الإثنين 06-05-2024 15:13:16 م : 27 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تجويع الشعب وإذلاله.. مذبحة صنعاء إفصاح لحالة الإفقار الحوثي الممنهج لليمنيين

السبت 22 إبريل-نيسان 2023 الساعة 02 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

استقبل اليمنيون عيد الفطر المبارك، بجريمة مأساوية شهدتها العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، أودت بحياة نحو 400 شخص سقطوا بين قتيل وجريح، مساء الأربعاء، أثناء تدافعهم أمام إحدى المدارس، للحصول على معونات مالية من أحد التجار.

وأعلنت مليشيا الحوثي في حصيلة أولية، مقتل 85 شخصًا، وإصابة أكثر من 322 بجروح، بينهم 50 في حالة حرجة، بينهم نساء وأطفال، في حادثة التدافع التي وقعت في مدرسة "معين" في منطقة باب اليمن، وسط العاصمة اليمنية صنعاء، بغية الحصول على مساعدات مالية مقدمة من رجل الأعمال "الكبوس".

وتنصلت مليشيا الحوثي عن مسؤوليتها عن هذه الجريمة، وحاولت القاء التهمة في وجه التجار، الذين اعلنت اعتقال اثنين منهم على ذمة الحادثة، وعزت السبب إلى "عشوائية التوزيع"، في محاولة منها للتهرب من المسؤولية عن هذه الجريمة التي استهدفت أكبر تجمع للفقراء في اليمن.

وبغض النظر عن أسباب هذه الفاجعة؛ إلا أنها نتيجة طبيعية لحكم المليشيا الانقلابية، التي أفقرت الناس، وسلبتهم حقوقهم، وحولت اليمنيين إلى فقراء ينتظرون المعونات المالية، بعد حرمانهم من مرتباتهم، فضلا عن مضايقة التجار والمنظمات والجمعيات الخيرية، وفرض اجراءات عقابية تهدد المخالفين بصرف أي معونات بعيدة عنهم.

 

إدانات واسعة

أثارت هذه الحادثة ردود أفعال واسعة محليا واقليميا ودوليا، جراء هذه المذبحة التي أودت بحياة المئات من اليمنيين، الباحثين عن مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة. وفي هذا الصدد، قدم أمين عام الأمم المتحدة تعازيه القلبية لأسر وأحباء ضحايا حادث التدافع الذي وقع في صنعاء، وأدى إلى مصرع العشرات.

وأعرب المبعوث الأممي الخاص لليمن هانس غروندبرغ عن الألم والحزن لوقوع الحادثة وقدم تعازيه القلبية "لجميع اليمنيين المفجوعين، وتمنى للمصابين الشفاء العاجل".
كما أعرب ديفيد غريسلي منسق الشؤون الإنسانية في اليمن عن الحزن العميق لمصرع عشرات الأشخاص في الحادثة. وقال إن هذه المأساة مؤلمة وخصوصا أنها في توقيت عيد الفطر المبارك الذي تجتمع فيه الأسر معا.

وتقدم رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي" بخالص التعازي، وأصدق المواساة لعائلات ضحايا التدافع المؤلم في صنعاء الذي اودى بحياة العشرات من الباحثين عن مساعدات إنسانية.."، ووجه الحكومة "بالتنسيق مع المنظمات الدولية ووكالات الإغاثة لتقديم يد العون للمصابين وأسر ضحايا هذه الواقعة المروعة".

من جهته، حمّل حزب التجمع اليمني للإصلاح بأمانة العاصمة، مليشيا الحوثي المسؤولية القانونية عن هذه الجريمة المروعة... مؤكدًا أن هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة جرائمها بحق الوطن والمواطن وفي مقدمتها الانقلاب على الدولة، وإدخال البلاد في اتون حرب شاملة.
ودعا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل دور المؤسسات الدولية في التحقيق في هذه الجريمة وغيرها، وإلزام المليشيات دفع رواتب الموظفين والكف عن ممارسات نهب الأموال والممتلكات واثقال كاهل المواطن بالإتاوات. كما دعا قياداته الإعلاميين والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي ومنظمات المجتمع المدني والغرفة التجارية خصوصا، الى التعاون في كشف الحقائق حتى لا يترك للمجرمين حجبها والتخلص من مسؤوليتها وتحميلها غيرهم.

