المليشيا الانقلابية وثقافة الكهنوت (الحلقة الخامسة) خيار المواجهة.. مسارات ومفاهيم
الموضوع: اخبار وتقارير

 

 

خلاصة، وتذكير:

في الحلقات الأربع الماضية تحدثنا حول خرافات المليشيا الفارسية السلالية الانقلابية الإرهابية - خرافة الحق الإلهي، وخرافة الخمس، وخرافة الغدير، وخرافة ثقافة الكهنوت.

وفي نهاية الحلقة الرابعة ذكرنا أبرز الأهداف الخبيثة التي تسعى إليها السلالية العنصرية.

المليشيا السلالية تدرك تماما أنها عاجزة إزاء ثقافة جيل التعليم - مرحلة الإعدادية والثانوية، فهذا الجيل قد ترسخ في ذهنه النشيد الوطني رسوخ جبال وطننا الحبيب.

هنا، اتجهت المليشيا السلالية إلى تلويث الناشئة التي تفتقد الحصانة الثقافية، غير أنه من المضحك ادّعاء المليشيا أنها استهدفت مليونا ونصف المليون طفل. الهدف من هذا الهريف هو إيصال رسالة أن المليشيا السلالية تحظى برضا حاضنة شعبية واسعة وهيهات.

غير أن الواجب يحتم علينا تحصين المجتمع عموما بلا استثناء، وذلك باختيار أفضل المسارات والمفاهيم ذات الفاعلية والتأثير في الوعي المجتمعي.

سنشير إلى أبرز المسارات والمفاهيم تحت المحاور التالية:

 

 المحور الأول، إرساء روح الممانعة الثقافية:

قال تعالى: "والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون • وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين • ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل • إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" (سورة الشورى، 39 - 42).

 

تعليق إجمالي حول النص:

- النص أعطى المظلوم حق الانتصار من الظالمين بصريح الدلالة، وأن مواجهة الثقافة السلالية العنصرية جزء لا يتجزأ من الجهاد بل هي الأساس الأول للجهاد، وأننا نعبد الله في الدفاع عن هويتنا اليمنية - عقيدة ولغة وثقافة وتاريخا وحضارة وجغرافيا.

- يجب -ضرورة- أن يفهم المجتمع أن "البغي" السلالي العنصري الانقلابي الإرهابي قد سحق كرامة الإنسان اليمني - عقيدة، ودماء، وأعراضا، وعقولا، وأموالا، وحرية، وحقوقا، ووطنا، إرضاء لنزاوته السلالية العنصرية الإرهابية الطاغية الباغية، وتحكما في رقاب الشعب اليمني واستعبادا للأرواح والنفوس والأجساد.

- يجب -ضرورة- توعية المجتمع بأهداف السلالية العنصرية التي ذكرناها في نهاية الحلقة الرابعة.

- يجب ترسيخ تلك الأهداف في الوعي المجتمعي حتى تكون حاضرة شاخصة في أعماق ذهنية المجتمع وفي غاية الوضوح.

- يجب نفخ روح الكرامة والحرية وعزة المسلم اليمني اقتداء بالصحابة اليمنيين الكرام الفاتحين الناشرين للإسلام في ربوع آسيا وأفريقيا والأندلس.

- يجب -ضرورة- توعية المجتمع عموما والأجيال الناشئة خصوصا بخطورة السلالية على كرامة الإنسان اليمني، وأن السلالية بطغيانها وإجرامها تحارب دين الإسلام - عقيدة وقيما وأخلاقا وأعرافا.

في بيتنا ذئب*

هذا هو المسار الأول لإرساء وترسيخ روح الممانعة الثقافية ينطلق بقوة، رافعا شعارا يقرع الأسماع بجرس غاية في القوة.. شعار مكوّن من ثلاث كلمات هي: في بيتنا ذئب.. نعم، ذئبٌ.

شعار يجب أن يصل إلى كل يمني - أطفال، وشباب وشيوخ.

في بيتنا ذئب.. يجب أن يتجسد هذا الشعار صورة شاخصة في الذهنية المجتمعية مصحوبا بتعرية جرائم السلالية، المتمثلة في انتهاك وإفساد وإسقاط كل المقدسات.

ومصحوبا بأقوى العبارات التي تنفخ روح الكرامة الإنسانية والعزة والإباء والأنفة في النفوس.. نعم، فليكن حالنا أشبه بمن ينادى عليه من مكان بعيد - أسرع، يا بابا، "في بيتنا ذئب".. ذئب يتجه إلى الفتك بأخينا الوليد الوحيد.

ذلكم هو المسار الثقافي المجتمعي الأول.

