الخميس 25-04-2024 13:29:52 م : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

ثماني سنوات من الانقلاب.. كيف عبثت المليشيا الحوثية بالاقتصاد الوطني؟

الثلاثاء 25 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت - خاص | مدين قاسم

 

جبايات لم تتوقف، واستحداثات لمنافذ جمركية على مداخل العاصمة ومناطق سيطرتها، وانتشار للنقاط، وابتزاز لشاحنات التجار، واستخدام إيرادات الدولة لتمويل حربها على اليمنيين.. تلك بعض ملامح الجناية التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق الاقتصاد الوطني منذ سيطرتها على العاصمة في سبتمبر 2014.

فاقمت الجنايات الحوثية المرتكبة بحق الاقتصاد الوطني من المعاناة، بعد سيطرتها على أكثر من نصف إيرادات البلاد منذ ثماني سنوات، الأمر الذي أدى إلى تصنيف اليمن ضمن الاقتصادات الأسوأ في العالم، حسب تقارير أممية.

تنوعت ملامح السيطرة الحوثية على الاقتصاد الوطني من خلال عدة أوجه، منها عمليات النهب والعبث التي طالت مؤسسات الدولة، من خلال نهب احتياطي النقد في البنك المركزي وفروعه في المحافظات، مرورًا بالمساس بحسابات الأشخاص والمؤسسات والبنوك الأهلية والشركات والعقارات.

كما قامت مليشيا الانقلاب الحوثية بتنشيط الأسواق السوداء وتجارة الوقود، بالإضافة إلى غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ونهب الإيرادات والجمارك والضرائب، والمضاربة وتهريب العملات وتجارة المخدرات والأسلحة والممنوعات.

ممارسات تهدد بوقف النشاط التجاري

لم تتوقف الجبايات الحوثية وجنايتها على الاقتصاد الوطني بحق التجار ورجال المال والأعمال والمستثمرين في مناطق سيطرتها، الأمر الذي يهدد بوقف النشاط التجاري، ورحيل التجار ورجال الأعمال من البلاد، بفعل تلك الممارسات التي ألحقت أضرارا واسعة بحقهم، وفقا لخبراء اقتصاديين.

ناهيك عن دفع عشرات التجار إلى مغادرة البلاد، بفعل تلك الممارسات التي تقوم بها المليشيا الانقلابية وتستحدث بين كل وقت وآخر مسميات عدة لشرعنة تلك الممارسات، التي أثقلت كاهل رجال المال والأعمال، والذي انعكس بدوره سلبًا على حياة المواطنين، وارتفاع الأسعار وتدهور سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.

يأتي هذا في الوقت الذي يقوم فيه القطاع الخاص بتقديم خدماته في أسوأ الظروف، وحال دون انزلاق البلد إلى هاوية المجاعة، من خلال توفير السلع الغذائية، وقوبل كل ذلك بمضايقات وحصار من خلال رسوم وجبايات تفرضها المليشيا على التجار وبضائعهم بشكل يومي.

إذ فرضت مليشيا الحوثي الانقلابية رسوما جمركية وجبايات تحت مسميات مختلفة، في النقاط الأمنية، وفي المنافذ الجمركية التي استحدثتها، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على ارتفاع اسعار السلع بأنواعها المختلفة، الأمر الذي أدى إلى تضرر المواطنين، نتيجة تلك الممارسات الحوثية، التي دأبت عليها منذ انقلابها على الدولة في سبتمبر 2014.

استحداث منافذ جمركية

وفي إطار الجبايات التي تقوم بها المليشيا لنهب التجار ورجال المال والأعمال قامت باستحداث عدد من المنافذ الجمركية على مداخل العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها، وفرضت رسوما إضافية غير قانونية على بضائع تم دفع رسومها في المنافذ والموانئ التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، إضافة إلى انتشار عشرات النقاط الحوثية التي تقوم بابتزاز شاحنات التجار، وفرض رسوم غير قانونية تذهب لصالح أفراد كل نقطة.

