على خطى إيران.. كيف يترعرع تنظيم القاعدة في أحضان الحوثيين؟
الموضوع: اخبار وتقارير
 

 

ما زالت مليشيا الحوثي الإرهابية تمضي على خطى إيران في علاقتها مع التنظيمات الإرهابية المختلفة، وفي مقدمتها "القاعدة" و"داعش"، وبدأت العلاقة بتبادل الأسرى والسجناء، مرورا بتوفير مليشيا الحوثي ملاذات آمنة لعناصر التنظيمات الإرهابية والتي تتواجد بكثرة في مناطق سيطرة المليشيات بمحافظة البيضاء، بينما يتواجد عدد منهم في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى يسيطر عليها الحوثيون، وانتهاء بانخراط عناصر تنظيم القاعدة في القتال إلى جانب الحوثيين ضد قوات السلطة الشرعية، باعتبارها عدو مشترك للحوثيين وتنظيمي "القاعدة" و"داعش".

وقد عاودت الحكومة اليمنية الشرعية، الأسبوع الماضي، مطالبة المجتمع الدولي وشركاء اليمن في مكافحة الإرهاب بتقديم المزيد من الدعم والمساندة للحكومة وتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، لكسر شوكة الإرهاب والانقلاب وإجهاض مخططاتهما الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار المحلي والإقليمي والدولي. وقال رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، إن "تخادم مليشيا الحوثي مع التنظيمات الإرهابية لممارسة المزيد من الانتهاكات والإرهاب ضد المدنيين، خاصة في محافظة البيضاء، صار اليوم أوضح من أن يتجاهله أحد".

- تعاون وتنسيق مكشوف

عندما انقلبت مليشيا الحوثي الإرهابية على السلطة الشرعية، في سبتمبر 2014، كانت تخشى أن يصنفها المجتمع الدولي منظمة إرهابية مثلما صنف من قبل مليشيات طائفية مشابهة لها منظمات إرهابية، مما دفعها إلى تقديم تطمينات للمجتمع الدولي بأنها ستكون شريكة في محاربة الإرهاب، لكن الواقع كان عكس ذلك تماما، فمنذ الانقلاب تحولت مليشيا الحوثي إلى راعية لتنظيم القاعدة الإرهابي وحاضنة له ولغيره من التنظيمات الإرهابية. فمن جانب، أفرج الحوثيون عن عدد كبير من أعضاء التنظيم الذين كانوا في سجون مختلفة تتبع الدولة، مما ساعد التنظيم على استعادة عدد كبير من مقاتليه، ومن جانب آخر، وفر الحوثيون لأعضاء التنظيم ملاذات آمنة في محافظة البيضاء وسط اليمن، بعد أن تزايد الضغط عليهم في المحافظات المحررة، خصوصا بعد هزيمة وطرد عناصر التنظيم من محافظة حضرموت في أبريل 2016.

صحيح أنه في البداية كان إفراج الحوثيين عن بعض عناصر تنظيم القاعدة من السجون بهدف مبادلتهم بأسرى حوثيين لدى التنظيم إثر اشتباكات بين الطرفين في بداية الحرب، لكن فيما بعد جرت تفاهمات بين الطرفين اقتضت التعاون والتنسيق بينهما، أي مليشيا الحوثيين وتنظيم القاعدة، وكان الدافع لذلك التعاون هو وجود خطر مشترك يهدد الطرفين يتمثل في السلطة الشرعية والتحالف العربي، وفيما بعد توسعت الترتيبات بين الطرفين من تبادل الأسرى والسجناء إلى إفراج مليشيا الحوثيين عن معظم سجناء تنظيم القاعدة الذين كانوا في السجون الحكومية قبل الانقلاب، مقابل أن ينخرط بعضهم للقتال في صفوفها، وأن تضمن لهم المليشيا مساحات خاصة للتمركز والانتشار والتدريب في مناطق سيطرتها بمحافظة البيضاء.

