الهدنة في اليمن.. بين خروقات الحوثيين والصمت الأممي
الموضوع: اخبار وتقارير
 

 

في أحدث هدنة بين أطراف الصراع في اليمن المتمثلة بالجيش الوطني من جهة وجماعة الحوثي الانقلابية من جهة أخرى، تتكشف الكثير من التفاصيل وتتجلى المزيد من الحقائق وتتضح العديد من السلوكيات لجماعة الحوثي المتمردة على القوانين الدولية والمحلية، والخارجة على منظومة الأخلاق والقيم والعادات والأعراف.

فمع بدء سريان الهدنة التي وافقت عليها أطراف الحرب في اليمن برعاية أممية، أبت المليشيا الحوثية إلا أن تكشف عن وجهها الحقيقي والذي تحاول مرار إخفاءه والتستر خلف مصطلحات رنانة وشعارات جوفاء، ومحاولة تسويق نفسها كجماعة مضطهدة ذات مطالب حقوقية وقضايا عادلة، إذ تم توثيق ورصد المئات من الخروقات من جانب المليشيا الحوثية في مختلف الجبهات التي تدور فيها المعارك.

انتهاكات متكررة

وتقول مصادر إن أكثر من 1920 خرقا ارتكبتها المليشيا الحوثية منذ إعلان الهدنة قبل نحو خمسة أسابيع وحتى 30 أبريل الماضي.

وتضيف المصادر أن الخروقات الحوثية شملت كافة الجبهات في مختلف المحافظات واستخدمت فيها مختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وطائرات الاستطلاع المسيَّر وعمليات القنص، كما شملت الخروقات استحداث تحصينات وطرقات ومواقع جديدة، إضافة إلى استقدام تعزيزات بشرية ومعدات وذخائر وأسلحة في مختلف الجبهات.

وتشير المصادر إلى أن الانتهاكات توزعت في مختلف جبهات القتال بأنواع عدة من الأسلحة في مأرب والحديدة وتعز والضالع وحجة وصعدة والجوف وأبين ولحج، مشيرة إلى أن تلك الخروقات حدثت بواقع 573 في جبهات محور تعز، و406 في حجة، و399 في مأرب، و330 في الحديدة، و152 في الجوف، و49 في الضالع، و9 في صعدة، و4 في أبين، و2 في لحج.

وأعلن بيان رسمي صادر عن الجيش اليمني، الأسبوع الماضي، توثيق 181 خرقا خلال يومين فقط، تنوعت بين إطلاق النار في كافة الجبهات من سلاح المدفعية والعيارات المختلفة، وتنفيذ عمليات إعادة تموضع لآليات وعناصر مسلحة، ودفع تعزيزات إلى مختلف المواقع، واستحداث تحصينات.

وفي وقت سابق، كشفت إحصائية عسكرية عن مقتل وإصابة 40 شخصاً من الجنود والمدنيين، بنيران مليشيا الحوثي الانقلابية في محافظة تعز لوحدها، منذ بداية سريان الهدنة الأممية في الثاني من أبريل الماضي.

ويقول المكتب الإعلامي لمحور تعز العسكري، في بيان، إن قوات المحور رصدت 1126 خرقا ارتكبتها مليشيا الحوثي منذ بدء سريان الهدنة وحتى مطلع مايو الجاري 2022.

خرق سافر

وقد أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في بيان، "استهداف مليشيا الحوثي حديقة جاردن سيتي ومبنى إدارة الأمن الكائنة في شارع القيادة بمدينة تعز، بطائرة مسيرة وعدد من القذائف، والذي خلف 10 إصابات بين المواطنين والجنود، وحالة من الخوف والهلع بين الأطفال والنساء من مرتادي الحديقة".

واعتبر الإرياني أن "قصف مليشيا الحوثي للأحياء السكنية والمتنفسات العامة بمدينة تعز لاغتيال الفرحة بعيد الفطر المبارك في ذروة الازدحام بالمناسبة، خرق سافر للهدنة الأممية، وتأكيد على استخفافها بأرواح المدنيين، وحقدها الدفين على أبناء المحافظة، واستهتارها بالمجتمع الدولي، ومحاولاتها نسف مساعي التهدئة".

وطالب الوزير اليمني "المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن، بإدانة هذه الجريمة النكراء، وممارسة ضغط حقيقي على مليشيا الحوثي الإرهابية للانصياع للهدنة والالتزام بوقف إطلاق النار، وعمليات الاستهداف الممنهج للمدنيين، ورفع الحصار بشكل فوري وغير مشروط عن محافظة تعز".

انتهاك عابر

ولم تقتصر تلك الانتهاكات على المستوى المحلي فحسب، بل تعدى ذلك ليشمل الشقيقة السعودية أيضا في واحدة من خروقات مليشيا الحوثي الإجرامية التي تتمادى كل يوم بتكرارها بشكل سافر.

وذكرت مصادر محلية أن مليشيا الحوثي نشرت خلال الأيام الماضية منصات إطلاق صواريخ بالستية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها.

ووفقا للمصادر ذاتها فإن مليشيا الحوثي نشرت خلال الأيام الماضية منصات إطلاق صواريخ في عدد من المناطق القريبة من الحدود مع السعودية بمحافظات حجة وصعدة والجوف.

وفي بيان له أعلن الجيش الوطني، في الخامس من مايو الجاري، رصد قواته "إطلاق المليشيا الحوثية 8 صواريخ خلال يومين باتجاه مناطق يمنية وسعودية آهلة بالسكان وباتجاه مواقع عسكرية منها 4 صواريخ بالستية و4 صواريخ كاتيوشا في تصعيد غير مسبوق منذ انطلاق الهدنة".

