المرأة اليمنية.. صفحات من النضال المستمر رغم القيود والإرهاب الحوثي
الموضوع: اخبار وتقارير

 

كغيرها من مكونات المجتمع اليمني، مثلت المرأة اليمنية أيقونة مهمة للنضال الوطني ونشر الثقافة الوطنية، وحملت على عاتقها هموما كبيرة في سبيل التحرر من الاستبداد ومخلفاته، وتقلدت أدوارا تحررية لا تقل أهمية عن أدوار شقيقها الرجل، وقدمت تضحيات جساما طيلة عقود التحرر ومواجهة التخلف والاستبداد.

وقد كان للمرأة اليمنية دور محوري في أبرز مراحل النضال الوطني رغم القيود التي فرضت عليها من قبل المجتمع نتيجة للقوانين والأعراف الجائرة التي كرستها القوى الظلامية المتعاقبة على حكم البلاد قرونا ماضية بوجوه متعددة.

 

محطة انطلاق

وتعتبر ثورة 11 فبراير 2011 الشبابية السلمية محطة لانطلاقة المرأة اليمنية لنيل حقوقها المكفولة ودورها الريادي بالمشاركة في الحياة العامة، ووجدت في الثورة نقطة مضيئة استعادت من خلالها حقوقها وحضورها السياسي، إذ ساهمت في كل اللجان والتكتلات الثورية، وألغت بذلك بعض المفاهيم التي كانت سائدة قبل الثورة.

وقد عملت المرأة على إكساب الثورة اليمنية زخما خاصا بحضورها اللافت ومشاركاتها الفاعلة على كافة الأصعدة ومختلف المجالات، تمثل ذلك في تحملها للأعباء والمشاق التي تركها غياب الأزواج والأبناء، وانقطاعهم المتواصل عن البيوت والتحاقهم بمخيمات الاعتصام التي استمرت قرابة عام كامل، للمطالبة بتغيير النظام وإصلاحات جذرية، وبناء دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، إلى جانب مشاركتها المستمرة بالمسيرات النسائية الكبيرة، والمباركة والتأييد والدفع بالزوج والأخوة والأبناء للمشاركة بالمسيرات والاعتصامات، بالإضافة إلى مشاركتها بالاعتصامات النسائية وعملها الدؤوب في تطبيب جرحى المسيرات التي كانت تستهدف من قبل العناصر الأمنية، هذا إلى جانب قيامها بدور التوعية والتثقيف، وإعداد وتجهيز القوافل الغذائية التي كانت تسيّر وتخصص دعما لمخيمات الاعتصام.

ولم تتوانَ المرأة اليمنية أو تتقاعس عن خدمة الثورة ولم تدخر جهدا، بل كانت لها اندفاعتها القوية وتفاعلها الكبير وبصمتها الواضحة وحضورها المشرق في تفاصيل الثورة، وقدمت من أجلها تضحيات جسيمة، وكانت حاضرة بشكل بارز في كل المظاهرات والفعاليات الثورية، فسقطت شهيدة وجريحة، وتعرضت للاعتداء والاعتقال، ولم يثنها ذلك عن مواصلة نضالها الثوري، موقنة أن ما تدفعه من ثمن يدفعه أخوها الرجل أيضا، فلم تبخل المرأة بتقديم الروح في سبيل الثورة وأغلى ما تملك، إذ تؤكد إحصائيات أن عدد شهيدات الثورة بلغن 19 شهيدة سقطت إثر استهدافهن من قبل عناصر مسلحة كانت تتبع قوى مناوئة للثورة السلمية.

 

حضور إعلامي

ولم يتوقف نضال المرأة اليمنية وإصرارها على تحقيق أهدافها وتطلعاتها على مجريات الثورات فحسب، بل استمر بعد الانقلاب الذي نفذته مليشيا الحوثي المتمردة، والقبضة الحديدية التي فرضت على المواطنين، فقد ظل عطاؤها الثوري متواصلا، وبقيت حاضرة في الساحة الوطنية بصور متنوعة ووسائل متعددة.

وقد اتخذت من وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وسيلة فعالة لمواجهة الانقلاب، ونقل وقائع ما يدور على الأرض، إذ عملت على كشف جرائم المليشيا الحوثية بصورها المختلفة، ورفعت من معنويات المقاتلين في مختلف ميادين الشرف والحرية والكرامة ودحر الانقلاب.

وفي الوقت الذي كثفت فيه سلطات الانقلاب الحوثية من جهودها الإعلامية لمواجهة المقاومة الشعبية والجيش الوطني وشيطنتهما، كان حضور المرأة لافتاً في مختلف وسائل الإعلام، وهو ما شكل نقلة نوعية في أداء المرأة ودورها الوطني والريادي في الإعلام اليمني، وعكس صورة حضارية في التعاطي مع القضايا الوطنية بشكل أكثر وعيا ومسؤولية.