وخلال السنوات السبع الماضية، عقدت مليشيا الحوثيين وتنظيم القاعدة عددا من الصفقات السرية المتبادلة، وكانت النتيجة أن مليشيا الحوثيين عززت صفوف تنظيم القاعدة بكثير من المقاتلين الذين كانوا في سجون الدولة منذ سنوات ما قبل الحرب، وفتح جغرافيا محافظة البيضاء لإيواء الإرهابيين الهاربين من ملاحقة التحالف العربي وقوات السلطة الشرعية في المناطق المحررة، وكان معظم عناصر القاعدة الذين أطلقت المليشيا سراحهم يتواجدون في سجن الأمن السياسي (المخابرات) بصنعاء، وكثير منهم صدرت بحقهم أحكام من المحكمة الجزائية المتخصصة بمكافحة الإرهاب، بينهم عدد من كبار عناصر التنظيم، وتجرى حاليا محادثات لإطلاق سراح المتبقين.

- رعاية الإرهاب على خطى إيران

تعد إيران المرجع الرئيسي لمليشيا الحوثي الإرهابية سياسيا وفكريا وعسكريا وأمنيا وغير ذلك، وغالبا تتلقى المليشيا كل التعليمات لإدارة مناطق سيطرتها من سلطة الولي الفقيه في طهران، ويأتي ضمن ذلك التعاون والتنسيق مع مختلف الجماعات الإرهابية، حيث عُرفت إيران باحتضانها لعناصر تنظيم القاعدة منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد عممت ذلك النهج على المليشيات التابعة لها في المنطقة العربية، وفي مقدمتها مليشيا حسن نصر الله في لبنان ومليشيا الحوثيين في اليمن.

وبحسب تقرير "لجنة 11 سبتمبر" (لجنة تشكلت في نوفمبر 2002 لإعطاء تقرير مفصل حول هجمات 11 سبتمبر 2001) فإنه في التسعينيات "سافر أعضاء ومدرِّبون بارزون في القاعدة إلى إيران لتلقي تدريبات على المتفجرات، في حين تلقى آخرون التوجيه والتدريب من حزب الله في لبنان"، وفي السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر "سافر عدد من مختطفي الطائرة من أتباع تنظيم القاعدة عبر الأراضي الإيرانية".

وعقب هجمات 11 سبتمبر 2001، سعى العديد من عناصر تنظيم القاعدة إلى اللجوء لإيران وحصلوا عليه. وفي وقت لاحق، سمحت إيران لتنظيم القاعدة باستخدام أراضيها "كمركز تسهيل"، كما قال مؤسس القاعدة أسامة بن لادن في خطاب عام 2007، مؤكدا أن "إيران هي الشريان الرئيسي للأموال والأفراد والاتصالات" لصالح تنظيم القاعدة.

وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو قد ألقى، في 12 يناير 2021، خطابا عن علاقة طهران و"القاعدة"، خلال فعالية أقيمت حينها بنادي الصحافة الوطني بالعاصمة واشنطن، قال فيه إنه بعد 30 عاما من التعاون انتقلت العلاقة بين الطرفين إلى مستوى جديد، وفي 2015، قررت إيران السماح للتنظيم بتأسيس مقر عملياتي جديد على أراضيها.

وفي فبراير 2021، نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية تقريرا عن العلاقات بين كل من إيران وتنظيم القاعدة، والتي شملت تبادلا للأسرى، الأمر الذي سمح لقادة القاعدة بالتواجد على الأراضي الإيرانية، واعتبارها مقرا رئيسيا لعملياته.

وذكرت المجلة، التي أشارت إلى تصريحات لوزير الخارجية السابق مايك بومبيو بهذا الخصوص، أنه في 2015، سمحت طهران للقاعدة "بإنشاء مقر عملياتي جديد" على أراضيها، حتى أصبح التنظيم الإرهابي يعمل الآن تحت حماية النظام الإيراني.

وقالت "فورين أفيرز": "حدث شيء ما عام 2015 بين القاعدة وإيران". في ذلك الوقت، كانت إيران تحتجز بعض قادة القاعدة على أراضيها. وأضافت "في تبادل للأسرى مع التنظيم الإرهابي، منحت طهران هؤلاء القادة حرية الحركة التي سمحت لهم بالإشراف على عمليات القاعدة العالمية بسهولة أكبر مما كانت عليه في الماضي"، لافتة إلى تنسيق النظام الإيراني بعض الأمور مع تنظيم القاعدة الإرهابي.

