الأربعاء 24-04-2024 10:40:03 ص : 15 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

بيان الاتحاد الأوروبي بشأن اليمن.. دلالات المضمون والمواقف

الجمعة 16 ديسمبر-كانون الأول 2022 الساعة 11 مساءً / الإصلاح نت - خاص

 

وضع الاتحاد الأوروبي عدسته على جزء من القضية اليمنية، مبيناً أسباب استمرار الحرب التي اشتعلت مع انقلاب مليشيات الحوثي على الدولة اليمنية في خريف العام 2015، ومعرجاً على الواقع الذي أطال أمد الصراع وعاظم الخسارة والتضحيات، وضاعف معاناة الشعب اليمني.

وحرص الاتحاد الأوروبي، في بيانه الثلاثاء الماضي، على إبداء قلقه حول الوضع الإنساني الكارثي في اليمن، وإشارته إلى أن أكثر من 70% من السكان بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، ويواجه أكثر من نصف السكان انعداما حادا للأمن الغذائي.

- التأكيد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه

في البيان أكد الاتحاد الأوروبي مجددا على التزامه كمبدأ بوحدة وسيادة اليمن وسلامة أراضيه، ودعمه الكامل لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص هانس غروندبرغ في جهود الوساطة التي يقوم بها.

وهذا الموقف يأتي اتساقاً مع المواقف الإقليمية والدولية بشأن اليمن، والتي تضمنتها بيانات وتصريحات قيادات ومنظمات طوال السنوات الماضية، وفي مقدمتها مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وقرارات مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار 2216، بينما جاء بيان الاتحاد الأوروبي للتأكيد على مبدأ وحدة وسيادة اليمن وسلامة أراضيه، ودعم جهود السلام، وهي مبادئ تضمنتها قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي حول اليمن في 2018 و2019.

- الحوثي أساس المشكلة والحرب

والنقطة الأبرز في بيان الاتحاد الأوروبي هي حثه مليشيات الحوثي على التخلي عن مواقفها المتشددة والتعاطي بشكل بناء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، وشدد على أهمية إعادة تثبيت الهدنة وتمديدها وأيضا توسيع جميع التدابير المواكبة والحفاظ عليها، بما في ذلك إعادة فتح الطرق في تعز والمحافظات الأخرى ودخول شحنات الوقود إلى ميناء الحديدة والرحلات التجارية من وإلى صنعاء.

هذه الجزئية اتهام صريح باستمرار مليشيات الحوثي في نهجها المتطرف الرافض للتعاطي مع الجهود الدولية لإحلال السلام، وعدم اكتراث الحوثي بمعاناة الشعب اليمني، التي تسبب بها الانقلاب والحرب، كما أنه اتهام لمليشيات الحوثي بأنها المنتهك الرئيسي لحقوق الإنسان، مع استمرار رفضها لفك الحصار عن تعز، وما يتعلق بالمختطفين والأسرى، ودخول شحنات الوقود للشعب اليمني، التي يريد الحوثي تحويلها إلى إقطاعية خاصة، وسعي مليشيات الحوثي لتوسيع الرحلات الجوية لوجهات تسمح لقياداتها المليشياوية بالوصول إلى وجهاتها، دون الشعب اليمني.

ورغم انعقاد هدنة هشة دامت 6 أشهر بدأت في 2 أبريل الماضي، فإن أهم بنود الهدنة، المتمثل بفتح الطرقات في تعز ورفع الحصار، فإن تعز ما تزال محاصرة إلى اليوم، رغم تنازلات الحكومة الشرعية، وهو ما أكده الاتحاد الأوروبي، الذي أشار إلى تنصلات مليشيات الحوثي.

- الهدنة المقتولة بسيف الحوثي

وفيما يتعلق بالهدنة التي انتهت مطلع أكتوبر الماضي، ورفض مليشيات الحوثي التعاطي مع جهود تمديدها، عبّر الاتحاد الأوروبي عن الانزعاج لانتهائها، وأدان بقوة الهجمات المتكررة من قبل مليشيات الحوثي بالطائرات المسيرة على البنية التحتية للموانئ في اليمن، بدءا بالهجوم على ميناء الضبة في 21 أكتوبر الماضي.

ولأن مليشيات الحوثي دأبت على التعامل مع الجهود الدولية باستخفاف أحياناً والتفاف أحياناً أخرى، فقد حث الاتحاد الأوروبي المليشيات على الالتفات إلى دعوة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الهدوء وضبط النفس.

واعتبر الاتحاد الأوروبي الهجمات الحوثية أو التهديد بالهجوم على البنية التحتية المدنية كمنشآت الشركات النفطية وحركة الملاحة التجارية في المنطقة أمراً غير مقبول نظرا لأهمية الأمن البحري.

وهذه الأعمال صنفها مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بأنها هجمات إرهابية.

