الجمعة 29-03-2024 03:15:43 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحوثيون ونهب الأراضي.. تغيير ديمغرافي وانتهاك لحقوق اليمنيين

الإثنين 16 يناير-كانون الثاني 2023 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت- خاص

 

حرب ضروس، ومعارك لا تتوقف، تقوم بها مليشيات الحوثي ضد أموال وعقارات وممتلكات المواطنين، في مختلف مناطق سيطرتها، ما إن تهدأ بمكان، حتى تشعلها مجددًا في مكان أخر، في سباق مع الزمن للسيطرة عليها، تحت ذرائع شتى، وأساليب متعددة ومتنوعة.

مؤخرًا، كشّرت المليشيا الحوثية أنيابها باتجاه مديرية بني مطر، غربي العاصمة صنعاء، في محاولة للسيطرة على ألفي لبنة من أراضي وممتلكات المواطنين، بحماية قوات عسكرية تابعة لها، حيث شرعت في بناء الأسوار عليها، والسيطرة على تلك المساحة من الأراضي بقوة السلاح.

جاءت الحملة الحوثية ضد أراضي المواطنين في بني مطر، بعد أن قامت بالاستيلاء على أموال المواطنين في منطقة جدر، شمال شرقي العاصمة صنعاء، ومديريات أرحب شمالي العاصمة، إضافة إلى أراضي المواطنين في مديرية همدان، شمال غربي العاصمة.

ورغم المقاومة الشديدة من قبل المواطنين في تلك المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء، إلا أن الحملة الممنهجة من قبل مليشيات الحوثي لمصادرة الأراضي والممتلكات في تلك المناطق، تكشف عن المخططات الرامية من قبل المليشيا نحو إجراء تغييرات ديموغرافية في تلك المناطق التي تخشى من اندلاع أي مقاومة فيها وفقا لمراقبين.

 

ضاحية حوثية بصنعاء

منذ ديسمبر الماضي، قامت مليشيا الحوثي في الشروع ببناء سور للسيطرة على عقارات يبلغ عددها 2000 لبنة في بني مطر"، واللبنة هي مقياس لمساحات الأراضي وتقدر بحوالي 44 متر مربع، وتختلف من منطقة إلى أخرى.

ويتزعم تلك الحملة، القياديين في مليشيا الحوثي، أبو حيدر جحاف، وأبو علي الشامي، حيث أرسلا قرابة 50 طقما للسطو على تلك العقارات وشرعوا في بناء سور على كل تلك المساحة، وذلك بعد أشهر من حملة عسكرية مماثلة قامت بها المليشيا ضد أهالي قرية "العرة" بمديرية همدان (شمال غربي العاصمة).

حيث قامت المليشيا بإطلاق النار على منازل الموطنين ومداهمة القرى والمنازل، واختطاف عدداً منهم، بعد رفضهم عملية السطو على أراضيهم وتنفذيهم اعتصام سلمي للتنديد بتلك الاجراءات الحوثية الهادفة لنهب أراضيهم والسيطرة عليها بقوة السلاح.

وخلال العام الماضي عاشت القبائل في همدان صراعًا محتدمًا مع ميلشيات الحوثي، عبر ما تسمى "مؤسسة شهيد" وهي مؤسسة حوثية تريد السطو على أرضية للمواطنين، وتحويلها إلى مقبرة، بعد مصادرتها في أغسطس 2021، وتزيد مساحتها على 66 ألف متر مربع، وحصل الأهالي على حكم قضائي من محكمة حوثية بأحقيتهم بالأرض، لكن نافذون بسلطة المليشيات يرفضون تنفيذ الحكم القضائي.

ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي تواصل عمليات السطو على عقارات وممتلكات القبائل في محيط صنعاء، ضمن مخطط يهدف إلى السيطرة على موارد القبائل المالية وإعادة ترتيب السكان في العاصمة التي تسيطر عليها الميلشيات منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014، على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت.

وتأتي هذه العملية الحوثية ضمن حملات نهب واسعة نفذتها ميليشيات الحوثي خلال السنوات الماضية لنهب آراضي وعقارات المواطنين بمبررات كثيرة، تستخدم فيها القوة العسكرية، في عملية اذلال ممنهجة تمارسها الجماعة ضد القبائل اليمنية لضمان بقاء الميلشيات كقوة بلا منازع، وإخراج القبيلة من دائرة التأثير والفعل والنفوذ.

