الجمعة 29-03-2024 09:29:51 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

التشكيلات العسكرية النسائية.. هكذا استغلت مليشيات الحوثي بعض النساء وأهانت أخريات

السبت 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2022 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت - خاص | صادق عبدالمعين

 


لم تترك المليشيات الحوثية من جوانب الحياة شيئا إلا وطالته يد الفساد والإرهاب والعبث والفوضى، لتشكل صورة أكثر قتامة ومشهدا أكثر فظاعة، عازمة على تسميم الحياة العامة وتفخيخ المجتمع، وزرع بؤر للتوتر وبطريقة ممنهجة، الأمر الذي من شأنه أن يخلق بيئة للصراع والاقتتال، ويبقي المجتمع في حالة من الاحتقان والغليان، ويضعه على صفيح ساخن لعقود.

وكما عمدت المليشيات الحوثية إلى إقحام الأطفال وطلاب المدارس في الحروب، وتجنيدهم بأعداد كبيرة، والزج بهم في أتون حرب طاحنة، خلفت الآلاف منهم بين قتيل وجريح، ودون مراعاة لحداثة أعمارهم، فقد عمدت أيضا إلى إقحام المرأة اليمنية في مهام عسكرية وعمليات أمنية، على نحو غير مسبوق، وبطريقة لم يعهدها المجتمع اليمني من قبل، في خطوة تعكس امتهان هذه المليشيات للمرأة، واستغلالها لتحقيق مآربها وأهدافها الخاصة، وإرغامها على القيام بأعمال أكثر قذارة.

خارج إطار القانون

فقد أنشأت مليشيات الحوثي مؤخرا جهازين أمنيين نسائيين أطلق على الأول اسم "كتائب الزينبيات" بينما أطلق على الفصيل الثاني اسم "الفاطميات" وهي عبارة عن كتائب نسائية مدربة تدريبات عالية، لتنفيذ الاقتحامات للمساكن واعتقال الناشطات والحقوقيات، وكذا فض المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، التي تقام بين الفينة والأخرى في العاصمة صنعاء، فضلا عن مشاركتهن في تنفيذ العديد من المهام الخاصة، إذ تعتبر تلك الكتائب مسؤولة مسؤولية مباشرة عن اختطاف المئات من النساء في العاصمة صنعاء، وتغييبهن في السجون والمعتقلات، وغيرها من المهام الموكلة إليهن.

ووفقا لصحيفة "إندبندنت عربية" فإن هذه المجاميع "تتبع ما يسمى (الأمن الوقائي) المرتبط بزعيم المليشيات شخصياً"، مشيرة إلى أن المجاميع النسائية "لا يتبعن أجهزة الدولة، ولا سلطة لوزارة الداخلية عليهن، بالرغم من أنهن ينفذن مهاما أمنية تبدو من اختصاص الأجهزة الأمنية في مناطق سيطرة المليشيات".

ووفقا لمراقبين فإن "الأجهزة الأمنية النسائية المستحدثة تشبه الشرطة النسائية التابعة لوزارة الداخلية اليمنية، غير أنها ليست رسمية، بل مليشيات نسائية مدربة لتنفيذ عمليات خارج القانون، كما أنه جهاز هلامي من الصعب تتبع قياداته أو معرفة هيكله، فهو جهاز أمني سري، يمارس مهاما خارج القانون، ترقى لأن تكون جرائم حرب".

جهود لاستهداف النساء

وعلى نفس المنوال وكما زجت المليشيات الحوثية سابقاً بالآلاف من النساء في فصائل أمنية وعسكرية مسلحة، والشروع في تدريبهن على مختلف العمليات القتالية والاستخباراتية وأساليب القمع والتنكيل ضمن ما تسمى "كتائب الزينبيات" والتي يبلغ قوام تشكيلها -حسب تقارير- إلى نحو 4 آلاف امرأة ممن تم إجبارهن على الانضمام إلى تلك الكتائب، فقد قامت المليشيات بصنعاء، وفي سياق استهدافها المتكرر للنساء، بالمضي وبصورة سرية في تشكيل فصيل نسائي جديد أطلق عليه اسم "الفاطميات".

وقد تحدثت مصادر مطلعة عن جهود وتحركات مكثفة للمليشيات الحوثية قامت بها قريبات من زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي لاستقطاب الفتيات والنساء بمناطق متفرقة من صنعاء بهدف إقناعهن بالانضمام والانخراط ضمن التشكيل الحوثي الجديد الذي أطلقت عليه المليشيات اسم "الفاطميات".

وكشفت المصادر عن "تنقل قياديات حوثيات في منازل أحياء عدة من أحياء العاصمة صنعاء من بينها دارس وحي المطار وسعوان ومذبح والسنينة، بغية اللقاء بالنساء وإقناعهن واستدراجهن من خلال محاضرات طائفية قبل الدخول بموضوع إقناعهن بالانخراط في التشكيل النسائي".

