في ظل تخاذل أممي.. تزايد حالات القتل تحت التعذيب في سجون المليشيات
الموضوع: اخبار وتقارير

  

تتزايد أعداد الضحايا داخل "سجون الموت"، الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي في شمال الوطن، وميليشيات الانتقالي في جنوبه، حيث تعج سجونهما بالآلاف من المختطفين والمخفيين قسرًا.

سجون معروفة مثل السجون المركزية، وأقسام الشرطة التي يسيطرون عليها وأخرى سرية من يدخلها لا يخرج منها إلا نادرًا، والمحظوظ من يخرج سليمًا بلا إصابات، أو إعاقة دائمة، جراء التعذيب، وهناك من يخرج جثة هامدة، وهذا المصير هو ما يخيف أهالي المختطفين.

تتنوع السجون والقائمون عليها، وتتشابه ضحاياهم وما يتعرضون له من التعذيب، حيث يخرج المئات منهم جثثا هامدة، نتيجة ما لاقوه من التعذيب الوحشي داخل تلك السجون التي باتت توصف بـ"سجون الموت" فمن لم يمت بالتعذيب، مات قهرًا لسوء ما تعرض له، خلف تلك القضبان الموحشة.

تعذيب حتى الموت

السبت الماضي، توفي المختطف في أحد السجون الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي، بمحافظة لحج يدعى "محمد جمال أحمد صالح"، بعد ايام من اختطافه، وذلك بعد نحو أسبوعين من وفاة الأسير "سامي الوتيري" تحت التعذيب داخل السجن المركزي التابع لمليشيا الحوثي بصنعاء.

ففي لحج، قال شقيق المختطف المجني عليه، إن شقيقه - وهو أب لثلاثة أطفال - تعرض للاختطاف من مقر عمله في ورشة التكييف والتبريد التي يعمل فيها بمدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج، وبعد ثلاثة أيام تم إبلاغ أسرته بأنه قد توفي ونقلت جثته إلى ثلاجة مستشفى ابن خلدون بلحج.

وفي صنعاء، توفي الأسير "سامي الوتيري" بعد تعرضه للتعذيب الوحشي على يد القيادي الحوثي المكنى أبو شهاب المرتضى، شقيق القيادي المليشاوي عبدالقادر المرتضى المعين رئيسا لما يسمى بلجنة الأسرى الحوثية.

وحسب الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، فقد تعرض "الوتيري" للتعذيب الوحشي وتوفي متأثرا بذلك، حيث أصيب برضوض في صدره جراء التعذيب مع آخرين، وتم نقله إلى مكان مجهول، قبل أن يتم الإعلان عن وفاته، نتيجة ما تعرض له داخل سجون الموت الحوثية.

 

تصفية المختطفين

ومنتصف يونيو المنصرم، تعرض المختطف "أحمد علي صالح رزيق"، 35 عامًا، للتصفية داخل سجون مليشيا الحوثي، بعد أيام من اختطافه من داخل مزرعة أحد جيرانه في قريته بيت النجيف، عزلة وادي السر، مديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء.

وحسب منظمة "شهود لحقوق الإنسان"، فقد تعرض الشاب "رزيق" للاختطاف من قبل مليشيا الحوثي، ونقله إلى سجونها السرية، ومنعت عنه أي شكل من أشكال التواصل مع أسرته الذين تفاجئوا بإبلاغهم للحضور إلى مستشفى 48 لأخذ جثته، حيث توفي قبل إبلاغهم بثلاثة أيام، ليكشف حجم التعذيب الذي يتعرض له المختطفين في سجون المليشيا.

كما توفي منتصف الشهر المنصرم، المختطف المُسن "محمد حسن مهدي" داخل سجون الانتقالي في محافظة أبين، بعد تعرضه للتعذيب الشديد الذي طال كل جسده، وذلك بعد توقيفه أثناء سفره لقضاء إجازة عيد الأضحى مع أسرته، في مديرية حزم العدين غربي مدينة إب.

وأواخر ديسمبر الماضي، توفي الشاب "حلمي أحمد النجدي"، تحت التعذيب على يد قوات المجلس الانتقالي في محافظة أبين جنوبي البلاد، وذلك بعد اختطافه من قرية نجد في مديرية لودر، وأودعته أحد سجونها، قبل أن تقوم بتسليمه جثة هامدة إلى مستشفى المديرية دون إشعار اهله.

وحسب تقارير حقوقية فقد تعرض الشاب للتعذيب الوحشي، حيث تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تظهر جثة الشاب النجدي، وعليها آثار تعذيب وحشية أودت بحياته، ليضاف إلى قائمة ضحايا عبث المليشيات في شمال الوطن وجنوبه.

قائمة مفتوحة

وينضم أولئك الضحايا الذين تم ذكرهم على سبيل المثال لا الحصر، إلى قائمة أكثر من 350 مختطفًا قضوا نحبهم تحت التعذيب في سجون مليشيا الحوثي، بينهم 33 امرأة وفقا للحكومة اليمنية.

