مصدر للثراء وتدمير للمجتمع.. كيف حولت مليشيا الحوثي اليمن إلى سوق مفتوح للمخدرات؟
الموضوع: اخبار وتقارير

 

شهدت تجارة "المخدرات" و"الحشيش" وأصنافًا أخرى من الممنوعات، تناميًا متزايدًا خلال سنوات الحرب التي أعقبت انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، وسيطرتها على صنعاء أواخر سبتمبر 2014م، وباتت الأجهزة الأمنية تعلن بين كل فترة وأخرى القبض على كميات من الحشيش والمخدر كانت في طريقها إلى الحوثيين في عدد من المنافذ البرية والبحرية اليمنية.

 

حيث لوحظ التدفق المهول للمخدرات الإيرانية خلال السنوات الاخيرة إلى مليشيا الحوثي في اليمن، عبر شبكة ممرات وطرق تهريب معقدة ومتعددة، وباتت توزع من قبل تجار ومهربين مرتبطين بقيادات في مليشيات الحوثي الانقلابية، وأضحت التجارة الرائجة التي مثّلت وسيلة إثراء غير عادية للحوثيين خلال فترة الحرب.

 

وحسب تقارير حقوقية، فإن المليشيات تعتمد على المخدرات كمصدر مهم لتمويل ما تسميه المجهود الحربي من خلال العائدات المهولة التي تجنيها من وراء الإتجار بها، حيث أشارت تقديرات اقتصادية إلى أن حجم الأموال المتدفقة في خزائن الانقلابيين من المخدرات قد بلغت 6 مليارات دولار سنويًا، وفقا للشبكة اليمنية للحقوق والحريات، في تقريرها الصادر في نوفمبر 2022.

 

ويعد بحر عمان والبحر العربي والبحر الأحمر، ممرًا حيويًا للاقتصاد العالمي، لكنه صار في السنوات الأخيرة مسارًا معتادا لتهريب الأسلحة الإيرانية والمخدرات لمليشيا الحوثي المتمردة في اليمن، وفقا لتقارير دولية.

 

مخدرات إيرانية مُحرّزة

 

خلال عام 2022 كشفت إحصاءات حكومية، عن قيام الأجهزة الأمنية في المناطق المحررة بالقبض على 400 شخص من مهربي ومروجي للمخدرات من ضمنهم 60 مهرب أجنبي، ومن خلال العمليات المكثفة لقوات الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالتعاون مع قوات خفر السواحل، تم تحريز أكثر من 11465 كيلوغرام من الحشيش، بالإضافة إلى 1204 كيلو غرام من الهيروين، و390 كيلو غرام من الكوكايين، و212 كيلوغرام من مخدر الشبو، وكميات أخرى من الأدوية المخدرة والمنشطات.

 

وتعتبر محافظتي المهرة وحضرموت من أكثر الأماكن التي تستخدمها مافيا الإتجار بالمخدرات من خلال التهريب البحري، وذلك بسبب طول الشريط الساحلي لهذه المحافظات والتي يصعب على قوات خفر السواحل مراقبتها، بسبب شح إمكانياتها بحسب وزارة الداخلية اليمنية.

 

وبين كل فترة وأخرى تعلن الأجهزة الأمنية في المهرة، إلقاء القبض على عصابات تقوم بترويج المخدرات، بينهم أشخاص من جنسيات أجنبية، وكذا العثور على كميات من المخدرات في سواحل المهرة، بينها سفن إيرانية، وأشخاص إيرانيين تم إلقاء القبض عليهم، بينهم نساء وأطفال.

 

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت مطلع أكتوبر الماضي، عن إحالة أمن محافظة المهرة 16 متهمًا بتهريب أسلحة ومخدرات إلى النيابة الجزائية بحضرموت، بينهم 6 إيرانيين، اضافة إلى أطنان كبيرة من الحشيش تم القبض عليها في أوقات متفاوتة على متن قوارب إيرانية في سواحل المحافظة الواقعة على الحدود مع سلطنة عمان.

 

تقرير أممي: إيرادات الحوثي من المخدرات مهولة

 

وكان تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة قد كشف نهاية يناير 2023 الماضي، عن حجم الإيرادات التي وصفها بـ"المهوّلة" التي تحصل عليها مليشيا الحوثي من عدة موارد منها تجارة المخدرات.

 

وقال التقرير الخاص بالعام 2022، إنه رصد حالات تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها من الأصناف من قبيل المعادن النفيسة، والأوراق النقدية للتأكد من استخدام القيادات الحوثية المدرجة في قائمة الجزاءات المشاركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في توليد الاموال لاستخدامها المحتمل في الجهود الحربية.

 

وتلقّى فريق التحقيق الأممي معلومات عن عدد متزايد من حوادث تهريب المخدرات والاتجار بها في اليمن، ومصادرة السلطات لبعض الشحنات، فضلا عن تقارير أثبتت تورط الحوثيين بعمليات تهريب متعددة في علب، الخضراء، الوديعة، الطوال وميناء جيزان، هذا بالنسبة للحدود البرية فيما يتعلق مع السعودية بمفردها.

