أيام سود بذكرى نكبة إب وتسليمها لمليشيا الإنقلاب "تقرير"
الموضوع: اخبار وتقارير

 


يوم الخامس عشر من شهر أكتوبر 2014م ، يوم يصفه أبناء محافظة إب وسط اليمن باليوم الأسود في حياتهم؛ إذ يتذكرون جيدا ذلك اليوم الذي ارتبط بتسليم محافظة إب على طبق من ذهب لمليشيا الإنقلاب بعد تخلي أجهزة الدولة ومؤسساتها وقبلهما الجيش ومعسكراته في المحافظة، تخلوا عن مسؤولياتهم تجاه المحافظة والوطن، والأمر أنهم كانوا اليد الطولى والأكبر لتمدد مليشيا الإنقلاب واحتلال المحافظة التي لا تزال ترزح تحت قبضة وهمجية المليشيا وتدفع أثمانا باهظة لاستمرار بقاء المليشيا كسلطة احتلال ترتكب يوميا الجرائم والانتهاكات التي لم تفرق بين أحد من مختلف شرائح المجتمع الإبي.

اليوم يتذكر أبناء محافظة إب ذلك اليوم الأسود بعد مضى أربعة أعوام ودخول العام الخامس لنكبة المحافظة والتي كانت الهدف التالي للمليشيا بعد إسقاط صنعاء - بحسب وثائق نشرت بعضها قناة الجزيرة الفضائية في برنامجها الوثائقي تحت المجهر- إذ عمل جناحا الانقلاب (مؤتمر صالح والحوثيون)، ومنذ وقت مبكر، على تجهيز حاضنة مجتمعية في عدد من مناطق شمال وغرب المحافظة بالإضافة إلى قيادات المؤتمر الممسكة بالسلطة المحلية والتي نسقت واستقبلت المليشيا رسمياً وبشكل علني في المدخل الشمالي لعاصمة المحافظة في يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2014م.

وصلت مجاميع المليشيا الإنقلابية إلى مناطق سمارة والسحول، واستقبلها حصان صالح آنذاك ليمتطي الحوثي حصان صالح ويدخل إب بكل يسر وسهولة ، حيث كانت سلطات صالح هي الحاكم الفعلي والمتحكم بكل تفاصيل السلطة، واستقر حصان صالح الذي كان يمتطيه الحوثي في الاستاد الرياضي وسط مدينة إب لتبدأ خطوات أخرى لاستكمال الإنقلاب في المحافظة.

فقط وحده العميد فؤاد العطاب من بين رجالات الجيش الذي كان يقف عائقا أمام انقلاب المليشيا في المحافظة وهو المحسوب على قوى فبراير، وعين من قبل حكومة الوفاق الوطنية مدير أمن محافظة إب، في الوقت الذي كان كل العمداء والمسؤولين الأمنيين بالمحافظة وضباط الجيش من الموالين لصالح يعيقون إدارته للملف الأمني حين كان في الواجهة.

لم يكن أمام المتآمرين على إب ومواطنيها من عائق غير قيادة شرطة المحافظة برئاسة العميد فؤاد العطاب، ولذلك كان هو الهدف الأول للانقلابيين بالمحافظة حيث تم استهداف مسكنه في تلة حراثة بالقصف المباشر بالأسلحة المتوسطة من الرشاشات المتمركزة على بعد كيلو متر تقريباً في الاستاد الرياضي والذي اتخذت منه المليشيا ثكنة عسكرية لمسلحيها فآثر الانسحاب حفاظاً على الأرواح التي اتضح أنها لا تساوي شيئا لدى المهاجمين من مليشيا الإنقلاب.

انسحب مدير الشرطة حينها بعد مواجهات غير متكافئة اتضح أن طرفها المليشاوي مسلح بأسلحة الجيش كاملة أمام أسلحة الشرطة الخفيفة، وكان انسحاب مدير الشرطة عقب ابلاغ جنوده بالانسحاب إلى مساكنهم وإرساله رسالة استقالة رسمية لوزير الداخلية آنذاك.

