توفيق السامعي:
تشهد العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات الانقلابية، انهياراً كاملاً وكارثة حقيقية في الوضع المعيشي الذي خلقه الانقلاب منذ السيطرة على مؤسسات الدولة المختلفة ونهبها.
وتفاقمت حدة المشكلة مع قيام المليشيات الانقلابية بقطع رواتب الموظفين منذ ستة أشهر، الأمر الذي شتت الموظفين ولجوء بعضهم إلى امتهان أعمال مختلفة للبحث عن لقمة عيش أطفالهم، خاصة وأن شريحة الموظفين هي أهم الشرائح التي تعول ملايين اليمنيين خلفها.
وما يثير الشفقة والرثاء مؤخراً، هو انضمام مجموعة من طبقة الموظفين إلى صفوف المتسولين في الآونة الأخيرة تحت وطأة الجوع وانقطاع الراتب لما يتجاوز السبعة أشهر، الأمر الذي جعل بعض الموظفين البسطاء عديمي الحيلة يلجأون للتسول ولو متسترين عن أعين الناس.
وتتكثف أعداد كبيرة ممن يمارسون التسول، كمصدر وحيد للعيش، في الجولات الرئيسية للشوارع الكبيرة مثل جولة الحصبة وشارع القيادة، وجولة عشرين بهائل، وجولة 45 بشارع خولان، إضافة إلى الشوارع الفرعية وأمام المؤسسات الحكومية والخاصة.
انهيار التجارة:
وأدت الحالة الاقتصادية المتردية للمواطنين وعدم القدرة الشرائية لديهم إلى العزوف عن شراء الكثير من الحاجيات المنزلية في ظل انعدام حتى وجود أموال لشراء القوت الضروري ناهيك عن بقية حاجيات الأسر، مما يهدد حتى بقية التجار بالإفلاس والتخوف من انضمامهم إلى قائمة المعوزين في اليمن.
وقال تاجر جملة للمواد الغذائية بالعاصمة صنعاء لـ"صنعاء اليوم" إنه أصبح على حافة الإفلاس نتيجة استنزاف المليشيات لأمواله ومخزونه من السلع وبقوة السلاح.
وأضاف التاجر أن مسلحين لمليشيات الحوثي والمخلوع يلزمونه ورفقاءه التجار بدفع مبلغ حسب المخزون التجاري لكل تاجر، مضيفا أنه إن لم يكن لديه المبلغ المطلوب فإنهم يأخذون سلعاً وبأكثر من قيمة المبلغ المطلوب.
وأشار التاجر إلى أنه أصبح على حافة الإفلاس؛ اذ أن المليشيات مستمرة في استنزاف أمواله منذ عامين تحت التهديد بالسجن أو القتل.
وتواصل المليشيات استنزاف أموال تجار الجملة وأصحاب المحلات، توزع على منتسبيها تلك السلع المنهوبة على أطقمهم وسياراتهم عند عدة نقاط.
تجار آخرون في محافظة تعز المحاصرة أعلنوا إفلاسهم جراء الحصار، وبعضهم في طور الإفلاس، وآخرون مغلقون محلاتهم التجارية بسبب إرهاقهم بالإتاوات المختلفة من قبل المليشيات الحوثية تحت تهديد السلاح.
ووحدهم أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والذين استطاعوا الهروب بأموالهم وتجارتهم من اليمن إلى الخارج، في حين أغلقت مؤسساتهم في الداخل، مما أثر على شريحة كبيرة من العمال والموظفين لدى هذه الشركات والمؤسسات لينضموا إلى رصيف البطالة في ظل عدم وجود تأمينات خاصة بهذه الشريحة من العمالة.
تناسل منظمات حوثية:
لم تكتف المنظمات الحوثية بما معها من منظمات مجتمع مدني عملت على إنشائها منذ وقت مبكر منذ سبعينيات القرن الماضي، وسيطرت على مجال الجانب الحقوقي الذي تزور به الوضع في اليمن وتزود به منظمات دولية لتضلل على صانعي القرار في المجتمع الدولي، بل عمدت مؤخراً إلى إنشاء العديد من المنظمات الأخرى الجديدة، والتي تستخدم عادة في استقطاب وتجنيد مجندين جدد للمليشيات الانقلابية، ومجالاً من مجالات استنزاف مالي لما تبقى من مؤسسات الدولة أو ما يأتي من منح دولية لمنظمات المجتمع المدني والتي تلتهمها عادة المنظمات الحوثية.
