لم تكن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر إلا ثمرة ونتيجة لمحطات ثورية ومسيرة كفاح الشعب اليمني طيلة قرون سبقتها من قبل لتصل إلى الثورة الأم والأهم التي غيرت مجرى التاريخ اليمني.. وفي هذه الإطلالة التاريخية السريعة نستعرض أهم المحطات الثورية والتاريخية ضد الإمامة في اليمن..
أبرز المحطات الثورية ضد الإمامة:
- ثورات الحجرية عام 1094: رفض أهل الحجرية تسلط الإمام أحمد بن الحسين وعماله على الأهالي وعملوا على العصيان ما لبث أحمد بن المؤيد أن قمع عصيانهم وقام بأسر بعض المشايخ وأرسل بهم إلى منصورة الدملؤة وهناك قام المهدي الثاني بإعدام الأسرى وكانت سبباً لثورة الحجرية وخدير وصبر عليه واستمرت أحداث الثورة فترات متتالية حتى تم قمعها بعد أن كانت على مشارف النجاح.
- وفي العام التالي قامت ثورة أخرى بصبر ضد الإمام المؤيد الصغير تم فيها إلغاء حي على خير العمل من الأذان، وانتفضت الحجرية مرة أخرى مساندة لصبر حتى سيطروا على البلاد من باب المندب ولحج إلى تعز غير أنه تم قمعها بكل وحشية.
- ثورة يافع: في عهد الإمام المؤيد الصغير محمد بن المتوكل إسماعيل في ربيع الأول سنة 1094هـ، وهزمت جيشه شر هزيمة حتى كاد يفنى الجيش كله، وخرجت يافع من سلطة الإمام المؤيد، ولم يجرؤ على غزوها بعد ذلك حتى أن جيشه أحجم عن غزو يافع سنة 1095هـ.
- ثورة الفقيه سعيد الدنوي 1256هـ: تميزت ثورة الفقيه سعيد الدنوي عن غيرها من الثورات أنها ثورة شاملة فكرية وسياسية وعسكرية، توحد فيها كل اليمن الأسفل من عدن وحتى تهامة، وذلك بسبب نهب وسلب الأئمة وبطشهم باليمن الأسفل، استطاع جيش الفقيه أن يطهر كل اليمن الأسفل من الأئمة وولاتهم وواصل تقدمه حتى يريم وضرب حصاراً على جيش الإمام الهادي بن المتوكل وكاد أن ينتصر، وكاد الإمام أن يعلن هزيمته واستسلامه لولا خيانة وبيع بعض قادة جيش الفقيه أمثال علي أبو حليقة وآخرين، استطاعوا التسلل إلى خيمة الفقيه سعيد وأسره وعندما علم جيش الفقيه بذلك انهزم، وتم قمع كل اليمن الأسفل وخاصة إب والدنوة التي أباحها الإمام للمرتزقة.
حركة تعز وإب ضد الإمام يحيى عام 1928: اجتمع بعض مشايخ إب وتعز في مدينة تعز وهم: سلطان عبدالله يحيى الصبري وأخواه إبراهيم وعلي، وعبدالوهاب نعمان، وزيد بن عثمان المساوى، وحميد بن علي الجماعي، وغيرهم، وأبرموا اتفاقًا على الثورة، وفصل بلاد إب وتعز عن سلطة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين.
إلا أن أمرهم انكشف للإمام قبل التنفيذ فجرد عليهم حملة هدموا بيوتهم وأحرقوها، وأسرهم جميعاً وكبلهم بالحديد، وسيقوا راجلين إلى صنعاء حيث أعدم بعضهم والبعض الآخر مات في سجون الإمام يحيى.
- الثورة التهامية (الزرانيق) من 1925- 1928: انتفضت معظم قبائل تهامة وعلى رأسها قبائل الزرانيق بقيادة الشيخ أحمد فتيني جنيد ضد الإمام يحيى ودارت معارك كثيرة وشرسة وحصار لقبائل الزرانيق استمرت ثلاث سنوات هزمت فيها جيوش الإمام يحيى شر هزيمة، لكن بفعل الخيانات الداخلية واستمرار حشود الإمام للجيوش والمرتزقة وفارق التسليح تم قمع هذه لثورة بكل وحشية.
- ثورة 48 أو ما عرفت بـ"الثورة الدستورية": التي قادها وهيأ لها العديد من الشخصيات اليمنية أمثال الزبيري والنعمان وجمال جميل والفضيل الورتلاني، تم فيها قتل الإمام يحيى حميد الدين، في 13 فبراير 1948 وتنصيب عبدالله الوزير إماماً دستورياً جديداً لليمن. لكن هذه الثورة فشلت بسبب عوامل داخلية وخارجية ووقوف جامعة الدول العربية إلى جانب الإمام أحمد حميد الدين وعدم الاعتراف بالإمام الوزير المنصَّب من قبل الثوار. وانتقاماً من هذه الثورة والثوار أعدم الإمام أحمد رموز الثورة ونهب صنعاء نهباً ذريعاً لم تنهب مثله في التاريخ.
- حركة 55 بقيادة المقدم أحمد الثلايا مع بعض الضباط في الجيش، حيث استغل هؤلاء الضباط الخلافات العائلية بين الإمام أحمد وأخيه عبدالله وتم التواصل مع الأمير عبدالله واستمالته إلى صفوف الثوار، وحاصر الجيش قصر الإمام في تعز وتم إجباره على التنازل لأخيه عبدالله، إلا أن الإمام أحمد استطاع خداع الثوار والضباط وقام بشراء العديد من الضباط وتم إجهاض الثورة واستعادة عرشه بعد ثلاثة أيام، وقام بإعدام أخيه والعديد من الضباط وقيادة الحركة الوطنية.
- حركة مارس 1961: في السادس من مارس 1961 جرت محاولة الإطاحة بالإمام أحمد في مدينة الحديدة من قبل بعض الضباط على رأسهم الملازم عبدالله اللقية، والملازم محمد عبدالله العلفي، ومحسن الهندوانة، ومن خلفهم كان الزعيم عبدالله السلال مدير ميناء الحديدة يومها. وقام اللقية والهندوانة والعلفي بمحاولة اغتيال الإمام أحمد بإطلاق النار عليه في مستشفى الحديدة مما أدى إلى إصابته إصابات غير قاتلة، إلا أن محاولة الاغتيال فشلت، وتم القبض على الضباط الثلاثة وإعدامهم، لكن هذه العملية هي التي مهدت للثورة الأم 26 سبتمبر التي أطاحت بعد ذلك بالإمامة.
- ثورة 26 سبتمبر (الثورة الأم) 1962: جاءت هذه الثورة تتويجاً لنضالات اليمنيين المستمرة ضد الإمامة طيلة قرون وسميت بثورة الألف عام لأنها كانت المحطة الفاصلة في تاريخ اليمن. بعد إعلان وفاة الإمام أحمد حميد الدين ومبايعة البدر إماماً جديداً اشتعلت الثورة في كل من صنعاء وتعز وبقية المحافظات بقيادة الضباط الأحرار؛ السلال، علي عبدالمغني، وغيرهم، ومن السياسيين ورجال الأعمال عبدالغني مطهر، ومحمد النعمان، والزبيري وآخرون. تم طرد الإمام البدر وإقامة الجمهورية.