 

اجراءات وقيود تعسفية

وخلال العامين الماضيين، شددت مليشيا الحوثي القيود التعسفية على التصرف بالأراضي المتاخمة للعاصمة صنعاء، عبر سلسلة من الاجراءات أبرزها، إلزام الأمناء الشرعيين في المناطق المحيطة لمداخل العاصمة صنعاء، منع البيع والشراء في الأراضي والعقارات والتصرف بها إلا تحت إشراف الميليشيات عبر تشكيل ما يسمى بـ"الأمن والمخابرات".

حيث فرضت المليشيا الحوثية هذه الاجراءات، في مختلف المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء، مثل سنحان وبني بهلول، جنوبي صنعاء، وكذا مناطق أرحب وبني الحارث شمالي العاصمة، وهمدان وبني مطر غربي العاصمة، ومناطق جدر وغيرها، بهدف السيطرة والتحكم على عملية البيع والشراء إلا لشخصيات موالية لها.

تزامن هذا التصعيد مع تنفيذ حملات حوثية ضد الأمناء الشرعيين، حيث قامت باحتجاز المئات في صنعاء والمناطق المحيطة بها، وكذا المحافظات الأخرى، واستبدالهم بعناصر تابعة لها، وذلك في إطار اجراءاتها الهادفة الى السيطرة والتحكم بأراضي وعقارات المواطنين.

واعتبر مراقبون الاجراءات الحوثية، بأنها تأتي ضمن مخططاتها لتجريف الأرض والتغيير الديمغرافي، والاستحواذ على ملف الأراضي والعقارات بصنعاء كإحدى وسائلها للإثراء والنهب، ومن جهة أخرى فإنها تكشف تصاعد الهواجس الأمنية لدى الجماعة تحسباً لاحتمالات الانتفاضة أو العمل العسكري للإطاحة بوجودها في صنعاء.

 

إب سيناريو مماثل

وفي سيناريو مماثل، تشهد محافظة إب سيناريو مشابها لما يحدث في بقية المحافظات الأخرى من نهب وسطو وأعمال سلب ومصادرة لحقوق وأملاك المواطنين، حيث شرعت المليشيات في مصادرة الأراضي بشكل واسع، والبسط على ممتلكات الأوقاف، ومصادرة جميع حقوق ومكتسبات السكان، وممتلكات وأراضي وعقارات الدولة، بل وصل بها الأمر إلى تجريف المقابر والشروع في البناء عليها والاستحداثات فيها وتسويرها وبيعها دون رقيب أو حسيب.

وعادة ما تتم عمليات السطو وبشكل واسع على أراضي المواطنين بقيادة نافذين حوثيين غالبيتهم من محافظات شمال الشمال كصنعاء وعمران وصعدة وذمار، مستغلين نفوذهم وانتماءهم للمليشيات الحوثية، واستغلال ضعف الكثير من الضحايا في محافظة إب للاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم.

وحسب تقارير إعلامية، فقد سطت قيادات حوثية رفيعة في وقت سابق على أراض كثيرة لملاك محليين ومن خارج المحافظة منها جبل "الرميح" الواقع في مفرق حبيش الذي تبلغ مساحته 2500 لبنة، والذي تعود ملكيته لمواطنين محليين وأجزاء منه للهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، ونفذت عملية اختطافات طالت مواطنين يمتلكون وثائق بأحقيتهم للموقع الذي يقدر ثمن الأراضي الواقعة فيه بأكثر من ملياري ريال، واشترطت المليشيا لرفع أيديهم عن الجبل دفع مبلغ 800 مليون ريال.

 

الحديدة: سطو واختطاف

وإلى الغرب من صنعاء، اقتحمت مليشيات الحوثي، في سبتمبر الماضي، قرى منطقة القصرة الساحلية بمديرية بيت الفقيه جنوبي محافظة الحديدة بقوة عسكرية كبيرة مكونة من 30 طقماً (عربات عسكرية) محملة بالمسلحين، ومصحوبة بـ8 جرافات قامت بجرف أراض تابعة للمواطنين.

وذكرت مصادر مطلعة، أن عملية الاقتحام تمت وسط إطلاق نار كثيف من قبل العناصر التابعة للمليشيات وبأسلحة خفيفة ومتوسطة أسفرت عن سقوط عدد من الإصابات من الأهالي، كما داهمت أيضاً منازل مواطنين واختطفت العشرات منهم وأفزعت الأطفال والنساء.

ووفقا للمصادر فقد بلغ عدد المختطفين في تلك المداهمات نحو 70 شخصا من أبناء تلك القرى زج بهم الحوثيون في السجون، فيما انتشرت الأطقم العسكرية في قرى المنطقة كحماية للجرافات التي جرفت مساحات من الأراضي والمراعي والسواقي التابعة للمواطنين.

