الثلاثاء 30-04-2024 07:48:31 ص : 21 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

كيف تحولت ذكرى المولد النبوي إلى موالد للصوص وأصحاب الخرافات؟

الأحد 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص

 

دأبت مليشيا الحوثي الإيرانية منذ بداية نشأتها على استغلال كل مناسبة -وحتى بلا مناسبة- للاستغلال السياسي والترويج الطائفي للفكر الإيراني المستورد، وسعت بكل ما أوتيت من قوة لصبغ المجتمع اليمني بصبغة وافدة لا تمت للهوية اليمنية بصلة.
وكعادتها منذ انقلابها الأرعن في خريف 2014، وسيطرتها على الدولة والمحافظات اليمنية بقوة السلاح والعنف الطائفي، سعت مليشيا الحقد الحوثية، إلى استغلال ذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام، لتحقيق مكاسب سياسية بصورة فجة ومستفزة، ومقابل ذلك تحقيق أكبر قدر من الإيرادات التي تجبيها بمختلف الوسائل.
لم تكن اليمن -وإلى عهد قريب- تعرف مظاهر الاحتفال الطائفي بالمولد النبوي، وهي المظاهر التي جاءت بها مليشيا الحوثي من إيران والضاحية الجنوبية لبيروت التي يسيطر عليها حزب الله الإيراني، والتي لا تعني إحياء ذكرى النبي، بقدر ما تعني إحياء قضايا طائفية سلالية، والهدف الأكبر هو سلخ المجتمع اليمني من هويته الوطنية والعربية والإسلامية، لصالح هويات صغيرة تقوم على الحقد والعنف.
ومن ضمن الأهداف التي تسعى مليشيات إيران في اليمن إلى تحقيقها من وراء الاحتفال بالمولد النبوي، تحشيد الضعفاء والمغرر بهم وتعزيز جبهات القتال والزج بالأطفال إلى المعارك في الجبهات، وتقديمهم قرباناً للمشروع الحوثي السلالي المدعوم من إيران لتدمير النسيج الاجتماعي اليمني.

 

مناسبة للسرقة
لقد أصبح معروفاً لدى عامة الناس أن احتفال الحوثيين بالمولد النبوي لم يعد يعني شيئا سوى نهب المزيد من الأموال، وفرض المزيد من الإتاوات والجبايات بالقوة، والإثراء تحت لافتة المولد النبوي، بينما الحقيقة تؤكد أن هذه المناسبات باتت مناسبات لميلاد اللصوص وناهبي الأموال والموارد، فتحول من مناسبة لميلاد النبي الذي حمل رسالة النور والحرية ضد الطغيان والاستبداد، إلى غنيمة وبوابة لنشر الطائفية.
وتشير تقارير متعددة إلى حجم النهب غير المعقول الذي تمارسه مليشيا الحوثي الإيرانية من وراء هذه المناسبة كل عام، سواء من إيرادات مؤسسات الدولة بشكل مبالغ فيه، أو من خلال فرض الإتاوات الإجبارية على التجار والمحلات التجارية وحتى الباعة الجائلين، وإرغام المواطنين على دفع ما لم يقتنعوا به، في ظل تردي الأوضاع المعيشية وتصاعد حالة الفقر والعوز ونهب المليشيات للرواتب.

 

دلالات الاستغلال الحوثي
يرى مدير مركز المنبر للإعلام والدراسات التابع لبرنامج التواصل لعلماء اليمن أحمد الصباحي، أن هناك عدة أبعاد للاهتمام الحوثي بالمولد النبوي، أولها بعد اقتصادي حيث يتم استغلال هذا الحدث لنهب الناس وفرض الإتاوات على التجار وأصحاب الأعمال.
ويؤكد الصباحي لـ"الإصلاح نت" أن لاحتفال الحوثيين بالمولد بهذه الصورة بعد ثقافي وديني يتمثل في محاولة طمس هوية الشعب اليمني وتمرير الأفكار الدخيلة عليه.
ويلفت إلى محاولة الحوثيين الادعاء بمحبة النبي، بينما هو بريء مما يصنعون، "فالشعب اليمني محب للنبي ولا يحتاج لإقامة هذه الفعاليات لإثبات ذلك".


من جانبه، يجزم الكاتب الصحفي حسين الصوفي بأن هذه الاحتفالات سياسية بامتياز اخترعتها إيران ومن يقف وراءها ومن ثم مليشياتها في كل مكان لأهداف كثيرة من أهمها إفراغ الدين من محتواه وتحويله إلى مجرد طقوس وقشور.
ويضيف الصوفي: "وهذا يحقق هدفا آخر وهو تجيير القداسة الدينية وتحويلها إلى رموزهم السياسية حتى إنهم يحرصون في إرفاق مثلا اسم الرسول صلى الله عليه وسلم بصور قادة مليشياتها في إيران أو العراق أو لبنان ومؤخرا في صنعاء وبهذا يريدون القول إنهم هم الرسول وهم الدين ويجسدون ذلك في أفعالهم وسلوكهم".


