الهشاشة النفسية.. أسباب، آثار، معالجات (كورونا نموذجا)
الموضوع: اخبار وتقارير

 

أولا، تقرير:

1- إعلامنا والدبّ القاتل:

أحد الحمقى اصطاد دُبّاٌ حديث الولادة، وظل يدربه على التقاط الأحجار شيئا فشيئا وكيفية قذفها هنا وهناك، بل وتجاه البعض، فقيل له: لا تُعلّم الدب لقط الحجر، غير أن الأحمق استمر في صلفه الفج معلما للدب شهورا عدّة.

ذات يوم نام الأحمق والدب يحرسه، فحطت ذبابة على جبين الأحمق، فأسرع الدب وحمل حجرا كبيرا بكلتا يديه وألقاه على الذبابة، طارت الذبابة، وتهشمت جمجمة الرجل ففارق الحياة فورا.

هكذا هو إعلامنا عربيا ويمنيا، حيث قذف قنابل الهلع وغرس القلق في الوعي واللاوعي المجتمعي والخوف طيلة عام كامل.

جريمة الإعلام:

جريمة الإعلام الذي كرس نشر الخوف والهلع فكانت النتيجة كارثية بامتياز - سيطرة القلق والاكتئاب على نفسية المجتمع طيلة عام كامل، وهنا يكون الإعلام قد حول نفسية المجتمع إلى أرضية خصبة قابلة للإيحاءات القاتلة، علما بأن هنالك عوامل أخرى ساعدت الإعلام المكارثي اللامسؤول، ومن هذه العوامل الخطيرة التكوين العقدي، والتربوي، والثقافي، كما وضحته الفقرات التالية:

2- إبان حرب هتلر شاهدت القيادة البريطانية جنودها يتحركون بخُطىً مرتعشة وهم يدافعون عن بلدهم، في حين شوهد جيش هتلر يتقدم بخطى ثابتة. سارعت القيادة البريطانية في اللحظة، وسط الحرب، واستدعت كبار علماء النفس التربوي لدراسة الأسباب التي تولد عنها الموقف المرتبك لجنودها، مطالبة أهل الاختصاص بتقديم دراسة منهجية جادة
تضع المشرط فوق الجرح لاستئصال الداء خلال فترة زمنية قياسية قصيرة، جاعلة من الحرب أكبر محفز لتقديم معالجة جادة.

بعد أسابيع قليلة كشفت الدراسة أن السبب يعود إلى خلل ثقافي تربوي،
ذلك الخلل يعود إلى أصول المنهج السياسي التربوي للدولة، تمثل ذلك الخلل في بناء تصورات خاطئة لدى الجيل، فجاءت النتيجة طبيعية - موقف مرتبك في ميدان الدفاع عن الوطن، وانطلقت المعالجات.

3- نفس الموقف اتخذته اليابان بعد هيروشيما، وكذلك كوريا الجنوبية في مواجهة الشيوعية القادمة من كوريا الشمالية.

وفي العقد الأول من القرن الـ21، في راوندا، بعد المذابح العرقية التي استمرت عقودا، ها هي راوندا خلال عقد ونصف العقد حققت قفزات تنموية تنافس دولا عريقة في التكنولوجيا، وذلك من خلال المدخلات الفكرية والتربوية والثفافية.

ثانيا، الهشاشة النفسية:

ظاهرة الهشاشة النفسية التي تكشفت في واقعنا اليمني تجلت في مجالات عدة، غير أني سأشير باقتضاب إلى ظاهرة الهشاشة النفسية في مجالين فقط هما: المجال الاجتماعي، ومجال الصحة النفسية.

1- المجال الاجتماعي:

بين يدي معلومات في هذا المجال وتحديدا ميدان الأسرة، معلومات صادمة تمثل رعبا من الدرجه الأولى، بأرقامها المخيفة جدا، على أنني متحفظ على مصادر المعلومات وعلى الرقم، وسأعتمد منها 30% فقط، بل وبتحفظ.