 



ذكرى سوداوية

الأربعاء 15 أكتوبر 2014م هو اليوم الأول لتسليم المحافظة لمليشيا صالح والحوثي، يتذكره الشاب محمد سعيد عبده، وعلى محياه الحسرة والألم، فيقول انه يوم محفور لدى أهالي محافظة إب ممن عاشوا الحدث وتفاصيله السوداوية والتي تم على إثرها احتلال المحافظة وانتهاك الحقوق والحريات العامة والخاصة واختطاف المواطنين وقتلهم والتنكيل بهم وقبل ذلك أكبر جريمة شهدها اليمن الحديث هي إسقاط الدولة والمؤسسات ونشر حكم المليشيا والعصابات.

فيما شهد يوم الخميس 16 أكتوبر أحداثاً مختلفة كان أبرزها التحشيد من جهة مليشيا صالح والحوثي ومن جهة رجال القبائل والذين كانوا ينوون مقاومة المليشيا الانقلابية، كما دعا تكتل أحزاب اللقاء المشترك بإب في بيان له آنذاك لإخراج المليشيا الانقلابية من المحافظة واجتمعوا مع السلطات المحلية بدعوة المحافظ آنذاك القاضي الارياني مع ممثلي بقية الأحزاب السياسية ومندوبين عن مليشيا صالح والحوثي، ولم يخرج اللقاء الذي ظل حتى وقت متأخر من مساء يوم الخميس بشيء ليعلن عن انعقاد لقاء جديد صباح ومساء اليوم التالي.



انفجار الوضع

يوم الجمعة 17 أكتوبر 2014م كان يوما داميا حيث تفجرت شرارة المواجهات بين مسحلي القبائل وبين مليشيا صالح والحوثي من جهة أخرى وشكلت أحداث ذلك اليوم علامة فارقة لما تبيته المليشيا الانقلابية للمحافظة من قتل وتنكيل وجعلها محافظة للثراء والجبايات والإتاوات.

واندلعت المواجهات صباح الجمعة في المدخل الشمالي لمدينة إب في منطقة الدخول وسقط قتلى وجرحى من مسلحي مليشيا صالح والحوثي ومن مسلحي القبائل.

 



أبرز أحداث اليوم الدامي

10.30ص - مواجهات بين المسلحين الحوثيين المدعومين من القبليين الموالين لصالح من جهة وبين رجال قبائل من جهة أخرى بمنطقة السحول شمال مدينة إب

11.00 ص – شهيد من القبائل و4 قتلى من مليشيات الحوثيين في المواجهات بالسحول، والقبائل يسيطرون على نقطة التفتيش.

1.00م - مواجهات عنيفة في الدائري الغربي بين القبائل والحوثيين وسقوط قتيلين من القبائل وثالث من الحوثيين.

1.10م – سقوط عشرات الجرحى من المسلحين والمدنيين بينهم امرأة.

3.00 م– الحوثيون يواصلون قصفهم بالقذائف على جبل "حراثة" المطل على الجانب الغربي من مدينة اب.

4.00 م– الحوثيون يقصفون مقر إذاعة إب ومنزل مدير أمن المحافظة.

4.10 م – جامعة إب تعلن تعليق الدراسة حتى اشعار آخر.

4.15 م – اجتماع في منزل محافظ إب لقوى سياسية وحزبية ووجهاء لبحث الأوضاع المتوترة في المحافظة.

4.20 م – مصادر محلية: مسلحون حوثيون يتجمعون في منزل أحد وكلاء محافظة إب عن حزب المؤتمر في جبل "حراثة".

- حالة من الهلع والقلق لدى أبناء المحافظة جراء انفجار الوضع وأبناء إب يحملون المليشيات الحوثية المسؤولية.

*انعدام الحركة للشارع في إب اثر اندلاع الاشتباكات المسلحة بين قبائل إب والحوثيين وحالة من الخوف والهلع والقلق في أوساط الناس.