ورجحت أن تكون المليشيات الحوثية، من خلال سعيها إلى تشكيل الفصيل النسائي الجديد التابع لها، "تهدف إلى تخفيف العبء عن (كتائب الزينبيات) وإسناد مهام التعبئة الفكرية والاستدراج الناعم في الأوساط النسائية إلى الفصيل الجديد، والإبقاء على وظيفة (الزينبيات) في نطاق الأعمال القمعية والقتالية والتجسسية".

جبايات نسائية

وتتعدد المهام الموكلة إلى التشكيلات النسائية المسلحة التابعة لمليشيات الحوثي المتمردة ما بين أمنية وأنشطة دعائية وتحريضية وعمليات تجسسية وغيرها من المهام التي تمارسها تلك المليشيات في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات.

وكشفت مصادر إعلامية في وقت سابق عن "قيام فرق من الزينبيات الحوثيات بإبلاغ عدد من سيدات الأعمال وزوجات تجار ورجال مال وميسورين بصنعاء بسرعة تسليم الواجبات الزكوية عن ممتلكاتهن من الذهب والمجوهرات والمال والعقارات وغيرها للجان الخاصة فيما تسمى هيئة الزكاة الحوثية".

وتنقل المصادر عن سيدة أعمال في العاصمة صنعاء أنها "تلقت اتصالاً هاتفياً من إحدى القياديات الحوثيات تطالبها فيه وبطريقة فجّة بسرعة تسليم ما عليها من زكاة مزعومة للهيئة الحوثية"، بالإضافة إلى قيام عناصر نسائية من الزينبيات بزيارات متعددة لمنازل بعض السكان لإجبار النساء على دفع الزكاة كاملة للمليشيات بعيداً عن الفقراء والمحتاجين".

وبحسب المصادر فقد "أبلغت سلطات المليشيات كل من لديها عقارات أو مشاريع استثمارية أو مقتنيات من الذهب والمجوهرات، بأنهن سيتعرضن للمساءلة القانونية وإجراءات ستتخذ بحقهن في حال لم يقمن بتسليم مبالغ الزكاة المفروضة عليهن للجان هيئة الزكاة الحوثية".

مهام قذرة

ومن بين المهام الموكلة إلى المليشيات الحوثية النسائية مداهمة المنازل واعتقال واختطاف النساء والفتيات وتنفيذ عمليات تجسس وقمع الناشطات وغيرها من المهام.

وبحسب تقرير صادر في وقت سابق عن لجنة خبراء في الأمم المتحدة الخاصة باليمن، فإن تلك التشكيلات تشارك في قمع النساء اللاتي يعارضن المليشيات الحوثية بوسائل مختلفة منها العنف الجنسي، ويشير التقرير إلى أن الفريق الأممي حدد شبكة الحوثيين المتورطة في قمع النساء اللاتي يعارضن المليشيات بما في ذلك العنف الجنسي، موضحاً أن الشبكة أصبحت جهازاً استخباراتياً خاصاً بالمهام القذرة لدى الحوثيين من بينها تفتيش النساء والمنازل، وتلقين النساء أفكار المليشيات.

وذكر التقرير أن فريق اللجنة وثّق الكثير من الانتهاكات التي ارتكبها فصيل "الزينبيات"، وتشمل تلك الانتهاكات الاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء، والنهب، والاعتداء الجنسي، والضرب، والتعذيب، وتسهيل عمليات الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية.

ويكشف التقرير عن أن "الزينبيات" تشكيل من عناصر نسائية مدربة بدرجة عالية "للقيام بتنفيذ أوامر لقيادات في المليشيات، منها الاقتحامات واعتقال الناشطات من النساء، وفض المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، إضافة إلى مهام خاصة أخرى، كالتجسس والإيقاع بالخصوم، ورصد الآراء وملاحقة الناشطات في الجلسات الخاصة وأماكن العمل".

وتشمل تلك المهام أيضاً -وفقاً للتقرير- "أعمالا أخرى متعلقة بالجانب الفكري للمليشيات، كإلقاء محاضرات، وتنظيم ندوات في المناسبات الاجتماعية، والنشاط في وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لفكر المليشيات".

مزايا ورتب عسكرية

وقد كشفت مصادر إعلامية عن قيام المليشيات بمنح رتب عسكرية للعديد من العناصر النسائية الحوثية، إلى جانب قيامها بتنفيذ دورات تدريبية مكثفة للمئات من النساء على استخدام الأسلحة وتلقي التدريب العسكري.

وأكدت المصادر أن المليشيات الحوثية المتمردة تمكنت في الأعوام الأخيرة، وتحت أساليب الترغيب والترهيب وأساليب أخرى طائفية، من تجنيد المئات من الفتيات في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة لسيطرتها.

وكشفت المصادر أيضا عن تنظيم مليشيات الحوثي العديد من المعسكرات التدريبية في صنعاء لفتيات مجندات تم إلحاقهن بها منذ مطلع العام 2020، حيث نظمت المليشيات دورات عسكرية للمئات من الكتائب النسائية، والتي تتألف من فتيات وطالبات مدارس جرى استقطابهن خلال الفترة السابقة، واتخذت المليشيات مدارس خاصة وحكومية وأندية ساحات سرية لتدريب المجندات وإعدادهن عسكرياً بهدف تنفيذ أوامر حوثية، ومهام قمعية أوكلتها لهن قيادة المليشيات.