 

وأشار إلى أن عدة تقارير أوردت عمليات اعتراض منتظمة لمراكب شراعية تحمل شحنات من المخدرات، لم تقم أي دولة عضو بالتحقيق فيها بسبب عدم وجود ولاية قانونية واضحة، منوهًا إلى أن ثمة حاجة إلى أن تنظر الدول الأعضاء في اعتماد صكوك قانونية مناسبة تسمح بإجراء التحقيق حسب الأصول في حالات تهريب المخدرات التي اكتشفها القوات البحرية، وقوات خفر السواحل في المياه الإقليمية حتى يتسنى ان تقدم السلطات المختصة الجناة إلى العدالة.

 

تشابه بين الحوثي وحزب الله

 

وكانت المحامية الامريكية والمختصة في شؤون الأمن القومي إيرينا تسوكرمان قد اتهمت مليشيا الحوثي بتعمد المتاجرة بالمخدرات والممنوعات، وقالت "إن أسلوب مليشيات الحوثي يتطابق مع حزب الله اللبناني، الذي يتبع بدوره قيادات إيران مباشرة، ويعتمد النموذج بشكل كبير على الاتجار بالمخدرات وأشكال أخرى من الجرائم كشكل من أشكال جمع الأموال لهدف اطالة الحرب والإرهاب".

 

وأضافت المحامية الامريكية في الندوة الحقوقية التي عقدها مركز المؤتمرات بمدينة جنيف السويسرية بعنوان (سياسة النظام الايراني في زعزعة الامن في المنطقة.. تهريب المخدرات نموذجا) "إن انتشار المخدرات من قبل مليشيات الحوثي تسببت في تدمير المجتمعات والاقتصادات المحلية" مؤكدة أن "المليشيات الحوثية تعتمد على المخدرات وترويجها في سبيل التجنيد لمن يقعون فريسة سهلة أمامهم".

 

فيما أشار رئيس المركز اليمني الهولندي لحقوق الانسان ناصر القداري، إلى الاثار والعواقب من استغلال تلك السلع (المخدرات) كموارد دخل المليشيا الحوثية المسلحة، مؤكداً ان النظام الايراني وتنظيم حزب الله لا يتوقفان عن تطوير تجارة وتهريب المخدرات الى الدول الغربية.

 

يأتي هذا في الوقت الذي اتهمت فيه الحكومة اليمنية، النظام الإيراني باستمراره في إغراق البلاد بالمخدرات والأسلحة، في ظل دعمها للحوثيين الذين يديرون شبكات للإتجار بالمواد المخدرة والممنوعة.

 

متاجرة بالمخدرات لتمويل الحرب

 

منتصف يونيو من العام الماضي، أعلن وزير الداخلية اليمني، اللواء الركن إبراهيم حيدان، أن الأجهزة الأمنية ضبطت وأتلفت أكثر من 5 طن من المخدرات خلال 2021، وأن مليشيات الحوثي تتاجر بالمخدرات لتمويل حربها.

 

يشير تصريح وزير الداخلية إلى أن مليشيا الحوثي الانقلابية باتت الوجه الآخر لآفة المخدرات، الأمر الذي يمثل خطرا محدقا على اليمن واليمنيين والأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم، كون المليشيات الحوثية ومن ورائها إيران استخدمت المخدرات وتاجرت بها من أجل تمويل حربها العبثية على اليمن واليمنيين.

 

حيث عملت مليشيا الحوثي وبدعم مباشر من طهران على إغراق اليمن ودول الجوار بالمخدرات، بل وأصبحت المخدرات سلاحًا بيدها تستخدمه في غسل أدمغة الأجيال الشابة وزجهم في أتون المعارك العبثية، ليكونوا فريسة سهلة لأفكارها الضالة.

 

ويؤكد مراقبون أن المخدرات الإيرانية داهمت اليمن من جميع المنافذ في البر والبحر والجو وآخرها مخدر الشبو الذي يُصِيبُ عقل الإنسان وأدميتهُ ويحولهُ إلى وحش قاتل، والذي كان وراء وقوع جرائم بشعة في عدد من محافظات الجمهورية.

 

عصابات التهريب

 

وكانت صحيفة إماراتية قد كشفت عن لجوء مليشيات الحوثي لتشييد عصابات تهريب واستخدام النساء والأطفال في تهريب المخدرات، لتضاف هذه الممارسات إلى انتهاكات المليشيات الحوثية الأخرى من خلال تجنيدها الأطفال والنساء، واستغلالهم في أعمال إرهابية كزرع العبوات الناسفة وغيرها من الأعمال الإجرامية.