وقد ساهمت المرأة بشكل كبير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي كانت منبراً آخر للنساء، في توجيه الرأي العام وتوعيته، وإبراز مخاطر المشروع الإيراني الذي تبنته المليشيا الحوثية عبر انقلابها الدموي، وتعريف المواطنين بحقوقهم المكفولة والمصادرة من قبل مليشيا الانقلاب، وإيصال رسالة الشعب للجهات المعنية، ونقل معاناتهم ومآسيهم التي تسبب بها وعمل على إيجادها الحوثيون، لإنجاح الثورة التي كان ينشد اليمنيون فيها التغيير بأدوات سلمية.

 

الجندي المجهول

ولم يقتصر دور المرأة على الجانب الإعلامي الذي نشطت فيه من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومنصاتها المتنوعة، فقد نشطت أيضا في مجالات متعددة لمواكبة تطور الأحداث ومستجداتها، رغم ما تعرضت له من مخاطر عديدة واستهداف ممنهج للحد من نشاطها وإسكات صوتها في مناطق سيطرة الانقلاب، إذ تعتبر المرأة اليمنية الجندي المجهول في المقاومة والتضحية، من خلال نشاطاتها وإسهاماتها المتعددة، شملت المجال الحقوقي والإغاثي والإنساني والقانوني وغيرها من المجالات.

وعلى الرغم من الإجراءات الصارمة التي فرضت في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين من قبل المليشيا لإرهاب المعارضين لسياسة المليشيا الإجرامية، وإسكات كل صوت مناوئ لها، فقد كان للمرأة في تلك المناطق دور إيجابي وحضور مشرف، متخطية كل الحواجز ومتجاوزة كل القيود المفروضة على المواطنين.

وتتمثل تلك الأدوار برفض المرأة اليمنية للانقلاب والقيام بواجب التوعية والتثقيف في المجتمع بخطر المشروع الإيراني بشكل أو بآخر، وإنشاء المنظمات الحقوقية المطالبة بالحقوق المصادرة، وتنظيم المسيرات المنادية بإيقاف الجرائم بحق المختطفين والمخفيين قسريا والإفراج عنهم.

انتكاسة

وتعتبر عملية الانقلاب التي قامت بها مليشيا الحوثيين أول خطوة لاستهداف العملية السياسية برمتها فور وصول المليشيا إلى العاصمة صنعاء، فقد عمد الحوثيون إلى تعطيل الحياة السياسية بالكامل، وتوقفت نتيجة للاستهداف الممنهج عشرات المؤسسات ومنها مؤسسات نسوية إلى جانب منعهن من إقامة الأنشطة والفعاليات إلا وفق رقابة صارمة وتحت إشرافهم المباشر، كما توقفت التعيينات لدى الحوثيين في مؤسسات الدولة باستثناء التعيينات التي تقوم بها المليشيا الانقلابية لخدمة مشروعها الفكري وسياستها الأمنية، إذ عمدت المليشيا إلى ضم المئات من النساء ترغيبا وترهيبا إلى أجهزتها الأمنية، بتشكيلات ومسميات مختلفة، لممارسة الإرهاب والجرائم المتنوعة من خلال تلك التشكيلات الأمنية النسوية الأمنية، وتوظيفها في عمليات إجرامبة قذرة، سواء قيامها بالتجسس لصالح مليشيا الحوثيين، أو اقتحام البيوت للبحث عن مشتبه بهم، أو القيام بعمليات الاختطاف للناشطات وإيداعهن السجون.

 

مخاطر وأضرار

وقد استهدفت مليشيا الحوثي، على مدى الأعوام الماضية، المرأة وضيقت الخناق عليها ومارست ضدها مختلف أصناف الانتهاكات التي تزايدت بحق النساء وبات الحوثيون يستهدفون المرأة بشكل ممنهج وموجه.

وعلى الرغم من الانتهاكات الجسيمة والمتكررة بحق النساء، والتي تنوّعت بين القتل والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب والتشويه والعنف النفسي والجسدي بمختلف أنواعه، إلا أن المليشيا الحوثية ضاعفت في الآونة الأخيرة من الممارسات والمضايقات في الأماكن العامة والمتنزهات والحدائق والمدارس والجامعات والمطاعم والأسواق.

وتقول الكاتبة والصحفية "نبيلة سعيد" إن هناك مخاطر وأضرارا واجهت المرأة طيلة أعوام الانقلاب أبرزها "الاستهداف المباشر لحياتها وحياة أقربائها، سواء بالقتل او السجن أو الإخفاء وما يتبعه من تعذيب وفى أسوأ أوضاعه يخرج الشخص معاق من استمرار الحياة".