وقد خضعت تلك المتدربات لدورات تدريبية على جميع أنواع الأسلحة، وقيادة المركبات العسكرية، وهو ما يعني -بحسب المصادر- أن المليشيات المتمردة قد تغامر باستخدامهن في أي أعمال قتالية مقبلة.

وتتولى ما تسمي "الهيئة النسائية" في مليشيات الحوثي والخاضعة لأوامر إحدى شقيقات عبد الملك الحوثي، الإشراف على عمليات استقطاب وتجنيد الفتيات من المدارس والجامعات ومن الأسر الفقيرة، ومن مراكز التدريب المهني، وحتى من نزيلات السجون.

وقد مُنحت المجندات الحوثيات رتباً عسكرية حسب أقدميتهن في العمل وطبيعة المهام الموكلة إليهن إلى جانب صلة قرابتهن من قيادات حوثية وسلالية.

فقد تم توزيع الرتب حسب المصادر من "ملازم ثانٍ" إلى رتبة "رائد" و"مقدم"، فضلاً عن أهمية الدور الذي تقوم به كل مجندة في الاستقطاب، وتحدثت المصادر عن أن المليشيات أخضعت 180 امرأة على الأقل من العاملات في مجال الأمن واقتحامات المنازل لدورات في التحري وجمع الاستدلالات والاستجواب واستخدام الأسلحة في كلية الشرطة الخاضعة للمليشيات بصنعاء، ومنحتهن شهادات تخرج.

تسهيلات أممية

وقد اتهمت الحكومة اليمنية -في مطلع العام 2021- منظمات دولية بتمويل أنشطة تحريضية وتخريبية، وتدريب عدد مما يسمى بـ"الزينبيات".

وطالبت الحكومة اليمنية على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، بعثة الاتحاد الأوروبي ومنظمة GIZ الدولية والتعاون الألماني بتوضيح حيثيات تمويل دورات تأهيل لبعض المنتسبات للتشكيلات العسكرية والأمنية والإعلامية للمليشيات الحوثية.

وقال الإرياني -في تغريدات على تويتر- إن فصيل ما يسمى بـ"الزينبيات" يتولى مهام قمع النساء اليمنيات وهي فرق نسائية تتبع المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

ونشر الإرياني بطاقة مشاركة تظهر شعارات بعثة الاتحاد الأوروبي ومنظمة GIZ الدولية والتعاون الألماني لدورة تدريبية بعنوان "تدريب الإعلاميات على تطوير الخطاب الإعلامي في مواجهة العدوان"، في إشارة للإعلام الحربي للحوثيين.

وكشف الإرياني أن الدورة تنظمها ما تسمى "المؤسسة اليمنية للإعلام المستقل" التابعة لأحد أعضاء مليشيات الحوثي لتدريب عدد من منتسبات تشكيل "الزينبيات" المتورطة بالتنكيل بالنساء.

انتهاكات موثقة

وقد كشف تقرير حقوقي -صدر مطلع نوفمبر الجاري- عن 1,444 واقعة انتهاك ارتكبتها الكتائب العسكرية النسائية التابعة للمليشيات الحوثية (الزينبيات)، خلال الفترة من ديسمبر 2017 وحتى نهاية أكتوبر من العام الجاري 2022.

ووثق التقرير الصادر عن "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" الانتهاكات التي ارتكبتها الكتائب النسائية الحوثية، أو ما يعرف بـ"الزينبيات"، من اعتقالات واحتجاز تعسفي للنساء، ونهب، واعتداء جنسي، وضرب، وتعذيب، وتسهيل عمليات اغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية، وملاحقة الناشطات، والاعتداء على المعتصمات في بعض المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية، إضافة إلى التجنيد الإجباري لبعض فتيات المدارس والجامعات.

كما وثق نحو 172 واقعة انتهاك بحق الأعيان المدنية من قبل تلك الكتائب، تمثلت بـ31 مداهمة للمرافق الخدمية والصحية، و76 حالة مداهمة وتفتيش للمرافق التعليمية (المدارس والجامعات)، و65 حالة مداهمة لدور العبادة ومراكز تحفيظ القرآن الكريم.

ورصد التقرير 9 عمليات قتل، ارتكبتها الكتائب النسائية الحوثية، منها 6 حالات ناتجة عن الضرب المبرح بالهراوات والكابلات النحاسية، وثلاث حالات قتل مباشر، كما تسببت بإصابة 42 امرأة بجروح متفرقة، إضافة إلى اختطاف كتائب "الزينبيات" نحو 571 امرأة، لا يزال 231 امرأة منهن في سجون الحوثي التي تشرف عليها الكتائب نفسها، لافتا إلى إخضاع "الزينبيات" نحو 62 مختطفة للتعذيب النفسي والجسدي داخل السجون، كما أورد التقرير مهام خاصة لهذه الكتائب "كالتجسس والإيقاع بالخصوم، ورصد الآراء وملاحقة الناشطات في الجلسات الخاصة وأماكن العمل".

كلمات دالّة

#اليمن