 

وتهدف المليشيا الحوثية من وراء ذلك كله، إلى تهريب تلك الكميات الهائلة من المخدرات إلى دول الجوار، حيث تستخدم اليمن كمحطة لتهريب المخدرات وتصديرها نحو السعودية ودول أخرى، حيث يعد المعقل الأم للحوثيين المتمثل بمحافظة صعدة إحدى أبرز المدن اليمنية في تجارة المخدرات، بالإضافة إلى شهرتها كأرض خصبة لزراعة الحشيش منذ عقود.

 

وتشير تقارير حقوقية، إلى أن مليشيا الحوثي تحاول استغلال نحو 800 كيلومتر بين اليمن السعودية في تهريب المخدرات للأراضي السعودية، حيث تعد الحدود اليمنية حاليًا من أخطر المصادر إن لم تكن هي الأخطر لتمويل هذه الآفة، والتي ما زالت تتدفق أنواع المخدرات إليها بشكل مهول.

 

وتؤكد تقارير أممية، تورط قيادات حوثية بارزة في شبكات الاتجار بالمخدرات والاعتماد عليها كمصدر مهم لتمويل ما تسميه المجهود الحربي، واستدراج واستقطاب الآلاف من الشباب للانخراط في صفوفها، والزج بهم في معاركها العبثية، حيث يعمد الحوثيون إلى توزيع ونشر المخدرات في أوساط الشباب وتحديدا الذين انخرطوا في القتال في صفوفهم بغية التأثير عليهم وضمان استجابتهم لتنفيذ كل الأوامر التي توجه إليهم، طبقا لذات المصدر.

 

سوق مفتوح للمخدرات

 

منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة، تحولت اليمن إلى سوق مفتوح للمخدرات، باعتبارها أحد الأسباب الرئيسية للثراء الفاحش والسريع لقيادات الحوثي، والتي تجني منها عائدات ضخمة من ورائها وصلت بحسب تقارير حقوقية إلى نحو 6 مليارات دولار سنويًا.

 

يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة الشرق الأوسط أمس الأربعاء، عن استكمال فريق تحقيق يتبع لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي مهمة تتبع عمليات تهريب الأسلحة إلى الميليشيات الحوثية، وجمع الأدلة المرتبطة بالشحنات التي تم ضبطها، والتحقيقات التي تمت مع المتورطين في تلك العمليات، وذلك بالتزامن مع قيام فريق أممي آخر من مكتب الجريمة والمخدرات، باستكمال التحقيق وجمع الأدلة حول تهريب المخدرات، وتعزيز قوات خفر السواحل والمنافذ الحدودية.

 

وكشفت تقارير حقوقية عن قيام مليشيا الحوثي ببناء 93 مستودعاً للمخدرات في صنعاء، وراءها 4 قيادات حوثية بارزة ضالعة في تجارة المخدرات، ما حوّل اليمن إلى سوق رائجة للمخدرات بأنواعها، مؤكدة أن مليشيا الحوثي عمدت إلى استخدام حبوب الهلوسة لتخدير مقاتليها حتى يستمروا في القتال لفترات طويلة دون أن يشعروا.

 

ويفسر خبراء وباحثون، حول تهريب وترويج المخدرات وإغراق اليمن بأصناف جديدة من الممنوعات، باعتبارها لا توفر الأموال فحسب، بل إنها تعزز الأهداف الاستراتيجية للمليشيا الإرهابية، حيث تعتقد أنها يمكن أن تضعف أعدائها عن طريق إغراق مجتمعاتها بالمخدرات والادوية التي تسبب الإدمان، ما تجعل المجتمع فريسة لتقبل أفكارها، ومطية لتحقيق أهدافها.

 

شحنات وكميات الحشيش والمخدر تم القبض عليها وكانت في طريقها للحوثيين خلال 2022

م

التاريخ

الكمية

المكان

التفاصيل

1

31 يناير 2023

4 آلاف كيلوغرام من الحشيش و512 كيلوغراما من الميثامفيتامين

خليج عمان

 

2

28 ديسمبر 2022

4 كيلو

ساحل دمغوت المهرة

 

3

15 نوفمبر 2022

42 ألف حبه من مادة (فينوباربيتال)

نقطة الهنجر بتعز

 

كانت على متن باص ركاب

4

11 نوفمبر 2022

سفينة إيرانية

مدينة حديبو سقطرى

البحرية اليمنية

5

23 نوفمبر 2022

2200 كجم من الحشيش و 330 كجم من الميثامفيتامين

خليج عدن

كانت على متن سفينة صيد في المياه الدولية بخليج عدن

6

1 نوفمبر 2022

كمية كبيرة من المخدرات والممنوعات

المهرة

سفينة إيرانية

7

10 ديسمبر 2022

ضبط كميات كبيرة من الحشيش ومادة الشبو

 

أبين

سفينة تهريب إيرانية غرقت في البحر ليجرف تلك الكميات إلى الساحل وهي مغلفة بإحكام

 
 
الإصلاح نت-خاص
السبت 18 مارس - آذار 2023
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=10088