الثلاثاء 07-05-2024 10:48:42 ص : 28 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

انتهاك حق الضحايا.. لماذا يقلل الحوثيون من خطورة الأمراض الفتاكة في مناطق سيطرتهم؟

الثلاثاء 07 يناير-كانون الثاني 2020 الساعة 11 مساءً / الاصلاح نت-خاص- اسامه الليث

 

أربع سنوات مضت، نالت الأوضاع الصحية المنهارة فيها من اليمنيين كثيرا، وتحولت المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية إلى مستنقعات للأوبئة والأمراض، أحدثها وباء إنفلونزا الخنازير (H1N1)، في حين يتجاهل الحوثيون خطورة الوضع ويرفضون الإعلان عن عدد الإصابات والوفيات ويتهمون الإعلام بالتهويل والمبالغة.

لكن ما يحدث عكس ما يقولون تماما، ففي مستشفى الثورة، أكبر مستشفيات العاصمة صنعاء، يرقد العشرات من المرضى المصابين بهذا الوباء، وهناك العشرات ممن توفوا وهم يبحثون عن مستشفيات تستقبلهم، بعد رفض معظم المستشفيات الخاصة استقبال حالات جديدة مصابة بالفيروس لخطورة العدوى.

أمراض شتوية موسمية:

في الوقت الذي تتحدث فيه المصادر الطبية عن تسجيل أكثر من ألف إصابة بهذا الوباء، و346 حالة وفاة خلال مدة قصيرة، يخرج الناطق باسم وزارة الصحة للمليشيات بتصريحات غير مسؤولة وعبثية يطمئن الناس ويدعوهم لعدم التخوف من أمراض يصفها بأنها عادية وموسمية تحدث في كل سنة.

أحد الأطباء في مستشفى الثورة أخبرنا بحقيقة الوضع، والأسباب التي تجعل المليشيات تتستر على الأرقام الحقيقية الخاصة بحالات الوفاة نتيجة الإصابة بإنفلونزا الخنازير قائلا: "التقليل من انتشار الوباء مؤشر خطير، فالأرقام مخيفة حول عدد الوفيات، والمليشيات أوعزت للمستشفيات والمراكز الطبية الحكومية بأن يتم التلاعب بالتقارير الخاصة بسبب الوفاة الخاصة بالحالات التي تصل إليهم المصابة بهذا الوباء، وإرجاع سبب الوفاة إلى أسباب أخرى تحت مسمى التهابات حادة في الجهاز التنفسي، وأي أسباب أخرى دون الإشارة إلى إنفلونزا الخنازير".

وأضاف: "للأسف العشرات من المصابين بالفيروس يتوفون في منازلهم بصمت، لعجز أهاليهم عن إسعافهم إلى المستشفيات نتيجة الوضع المعيشي المتردي وأيضا نتيجة عدم الوعي بخطورة المرض".

"الوضع الصحي عموما كارثي جداً والمليشيات لا تولي أي اهتمام في هذا القطاع، إلا ما يخص الجانب المتعلق بعلاج جرحاها، مما أدى إلى انهيار كامل للقطاع الصحي وتدهور كبير في الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية، مما تسبب في انتشار الأوبئة، على رأسها الكوليرا والدفتيريا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير".

"فالخدمات التي يفترض أن تقدمها المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية للمواطن أصبحت شبه متوقفة منذ أكثر من أربع سنوات، الأمر الذي دفع كثيرا من المواطنين للجوء إلى المستشفيات الخاصة التي تحتاج إلى قدرة مالية عالية، تنعدم لدى ملايين اليمنيين بسبب توقف الرواتب".

وتابع: "بدلاً من أن تدق وزارة الصحة الانقلابية ناقوس الخطر، وتعمل على إنقاذ المواطنين وتوعيتهم بطرق وأساليب تجنبهم الإصابة بهذا الوباء الخطير، ما زالت للأسف منهمكة في تنفيذ ما تبقّى من مخططها الإجرامي تجاه هذا القطاع، من نهب وتدمير وإيقاف رواتب ونفقات تشغيل القطاع الصحي، وحرمان المواطنين من تلقي الخدمات الطبية، وحمايتهم من الأمراض والأوبئة التي تسببت بوفاة الآلاف منهم".