 

تهرب من المسؤولية

بعد ساعات قليلة من الفاجعة، أصدرت مليشيا الحوثي بيانا تنصلت فيه من المسؤولية وحملت التجار مسؤولية الحادث، والذي أرجعت سببه إلى عدم قيام رجل الأعمال الكبوس، بالتنسيق معهم؛ لتوفير الحماية الأمنية كما يزعمون، ما يؤكد مساعيهم الرامية للسيطرة على التجار الذي يخالفون رغبتها في توزيع زكاتهم، ويشترطون التوزيع عبرهم فقط.لكن التناقض الذي أظهرته المليشيا في بيانها، هو أولا تحميلها التاجر "الكبوس" المسؤولية؛ لعدم التنسيق معهم لتوفير الحماية الأمنية حتى قبل أن تعلن لجنة التحقيق التي شكلوها عقب الحادثة، نتائجها، وفي الوقت ذاته زعمت المليشيا أن السبب للجريمة هو التدافع فقط، دون الإشارة إلى الأسباب التي كشف عنها شهود عيان، ووكالات دولية.

حيث نقلت وكالة "أسوشيتدبرس" عن شهود عيان قولهم، إن مسلحين حوثيين أطلقوا النار في الهواء في محاولة للسيطرة على الحشود، وأصيب سلك كهربائي ما أدى إلى انفجار، مشيرة إلى أن ذلك "أثار حالة من الذعر، وبدأ الناس بمن فيهم العديد من النساء والأطفال في التدافع، وحدثت المأساة الأكثر دموية في اليمن منذ سنوات".

وهو الأمر الذي أكدته وكالة "فرانس برس"، حيث نقلت الوكالة عن شهود عيان تأكديهم أن إطلاق نار أدى إلى التدافع، الذي وصفته بأنه أكبر حوادث التدافع في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، حسب حصيلة، أعدتها الوكالة، لهذا النوع من التدافع.

 

تخويف التجار

ومع مرور الساعات، توالت المعلومات والروايات وشهود العيان، حول هذه الجريمة التي هزت أركان اليمن، خصوصًا بعد محاولة المليشيا التنصل عن مسؤوليتها إزاء هذه الحادثة، ورميها في وجه التاجر الكبوس، ومحاولة إخفاء معالم الجريمة، بعد قيامها بأخذ التسجيلات من كاميرات المراقبة المنتشرة في مكان الحادث.
وفي هذا الصدد، اتهم مراقبون مليشيا الحوثي بالتسبب بهذه الحادثة، واستغلالهم لها؛ لإجبار التجار على تسليم الزكاة والصدقات لهم بدلا من توزيعها مباشرة على الفقراء والمحتاجين، خصوصًا وأن هذه الجريمة جاءت بعد محاولات الحوثيين منع التاجر الكبوس من توزيع الصدقات، وطالبوه بتسليمها إلى هيئة الزكاة التابعة لهم، غير أنه رفض وفقا لموقع "المصدر أونلاين".

وحسب المصدر أونلاين، فإن مسلحين حوثيين وصلوا إلى المكان، وحاولوا منع التوزيع بحجة أنه يمنع توزيع الزكاة والصدقات إلا عبر هيئة الزكاة التابعة لهم، حيث حاول المسلحون تفريق جموع المواطنين الذين حضروا لاستلام المعونة المالية المقدمة من الكبوس، من خلال إطلاق الأعيرة النارية، ما أدى إلى إصابة تماس كهربائي، كان هو السبب وراء وقوع هذه الأعداد الكبيرة من الضحايا.ويرى مراقبون، أن إعلان الحوثي في بيانهم، إلقاء القبض على مدراء شركة الكبوس، وتحميل الشركة مسؤولية هذه الفاجعة، يؤكد محاولة المليشيا التنصل من المسؤولية، وتحميل المسؤولية للتاجر الكبوس، في محاولة منها لتخويف بقية التجار من مخالفة توجيهاتهم بشأن توزيع الزكاة مباشرة، واشتراطهم تسليم الزكاة لهم لتوزيعها.

