توفيق السامعي
تشكو العديد من المنظمات المحلية الإغاثية في محافظة تعز من تدهور الأوضاع الاقتصادية في المحافظة بسبب الحصار الذي تفرضه المليشيات الانقلابية على تعز منذ عامين، وكذلك شن عدوان مستمر عليها بكل أنواع الأسلحة وخاصة المدينة المكتظة بالسكان من قبل هذه المليشيات.
وأطلق ائتلاف الإغاثة في تعز اليوم الأربعاء حملة تضامنية مع تعز، ومناشدة إنسانية للتخفيف من هذه المأساة، والضغط على المنظمات الإنسانية الإقليمية والدولية للقيام بواجبها الإنساني.
واتهم ائتلاف الإغاثة بتعز، المنظمات الإنسانية بتجاهل الوضع الإنساني في محافظة تعز المحاصرة والتقصير في دعم المحافظة.
ودعا ائتلاف الإغاثة جميع الناشطين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي للتفاعل مع الحملة والتغريد على هاشتاج #تعز_مأساة_انسانية ؛ لإسماع العالم أنات هذه المدينة المشبعة بالمعاناة؛ أملاً بتخفيف هذه المأساة.
ويرى مراقبون وناشطون أن المحافظة تقاد إلى كارثة ومجاعة حقيقية بدأت تظهر في كل أرياف ومدينة تعز.
حيث كتب الإعلامي والناشط طارق فؤاد البنا عما وصلت إليه المحافظة من مآسٍ إنسانية وكارثة اقتصادية.
وقال البنا: "في جامعة تعز، حالات إغماء عدة، وبشكل يومي في أوساط الطالبات، وحين يتم نقلهن إلى المستشفى يتضح أن آخر وجبة تناولنها كانت في اليوم السابق، كما وصلن إلى الجامعة سيراً على الأقدام"!
وأشار البنا في مقال له على صفحته (فيسبوك): "في إب قبل بضعة أيام، توفيت امرأة أربعينية نازحة من تعز، والتي كانت قد دخلت العناية المركزة إثر تلقيها نبأ وفاة ابنتها ذات الـ13 عاماً، بفعل الجوع والحمى التي داهمتها، ليبقى من الأسرة فتى واحد في الـ17 من عمره"!
وأما في مديرية الوازعية، التي تدور فيها المعارك هناك، فقال: "في الوازعية مئات الأسر النازحة في العراء، دون التفاتة حتى من المنظمات الدولية المعنية بمثل هذه الكوارث المؤلمة"!
وأضاف: "يخبرني أحد الأصدقاء الحقوقيين، ممن زاروا نازحي الوازعية منذ أيام، يتحدث بأسى وحسرة عن أن النازحين -بفعل الجوع- عمدوا لأكل أوراق شجرة "الحلص" بعد غليها وعجنها، وحين انتهت أوراق هذه الشجرة من تلك المنطقة، لجؤوا لنزع وقلع جذور الشجرة، حيث يوجد في الجذر ما يشبه "البطاطا" الصغيرة، فيقومون بإنضاجها وأكلها، لكنه يؤكد، وبشهادات موثقة بالفيديو، أن كثيرين -وخاصة النساء- يتأثرون مما يأكلوه، مما يجبرهم على التقيؤ، لكنها الحاجة"!
وجراء الكارثة الاقتصادية التي قامت بها مليشيات الانقلاب، عمد أكاديميون إلى ترك التدريس وامتهان أعمال بسيطة لتوفير لقمة العيش، حيث اضطر بعضهم إلى العمل بالمطاعم والأفران، وبعضهم إلى بيع سنابل الذرة، ومنهم من اضطر للعمل بالزراعة، وغيرهم عاد لممارسة بيع القات.
وانتشرت مؤخراً ظاهرة الموت جوعاً وتساقط الناس في الشوارع من الجوع، كما هو الحال مع البعداني في صنعاء أو الأستاذ محمد قحيمي في الحديدة، وكذلك ما سمعنا من قصص إنسانية مؤلمة لمعلمات يتساقطن من الجوع في مدارسهن لأنه يمضي عليهن يوم أو يومين من عدم تذوق الطعان بسبب الضائقة المالية وعدم صرف الرواتب.
أحد تجار المجوهرات في تعز تواصل مع "الإصلاح نت" يسرد لنا قصصاً مأساوية لأناس وموظفين يأتون إليه يبيعون كل ما يمتلكونه من مجوهرات. حيث قال التاجر: "جاءتني امرأة تبكي تبيع دبلة زواجها وقالت: هذا آخر ما معي من الذهب؛ زوجي قتلته شظية من حق الحوثة وأنا وأطفاله نازحين ساكنين بدكان"..وأضاف التاجر: "قالت الدبلة لبسها المرحوم قبل 30 سنة، والآن تبيعها.. أبكتني لحالها وأعطيت لها خمسة آلاف ريال كعطاء مني فرفضت وقالت: يا بني نحن ناس عزيزين"..
ويواصل التاجر: "كل يوم تأتيني قصص مأساوية لموظفين باعوا كل مجوهراتهم حتى لم تعد معنا سيولة للشراء، ندرك صعوبة الحالة وأحياناً نرفض الشراء لإدراكنا أنها لحظة ضعف وعجز يمر بها الناس، لكن ليس بيدنا بحيلة وكم سيساعد المساعد..أحدهم أعرفه كان وزنه 85كجم أذهلني حينما جاءني يبيع ما تبقى معه من مجوهرات وصار وزنه 50كجم من الجوع والضائقة خاصة بعد انقطاع الرواتب"!!