية الانقلاب واتجهوا صوب محافظة تعز لإخضاعها، لتحقيق نصر سهل في أكثر محافظات اليمن مدنية وتعليما، لاعتقادهم بأن الانتصارات السريعة والسهلة ستجعل بقية المحافظات العصية على الهضم تصاب بهزيمة نفسية تجعلها تستسلم للأمر الواقع، غير أن محافظة تعز (المدنية) بدت عصية أكثر من محافظات أخرى (قبلية)، فتراكمت الهزائم النفسية للحوثيين، ولم يسيطروا إلا على محافظات سلمها لهم النظام السابق على طبق من ذهب. واليوم يجد الحوثيون أنفسهم محاصرين بهزائم نفسية بين تعز (العمق المدني والثقافي لليمن) ومأرب (العمق الحضاري والتاريخي لليمن)، وهي هزائم نفسية كفيلة بجعل المليشيات غير قادرة على تحقيق أي انتصار عسكري نوعي في تعز أو مأرب.