باختصار، تقول الإحصائية إن حالات الطلاق خلال فترة الحرب الحوثية الإرهابية المليشاوية الانقلابية المشؤومة وفي محافظة تعز فقط بلغت 6200، وأغلبها حالات خلع، وأسباب الخلع هي هشاشة البنية الثقافية اللامسؤولة لدى الزوج أولا، ولدى الزوجين ثانيا.

والأسوأ هو أن هذا الرقم طال شريحة الشباب من الجنسين المتعلمين خصوصا، وأسوأ منه أن هذ الرقم طال شريحة الشباب المتزوجين أثناء
الحرب، أي أن الزواج لم يدم في أغلب الأحوال أكثر من سنتين ثم تسوء العلاقة إلى درجة تثير الغثيان بين الطرفين، فتسارع الزوجة إلى الخلع أو الزوج نحو الطلاق.

الخلاصة: لو اعتمدنا نسبة الـ30% البالغ 2070 طلاقا، نقول قطعا إن لرقم لا يزال مخيفا، بل هو مخيف لو كانت 500 حالة.

بطبيعة الحال، لهذا المجال له أسبابه المختلفة، علما أن السبب التربوي، المتمثل في التكوين العقدي والفكري والثقافي، يشكل أبرز القواسم المشتركة في مجالات حياتنا ومنها المجال الاجتماعي ومجال الصحة النفسية.

ثالثا، صلب الموضوع:

سنسلط الضوء على مجال الصحة النفسية، كونه الأخطر في ظل فيروس كورونا.

الحق يقال إن هذا المجال قد أزعجني بل وأرّقني جراء التفكير الضاغط والمستمر، فوجدت نفسي أعيش القلق، ولكن من زاوية خوفي على المجتمع، وسألتقي مع المجتمع في نقطة انهيار الجهاز المناعي، وإن اختلف الدافع.

رابعا، هدف الكاتب:

1- فتح نافذة للكُتّاب والمختصين للإسهام في دراسة الأسباب التي أنتجت الهشاشة النفسية التي انعكست دمارا على الصحة النفسية داخل مجتمعنا.

2- التحديد الدقيق للعوامل التي ساعدت الإعلام اللامسؤول في خلق الهلع والانهيار النفسي في مواجهة فيروس كورونا، وخصوصا لدى الشرائح التي يُنظر إليها أنها تمتلك وعيا ثقافيا رفيعا - الوسط الطبي والأكاديمي والقضائي نموذجا، ثم حملة الشهادات الجامعية فما فوق.

3- السعي للإسهام في تقديم أهم المعالجات التربوية في هذا الصدد

خامسا، أسباب الهشاشة النفسية:

1- التكوين التربوي العقدي الفاشل، ويأتي في طليعة الأسباب: ضعف الخطاب التربوي الديني عقديا وثقافيا، ويتمثل هذا الضعف في غياب الثقافة السننية، ذلك أن مدخلات التكوين التربوي تقدم خليطا من العدمية اللاسننية، والخلط بين الأقدار السننية الخاضعه للتعاطي وبين القضايا العقدية التي لا دخل للإنسان فيها، فأصبح العقل المجتمعي يعيش وسط ثقافة سائلة لا عقلانية فيها ولا معالم ومحددات واضحة، والمحصلة النهائية التسليم لعماية قاتلة اسمها القدر.

النتيجة:
- تلوّث المحتوى العقلي، أعني عماية عقلية فكرية ثقافية بسبب تلوث العقل الواعي واللاواعي.
- إرشاد ديني مسيّس، هناك وعظ ديني يدعو إلى الأخذ بالأسباب والاحتياطات المقترحة، المسافات بين المصلين نموذجا، يقابله وعظ شديد اللهجة، فتاوى حاسمة تقول ببطلان الصلاة إذا لم يتلاصق المصلون.

