في ذكرى اليوم العالمي.. تدهور حقوق الإنسان في اليمن
الموضوع: اخبار وتقارير

   

العاشر من ديسمبر/كانون أول من كل عام, هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان. وهي المناسبة التي تحتفل بها عدد من شعوب العالم بعد نيلها للاستقلال والتغلب على مشكلاتها الداخلية, من الاستبداد والظلم, الى أن تعززت لديها الحقوق المدنية والثقافية والفكرية, وعاد إليها شيء من الاعتبار لكرامة الإنسان المهدرة وحياته وكل ما يتصل به.!

المناسبة ذاتها مرت هذا العام على اليمنيين ثقيلة, حيث لا تزال حقوق الإنسان في وضع متدني إلى حد كبير, بل هناك تدهور مريع من يوم لأخر. فمسلسل الممارسات العنفية والانتهاكات الممنهجة وعمليات التعذيب بحق المواطنين لا زالت مستمرة وتتوسع مداها باستمرار. لقد وصلت المعاملة غير الإنسانية في احايين كثيرة الى الإعدام خارج نطاق القانون, من تعذيب وحشي داخل السجون, الى حملة مداهمات واختطافات واخفاء قسري لعدد من السياسيين والصحفيين والنشطاء, كما هو الحال لما تمارسه في هذه الأثناء جماعة الحوثيين المسلحة.

لقد استفرد الحوثيون وهم الجماعة - العنفية والمسلحة - بالمواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم, فقد وضعوا مجموعة من المختطفين والسجناء في اماكن عرضة لقصف الطيران, كان اخرها مقتل أكثر من خمسين سجين وجرح ثلاثين أخرين حينما وضعوا في مقر الشرطة العسكرية بصنعاء الاربعاء الماضي, وقد تكررت هذه الحادثة لمرات سابقة, ونفس النتائج الكارثية( 1).! 

ومنذ سيطرتهم على مقاليد العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م انقلبت الجماعة على كل المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها الحكومات السابقة مع منظمات الامم المتحدة, حول تعزيز حقوق الإنسان في البلاد، ومنها اتفاقية منع تجنيد الاطفال دون سنة الـ 18 عشر(2), وهذا الانقلاب والتجاوز لهذه الاتفاقيات فاقم من وضع حقوق الإنسان في البلاد وزادها تعقيداً.

 

تجنيد الاطفال:

عرّفت الأمم المتحدة الطفل في النزاع المسلح بأنه "أي طفل يرتبط بقوة عسكرية أو بجماعة عسكريه دون سن الثامنة عشرة من العمر، ولا يزال أو كان مجنّدًا، أو مُستخدَمًا بواسطة قوة عسكرية، أو جماعة عسكرية في أي صفة، بما في ذلك -على سبيل المثال وليس الحصر- الأطفال والغلمان والفتيات ممن يجري استخدامهم محاربين أو طهاة أو حمّالين أو جواسيس أو لأغراض جنسية"(3)

 

تعريف الطفل الجندي:

"هو شخص تحت سن الثامنة عشر يكون فرداً في أي نوع من الجماعات المسلحة أو القوات المسلحة النظامية أو غير النظامية, بأي صفة أو وظيفة كانت، بما في ذلك الطباخين والمراسلين، والمرافقين، الذين تتعدى صفتهم الاجتماعية كونهم أعضاء في أسرة"(4)

وما تمارسه جماعة الحوثيين في هذه الأثناء, يدخل ضمن التجنيد الإجباري للأطفال بالقوة تحت السن القانوني والمتفق عليه. لقد تم دفع مئات الاطفال للتحول كـ مسلحين نتيجة الظلم والتعسف وسوء المعاملة التي يتعرضون لها أو ذويهم على يد سلطات الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها, كما تبين أن غالبية الاسر لا تستطيع الاعتراض أو انها تتعرض لضغوط شديدة منها السجن فيما لو حاولت رفض دفع أولادهم نحو التجنيد. إضافة أن هناك تقارير – موثقة - محلية ودولية صادمة في رصد عمليات التجنيد للأطفال والاثار التي خلفتها في عدد من القرى والمناطق اليمنية. 

 

حقوق المرأة:

كانت المرأة اليمنية قد قطعت شوطاً كبيراً لا بأس به في انتزاع كثير من حقوقها لنضال استمر لعقود طويلة, واستطاعت المرأة أن تصل الى اماكن متقدمة, ساعدها مستوى الانفتاح النسبي الذي اتسمت به الحكومة اليمنية, وكان اخرها حكومة التوافق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة, فقد منحت المرأة كثير من الحقوق وساعدتها في الوصول الى كثير من الاهداف. فإذا كانت المرأة اليمنية وحقوقها قد شهدت قليلاً من التحسن في عهد الحكومات السابقة, فإن سلطة الحوثيين اليوم أعادتها الى الوراء عقوداً طويلة, بل يمكن القول أن الحوثيين قد انقلبوا على كل الاتفاقات وصادروا ما أحرزته المرأة خلال عقود من النضال.