 

حوادث مفتعلة

وشكك مصدر مطلع في صنعاء، برواية الحوثي بشأن هذه الجريمة، مؤكدا أن هذا البيان هو محاولة استغلال لهذه الحادثة لتنفيذ أجندتها على التجار فيما يخص توزيع الزكاة، كون البيان أشار إلى عدم التنسيق معهم، مع أن قناة المسيرة التابعة للحوثيين، قالت في تقرير عن الحادثة إن المواطنين تجمعوا للمكان من بعد صلاة العصر، وبعضهم تناول الإفطار في ذات المكان.
وقال المصدر، يخشى الحوثيون أي تجمع، حتى ولو كانوا أفرادا بعدد الأصابع، فكيف حضر هؤلاء دون معرفتهم؟ ولماذا لم يقوموا بواجب الحماية منذ وقت مبكر، خصوصًا وأنهم كانوا على اطلاع تام بالموضوع، كون الكبوس قد أخذ تصريح منهم للتوزيع، ناهيك عن كونه يقوم بتوزيع الزكاة في ذلك المكان في كل عام، دون حصول أي مشاكل تذكر.

وأشار إلى احتمالية أن تكون هذه الجريمة مفتعلة، لإرهاب التجار، وكل من يفكر بتوزيع الأموال على الناس، وتحميله نتائج ما قد يحدث عنها من كارثة هم من يفتعلها بالأساس؛ وذلك بغرض السيطرة على زكاة التجار بهدف الاستحواذ عليها لخدمة مشروعهم من جهة، ونشر وتعميم الجوع بين السكان من خلال منع وصول الصدقات إليهم من جهة أخرى.

وأشار في هذا الصدد، إلى أن مليشيا الحوثي كانت قد قامت في وقت سابق خلال شهر رمضان بمنع الشيخ علي راشد من إمامة الناس في صلاة القيام؛ نظرًا لتوافد الناس للصلاة خلفه، وهو ما يغيظ الحوثيين، باعتباره تأكيد على فشل مشروعهم الذي يحاولون فرضه على الناس بالقوة.

وحسب المصادر، فقد طلبت مليشيا الحوثي من الشيخ علي راشد الوصابي كتابة تعهد والتزام إذا صار تفجير أو خلل أمني فإنه يتحمل مسؤولية ذلك، لكنه رفض، وكأنها تقول له: يا تمتنع عن الصلاة أو بيقع انفجار، وهو الأمر ذاته فيما يخص التجار ومنهم التاجر الكبوس، إما تسلم لنا الزكاة أو يحصل انفجار، وكأنهم يلوحون للتجار: إما نأكل الزكاة ويموت الناس في بيوتهم، أو يموت الناس على أبواب التجار الذين خالفوا توجهاتهم؛ وذلك لإرهابهم وتحميلهم نتائج كوارث هم من يفتعلها أساسًا.

 

السيطرة على الزكاة

تسعى مليشيا الحوثي للسيطرة على كافة الإيرادات، ومنها أموال الزكاة، حيث تقوم بذلك؛ ليس لخدمة الفقراء والمحتاجين؛ ولكن لخدمة مشروعها الطائفي. وفي إطار ذلك استحدثت المليشيا الانقلابية في 2019 قانونا جديدا بإنشاء ما يسمى بالهيئة العامة للزكاة وتعيين القيادي التابع لها "شمسان أبو نشطان" رئيسا للهيئة، وإلغاء مصلحة الواجبات كجهة معنية بمتابعة الزكاة وتحصيلها.