وهذا التشدد أيضا تجده متناقضا مع الذات كون الرؤية الدينية لديه غير متسقة مع الكليات الحامية للإنسان، فتجده تارة يقدم ذلك المزيج العقدي المتفكك السائل الفاقد للحدود والمعالم، المدمّر للثقافة السننية، وتارة -وفي هذا المقام الخطير- تأتي فتواه ردة فعل للخصم الديني، محتجا على الخصم الديني الداعي للأخذ بالأسباب والاحتياطات، أن فتواه قادمة من راية عمّية لا شرعية لأميرها جهادا... إلخ.

والمحصلة النهائية:
- تمييع ما تبقى من الثقافة السننية.
- الزج بالنفسية المجتمعية نحو التيه، بحثا عن جهة مسؤولة تقدم الحلول.
- الارتماء في أوحال الإعلام المأجور واللامسؤول عن أمانة الكلمة وخطورتها في هذا الموقف الخطير.

وقد تتبع الكثير من المهتمين والمختصين أن الإعلام اللامسؤول يجتزئ التوجيه في بث الرعب وعدم تحري الحقيقة في أسباب الوفيّات، متهما للإعلام بأنه يتلقى الأموال من جهات خارحية - شركات الأدوية.

سادسا، الإعلام يدمّر النفسية:
د. مروان الخوري متخصص فيروسات لأكثر من 50 عاما يرد على السؤال حول سبب كثرة الوفيات فيقول إن الفيروس غير قاتل، وإن سبب الوفيات هو الإعلام الذي صب الهلع النفسي في الوسط المجتمعي.

وأوضح الأثر المدمّر بطريقة علمية نفسية قائلا إنه إذا عاشت النفوس تحت الخوف لفترة أسبوع فأكثر، فإن هرمون الأدرينالين يرتفع تحفيزا للنفس كي تهرب من الخطر، وإذا لم تجد النفس مجالا للهروب من الخطر، وبالتالي الخوف والقلق مستمران في الضغط يظل الهرمون يفرز ضغط الدم عاليا، وهنا تتحفز الغدة المناعية لمهاجمة الخطر فلا تجده، وإذا استمرت متحفزة ولم تتعرف على الخطر ولم تهاجمه، فإنها تتوقف عن إمداد الجهاز بمادة المناعة الحامية للجسد، وينهار الحهاز المناعي، وبالتالي فإن الوفاة متوقّعة في ظل انهيار الجهاز المناعي الذي جعله الله سنة في حماية الجسد مهما كان الفيروس غير قاتل.

وحذر د. مروان الخوري من تعاطي اللقاح بحكم تخصصه، مشيرا إلى أن نجاح اللقاح لن يكون إلا بعد تجارب طيلة 15 سنة، مؤكدا أن التعاطي مع الأسباب مطلوب، وعدم الانصياع للإعلام المأجور -حسب قوله- وإن الفيروس موجود تم تحضيره منذ عام 2003، مشيرا إلى أنه متابع للشركات التي خصبت وتخصب الفيروس، مضيفا أن الوفيات عالميا تناقصت بشكل ملحوظ، موجها خطابه للعالم العربي ألا ينصاع لطاحونة الإعلام القاتل للمناعة على النحو الآنف ذكره، فالفيروس موجود ولكنه غير قاتل.

الخلاصة:

1- تم تدمير نفسية المجتمع بتخطيط علمي لصالح شركات الأدوية العالمية وبشكل إجرامي متعمد.

2- الإجرام العالمي ومعه الإعلام المأجور سيستمران في خلق أوبئة وشن الحرب الإعلامية.

3- يجب إعادة النظر في المدخلات التربوية والخطاب الديني المعقلن انطلاقا من سنن الله في النفس والاجتماع والحياة.

4- يجب وضع حد للإعلام اللاهث وراء المادة، وما لم يجب السعي لإيجاد إعلام مسؤول يحصن الأمة ثقافيا.

الإصلاح نت-خاص/ عبد العزيز العسالي
الإثنين 26 إبريل-نيسان 2021
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=8023