مأرب حصن الجمهورية..بين إرهاب الحوثيين وتخاذل المجتمع الدولي
الموضوع: اخبار وتقارير

 

منذ اليوم الأول لاجتياح المليشيات الحوثية للمحافظات وسيطرتها على السلطة واستيلائها على المناطق وعيون جماعة الحوثي على محافظة مأرب الغنية بالنفط الزاخرة بالحضارة المتشحة بالتاريخ ما بين لعاب يتدفق لثرواتها وخيراتها ، وحقد يتوقد ضد أبنائها ومكوناتها الإجتماعية وتراثها وحضارتها وتاريخها الأصيل.

غير أن محافظة مأرب بأبنائها المخلصين ورجالها الأوفياء انبعثت من روحها الضاربة في جذور التاريخ، واعتمدت على نفسها في الدفاع عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها ، حيث مثلت رقما صعبا في الصراع مع المليشيا الحوثية المدعومة من إيران صعب عليها تجاوزه ، لتتحول أطرافها إلى محرقة التهمت العديد من فلول المليشيا الإجرامية ، وجدارا فولاذيا تكسرت عليه جماجم مقاتليها المفخخة بالأفكار الدخيلة المشحونة بالإرهاب.

ومنذ بدأ الحوثيون بالإعداد لاجتياح المحافظة استشعر أبناؤها الخطر في وقت مبكر ليعلنوا النفير ويتداعون من مختلف القبائل والمكونات ، حيث بدأت القبائل بتنظيم تجمعات قبلية تقليدية عرفت بـ "المطارح" للحشد ضد الحوثيين، حيث نُصبت أولى المطارح في منطقتي نخلا والسحيل شمالي مدينة مأرب في 18 سبتمبر/أيلول 2014.
وقد مثلت المطارح النواة الأولى للمقاومة ضد الحوثيين التي صمدت في أحلك الظروف والتي كانت تعصف باليمن جراء تساقط المحافظات تحت سطوة المليشيات الحوثية ، حيث مثلت أرضا صلبة للجمهورية والشرعية ومنطلقا لكل الأبطال الذين يخوضون المعارك ضد المليشيات الحوثية لتكون هي السد المنيع الذي أوقف زحف الإمامة وكسر غروره ، فقد استقطبت تلك المطارح المخلصين من اليمنيين من مختلف المحافظات، وهم الذين شكلوا النواة الأولى للمقاومة، ثم نواة تأسيس الجيش الوطني، ومعظمهم من الذين رفضوا العيش تحت هيمنة الحوثيين.

ولم تكن تلك المطارح سوى ثمرة للجهود التي بذلتها القبيلة لتوحيد الصف ونبذ الخلافات والثارات، فقد لعبت القبائل دورًا إيجابيًّا في الحفاظ على استقرار المحافظة، كما برز تغيّر ملحوظ في وجهات النظر القبلية في مأرب تجاه الدولة ومصالحها، وبدلًا من النظر إلى الدولة بعين الشك وبعدائية، أصبحت القبائل قوة مهمة في الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة والنظام الجمهوري نفسه.
فقد ربطت القبائل مصيرها بمصير الدولة وأدركت أن تمكن الحوثيين من محافظة مأرب يمثل توسعا لدائرة الخراب والفوضى ومزيد من الدمار والدماء ، خصوصا في ظل الانتهاكات التي تمارسها المليشيا في المناطق التي سيطرت عليها ، وحجم الجرائم التي تقوم بها بحق كل من عارضها أو خالف نهجها الإجرامي.

وتبدي المليشيا الحوثية استماتة وإصرار على دخول محافظة مأرب رغم حجم الخسائر التي تتعرض لها في جبهات مأرب المختلفة والأرقام المهولة لأعداد الضحايا الذين تدفع بهم الجماعة إلى تلك الجبهات لمحاولة اقتحام المحافظة.
وبحسب قائد المنطقة العسكرية الثالثة اللواء الركن "منصور ثوابه" فإن مليشيا الحوثي الانقلابية تكبدت أكثر من عشرة آلاف قتيل منذ يناير من العام الجاري 2021 موضحا أن هذا العام مثّل محرقة حقيقية للمليشيات في مختلف الجبهات.
وأوضح اللواء ثوابه في حوار مع صحيفة “26 سبتمبر ، أن قوات الجيش والمقاومة الشعبية تمكنت من كسر أكثر من (300) هجوم للمليشيا الحوثية على جبهات الكسارة والمشجح وجبل مراد وصرواح بمحافظة مأرب، منذ مطلع العام الجاري.

ورغم فشل المليشيا الحوثية في دخول محافظة مأرب وصد المقاومة الشعبية والجيش الوطني للكثير من هجماتها وسحق العديد من أنساقها إلا أنها تمكنت من إيصال حمم الموت عبر مقذوفاتها وصواريخها إلى وسط المدينة والتي طالت المناطق الآهلة بالسكان وإحداث خسائر كبيرة وضحايا من الأبرياء والآمنين.

