حسين الحوثي ومشروع الولاية
بعد ظهور حسين الحوثي، وإن استمر الخلاف مع مدرسة مجد الدين المؤيدي، إلا أنه بدأ يطرح نفسه وريث الإمام علي، ويستغل الاحتفال بيوم الغدير لدعوة الناس لضرورة التمسك بعلم من آل البيت، ويقصد نفسه. لقد ارتكز مشروع حسين الحوثي على قضية الولاية ويوم الغدير، ومن يعود إلى ملازم الحوثي ومحاضراته في هذه المناسبة يجد ذلك بوضوح؛ ففي إحدى محاضراته يقول: "ونحن عندما نحيي هذه الذكرى، عندما نحيي ذكرى إعلان ولاية الإمام علي -عليه السلام- فإننا نعلن أن الدين ـ حسب مفهومنا ووفق رؤيتنا وعقيدتنا ـ أنه دين ودولة، أن الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يغادر هذه الحياة إلا بعد أن أعلن للأمة من الذي سيخلفه، وهذا هو موضوع هذا اليوم.
إن كل مسلم ـ وليس فقط الشيعة ـ كل مسلم يعتقد ويؤمن بأن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هو مولاه. إذاً "فمن كنتُ مولاه" أي مسلم، أي أمة، أي شخص، أي حزب، أي طائفة، أي فئة أي جنس من هؤلاء من هذه البشرية كلها يدين بولايتي، يدين أني أنا مولى المؤمنين "فهذا عليٌ مولاه".
وما أعظم كلمة (هذا) في هذا المقام، و(هذا) هذه الإشارة الهامة هي التي يسعى الصهاينة اليوم إلى أن يمتلكوها بعد أن ضيعناها نحن، بعد أن ضيعت هذه الأمة عقيدتها في مَن هو الذي يملك أن يقول لها (هذا, أو هذا), جاءها اليهود ليقولوا لها (هذا)! أوليس الجميع الآن ينتظرون من ستقول أمريكا له ليحكم العراق: هذا هو حاكم العراق! أولم يقولوا قبل: هذا هو حاكم أفغانستان؟، وسيقولون من بعد: هذا هو حاكم اليمن، وهذا هو حاكم الحجاز، وهذا هو حاكم مصر، وهذا هو حاكم سوريا، وهَلُمَّ جَرَّا.
للأسف الشديد ـ أيها الإخوة ـ أضاعت هذه الأمة عقيدتها في من هو الذي يملك أن يقول لها (هذا)، ورسول الله بعد أن فَهَّمها: "أن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين"، ثم يقول: "فمن كنت مولاه فهذا" هذه الإشارة هي إشارة تمتد إلى الله -سبحانه وتعالى-, أنه هو ورسول الله يقول لنا: إن من يملك أن يقول لهذه الأمة, لعباده "هذا ولي أمركم" إنه الله -سبحانه وتعالى-، لكنا تنكرنا من بعد لتلك الإشارة العظيمة، وتنكرنا من بعد لمن له الأولوية في إطلاق التعيين بتلك الإشارة العظيمة، وتنكرنا من بعد لمن له الحق في أن يملك توجيه تلك الإشارة العظيمة, فكان ممن سمع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ذلك الحفل، في ذلك الجمع الكبير كانوا هم أول من قالوا: لا، وإنما هذا.
ونحن اليوم نفاجأ ويفاجأ حتى وُلاة الأمر في كل هذه البلاد الإسلامية على طولها وعرضها الآن يفاجئون من واشنطن وتل أبيب بنفس المنطق الذي فاجأوا به رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: لا، ليس صدام وإنما هذا، لا، ليس علي عبد الله وإنما هذا، لا، ليس فهد أو عبد الله وإنما هذا وهكذا سيتعاملون مع هذه الأمة كما تعاملت هذه الأمة مع نبيها .."!
إذاً: الله هو من يختار الإمام وقد اختار الإمام علي ثم جعل الإمامة في ذريته .. وبحسب الشروط التي وضعها الإمام الهادي وأثنى عليها حسين الحوثي واعتبرها معايير الهية، طبعا أبرز هذه الشروط أن يخرج على الناس شاهراً سيفه، وهو ما سعى حسين لتحقيق هذا الشرط تحت غطاء الإعداد للجهاد لمواجهة أمريكا وإسرائيل.
وقد تميزت احتفالات الهادوية بالغدير بالاستعراض المسلح فقد كان الأئمة -كما مر معنا- ينشرون الحراب ويستعرضون الخيول في إشارة واضحة أن الإمامة ستظل قائمة وإن بالقوة. المفارقة أنه ورغم سقوط الإمامة فإن إحياء الاحتفال بعيد الغدير ظل مرتبط بالسلاح خصوصاً في محافظة صعدة، حيث كان يتم شراء ذخيرة بشكل مفرط وإطلاق الرصاص إلى الجو والى الجبال، وكانت كثيراً ما تتسبب بإزهاق أرواح وسقوط جرحى ورغم محاولات قيادات الشباب المؤمن (غير الهاشمية) صرف الناس عن هذه المظاهر إلا أنها استمرت، وحين بدأ حسين الحوثي مشروعه، كان يستغلها كفرصة لدعوة أتباعه للتسليح وشراء الذخيرة والتدريب على السلاح.