يأتي هذا في ظل استنكار الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية، والغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة، لما وصفتها بالإجراءات غير القانونية وغير الدستورية التي فرضتها مليشيا الحوثي، عبر ما تسمى بـ"مكاتب الرقابة الجمركية"، على القاطرات والشاحنات المحملة بالبضائع القادمة من بعض الموانئ والمنافذ البرية والبحرية للجمهورية اليمنية.

إضافة إلى ذلك، تقوم مليشيا الحوثي بتحصيل موارد مالية عبر قطاعي الاتصالات والتبغ ومن الضرائب والرسوم الجمركية على البضائع، وتسخير كل ذلك لتمويل مليشياتها والإنفاق على المجهود الحربي وشراء الأسلحة المهربة إلى اليمن عبر أطراف خارجية، وفقا لما كشفت عنه تقارير أممية.

إيرادات الحوثي.. اقتصاد متعدد الأذرع

مطلع مارس الماضي، كشف تحقيق صحفي، نشره موقع المصدر أونلاين، عن حجم الإيرادات التي تجبيها مليشيا الحوثي من مؤسسات الدولة الرسمية والكيانات والهيئات المستحدثة، مقدرا حجم هذه العوائد بأكثر من تريليوني ريال.

وقال التحقيق إن مليشيا الحوثي تحقق إيرادات مهولة، تقدر بأضعاف الإيرادات السابقة، التي كانت تحصل عليها الحكومة اليمنية قبل الانقلاب الحوثي من مؤسسات الدولة، خصوصا إيرادات الضرائب الجمارك.

التحقيق أوضح أن الإيرادات التي تحصل عليها مليشيا الحوثي من بعض المؤسسات فقط، تكفي لدفع رواتب كافة الموظفين في أنحاء الجمهورية اليمنية، بشكل شهري ومنتظم، إضافة إلى إمكانية الإنفاق على كافة الخدمات الأساسية.

ونشر التحقيق تقديرات بحجم الأرقام والعوائد المالية، التي تحققها مليشيا الحوثي، جراء سيطرتها على هذه الموارد، ومضاعفة الجبايات فيها بصورة قياسية، في الوقت الذي تخلت فيه عن التزاماتها تجاه الإنفاق على الخدمات العامة، ودفع الأجور والرواتب للموظفين.

إيرادات الطيران وتجارة الوقود

وكشف مراقبون عن جني مليشيا الحوثي 250 مليون دولار من إيرادات الهيئة العامة للطيران، حيث تستخدم المليشيا الحوثية الأموال التي تحصل عليها كرسوم عبور الطائرات المدنية الأجواء اليمنية لشراء أسلحة وأدوات عسكرية.

وحسب مراقبين، فإن شركات الطيران تورد تلك المبالغ إلى حسابات الهيئة في الخارج، وهذا يجعلهم غير مضطرين لإرسال أموال من الداخل، بل تقوم بتغطية شراء تلك المواد من حساباتها في الخارج.

إضافة إلى ذلك، قامت مليشيا الحوثي باستبعاد كوادر مطار صنعاء والهيئة العامة للطيران المدني من مواقعهم، والدفع بعناصرها الذين جرى تدريبهم وتأهيلهم في طهران للتحكم من موقعهم بالملاحة في الأجواء اليمنية كاملة.

مما سبق يتضح أن إيرادات المؤسسات الحكومية الخاضعة لسيطرة المليشيا الانقلابية باتت الأداة الأولى لتمويل حربها على اليمنيين، وفقا لتصريح وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، والذي أكد أن تجارة الوقود تموّل نصف إيرادات المليشيا الحوثية في حربها على اليمنيين ودول الجوار.

انهيار العملة ومنع تداولها

وبالإضافة إلى ما سبق الإشارة إليه، منعت مليشيا الحوثي تداول العملة الجديدة في مناطق سيطرتها، وذلك بعد عامين من تداولها، حيث قامت بمنع عملية التداول بعد تداولها بشكل كبير في السوق، في واحدة من عمليات النهب المنظمة التي قامت بها بحق المواطنين والقطاع الخاص.