ويقول الصوفي إن ما سبق يوصلهم إلى الهدف الثالث وهو الانتقام من التدين الذي شهدته المنطقة خلال نصف قرن مضى "فما عجزوا عنه في تدميرهم وتفجيرهم للمساجد ودور القرآن يقومون بمحاولة تفكيك وزعزعة الثوابت والمقدسات في ذهنية المسلمين وذلك بظلمهم باسم الرسول حتى يجبروا العقول على كراهية الرسول باعتبار ما يقومون به هو من أجل الرسول ورسول الله منهم براء".
من جهته يوضح مدير مركز العاصمة الإعلامي عبد الباسط الشاجع، طرق استغلال ميليشيا الحوثي الموالية لإيران الفعاليات الدينية ومنها المولد النبوي، في سبيل إعادة تشكيل هوية جديدة للمجتمع اليمني تتمثل بهوية طائفية سلالية مذهبية لا علاقة لليمن وتاريخه وثقافته بهذه الهوية.
ويلفت الشاجع إلى ما تقوم به ميليشيا الحوثي منذ اجتياحها صنعاء، بحشد جميع إمكاناتها للاحتفال بهذه المواسم، وتلقي فيها الكلمات والأناشيد وترسم الرموز والشعارات على الجدران وتنفق عليها ملايين الدولارات، سعيا منها إلى ربط ذاكرة المجتمع بهذه الرموز والاحتفالات التي ترتبط بالجماعة وفكرها وثقافتها.
ويضيف: "ولا يخرج مضاعفة الميليشيا هذا العام في حشدها للاحتفاء بالمولد النبوي، عن الانتفاضة التي تشهدها لبنان والعراق ضد هيمنة إيران وفساد أدواتها، وبهذا تسعى الميليشيا للمزيد من التحشيد لإيحاء الخارج بقدرتها في السيطرة على الشارع في المحافظات الواقعة تحت قبضتها".

 

قداسة اللصوص
ويعتقد الكاتب الصحفي حسين الصوفي أن وراء الصخب في مظاهر الاحتفاء، أهداف سياسية بالدرجة الأولى لإعادة تقديم رموزهم وصناعة قداسة لهم.
ويشير الصوفي إلى أن هناك أيضاَ أهدافاً مالية ربحية بالدرجة الثانية حيث إنها مواسم لصوصية ينتشر فيها اللصوص لنهب أرزاق الناس بالباطل.
كما يلفت إلى أهداف طائفية بالدرجة الأولى بالسعي لتطييف المجتمع وتفخيخه واستغلال فترة اللاسلم واللاحرب لزرع طقوس غريبة منبوذة وإيجاد شكوك وصراع في المجتمع.


ويلمح مدير مركز العاصمة إلى استغلال مليشيا الحوثي هذه المواسم أيضاَ في المزيد من إنهاك التجار والمواطنين من خلال فرض جبايات وإتاوات لا تنتهي، في إطار منهجيتها في تجويع وإفقار اليمنيين وإخضاعهم لمشروعها الطائفي.
ويرى الشاجع أن هذه الميليشيا المرتبطة بالمشروع الإيراني، أدركت أهمية المعركة الفكرية، وضرورة الإسراع في الانتشار والتغلغل في المجتمع اليمني، فبدأت معركتها الفكرية في وقت مبكر.


ويعتبر أن ذلك أشد خطورة كونها تستهدف الوعي وتدمر العقل وتؤسس لمستقبل مخلل بأفكار طائفية، فهي معركة الهوية والانتماء وتهدد استقرار المجتمع ونسيجه الاجتماعي حاضرًا ومستقبلًا.

  

تحصين المجتمع
ويذهب مدير مركز المنبر أحمد الصباحي إلى أن هناك مسؤولية مشتركة على كل أفراد المجتمع، وخصوصاً المنظمات والأحزاب والكيانات اليمنية كلٌّ بحسب إمكانياته، في سبيل تحصين المجتمع من هذا الانحراف.
ويشدد الصباحي على الحكومة الشرعية أن تقوم بدورها المناسب في مكافحة هذا التحريف والتجريف الذي يحاول الحوثي أن يسمم به عقول أبناء اليمنيين.
بينما يرى الكاتب الصحفي حسين الصوفي أن كشف المرامي الخبيثة لمستغلي المولد النبوي يجب أن يكون دعم مؤسسات ثقافية متخصصة واستغلال وسائل الإعلام الجديد لنسف هذه الشبهات والطقوس.
ويحبذ الصوفي فكرة دعم برامج ساخرة تفكك وتغسل كل هذا العبث وتلقف ما يأفكون في سبيل تحصين الشعب من الخرافات الحوثية التي تروجها في مثل هكذا مناسبات.
ويعتقد أن السخرية الواعية الاحترافية التي لا تنزلق إلى النيل من المقدسات هي أقصر الطرق لنسف كل هذه الترهات.
ويعتبر الشاجع أن مواجهة هذه المعركة الفكرية لا تقل أهمية عن مواجهتها عسكرياً.
ويشدد على ضرورة قيام المشروع الوطني المتمثل بالشرعية بدورها ومضاعفة الجهود لمجابهة هذا الخطر عبر خطة إستراتيجية تعمل على نشر الوعي وتحصين الجيل من خرافات الأفكار المستوردة من إيران، واستكمال تحرير كافة تراب اليمن من هذه الميليشيا.

كلمات دالّة

#اليمن