وفي جزئية أخرى شدد الاتحاد الأوروبي على مخاوفه من انتشار الصواريخ المتطورة وتكنولوجيا الطائرات المسيرة في المنطقة، ولا شك أن من يقف وراء هذه المخاوف هي مليشيات الحوثي والنظام الإيراني الإرهابي، الذي يزود المليشيات بهذه التقنيات، ولذلك أكد الاتحاد على دعم مجموعة العمل الدولية لوقف الأعمال العدائية، والتزامه بسلامة الأراضي اليمنية وبالحاجة إلى تسوية شاملة.

- المجلس الرئاسي وقضايا أخرى

وفيما يتعلق بطرق الشرعية اليمنية، أكد الاتحاد الأوروبي دعم جهود الرئيس العليمي، لكنه دعا جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي، إلى الإقرار بالأهمية الجوهرية لوحدة مجلس القيادة الرئاسي من أجل السلام المستدام في اليمن، وهي إشارة مهمة وفق قراءة لثمانية أشهر من عمر المجلس، الذي قام على مبدأ التوافق الوطني، لتحقيق مهام محددة تتمحور حول استعادة الدولة.

ووضع بيان الاتحاد الأوروبي الجانب الاقتصادي على رأس اهتماماته، كونه أحد الدوافع الرئيسية وراء الاحتياجات الإنسانية اليوم في اليمن، وطبقاً لذلك دعا الأطراف واللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين إلى معالجة الوضع الإنساني المتردي في اليمن، ملتزماً بدعم العناصر الاقتصادية في عملية السلام وأثناء التعافي الطويل الأمد.

وحول حقوق الانسان، أكد الاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى مواصلة المراقبة المستقلة والحيادية لحقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات الخطيرة وإدماج المساءلة والعدالة الانتقالية في عملية السلام، مشيراً إلى الدور الجوهري للمرأة.

وشدد على مواصلة بحث خيارات إنشاء آلية مستقلة لمنع ومعالجة الإفلات من العقاب على انتهاكات وخروقات حقوق الإنسان لتلافي مزيد من المعاناة للشعب اليمني. ودعا الاتحاد الأوروبي الأطراف إلى منع العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات وتبني التزامات لإخضاع مرتكبيها للمساءلة.

لكن وكما جرت العادة، تظل مليشيات الحوثي هي المعنية بوقف انتهاكات حقوق الإنسان، فقد دعا الاتحاد الأوروبي مليشيات الحوثيين إلى الإفراج عن المختطفين وجميع المحتجزين خارج إطار القانون أو بشكل تعسفي، وشدد على إنهاء أعمال التعذيب والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويشمل ذلك الأعمال التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.

ومن القضايا الهامة التي وقف أمامها الاتحاد الأوروبي في بيانه الأخير، خزان النفط العائم "صافر" وإنهاء التهديدات الخطيرة، خصوصاً بعد أن حولته مليشيات الحوثي طوال السنوات الماضية إلى ورقة ابتزاز دون أية اعتبارات لعواقب كارثية.

- ترحيب يمني رسمي ببيان الاتحاد الأوروبي

بيان الاتحاد الأوروبي المتضمن التزام الاتحاد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعمه الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي ووحدة المجلس الرئاسي، وجهود السلام والتسوية الشاملة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن، قابلته الحكومة اليمنية بالترحيب، عقب صدوره مباشرة، كما رحبت بإعلان زيادة دعمه وتدخلاته الإنسانية والإنمائية للعام المقبل، ودعوته مجتمع المانحين إلى مضاعفة تعهداتهم المالية وضمان عمل إنساني وإنمائي أكثر فعالية.

وثمنت الحكومة تقدير الاتحاد الأوروبي للنهج البناء لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية خلال الهدنة الإنسانية، والجهود المستمرة التي تبذلها الجهات الفاعلة الإقليمية، لا سيما جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية، بشأن تمديد الهدنة، في ظل تعنت الحوثي إزاء هذه الجهود.

وأعربت عن تقديرها لمواقف الاتحاد الأوروبي الداعمة الشعب اليمني، بما في ذلك موقفه الواضح والمدين لاعتداءات مليشيات الحوثي على المنشآت النفطية، والبنى التحتية، والتحذير من تداعياتها الكارثية على الوضع الإنساني والأمن البحري.

وكما هي عادتها، أثارت مليشيات الحوثي جلبة حول البيان الأوروبي، في محاولة للتغطية على ما ورد فيه من حقائق حول ممارساتها وسلوكها، سواء في التعاطي مع الجهود الدولية، أو في انتهاكاتها البشعة لحقوق الإنسان، والتفافها على الاتفاقات وبنود الهدنة التي لم تفِ بها.

كلمات دالّة

#اليمن