حيث أشهرت مليشيات الحوثي والمخلوع يوم أمس منظمة تحت اسم (عنوان) والتي تختص بالمرأة حسب زعمهم في إحدى القاعات التابعة للمليشيات بشارع حدة بالعاصمة صنعاء.
وأكدت المصادر بأن المنظمة لم تكن واضحة الأهداف خاصة وأنها واحدة من كثير من المنظمات والمؤسسات التي تم إشهارها في الآونة الأخيرة تتبع جماعة الحوثي وصالح يتم اتخاذها كمقرات لهم.
وكانت المليشيات قد افتتحت مؤسسة أخرى الأسبوع الماضي في شارع التحرير، ما اعتبره مواطنون بأنه مقر يتم عبره تنفيذ خطط تسعى لها المليشيات الانقلابية تستهدف حقوق المواطنين وتعمل على إذلالهم مقابل الحصول على أبسط الحقوق المنهوبة.
إغلاق مراكز التعليم:
وفي الوقت الذي تعمل فيه المليشيات الانقلابية جاهدة على فتح منظمات خاصة بها، تقوم هذه المليشيات بإغلاق مراكز التعليم في صنعاء بحجج مختلفة.
حيث قامت مليشيات الحوثي والمخلوع أمس الأثنين بإغلاق مركز الحسين لتحفيظ القرآن التابع للبنين الكائن بمنطقة سعوان، بعد أن طردت الطلاب خارج المركز.
وفي نفس السياق أفتى مدير مدرسة عبد اللطيف بمنطقة حزيز، أحمد اليريمي، بعدم جواز تدريس العجائز في المساجد بعد إن أغلقت المليشيات مركز "أحمد ياسين" التابع للنساء.
وأكد شهود عيان من الطلاب والطالبات أن المليشيات الزائرة لمدارسهم اليوم وزعت الجوائز على أبناء المقاتلين التابعين لها ومنحت جوائز لمن تفاعل معهم أثناء محاضرتهم.
وتستمر المليشيات بحملتها على الطلاب في أخذ مبالغ مالية منهم كرواتب للمدرسين وتستمر في نهب رواتب المعلمين.
ومنذ اللحظة الأولى لانقلابها، شرعت المليشيات الانقلابية في تدمير كل مؤسسات التعليم الحكومية والأهلية على السواء، وقامت بتفجير مدارس تحفيظ القرآن والمدارس والمراكز التعليمية لمحو الأمية وغيرها من المعالم التنويرية.
نهب أراضي مواطنين:
لم تكتف المليشيات الانقلابية بتدمير مؤسسات الدولة وقطاعات التعليم المختلفة، والزج بملايين الناس إلى المجاعات المختلفة، بل عمدت كذلك إلى نهب أراضي المواطنين في صنعاء وإب وعمران وصعدة.
فقد أقدمت مليشيات الحوثي والمخلوع أول أمس الأحد بالاستيلاء على مناطق واسعة من أراضي الضباط منطقة الجوية بحي الثلاثين شمالي العاصمة صنعاء.
وذكر شهود عيان لــ "صنعاء اليوم" أن المليشيات قامت بالاستيلاء على هذه الأراضي عنوة مع وجود أصحابها دون مراعاة لحقوق الناس ولا اعتبار للقانون.
وتعتبر الأراضي في منطقة الجوية ملكا لضباط الجوية تم صرفها لهم منذ فترة طويلة من قبل الدولة قبل احتلال المليشيات للعاصمة صنعاء.
وعمدت المليشيات الحوثية إلى الاستيلاء على الأراضي التي تحوط العاصمة صنعاء وصرفها لمليشياتها قبل فترة، في عملية إحلال وتغيير ديموغرافي كبير للعاصمة صنعاء وما حواليها.
وأظهرت وثائق تم تداولها على وسائل الإعلام المحلية قيام المليشيات الحوثية بنهب أراضي صنعاء وتوزيعها على مقاتليها في كل من سعوان وظهر حمير وبني الحارث والسنينة والخمسين الشمالية وغيرها من المناطق، والتي كان آخرها نهب أراضي الجوية.