بالإضافة إلى "استهداف استقرارها فى التعليم والصحة والعمل والذي يجعل حياتها مهددة بصورة مستمرة وربما يحولها لشخص متسول طوال الوقت".

وتضيف "نبيلة سعيد"، وهي إحدى الصحفيات اللاتي يعشن خارج البلاد نتيجة للخوف والقلق من بطش المليشيا الحوثية، أن ثمة مخاطر أخرى جراء الانقلاب منها "تحول المرأة لخيار النزوح داخليًا وخارجيا يعد من الويلات التى منُِيت بها المرأة كونها تفقد البيئة وتوجد وطنا جديدا تحاول أن تعيش وتتعايش فيه ومع ذلك حتى هذا الوطن الجديد لم يخل من الاستهداف بآلة الموت".

وتختم الناشطة اليمنية حديثها الخاص لموقع "الإصلاح نت" بالقول: "وهناك استهداف يطال البنية المجتمعية يبدأ من الطفولة فى حرف مسار التعليم وتعبئة الذاكرة المستقبلية بصور غير معهودة على فطرة الإنسان اليمني كتركيع الجيل لفئة تدعي القداسة".

 

قيود وإقصاء

وفي إطار حربها المعلنة والممنهجة تواصل المليشيا الحوثية تعسفاتها بحق المرأة بشكل مستمر، إذ عمدت المليشيا في وقت سابق إلى إقرار خطة تلغي كافة قطاعات المرأة من جميع المؤسسات الحكومية بما فيها الإدارات العامة المعنية بمراقبة مدى ملاءمة كافة التشريعات والقرارات مع التزامات اليمن بإزالة كل أشكال التمييز والتفرقة في المجتمع ومنها التمييز ضد النساء.

وتقول مصادر إن هذه التوجهات ترافقت مع شكوى محاميات في صنعاء عن تعرضهن للإهانة في ساحات المحاكم على يد عناصر الشرطة النسائية.

وتضيف المصادر أن وزارة الخدمة المدنية في حكومة الانقلاب حصلت على موافقة مليشيا الحوثي الانقلابية على خطة لإعادة هيكلة كافة المؤسسات الحكومية ومن ضمنها إلغاء كافة قطاعات المرأة في التربية والتعليم إضافة إلى التعليم الفني والإدارة المحلية والشباب والرياضة وغيرها من المؤسسات التي يوجد بها قطاعات خاصة بالمرأة.

ويرى مراقبون أن هناك توجها عاما في إطار خطة ممنهجة لدى الانقلابيين لفرض المزيد من القيود على وجود النساء ومشاركتهن في الحياة العامة، حيث تبلور هذا التوجه في إقرار خطة إلغاء قطاعات المرأة في المؤسسات وإلغاء الإدارات العامة.

ويحذر المراقبون من أن الإقدام على هذه الخطوة سيؤدي إلى إبعاد كل النساء العاملات في هذه القطاعات والإدارات العامة من أعمالهن وإلزامهن بالبقاء في المنازل ضمن مخطط عام يستهدف القضاء على وجود المرأة في مؤسسات الدولة أو إحلال عناصر نسائية طائفية بدلاً منهن.

 

خمسة آلاف مختطفة

وقد تعرضت المرأة على أيدي المليشيا الحوثية منذ أكثر من ثماني سنوات لصنوف من المضايقات والأذى والتنكيل، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي تخضع لسلطة الانقلابيين، تنوعت تلك الاعتداءات بين القتل والضرب والاختطاف والتعذيب والانتهاكات المتنوعة والتحرش والتعذيب النفسي والجسدي وتشويه السمعة وإلصاق التهم الكيدية والملفقة، وغيرها من أصناف الأذى والتنكيل والمضايقات التي عانتها وتعانيها المرأة اليمنية طيلة سنوات الانقلاب.

ووفقا للناشطة الحقوقية هدى الصراري فإن أكثر من 5 آلاف امرأة مختطفة في سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، متهمة المنظمات الأممية والدولية بالتذرع بالأزمة الإنسانية للحيلولة دون تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية.

وتضيف الصراري أن ما يتم رصده بشأن المختطفات من النساء في سجون مليشيا الحوثي لا يتجاوز الـ30 في المائة، مؤكدة أن سجون الحوثيين تعج بالمختطفين والمختطفات الذين يتعرضون للكثير من أصناف التعذيب الجسدي والنفسي واستخدامهم كأوراق سياسية للضغط والابتزاز.

الإصلاح نت-خاص
الأحد 12 مارس - آذار 2023
أتى هذا الخبر من موقع التجمع اليمني للإصلاح:
https://alislah-ye.net
عنوان الرابط لهذا الخبر هو:
https://alislah-ye.net/news_details.php?sid=10067