بالنظر إلى قوانين الهيئة الحوثية المستحدثة، فقد عملت على إلغاء كثير من قوانين الزكاة المعمول بها في اليمن، وخصوصا القانون رقم (2) لسنة 1999 بشأن الزكاة، حيث كانت تنص المادة رقم (27) من هذا القانون على أن المكلف بالزكاة يسلم للدولة 75% من زكاته، مقابل القيام بتوزيع 25% من الزكاة على الفقراء والمساكين وخاصة المزكّي الشخصي في جيرانه وأقاربه الذين لا تلزمه نفقتهم.

وبعد استحداث المليشيا لما يسمى بهيئة الزكاة، قامت بإلغاء هذه المادة، وفرضت على التاجر تسليم مبلغ الزكاة كاملا لها، وفرضت اجراءات عقابية تهدد المخالفين، الأمر الذي أدى الى حدوث خلافات كبيرة ومشاكل لا حصر لها بين المليشيا والتجار، خصوصا وان التجار كانت لديهم قوائم لأسر وأشخاص ومؤسسات كانوا يقومون بتوزيع مبلغ الزكاة المحدد عليهم عينًا أو نقدًا، حيث ترفض المليشيا أن يقوم التجار بتوزيع أي جزء من زكاتهم، وحصرها عليهم فقط، وذلك في إطار مساعيها الرامية للسيطرة على أموال الزكاة؛ لخدمة مشروعها الطائفي والإرهابي في اليمن.

ولأجل ذلك، عملت على تنفيذ حملات واسعة لأخذ الزكاة من المواطنين، عبر عقال الحارات، والمشايخ الموالين لها، وكذا قياداتها الأمنية والعسكرية، وصل بهم الحد إلى مقايضة المواطنين للحصول على اسطوانة غاز، مقابل تسليم زكاة الفطر إليهم، حيث تعمل جاهدة للسيطرة على هذه الأموال، لتكريس مشروعها الطائفي في اليمن.

 

تجويع الشعب وإذلاله

جاءت هذه الفاجعة التي شهدتها العاصمة صنعاء قبيل عيد الفطر المبارك، كنتيجة طبيعية لملاحقة الانقلاب السلالي لأي أعمال خيرية تبقي اليمنيين بين الحياة والموت، فمنذ انقلاب مليشيا الحوثي تزايد أعداد الفقراء والمحتاجين، بالتوازي مع منع المنظمات والجمعيات الخيرية من تخفيف أضرار التدهور المريع للأوضاع المعيشية للشعب اليمني.
حيث يرى الحوثيون أن المال خُمُسه وزكاته وصداقاته حق لهم فقط، محرم على اليمنيين؛ ولذلك تزداد قياداتهم غنى، ويزداد اليمنيون فقرًا، وكأنهم يقولوا إنه ليس أمام الشعب إلا الموت في كل الخيارات بالجوع أو المرض، أو الرصاص وغيرها من كوارث الانقلاب السلالي.

بالمقابل، أغلقت فيه المليشيا الجمعيات الخيرية، ومنعت التجار من التبرع لهذه المؤسسات، ولم تكتف بذلك؛ بل قامت باختطاف العشرات من الناشطين في العمل الإنساني، بتهمة العمل لصالح مؤسسات خيرية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وذلك في إطار حربها على الجمعيات الخيرية والمبادرات الشبابية وسعيها المتواصل للتضييق على الفقراء والمحتاجين وحرمانهم من المساعدات.
كما مارست صورًا متعددة من التضييق بحق المنظمات الدولية، التي فرضت عليها شروطًا كبيرة لأجل استمرارها في العمل، بالتوازي مع التضييق المستمر على كل الأعمال والأنشطة الخيرية والتطوعية التي ينفذها اليمنيون، كواحدة من أبرز صور التكافل الاجتماعي بين اليمنيين خصوصًا في مثل هذه الظروف، لكن المليشيا مارست صنوفا متعددة من المضايقات على هذه المنظمات الدولية والمحلية ورجال المال والأعمال؛ بهدف تجويع الشعب وإذلاله ومحاولة السيطرة عليه.

كلمات دالّة

#اليمن