فيما قامت عربات أخرى بملاحقة مواطنين حاولوا منع المداهمة وجرف الأراضي، وتسببت بنزوح أسر العديد من المواطنين الملاحقين من المنطقة إلى مناطق مجاورة للساحل شمال وشرق وجنوب بيت الفقيه نتيجة لكثافة النيران التي أطلقتها مليشيات الحوثي والمداهمات والاختطافات التي نفذتها للأهالي في تلك الحملة.

وحسب المصادر، فإن مليشيا الحوثي تسعى لمصادرة أراض واسعة، تعد المصدر الوحيد لدخل المواطنين، وتبلغ مساحتها أكثر من 10 كيلومترات، ويستفيد منها أكثر من 5 آلاف مواطن وهي مساق ومراع للمواطنين منذ مئات السنيين.

 

انتهاكات وجرائم

وتؤكد تقارير حقوقية، أن الحملات الحوثية المستمرة لنهب ممتلكات المواطنين والسيطرة على منازلهم، وانتزاع الأراضي الخاصة بهم، ومنعهم من البناء فيها، بحجة الصالح العام، إلى جانب إنشاء المواقع العسكرية عليها، بأنها انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية للإنسان التي كفلها القانون الدولي واليمني على حد سواء، وفقا لمنظمة سام.

وأكدت منظمة سام لحقوق الإنسان، أن ميليشيا الحوثي لا تزال تعمل على تكثيف سيطرتها بشكل كبير على سوق العقارات وتسهيل مهام قادتها في الاستيلاء على الأراضي المملوكة للدولة والأوقاف والسكان في المناطق المسيطرة عليها.

وقالت المنظمة، إنها تلقّت عشرات الشكاوى بين انتزاع الملكية وحرمان العشرات من البناء إلى جانب رفض مسلحين حوثيين تابعين لما يسمى "المكاتب الإشرافية" في صنعاء، من دفع إيجارات الشقق التي استأجروها من أصحابها، أو حتى الخروج منها، منذ فترة طويلة.

وأشارت إلى أن التنافس على ملكية الأراضي في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي توّسع منذ سيطرة الميليشيات على صنعاء، منوهة إلى بروز صراع المصالح بين قياداتها، حيث تولى الجناح الذي يقوده محمد الحوثي مهمة مصادرة وإعادة تمليك مساحات كبيرة من الأراضي وانتزاعها من آخرين بحجة أنها أراضٍ تتبع الأوقاف أو أنها كانت مملوكة للدولة، ما انعكس بصورة كبيرة على المدنيين وهدد الآلاف بالتهجير القسري.

وأكدت أن فريقها قام بالالتقاء بعدد من الضحايا والمتضررين الذين تمت مصادرة أراضيهم وحرمانهم من البناء أو التعلية، إلى جانب شهادات أثبتت انتزاع أراض كاملة من أجل إقامة مواقع ونقاط عسكرية، مؤكدة أن هذا مخالفة صارخة وغير مقبولة واعتداء واضح من قبل جماعة الحوثي على الحقوق المكفولة والمحمية وطنيًا ودوليًا.

آثار كارثية

ويرى مراقبون أن عمليات السطو على الأراضي التي ينشط الحوثيون فيها في عدة محافظات وتغيير الملكية والاستحداثات الجارية في الأملاك وعملية البيع والشراء التي تتم بشكل واسع خارج القانون، من شأنها أن تخلف آثارا كارثية على المدى القريب والبعيد وعلى كافة المستويات.

ووفقا للمراقبين فإن مصادرة أملاك الناس وبيعها أو البناء عليها ستكون سببا لألغام اجتماعية مؤجلة، وبؤرًا لتوترات مستقبلية، وستترك مجتمعًا مفخخًا بالضغائن، مليئا بالأحقاد والتربصات، خصوصًا مع وجود وثائق ثبوتية تثبت أحقية من تمت مصادرة أراضيهم، وعقود للبيع والشراء، وستثقل كاهل المحاكم بأكوام من ملفات المظالم؛ نتيجة لتلك الجرائم التي تتم بشكل متكرر على أيدي أزلام النهب والفساد والتي لا تسقط بالتقادم.

إضافة إلى ذلك، ستظل هذه الجرائم الحوثية، بمثابة عبء اقتصادي كبير ستورثه تلك الجرائم للدولة في حال تغيرت الأوضاع السياسية، والأموال الطائلة التي تتطلبها المرحلة في سبيل التسويات ومحو آثار تلك الجرائم، وفض النزاعات والخصومات ومعالجة الإشكالات، بالإضافة إلى وضع أعباء أخرى، ومعوقات وعراقيل كبرى في طريق بناء الدولة الحديثة، وقضايا أكثر تعقيدًا لا يمكن تجاوزها على المدى القريب.

كلمات دالّة

#اليمن