 

حرية الصحافة:

لا يحتاج المتابع الى كثير من الأدلة عن حجم التراجع الكبير والمهول في حرية الصحافة, بل يمكن القول أن الصحافة في اليمن تشهد عهد النكسة, وبالنظر الى حرية التعبير فهي القضية التي شهدت تدهوراً مريعاً منذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومحافظات اخرى, فالتقييد وصل الى مستويات غير مسبوقة من قبل, فقد أغلقت الصحف والمواقع الإخبارية والقنوات الفضائية والإذاعات واختطف الصحفيون وبعضهم تعرض للموت, ومورست شتى انواع الجرائم المروعة بحق الصحفيين والناشطين. فهناك من تعرض للضرب والاستهداف والإخفاء القسري, وكانت تقارير نقابة الصحفيين ومنظمات محلية ودولية صادمة بهذا الخصوص تتحدث باستمرار عن مستوى الانتهاكات التي تشهدها البلاد في هذا الجانب, ما يتطلب موقفاً حازماً من قبل المجتمع الدولي والذي لا يزال ينظر بتخاذل غير عادل لهذه القضية التي تجعل اليمنيين ينظرون باستهجان لحقيقة ما يجري وما يحدث في البلاد.

 

السجناء والمختطفون:

وثقت عدد من المنظمات المحلية والدولية حالات عديدة لتعذيب السجناء والمختطفين حتى الموت, ويمكن القول أن كل الذين تم اختطافهم خلال الثلاث السنوات الماضية قد تعرضوا للضرب الصعق, وتعرضوا لساعات من التحقيق العنيف تركت أثاراً كبيرة على حياتهم النفسية والبدنية, ولم يقتصر الأمر الى المختطفين فقد تعرض الأسرى لحالات من الاستهداف العنيف فارق الحياة بعضهم تحت وطأة التعذيب.

وكانت مواقع اخبارية موثوقة قد رصت ما يقارب 70 حالة وفاة داخل السجون التابعة للحوثيين تعرض للتعذيب حتى الموت كانت محافظة الحديدة والبيضاء والعاصمة صنعاء واب ساحة مفتوحة لتلك الانتهاكات. (5)

نهب المعونات الإنسانية:

على مدى ثلاث سنوات تتعرض عدد من المدن والقرن اليمنية لحصار غاشم من قبل الحوثيين ابرزها مدينة تعز وسط البلاد, واحتاج المواطنون الى كسر الحصار الذي استمر لفترة تسعة اشهر سابقة في 2015م وحتى منتصف 2016م اثناء تشكل المقاومة الشعبية والجيش الوطني.

ودانت عدد من المنظمات الدولية الحصار الخانق الذي تفرضه المليشيا على المدينة, حيث يتواجد فيها ما يقارب 4 مليون نسمة, يعشون اوضاعاً إنسانية صعبة للغاية, ولم يقتصر الأمر على الحصار بل وصل الحد الى نهب ومنع المعونات الإنسانية من الوصول الى المحافظة, وسجلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" شحنات محتجزة على مداخل المدينة يرفض الحوثيون ادخالها, الى جانب نهب عدد من الشحنات والمعونات المقدمة من مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية.

................

هامش:

1-   مقتل الصحفي عبدالله قابل وسجناء آخرين في سجن هران محافظة ذمار جنوب صنعاء بعد وضعهم في مخازن سلاح, كان عرضة لقصف طيران التحالف العربي أواخر مايو/ أيار 2005م.

2-   اليمن يوقع اتفاقية مع الأمم المتحدة بعدم تجنيد الأطفال دون سن الـ 18 في الأول من مايو/ ايار 2014م.

3-   مبادئ باريس بشأن إشراك الأطفال في المنازعات المسلّحة، 2007م.

4-   المحامي إبراهيم القاسم

5-   موقع قناة العربية "رصدت منظمات حقوقية يمنية مقتل 113 مختطفا في سجون مليشيات الحوثي تحت التعذيب الوحشي، من الجرائم التي تم التعرف عليها، حيث تشير إلى أن هناك جرائم مماثلة لمختطفين ومخفيين قسرا قتلوا بالتعذيب ولم يتم الكشف عنها. كما كشفت الحكومة اليمنية الشرعية عن أن أكثر من 70 مختطفاً قتلوا على يد ميليشيات الحوثي و المخلوع صالح جراء "التعذيب البشع على مدى ثلاث سنوات. "نفس المصدر".

الإصلاح نت– خاص – فهد سلطان
الأحد 17 ديسمبر-كانون الأول 2017
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=970