أهداف الأئمة من الاحتفال بالغدير
لقد رأى أئمة الهادوية أنهم أحق بالاحتفال بعيد الغدير من الاثني عشرية الذين لا يهدفون من الاحتفال سوى حشد الناس حول الأئمة الذين قضوا، أما هؤلاء فهدفهم هو الالتفاف حول إمام العصر من ذرية علي، ذلك أن من يؤمن بالوصية لعلي عندهم يجب عليه أن يؤمن بالبطنين، ولهذا كان الأئمة وشيعتهم كلما شعروا بنفور الناس منهم وضعف طاعتهم لهم لاذوا بالغدير والإمام علي وفضائله؛ لأنهم يدركون حب اليمنيين للإمام علي، ولكنهم يرون أن علامة حب الإمام علي هو حب وطاعة الإمام من ذريته والعكس صحيح؛ فمن أبغض إماماً فقد إبغض الإمام علي، وقد ألف الإمام الحسن بن بدر الدين ( 1199 ـــ 1271 هـ)، والذي تولي الإمامة الهادوية من 1262 الى 1271 هـ، سفراً كبيراً في مناقب الإمام علي أسماه (أنوار اليقين في إمامة أمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام)، وتم طباعته في صعدة، أفصح في مقدمته عن الأسباب التي دعته لتأليف الكتاب، فقال: "أيها الإخوان، والأولياء كثركم الله في طاعته، وجعل لكم الحظ الأوفر، من ولاية محمد وشفاعته، فإني لما رأيت ميل أكثر الناس عن أهل البيت المطهرين -صلوات الله عليهم أجمعين- وما هم عليه من جحدان وراثة أمير المؤمنين نبيه وكونه وليه ووصيه وأولى الناس من بعده بالإمامة، وأحقهم بالزعامة دعاني ذلك إلى تأليف كتاب يشتمل على بيان هذا الباب، فإياكم أن يعنتكم عن هذا المذهب الشريف، والدين الحنيف تحريف الضالين، وانتحال المبطلين؛ فإنما أنتم النمرقة الوسطى الذين حَمَلَهم آل محمد -صلوات الله عليه وآله- على المحجة البيضاء، أما علمتم أنكم أتباع الثقلين، وشيعة الأخوين، جمعتم من الدين ما فرقه الناس، ولم يختم على قلوبكم الشك والإلتباس بل حفظتم رسول الله في عترته واستمسكتم بالوثقى من عروته، ولم تفصلوا بينه وبين أخيه ووصيه، ومنجز وعده، وقاضي دينه، ووليه، لم تجذبكم الأهواء المضلة عن الصواب، ولا خالطكم ما خالط الفرقَ من الشك والإرتياب فأنتم حماة الدين وأنصار الحق المبين {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الحديد:21]، فإياكم -رحمكم الله- أن تصغوا إلى القول بالاعتزال فتشركوا قريشاً في وراثة الآل فشتان والله بين القوم. وكم بين اليقظة والنوم، أين الثريا من الثرى، وأين المنسم من القرى، أين العجز من الاستطاعة، بل أين المعصية من الطاعة، كم بين السعود والنحوس؟!، وشتان بين الظلم والشموس، أين الغرق من النجاة؟! وأين المضلون من الهداة، وأين البدعة من السنة، بل أين النار من الجنة، أترضون بدلاً عن آل محمد النبي بتيم وأميه وعدي في أي مذهب صحيح، وأي بيع ربيح إذاً تطَّرحونه بين آل محمد الطيبين؟! ذلك هو الخسران المبين هيهات أن تجدوا بهم بديلاً، ولن تلقوا أهدى من سبيلهم سبيلاً وفي ذلك أقول:
لم ينجُ في الكهف سوى عصبة .... فرت عن الدار وأربابها
ولا نجى في قوم نوح سوى .... سفينة الله وأصحابها
ألم يكن في المغرقين ابنه .... إذ غاب عن حوزهِ رُكَّابها
وهل نجى بالسلم إلا الأولى .... رقوا إلى السلم بأسبابها
أو أدرك الغفران من لم يلج .... بالأمس في الحطة من بابها
أعيذكم بالله أن تجمحوا .... عن عترة الحق وأحزابها
وما قصدنا بهذا أيها الإخوان والأولياء -رحمكم الله- إلا التذكير الذي ندب الله إليه، وأن نبين طرفاً من المنوال الذي نسجنا عليه وإن كانت -بحمد الله- شموسه طالعة غير آفلة، وحججه عالية غير سافلة إذ قد صنف آباؤنا الأطهار، ومتكلمو الزيدية الأخيار في ذلك التصانيف الجمة، وكشفوا غياهب الشك المذهلة إلا أنَّا أحببنا أن ننتظم في جماعتهم وأن نذُب عن حمى حوزتهم،.... الخ " ( انظر مقدمة الكتاب ص 4 ــ5) ... يتبع