 

المحور الثاني، مسار الإصلاح المنهج الأصولي:

- تفعيل المنهج الأصولي المتفق عليه عند جمهور فقهاء الأصول، ذلك أن العقل الفقهي دخل نفق التقليد المذهبي في جانب الأصول.

وللعلم فإن التقليد المذهبي في مجال الأصول هو الأخطر على الفكر والفقه والفهم والثقافة وفقه الواقع من التقليد في مجال فروع الفقه.

التقليد المذهبي في الأصول بدأ مبكرا في ثقافتنا، وقد كان له الأثر السلبي الكبير على العقلية الفقهية، فالهدف من التقليد المذهبي في الأصول يتمثل في كلام باهت مفاده - اقرأ الأصول للعلم - أي كي تعلم أن هناك أصولا.. يعني اقرأ الأصول ليس للتطبيق والإنتاج الفقهي المواكب للمستجدات ومعالجة قضايا الاجتماع، وإنما حشوا للذهن أن هناك شيئا اسمه أصول.

 

إعادة التأصيل المقاصدي:

المنهج المقاصدي كان حاضرا بقوة، سيما في المنعطفات التاريخية المصيرية، قيادة للمجتمع نحو معالجة قضايا الحياة، انطلاقا من فقه الصحابة السهل البسيط الذي يدور حول معنى واضح في الذهنية المجتمعية في مفهوم غاية في الوضوح قواعد خلاصته "قواعد الأحكام مصالح الأنام".**

- يجب علينا -ضرورة شرعية- إذا أردنا للفقه أن يقود المجتمع، يجب أن نرسي فقه الحياة على هذا الأساس - جلب مصلحة، أو دفع مفسدة.. وبهذا سيتحول الفقيه من السير خلف المجتمع إلى قيادة المجتمع.. وهنا سيتم تعرية السلالية العنصرية وستنهتك أسمال وغلالات التدين المغشوش التي تحصن الطغيان باسم الدين زورا وافتراء على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

- فهم القرآن من خلال مقاصده الكلية والجزئية، والمقصود هنا إبراز فقه قيم القرآن ومبادئه وتنزيله للمجتمع - بدءًا من مركزية التوحيد وكرامة الإنسان وحماية حريته وحقوقه، والقيام بالقسط والحكم بالعدل انطلاقا من مبدأ المساواة وترسيخ مبدأ الوسطية - الأمة الوسط وتفعيل مقصد التيسير القرآني المستند إلى 22 دليلا من القرآن ومثلها من السنة الصحيحة.. نعم، يجب إنزال هذه المفاهيم للمجتمع، بل للإنسانية جميعا، وهنا نكون قد وضعنا أسس الثقافة الصحيحة وقطعنا الطريق أمام السلالية العنصرية الخبيثة الرامية إلى استعباد الناس.

 - شعارنا باختصار: يكون شعارنا الفقهي الأصولي هو ما قاله الفاروق رضي الله عنه: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتم أحرارا"؟

- محاصرة الطغيان والاستبداد بأنواعه وتعرية كل ما يخدم الاستبداد والطغيان.

ربط القيم الكونية بركني الإيمان بالله واليوم الآخر من جهة، ومن جهة ثانية ربط القيم الكونية بمقاصدها السننية الخادمة للاجتماع الإنساني، وتنزيل القيم بلغة الثقافة المعاصرة من جهة ثالثة.

- ربط القيم الخلقية بركني الإيمان بالله واليوم الآخر وكذا ربطها بمقاصدها الاجتماعية المتمثلة في تجسيد وترسيخ شبكة العلاقات الاجتماعية وغايتها المتمثلة في فاعلية السنن الحامية الحافظة للاجتماع.

- تفعيل كل قيم القرآن ذات الصلة بحماية الاجتماع من تغول الطغيان السلالي والاستبداد أيا كان مصدره وشعاره، بشرط أن يكون التفعيل وسائل تحمي المجتمع: منظمات، نقابات، أندية، منتديات، تستند إلى أساس الشورى.

إعمالا وانطلاقا من المقصدين القرآنيين، المقصد الأول: عدم الركون إلى الظلمة: "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار".

المقصد الثاني: أولو بقية: "فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض".

 

المحور الثالث، المفاهيم، والوسائل:

تجنبا للإطالة، نستطيع القول جازمين إننا قادرون على بلورة المفاهيم وإيصالها إلى كل أسرة وكل أب وكل أم، إن لم نستطع إيصالها إلى كل طفل، وهذه نماذج سريعة:

- جودة الحضور: المقصود بسيط جدا وهو أن إيصال مفهوم "جودة الحضور" إلى كل أب وأم والمتمثل في توجيه رب الأسرة أن يقوم خلال دقيقتين كل يوم بغرس مفهوم إيجابي في ذهن الطفل - كرامة الإنسان، حريته، المساواة... إلخ المفاهيم الآنفة الذكر.