وأوضح أن سبب تستر المليشيات على عدد الوفيات بإنفلونزا الخنازير، هو الحرص على عدم الانكشاف أمام العالم بفشلها في إدارة أهم قطاع مرتبط بحياة ملايين اليمنيين، رغم المليارات التي تتسلمها كمساعدات طبية وصحية من المنظمات والدول الأجنبية، ونهبها مئات الأطنان من الأدوية المخصصة لمكافحة الأوبئة، والمتاجرة بها، وفرض شروط ابتزازية باهظة مقابل السماح بتوزيع الأدوية واللقاحات والمساعدات الصحية.

تضليل متعمد:

أكدت المصادر أن 346 شخصاً توفوا نتيجة الإصابة بإنفلونزا الخنازير في صنعاء، حتى 26 من ديسمبر الماضي، بينهم 198 من سكان أمانة العاصمة، بينما بقية المصابين قدموا إلى صنعاء لتلقي العلاج وتوفوا في المستشفيات، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية.

كما أفادت المصادر بأنه تم تسجيل أكثر من 1038 حالة إصابة بإنفلونزا الخنازير في أمانة العاصمة وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين.

وكانت مليشيات الحوثي قد اعترفت بوجود الوباء في صنعاء ومدن سيطرتها، إلا أنها حاولت التقليل من هول الكارثة، معتبرة ما يُنشر في وسائل الإعلام حول انتشاره مبالغا فيه وتهويلا أكثر من الواقع.

وفي تصريح للناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الانقلابية قال إن ما يٌنشر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن إنفلونزا الخنازير مبالغ فيه وتهويل أكثر من الواقع.

وأضاف أن عدد المصابين بأنفلونزا الخنازير لا يتجاوز الـ5 بالمئة مما يٌشاع عنه، فهناك حالات قليلة مصابة بهذا المرض، داعياً إلى عدم التخوف من الأمراض الشتوية، وخاصة إنفلونزا الخنازير.

وفي منشور لوزير الصحة الانقلابية على صفحته بموقع فيسبوك، أشار إلى أن هناك حالات قليلة تعرضت للإصابة بالفيروس، لكنها لا ترتقي لجائحة كما يروج لها البعض، فالمشكلة من الملاريا والضنك والكوليرا تبقى أشد من هذا المرض.

ودعا إلى عدم أخذ المعلومات من وسائل التواصل والإعلام، وإنما من مصادرها في وزارة الصحة سواء لهذا الوباء أو لغيره من الأمراض.

في المقابل، انتقد أطباء يمنيون نفي المتحدث الحوثي وجود وفيات بسبب مرض إنفلونزا الخنازير والتقليل من خطورة الكارثة الصحية، وإخفاء حقيقة الوضع رغم تسجيل المئات من حالات الوفاة والإصابة في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتهم.

واتهموا المليشيات بالتساهل والتلاعب بصحة وحياة اليمنيين، والتخبط والتناقض الواضح في تصريحاتها الإعلامية، وكذا التضليل والتقليل من خطورة الوباء، واستغربوا كيف يدعي المتحدث باسم وزارة الصحة أن عدد الحالات المصابة بالوباء لا يتجاوز الـ5 بالمئة مما يٌشاع عنه، بينما خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر الماضي رصدت المستشفيات 39 حالة إصابة بالوباء في أمانة العاصمة وحدها، وتم الإبلاغ عن 12 حالة وفاة في العاصمة صنعاء وحدها خلال يومين فقط، وكذلك عن 56 حالة إصابة جديدة خلال يوم واحد، مشددين على أن هناك تضليلا متعمدا من قبل المتحدث باسم وزارة الصحة الانقلابية، وحذروا من خداع الناس في مواجهة هذا الوباء الخطير.

وفاة في الطريق للمستشفى:

يعيش سكان العاصمة صنعاء حالة من الخوف والقلق الشديدين مع الانتشار المتسارع لوباء إنفلونزا الخنازير، وأرجع البعض منهم السبب إلى تدني مستوى النظافة العامة وتكدس المخلفات والنفايات وطفح المجاري وغيرها من الأسباب الأخرى التي تقف خلفها أيادٍ حوثية تسعى جاهدة لتفشيها في كل مكان من مناطق سيطرتهم.

ففي غضون يومين فقط، توفي خمسة ذكور وامرأة واحدة في صنعاء، نتيجة إصابتهم بالفيروس، حسب شهادة من التقينا بهم.