وقالت وزارة حقوق الإنسان في بيان لها منتصف العام الماضي، إنها "رصدت 1635 حالة تعذيب داخل سجون الحوثي في العامين الماضيين، وأكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب منها 33 امرأة مختطفة تعرضن للتعذيب المفضي للموت".

وأشارت الوزارة، إلى وفاة عدد من المختطفين نتيجة الاهمال وتدهور حالتهم الصحية في ظل الحرمان المستمر من تلقي العلاج وتعرض آخرون للتصفية الجسدية داخل سجون المليشيات. مؤكدة أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وسينال مرتكبيها العقاب العادل، محملة المليشيات الحوثية المتمردة المسؤولية الكاملة عن حياة وصحة جميع من هم في سجونها ومعتقلاتها.

يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر حقوقية وتربوية، أن عدد التربويين الذين ماتوا تحت التعذيب في سجون المليشيا الحوثية الإرهابية في الفترة من 21 سبتمبر 2014م إلى نوفمبر 2020م بلغ نحو 22 تربوياً.

وحسب المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين يحيى اليناعي، فأن فئة المعلمين احتلت المرتبة الأولى في الفئات المستهدفة بالتعذيب حتى الموت على أيدي عناصر الحوثي بنسبة 16% من الإجمالي الكلي لحالات الوفاة تحت التعذيب في اليمن البالغة 137 حالة.

 

جرائم لا تسقط بالتقادم

ومع تزايد الضحايا خلف قضبان المليشيات، يرى مراقبون أن استمرار الصمت الدولي غير المبرر تجاه هذه الجرائم، يعني مزيدا من الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين الأبرياء، داعيين المجتمع الدولي إلى ممارسة دوره القانوني والأخلاقي في الضغط على المليشيات لوقف انتهاكاتها المتعددة بحق المدنيين.

ويؤكد حقوقيون، أن تلك الجرائم تعد انتهاكاً لحقوق الانسان، وخرقاً لكل النصوص الدستورية والقانونية، وتناقضاً مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي توجب مسائلة جهة الانتهاك، وتعرضهم للعقوبة القانونية في أي مكان وزمان، كون مثل هكذا جرائم تعد من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم حتى وإن تنازل صاحب الحق فيها عن حقه الشخصي.

وحسب الدستور والقانون اليمني والدولي، فإن التعذيب جريمة ضد الإنسانية، والدستور اليمني لم يكتف بمنع التعذيب بل تعدى ذلك إلى "تحريم التعذيب بأنواعه سواء أكان جسدياً أو نفسياً أو معنوياً بل وحرم ما هو أدنى ذلك كالقسر على الاعتراف او المعاملة غير الإنسانية سواء عند القبض أو الحجز أو السجن أو التحقيق، ونص على كل ذلك صراحة في الفقرة (ب) من المادة (47) من الدستور".

كما نص الدستور اليمني، على "وجوب معاقبة كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها وفقاً لنص الفقرة (هـ) من المادة (47) من الدستور اليمني، وعلى اعتبار التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم".

 

موقف أممي متخاذل

ويبدو الموقف الدولي لا يزال متخاذلا، ولم يرقَ بعد إلى مستوى الحدث في تعامله مع مثل هذه الجرائم البشعة التي تتزايد يوما بعد أخر، خصوصا في ظل تكرار المناشدات الحقوقية اليمنية للمجتمع الدولي بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المختطفين في سجون المليشيات.

وكانت رابطة المختطفين قد أكدت في بيان سابق لها، "أن أمهات المختطفين تفقد أبناءها بشكل مستمر بعد اختطافهم وتعذيبهم حتى الموت دون أن يقف الضمير الإنساني والمنظمات الحقوقية وأطراف الصراع في اليمن أمام هذه الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية".

كما حمّلت الرابطة مليشيات الحوثي مسؤولية هذه الجرائم المكتملة الأركان، مطالبة مجلس الأمن بفرض عقوبات تستهدف المسؤولين عن جرائم الاخفاء والتعذيب، والضغط لإطلاق سراح جميع المختطفين والمخفيين قسراً دون شرط أو قيد.

من جهتها، طالبت منظمة رايتس رادار بإيقاف كافة أساليب التعذيب النفسية والجسدية في السجون والمعتقلات، كون ذلك انتهاكاً للقوانين الوطنية والقانون الدولي وخرقاً للمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي تعد الجمهورية اليمنية طرفاً فيها.

ودعت المنظمات الدولية والمحلية للتفاعل مع بلاغات الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في اليمن ورصدها وتوثيقها والعمل الجاد، للحد منها، إضافة للتنسيق فيما بينها لتوثيق حالات الانتهاكات في اليمن والرفع بها إلى أعلى المستويات الدولية والوطنية.

الإصلاح نت - خاص
السبت 19 أغسطس-آب 2023
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=10509