 



أهمية إب

كانت المليشيا قد بدأت بالهجوم على محافظة إب قبل انقلابها على الشرعية وقبل اسقاطها حتى لمحافظة صعدة بوقت كبير، حيث هاجمت عناصرها مناطق عدة بمديرية الرضمة شمال شرق المحافظة وتصدت لها القبائل بقيادة الشيخ عبدالواحد الدعام الذي أذاقها الويلات وخاض مع المليشيا عدة حروب ولم يستسلم رغم توجيهات صالح له بذلك -حسب شهادته المتلفزة- بل قاوم وواجه توغل المليشيا محذراً من خطرها الذي استدركه من خلال الدعم الذي كانت تتلقاه، وانتهى الأمر بقتل عدد من أتباعه بينهم ابنه وتفجير منزله بمدينة الرضمة وعدد من منازل المواطنين .

كانت محافظة إب الهدف الأبرز للمليشيا نتيجة موقعها الجغرافي الهام كونها تتوسط معظم محافظات الشمال كذمار والجنوب كالضالع وتعز والشرق كالبيضاء والغرب حيث الحديدة والساحل.

وتأتي أهمية محافظة إب أيضا كونها ثاني محافظة من حيث عدد السكان وفيها المخزون البشري لقوات الحرس التابعة للمخلوع خصوصاً مناطق شمال المحافظة كالقفر ومناطق خبان.

 



رفض مبكر

من خلال المواجهات العنيفة بين المليشيا والقبائل بمناطق الرضمة قبل كل مناطق الجمهورية اتضح جلياً مقدار الرفض الشعبي المجتمعي للمليشيا بالمحافظة "الاستراتيجية" وهو ما انصدمت به المليشيا فالرفض مجتمعياً خالصاً وليس من طرف سياسي معين فالشيخ عبدالواحد الدعام قائد أول مقاومة مجتمعية مسلحة في وجه المليشيا من أكبر القيادات المؤتمرية على مستوى الجمهورية ورفض توجيهات صالح بعدم المواجهة والسماح للمليشيا بالتوجه عبر الرضمة شرقاً لمناطق قيفة مفتاح محافظة البيضاء وكذا جنوباً لمناطق دمت ومريس مفتاح محافظة الضالع.

تلك المقاومة الشعبية والرفض المجتمعي أشعل الغضب لدى قيادات المليشيا التي وجهت كبار قادتها عسكريين وسياسيين بينهم يحيى الشامي الذي أشرف مباشرة على المواجهات من مدينة يريم المجاورة حيث مقر قيادة اللواء 55 صواريخ الذي كان له الدور الأبرز في اسقاط المنطقة.

 



فكرة المقاومة

من خلال ذلك يتضح أن محافظة إب كانت السباقة في الرفض والتصدي الشعبي والمجتمعي للمليشيا ، وأوقفت فكرة إسقاط المحافظات دون مقاومة بل أنها المحافظة التي أخذت زمام المبادرة وقاومت قبيل أن يعرف الناس مصطلح المقاومة الشعبية والجيش الوطني.

وفي المقابل أدركت مبكراً أبعاد المؤامرة وتوجهات الصراع وأن الوطن بالكامل يتعرض لخيانة كبيرة وواضحة من سلطات الدولة العميقة، فلا تستطيع حركة شعبية عفوية تفتقر لأبسط المقومات كالتخطيط والتنظيم قبل السلاح والعتاد الوقوف في وجه أدوات دولة كاملة وسلاح جيش متكامل، لكنها أسست لمبدأ المقاومة الشعبية.

 



أحداث

قبل سقوط المحافظة بيد المليشيات كانت قد حدثت العديد من الأحداث الدامية غير معارك مقاومة أحرار مديرية الرضمة واستمرت عدد من الأحداث حتى يوم الثامن عشر من اكتوبر وما بعده وكلها مأساوية علقت بذاكرة أبناء المحافظة لأنها سطرت بدماء الضحايا وليس بحبر الأقلام ورقع الأوراق.