"أم أيمن" توفى زوجها قبل خمسة أيام بعد أن قامت بإسعافه إلى أحد المستشفيات الخاصة التي أعطته مضادات حيوية، وتطمينها بأن الأمر لا يستدعي القلق ومكوثه في المستشفى كما أخبرها الطبيب، لكن حالة الزوج الصحية تدهورت مما اضطر الزوجة إلى إعادة زوجها للمستشفى مرة أخرى، وبعد الفحص تأكد للأطباء أن الرجل أصيب بالوباء، ولم تمر سوى ساعات ليبلغهم الأطباء بوفاته.

"عبد الله" أيضا توفى شقيقه نتيجة إهمال الأطباء لحالته، فقد تم إخباره أن شقيقه مصاب بنزلة برد شديدة، وبعد أخذه للدواء سيتعافى سريعا، ولكنه لم يتعافَ بل زادت حالته الصحية سوءا، وأصبح عاجزًا عن الحركة مما دفع بعبد الله إلى التنقل بشقيقه في عدد من المستشفيات في العاصمة صنعاء، ليفارق الحياة في مستشفى الثورة، بعد إجراء التحاليل الطبية بساعات، والتي أثبتت إصابته بوباء إنفلونزا الخنازير.

على صعيد متصل، انتشرت أوبئة في مناطق سيطرة المليشيات بشكل واسع وخاصة بصنعاء، حسب ما كشفه التقرير الصادر من إدارة الترصد الوبائي في اليمن.

الوصول المتأخر سبب للوفيات:

إحصائيات مخيفة لضحايا وباء إنفلونزا الخنازير في صنعاء وبقية المحافظات التي ينتشر فيها هذا الوباء وبشكل سريع، مخلفاً العديد من الضحايا في أوساط اليمنيين.

هذا التحذير هو ما بدأ به الدكتور عادل الخولاني، استشاري الطب الحرج والعناية المركزة، عندما طلبنا منه معلومات عن مدى خطورة الوضع الصحي والوقاية من الإصابة بالوباء.

وقال الخولاني: "جميع الحالات التي توفيت جراء هذا الوباء، كان سببها تأخر وصولها إلى أقسام العناية المركزة، وهي بين 4 و10 أيام (بعد ظهور الأعراض الأساسية للمرض)، إضافة إلى أن الحالات المصابة لم تأخذ عقار (التاميفلو) خلال أول 36 إلى 48 ساعة من بدء ظهور الأعراض عليها.
اما عن الحالات التي تماثلت للشفاء كليا فهي نوعان، النوع الأول هي التي تناولت عقار التاميفلو خلال اليومين الأولين من بدء ظهور الأعراض، والنوع الثاني تلك التي كانت نتيجة فحصها للفيروس سلبية، ولم نتعرف على حالة تماثلت للشفاء من الحالات التي جاءت نتيجة فحصها للفيروس إيجابية، أو الحالات التي لم تتناول عقار التاميفلو".

وأضاف الخولاني أن "الفيروس سريع الانتشار، وقد يتسبب في كارثة صحية كبيرة، لا سيما مع عدم وجود اللقاحات الخاصة بعلاجه في المرافق الصحية وتجاهل وسائل الإعلام الحوثية للخطورة التي قد تلحق بالمواطنين وتقليلهم من أهمية الموضوع، لذا يجب علينا العمل على حماية أنفسنا وأطفالنا من الأمراض قبل أي شيء، ويأتي ذلك بمستوى وعينا وتغييرنا للممارسات الصحية الخاطئة".

وتابع: "المرض معدٍ تنقله للإنسان الخنازير المصابة به، ومن ثم يتم تناقله بين البشر كونه إنفلونزا، خاصة مع تطاير الرذاذ من المصاب، ، ما جعل قرابة 35% من المصابين من الأطفال، فعلامات الإنفلونزا من النمط "A/H1N1" شبيهة بعلامات الإنفلونزا الموسمية، منها الحمى والسعال والصداع وآلام في العضلات والمفاصل والتهاب الحلق وسيلان الأنف، فضلا عن التقيؤ والإسهال أحيانا، وعلاجه كأي فيروس يتم علاج أعراضه عن طريق أدوية معينة، والحرص على منع حدوث التهاب في الرئتين كأبرز مضاعفات هذا المرض، وإعطاء الأطفال المصابين بالإنفلونزا والذين تحقق إصابتهم بفيروس H1N1 إجازة من المدرسة لمحاصرة المرض، وعمل عيادات مجانية يتم فيها الفحص والعلاج المجاني للمرضى".

كلمات دالّة

#اليمن