وأشارت المجلة إلى تقرير لجنة 11 سبتمبر الذي جاء فيه أن "عناصر بارزة بالقاعدة سافرت إلى إيران في التسعينات للتدريب على المتفجرات"، بينما تلقى آخرون "المشورة والتدريب من حزب الله" في لبنان. وفي السنوات التي سبقت هجمات 11 سبتمبر 2001، سافر عدد من الخاطفين التابعين للقاعدة عبر الأراضي الإيرانية. وخلص التقرير إلى أن "الانقسامات السنية الشيعية" لم تشكل حاجزا أمام التعاون في العمليات الإرهابية بين القاعدة وإيران.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز قالت في خبر لها، في نوفمبر 2020، إن أبو محمد المصري، المتهم بالمساعدة في تدبير تفجيرات 1998 للسفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتنزانيا، قُتل على يد عملاء إسرائيليين في إيران.

- الحكومة تنبه المجتمع الدولي للخطر

في ديسمبر 2020، قدمت الحكومة اليمنية الشرعية تقريرا مفصلا إلى مجلس الأمن يوثق أوجه التعاون بين مليشيا الحوثي الإرهابية وتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، وغيرهما من الجماعات الإرهابية، مثل إطلاق 252 من الإرهابيين الذي كانوا مسجونين في صنعاء ومحافظات أخرى، وبينهم العقول المدبرة لتفجيرات وهجمات ضد المصالح الأمريكية والأجنبية، فضلا عن مسؤولين في الحكومة الشرعية المعترَف بها دوليا.

ويتكون التقرير من 27 صفحة مدعومة بالصور والوثائق التي جمعها جهازا الأمن السياسي والأمن القومي اليمنيان، في شأن "التعاون والتنسيق بين مليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية"، جامعا فيه معلومات وحقائق استخبارية عن "العلاقة الوطيدة" بين مليشيا الحوثي المدعومة من النظام الإيراني وتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، باعتبارها "امتدادا للعلاقة ذاتها" بين إيران وهاتين الجماعتين.

وفي سياق التنسيق بين الحوثيين وتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، أورد التقرير معلومات تفيد بأن مليشيا الحوثي "نفذت عددا من العمليات الصورية المتفق عليها مع هذه التنظيمات، ولم تقم بأي عمليات عسكرية ضدها"، موضحا أن "المليشيا تعقد تفاهمات مع العناصر الإرهابية التي تنسحب من مناطقها وتسلمها للحوثيين حتى تتمكن من الالتفاف على الجيش الوطني أو محاصرته، وفي المقابل تطلق المليشيا الحوثية سراح عدد من الإرهابيين".

وأشار التقرير إلى أن المليشيا الحوثية "توفر الملاذ الآمن لعناصر القاعدة الإرهابية في المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها، وخاصة العناصر التي فرت من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية"، موضحا أن "55 من إرهابيي القاعدة يوجدون في صنعاء أو المحافظات الأخرى التي تقع تحت سيطرة المليشيا الحوثية، وأبرزهم الإرهابي عوض جاسم مبارك بارفعة المكنى (أبو بكر) و(بكري)، الذي أقام في العاصمة صنعاء من عام 2017، حتى عام 2020. وكذلك الإرهابي هشام باوزير واسمه المستعار (طارق الحضرمي)، الذي سكن في منطقة شعوب بأمانة العاصمة صنعاء، وظل يتردد على المآوي الطبية فيها، ويتنقل بحرية في مناطق سيطرة المليشيا".

وشدد التقرير الحكومي على أن العلاقة بين الحوثيين والجماعات الإرهابية "وصلت إلى حد التنسيق لتبادل الأدوار الإجرامية المهددة لأمن اليمن واستقراره ووحدته، ومحيطه العربي والإقليمي، وخطوط الملاحة الدولية"، مؤكداً أن ذلك "يحتم على المجتمع الدولي أن يضطلع بمسؤولياته، ويقف ضد الإرهاب الذي تمارسه هذه المليشيا، وأن يدعم ويبارك جهود الحكومة الشرعية والجيش الوطني لحسم معركتهما ضد الإرهاب المنظم بكافة صوره، الذي تمارسه المليشيا الحوثية في حق اليمنيين بمختلف فئاتهم بصورة عمدت من خلالها إلى القضاء على التعايش المجتمعي".

الإصلاح نت - خاص | عبد السلام الحاتمي
الأحد 27 فبراير-شباط 2022
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=8961