ومن أبرز سلسلة الأحداث التي رافقت يوم السبت في ال 18 من شهر أكتوبر أحد أهم أيام النكبة لمحافظة إب:

- اندلاع مواجهات واشتباكات مسلحة عنيفة في مدينة يريم منذ ليلة الجمعة وصباح السبت18 أكتوبر 2014م بين عدد من الأهالي الرافضين لتواجد المليشيا وذلك بعد عملية الغدر من قبل المليشيا ومهاجمة المدينة وتصفية عدد من أبنائها بينهم الطفل أسامة بدير 10 أعوام والذي لم تكتف المليشيا بقتله بعد تفجير منازل أسرته بل فخخت جثته بشكل إجرامي غير مسبوق لتقتل من يحاول الاقتراب من الجثة.

وأسفرت الاشتباكات عن سقوط 3 شهداء من القبائل و 8 من المليشيا وأسر 3 اخرين بينهم أحد القيادات.

- المليشيا تفجر عددا من المنازل والمباني الخدمية بينها مستشفى في حارة بدير بالمدخل الشمالي لمدينة يريم.

- تم تأجيل لقاء كان مقرراً بين المحافظ وقيادات الأحزاب والمليشيا صباح السبت 18 أكتوبر 2014م إلى أجل لم يسم.

-المليشيا تعاود نصب نقطة تفتيش في الخط الدائري لمدينة إب بعد فرارهم منها يوم الجمعة عقب مهاجمتهم من قبل مسلحي قبائل رداً على قتلهم لاثنين من أبناء الربادي.

- مسلحو القبائل يحكمون السيطرة على معظم منافذ المدينة خصوصاً المنفذ الشمالي في نقطة السحول والغربي في منطقة مشورة.

- توقف الدراسة بعدد من كليات جامعة إب لأجل غير مسمى.

- مقتل ما لا يقل عن 15 من عناصر المليشيا في كمين نفذه مسلحو القبائل في الساعات الأخيرة من مساء الجمعة استهدف تعزيزاتهم في مدينة كتاب.

- هدوء حذر في مدينة إب عاصمة المحافظة منذ قبيل مغرب الجمعة وحتى مساء السبت ، وتوقف حركة المواطنين في الشوارع وترقب لما ستؤول إليه الأوضاع.

- نزوح جماعي للسكان من أحياء محيطة بالاستاد الرياضي وسط مدينة إب والذي اتخذت منه المليشيا ثكنة عسكرية لمسلحيها.

- انطلاق فعاليات سلمية بعد بروز حركات شبابية مجتمعية أعلنت رفضها للمليشيا أشهرها حركتا "رفض" و"شباب من أجل اليمن" واللتان نظمتا أول وقفة احتجاجية مع عدد من الناشطين من شباب المحافظة طالبت فيها بإخراج المليشيا ورفضت الانقلاب على شرعية الدولة.

- استقالة مدير أمن محافظة إب العميد فؤاد العطاب من منصبه، بعد مهاجمة المليشيا لمسكنه ومحاولة اعتقاله أو قتله.

وأظهرت تلك الأحداث السابقة معالم الصراع وبانت خفايا الأمور من مختلف المواقف لتتضح الرؤية كاملة وتنجلي حقيقة الإنقلاب واضحة للعيان بعد أن رأى الجميع ما حصل خلال الأحداث المتسارعة كمساندة قوات الحرس الجمهوري في معسكري يريم شمال المحافظة ومعسكر الحمزة جنوب شرق مدينة إب ووقوف تلك المعسكرات بعتادها وعدتها مع المليشيا ضد الوطن والمواطن لتخلف أبشع مأساة عرفتها محافظة إب وبقية المحافظات اليمنية.

الإصلاح نت - خاص
الأربعاء 17 أكتوبر-تشرين الأول 2018
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=2079