مولود ميت

وبعد أن أعلنت الأمم المتحدة، في الأول من أبريل الماضي، عن موافقة الأطراف اليمنية على هدنة تستمر شهرين بدأت في اليوم التالي، قدر لها أن تولد ميتة، إذ لم تصمد تلك الهدنة يوما واحدا، نتيجة للسياسة الإجرامية التي تتبناها المليشيا الحوثية، فقد عكست التصرفات الرعناء للمليشيا عدم إيمانها بالحلول السلمية، وعدم احترامها للمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات المبرمة.

الهدنة التي جاء الإعلان عنها متزامناً مع المشاورات اليمنية في الرياض والتي أُعلن فيها تشكيل مجلس قيادة رئاسي في اليمن يتولى إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية، كانت دوافعها إنسانية بدرجة أولى، فقد تضمنت بنود الاتفاق وقفا شاملا للعمليات العسكرية، إلى جانب فتح مطار صنعاء إلى وجهات إقليمية محددة سلفاً، فضلاً عن الموافقة على دخول سفن تحمل وقوداً إلى ميناء الحديدة.

فشل متوقع

ويرى خبراء أن الهدنة المؤقتة التي وافقت عليها الأطراف المتحاربة في اليمن معرضة للانهيار في أي لحظة، خصوصا في أجواء مشحونة بالتوتر، وفي ظل تبادل الاتهامات بخرق الهدنة من قبل طرفي الحرب، إلى جانب فشل المساعي في تنفيذ البند المتعلق برفع الحصار عن مدينة تعز التي تحاصرها مليشيا الحوثي منذ يوليو 2015، واتهام هذه الجماعة للتحالف العربي بعدم الاستجابة لمستلزمات إعادة فتح مطار صنعاء الدولي والذي أغلق في أغسطس 2016.

وعلى الرغم من مضي أكثر من شهر على الهدنة، لا تزال مليشيا الحوثي تمتنع عن تسمية ممثليها في اللجنة الخاصة بفتح المعابر والطرقات المؤدية إلى مدينة تعز من كافة الاتجاهات، وفق نص مبادرة الهدنة.

موقف هزيل

وقد أبدت أحزاب ومكونات سياسية في محافظة تعز، من بينها المؤتمر والإصلاح والاشتراكي والناصري والرشاد والعدالة والبناء والقوى الشعبية والبعث الاشتراكي والبعث القومي ورابطة أبناء اليمن، في بيان أصدرته في السادس من مايو الجاري، أبدت تعجبها واستنكارها من المواقف الأممية الهزيلة تجاه ما يحدث من جرائم وانتهاكات متكررة من قبل الحوثيين.

وبحسب تعبير البيان فإن "من المفارقات الأممية العجيبة وتناقضات المواقف أن تأتي هذه الجرائم المتتالية في ظل ما تسميه الأمم المتحدة ومبعوث أمينها العام إلى اليمن بالهدنة، والتي مضى عليها أكثر من شهر دون أدنى احترام لهذه الهدنة من قبل مليشيا وعصابات الحوثي الإرهابية".

وعبرت الأحزاب عن أسفها إزاء الصمت المريب الذي تبديه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن تجاه هذه الممارسات الإرهابية لعصابات الحوثي. وأضاف البيان: "والأعجب من ذلك ما يصدر عنها من إشادة بالهدنة تزامنا مع هذه الجرائم، والأدهى أن يستغل صمت الأمم المتحدة من قبل جماعة الحوثي الإرهابية كضوء أخضر للاستمرار في ممارسة مثل تلك الجرائم التي لم تبالِ حتى باستهداف الأطفال والمستشفيات".

ويتابع البيان: "إذا كان صمت الأمم المتحدة ومبعوثها أمام هذه الجرائم البشعة بهدف تسجيل نجاح للهدنة المزعومة، وبالتالي يكتب كنجاح للمبعوث وللأمم المتحدة، فإننا نستنكر وندين هذا الابتزاز الرخيص والمخادع الذي ثمنه التغطية على ضحايا الإجرام الإرهابي لعصابات الحوثي وعلى حساب الأبرياء في تعز وفي محافظات يمنية أخرى".

وطالب البيان الأمم المتحدة ومبعوثها بإصدار إدانة واضحة لجرائم الحوثي ضد المدنيين، داعيا إلى موقف أكثر وضوحا وإدانة لمليشيا الإرهاب الحوثية وعدم التزامها بالهدنة رغم مضي أكثر من 35 يوما من الهدنة المحددة بستين يوما.

إعادة نظر

خروقات المليشيا الحوثية المتكررة بشكل لافت في مختلف جبهات القتال، دفعت بالإدارة الأمريكية الجديدة إلى التفكير في إعادة النظر حول رفع اسم مليشيا الحوثي من قائمة الإرهاب.

ففي الوقت الذي أعلن فيه مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص إلى اليمن "تيم ليندركينغ" دعم واشنطن للقيادة اليمنية الجديدة، كشف عن أن الرئيس "جو بايدن" طلب مراجعة إعادة الحوثيين على قائمة الإرهاب، مؤكدا أن قرار رفع الحوثيين من القائمة كان هدفه فقط السماح بوصول المساعدات لليمنيين، وفق تعبيره.

وقد رفعت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" اسم مليشيا الحوثي من قائمة المنظمات الأجنبية الإرهابية فور توليه منصب الرئيس، في يناير 2021، حيث ألغت قرارا اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب في آخر أيام رئاسته.

الإصلاح نت - خاص | صادق عبد المعين
السبت 14 مايو 2022
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=9172