- غرس المفهوم السالب، المتمثل في جملة صغيرة: لا تصدق هراء السلالية.. إنهم كذابون.

- نستطيع إرسال بيت شعري للزبيري رحمه الله، مثل: أتحنو لطاغية جبهتي؟.. لا، من يقال له؟ من أبوه؟

وهناك عشرات الأبيات من هذا النوع، من قائلها؟ ومتى؟ ولم قالها؟ كل هذا في دقيقة أثناء الطعام وغير ذلك.. هذا هو مفهوم جودة الحضور.

- يمكن قص جملة من النشيد الوطني، وإرسالها يوتيوب، رسالة نصية، حالة، خلفية... إلخ.

- رسم كاريكاتير بسيط هادف يعري الكهنوت السلالي.

- إسكتش أطفال ساخر من السخف الكهنوتي السلالي العنصري وخطورته وأن الجيل قد شب عن الطوق.

 

المحور الرابع، السير عكس ما نحن عليه:

- معرفة أهداف السلالية والسعي إلى قطع الطريق أمامها وتنمية الممانعة الثقافية بالحكمة، بالمثل الشعبي، بالنكتة... إلخ.

باختصار، أحد فلاسفة أوروبا خاطب الشعب بجملة بسيطة سهلة قائلا للشعب: سيروا عكس ما أنتم عليه ستجدون أنكم في الطريق الصحيح.

ونحن نقول: افعلوا عكس أهداف السلالية - رسخوا مفهوم الكرامة، الحرية، المساواة، دوسوا التسيد الإبليسي الفرعون الطبقي السلالي العنصري، قدسوا الحرية، قدسوا الحقوق كما أراد الله لها في كتابه والرسول صلى الله عليه وسلم في سنته الصحيحة.

- رسخوا الولاء لله الذي علمنا مقارعة الظالمين بالكلمة حماية لسنن الحياة.

- رسخوا مفهوم الولاء للأمة بكل مقوماتها وقواسمها المشتركة - هوية، وثقافة، وتاريخا، وحضارة، ودستورا، ودولة، وجيشا.

جسدوا القيم الوطنية، وكرامة الشعب والديمقراطية.. كل هذا لن يأخذ من الأسرة كل يوم دقيقتين.

- إحياء أدب الثورة - شعرا وتاريخا، وأغاني وطنية، وهذا الأخير لا عذر فيه لأحد أيا كان، صغيرا أو كبيرا، متعلما او أمّيّا، مثل:

 أرضنا نحن غسلنا وجهها

وكسونا أفقها صبحا مبينا

وزرعنا في ثراها عزها

لا يرى ثراها مستكينا

- نحن رفض رافض إن مسنا

ظلم ظلام بعيدا أو قريبا

نحن رفض رافض لكننا

نعشق الحق جليلا ومهيبا

 - أربعينياتنا فيها رفضنا

وضحى سبتمبر/ أكتوبر فيها رفضنا

ومدى السبعين يوما قد رفضنا

وسنمضي رافضين

كل من قد لكي يدجي ضحانا

... إلخ، مع شرح مبسط للفكرة.

 

 - يا ماردا في هامة التاريخ يصهر المحن.. وصانعا أيلول صنعاء وتشرين عدن

الفنان، من هو؟ وما هو المارد؟

- أنا للطغيان لا لن أنحني

عصمة الإسلام تجري في دمي

هذا هو الفنان محمد حمود الحارثي رحمه الله.

الخلاصة: السطور السابقة هي من باب التذكير والإلهام لا غير.

حفظ الله وطننا اليمني أرضا وإنسانا.. النصر للشعب اليمني المناضل في سبيل الكرامة والحرية والمساواة والحب والإخاء.. المجد والخلود لكل الشهداء.. الشفاء للجرحى.. الخزي والعار السلالية العنصرية..

.......................

 

* هامش:

الشطر الأخير من المحور الأول - في بيتنا ذئب مقتبس من الفيلسوف د. محمد عابد الجابري رحمه الله، في كتابه: نقد الحاجة إلى الإصلاح.

 

** قواعد الأحكام في مصالح الأنام، هو عنوان لأعظم سفر أصولي مقاصدي، للفقيه سلطان العلماء، العز بن عبد السلام، رحمه الله، والعنوان يدل على عقلية فقهية فذة في غاية الإشراق الحضاري.

الإصلاح نت - عبد العزيز العسالي
الأحد 28 مايو 2023
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=10289