يحتفل اليمنيون اليوم بالعيد الوطني الخامس والخمسين لثورةِ السادسِ والعشرين من سبتمبر بكل إصرارٍ وشغف، والتفافٍ شعبيٍ كبيرٍ بعدما عرفوا قُبحَ الإمامةِ الجديدة التي عبرت بتصرفاتِها عن الإمامةِ البائدة.
ففي تظاهرةٍ إلكترونيةٍ يُزيِّنُ بها اليمنيون صفحاتِ التواصلِ الاجتماعي بشعار ثورة سبتمبر، وكتاباتهم المُعبِّرةِ عن حجمِ الألمِ من محاولةِ النكوص والرِّدَّةِ عن الثورةِ والجمهورية من قبل الإماميين الجدد ومن شايعهم في انقلابهم.
حيث امتلأت صفحاتُ اليمنيين بكتابات معبرةٍ عكست شَغفَهُم بهذه المناسبةِ والتمسكِ بها والمحافظةِ عليها ومواصلةِ النضالِ الوطني الذي اختطه ثوارُ سبتمبر الآباءُ المؤسسون للجمهورية.
هذا الاحتفاء الكبيرُ عكس حجم الرفضِ الشعبيِّ الكبيرِ للمليشياتِ الانقلابية خاصةً في مناطقِ سيطرتها والتي توهمت يوماً ما أنها قد كسرت الإرادة الثورية فيها إلا أن الشعبَ اليمنيَّ شعبٌ حيٌ يرفضُ الضيمَ والاستبدادَ قد ينحني للعاصفةِ فترةٍ محددةٍ إلا أن ماردَ الثورةِ ساكنٌ في نفس وجدان كل يمني.
ويستعد اليمنيون - في كافةِ محافظاتِ الجمهورية- للاحتفال بهذه المناسبة وحتى في جبهات القتال، فضلاً عن المحافظات التي تسيطر عليها المليشياتُ الانقلابية، والتي تستعد لإيقادِ شعلةِ الثورةِ المباركة فيها.
ثمةَ دلالاتٍ لهذا الاحتفاء، حيث يوجهُ اليمنيون من خلالها رسائلَ مختلفةٍ، أهمها إصرارُ الشعب اليمني على التخلص من هذا الانقلاب الذي دمر مؤسسات الدولة المختلفة وصار وباءً كبيراً في جسدِ الشعبِ اليمني، فضلاً عن الرغبةِ الجامحةِ في التمسكِ بالثورةِ والجمهوريةِ وبناءِ يمنٍ جديدٍ بالرؤية العصرية الحديثة المتمثلةِ في النظام الاتحادي بعدما شاهد ولمسَ اليمنيون النسخةَ الإماميةَ الجديدة التي لا تختلفُ عن القديمةِ وعهودِ الانحطاط التي عاشته المناطقُ الإماميةُ لأكثرِ من ألفِ عام.
فحُبُّ سبتمبر رضعه اليمنيون منذ الصغر، فاختلط بوشائجِهم وصار جزءاً منهم ومن حياتهم يستحيل على الإماميين الجدد انتزاعُه منهم أو فرضُ واقعٍ جديدٍ عليهم.
"من هنا، يتضح للقاصي والداني السر وراء كل ذلك الزخم الاحتفائي المبكر بثورة 26 سبتمبر هذا العام، من قِبَلِ الشعب اليمني، وتمجيدِ رموزها الأحرار، والتذكير بأهدافها، والمعجزةِ التي صنعتها في اجتثاث واحدٍ من أعتا النظم الاستبداديةِ وأشدِّها عنصريةً وظلماً وتخلفاً.
لذا فإن الالتفافَ الشعبيَّ منقطعَ النظير الذي نراه، والمبادراتِ الفرديةَ والجماعية، للتذكير والاحتفاء بثورة 26 سبتمبر الخالدة، ما هي إلا تعبيرٌ واقعيٌ معاشٌ، يعكسُ مدى حبِّ اليمنيينَ لسبتمبرِ ومكانتِها في نفوسِهم وارتباطِهم بها، وتأكيدٍ على الثمنِ الفادِح الذي ينتظرنا كشعبٍ ودولةٍ فيما لو تهاونا أو تخاذلنا في الدفاعِ عن أهدافِها والحفاظِ على الجمهورية ومكاسبِها، وما يستوجبه ذلك من الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه السلالةِ العنصريةِ القبيحة، التي استغلت الدعمَ الإيرانيَّ، وتوهمت بقدرتِها على استغفالِ اليمنيين والجوار الخليجي والعربي، بإعادةِ عجلةِ التاريخِ إلى الوراء، وخلقِ موطئِ قدمٍ للمشروعِ الفارسي التخريبي والطائفي في خاصرةِ الخليج" لكن أنَّى لهم ذلك؛ فعيون الشعبِ التي تحرسُ الثورةَ والجمهوريةَ ومكاسبَهما لا تنام.