وقد كشفت السلطة المحلية في محافظة مأرب في وقت سابق، عن أرقام ضحايا الهجمات الصاروخية التي نفذتها جماعة الحوثي على المحافظة خلال خمس سنوات.  
وفي تقرير أعده الموقع الرسمي لمحافظة مأرب بالتعاون مع مكتب حقوق الإنسان فيها، فإن صواريخ الحوثي تسببت في مقتل وإصابة 689 مدنيا خلال خمس سنوات وفق ما وثقته بشكل رسمي.
وأفاد بأن الحوثيين استهدفوا مأرب بـ (112) صاروخا باليستيا و (132) صاروخ كاتيوشا.
وبحسب التقرير فإن الصواريخ الحوثية أسفرت عن مقتل وإصابة 92 طفلا وامرأة منذ مطلع نيسان/ أبريل 2015 وحتى 14 تموز/ يوليو 2020.
ووفقا للإحصائية التي أعدتها السلطة في محافظة مأرب، فإن عدد الجرحى جراء إطلاق صواريخ الحوثيين على الأحياء السكنية والأعيان المدنية، بلغوا 438 مدنيا، بينهم 47 طفلا وثماني نساء ومسنين.

وتمثل محافظة مأرب موطن استقرار للكثير من النازحين الذين فروا من جحيم الحرب الدائرة في مناطقهم ، وملاذا آمنا لأعداد كبيرة من المعارضين لسلوك الجماعة الحوثية ونهجها الإجرامي ، غير أن تلك المخيمات لم تسلم هي أيضا من حقد المليشيا الحوثية وإرهابها ، فقد طالها القصف مرات عديدة وتسبب بإصابة العشرات من النساء والأطفال وتدمير ممتلكات للنازحين ، وتسبب بموجة نزوح أخرى لأكثر من 555 أسرة، مما فاقم الوضع الإنساني المتردي للنازحين.
فقد استقبلت المحافظة (2،231،000) نازح، يشكلون 60٪ من إجمالي النازحين في مختلف المحافظات، وتبقى الأرقام مرشحة للارتفاع في ظل استمرار موجات النزوح جراء تصعيد ميليشيا الحوثي في مختلف جبهات مأرب وبقية المحافظات التي تشهد صراعا مستمرا.
ووفقا لوكيل محافظة مأرب فقد أشار إلى أن المحافظة تستوعب حاليا أكثر من مليونين و300 ألف نازح، موزعين على 145 مخيما، بالإضافة إلى وجود أكثر من 20 ألف لاجئ إفريقي.

وبالرغم من حاجة النازحين إلى تدخل عاجل بمواد الإغاثة والإيواء من قبل المنظمات الدولية التي تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية ، إلا أن المعنيين بالأمر يعكسون أدوارا أكثر سلبية ، إذ يعاني النازحون في تلك المخيمات من أزمة إنسانية خانقة نتيجة الدور السلبي للمجتمع الدولي وتقاعسه عن القيام بواجبه.

وقد حمل البرلمان اليمني في وقت سابق في بيان له «مسؤولية دماء الضحايا الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، المجتمع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية بسبب اتخاذها لقرار رفع الميليشيا الحوثية من لائحة التنظيمات الإرهابية» ما أدى إلى تشجيعها على استخدام قوتها لاقتراف المزيد من الجرائم والتي لا يمكن اعتبارها إلا جرائم ضد الإنسانية.

ويتعامل المبعوثون الأمميون مع الأحداث بشكل مستفز للشعب اليمني، ويكشف عن التوجه الحقيقي لمنظمة الأمم المتحدة المتراخي مع الانقلابيين رغم انتهاكاتهم الجسيمة وجرائمهم البشعة المتكررة ضد المدنيين.
المماطلة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وعدم اتخاذ مواقف جادة وحاسمة تجاه الانقلابيين، شجعهم على المضي قدماً في مشروعهم الانقلابي، وأفقد الأمم المتحدة مصداقيتها في التعاطي الإيجابي مع قضايا الشعوب ومطالبها المشروعة.

ويعتبر حصار العبدية واحدا من صور الخذلان الذي يمارس بحق ضحايا الإرهاب الحوثي في مأرب من قبل المليشيات الحوثية ، إذ يتعرض قرابة خمسة وثلاثون ألف مواطن مدني وخمسة الاف اسرة للحصار منذ أكثر من عشرين يوما، دون أي سماح لعلاج أو غذاء في ظل صمت أممي مطبق ، في الوقت الذي تصل فيه طائرات أممية عبر سلسلة رحلات متتابعة إلى مطار صنعاء الواقع تحت سيطرة الحوثيين محملة بعشرات الأطنان من المعونات الصحية والمستلزمات الطبية بعضها مقدمة من منظمة "اليونسيف" التابعة للأمم المتحدة ، مما يعكس نفاق تلك المنظمات، وازدواجية المعايير الدولية في التعاطي مع قضايا الشعوب التواقة للحرية والكرامة، وأدوار سلبية مخزية خيبت الكثير من الآمال.

الإصلاح نت-خاص-عبد الرحمن أمين
الأحد 17 أكتوبر-تشرين الأول 2021
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=8574