إذ قامت مليشيا الحوثي باستغلال هذا القرار لاقتحام ومصادرة محال الصرافة، واختطاف التجار ورجال الأعمال بمزاعم تداولهم للعملة الجديدة، كما قامت بعملية نهب واسعة طالت تجارا ومسؤولين ومصارف في العاصمة ومناطق سيطرتها.

يأتي هذا في الوقت الذي قامت فيه بعملية المضاربة بالعملة عبر شبكة من الصرافين الموالين لها، الأمر الذي أدى إلى تهاوي سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وسط استقرار وهمي لسعر الدولار في مناطق سيطرة المليشيات وتذبذبه في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.

وحسب مراقبين فإن انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، باعتبار أن الانهيار لم يكن وليد اللحظة، بل بدأ في عام 2015، عندما استولت على البنك المركزي بصنعاء، وقامت بنهب الاحتياطي النقدي للبنك، والعبث بمقدراته وإيراداته.

وأكد مراقبون أن ما حصل لانهيار للعملة الوطنية ليس سوى ارتدادات عكسية لممارسة المليشيات التي كان سيعقبها فشل كامل، لولا الموقف الذي اتخذته الحكومة بنقل البنك المركزي إلى عدن، ولم تسعفها الأوضاع للوصول إلى حد التعافي أو الحد من التدهور الاقتصادي.

نهب حوثي لأصول الشركات النفطية الأجنبية

في غضون ذلك، كشف تقرير رسمي، أواخر أغسطس الماضي، عن استيلاء قيادات حوثية على أصول الشركات النفطية الأجنبية في العاصمة صنعاء خلال الفترة 2015- 2020، الأمر الذي يعكس ثقافتها كعصابة نهب وسلب وجبايات.

وأكد تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة في صنعاء، الخاص بنتائج مراجعة إجراءات استلام وزارة النفط والمعادن، بعض أصول الشركات النفطية وكيفية التصرّف بها، عن وجود اختلالات وتجاوزات كبيرة في إجراءات الاستلام والصرف للسيّارات والمولّدات والأثاث.

وحسب التقرير، فقد صرفت بعض الأصول مباشرةً في مواقع الشركات لجهات أو أشخاص دون استكمال إجراءات التوريد والقيد بالسجّلات، في صورة تعكس حجم الفساد الذي تقوم به قيادة الحوثيين، وهو الأمر الذي كشف عن مشهد الفوضى والعبث والفساد الذي أغرقت فيه المليشيا الحوثية البلاد منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر عام 2014.

حيث أفاد التقرير بأنه تم صرف بعض الأصول كتمليك لأشخاص مثل السيّارات والمولّدات وغيرها، وصرف بعض الأصول المستلمة لجهات أخرى وبشكل عشوائي، في دليل واضح على عبث المليشيا بالاقتصاد الوطني بمجالاته المختلفة.

إجراءات حوثية تهدد بإفلاس كبريات الشركات اليمنية

ومع استمرار الإجراءات التي تقوم بها مليشيا الحوثي ضد الشركات والبيوت التجارية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتها، حذر مراقبون من مخاطر إفلاس محتملة باتت تهدد كبريات الشركات التجارية في اليمن.

حيث تواصل مليشيا الحوثي تعزيز قبضتها السلطوية على منابع الاقتصاد في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وذلك بالسطو على الأصول المالية للشركات والأشخاص، وتنظيم حملات إتاوات متتالية على التجار والشركات، تحت عناوين عدة، منها: إحياء مناسباتها الطائفية، وما تسميه مجهوداً حربياً، خلافاً لمبررات الضرائب والجمارك والزكاة.

وتأتي هذه الحملات، امتدادا لتلك الإجراءات التي أصدرتها في وقت سابق، حيث أصدرت المليشيا تعميمًا يخاطب المصارف وكل شركات ومنشآت الصرافة في المناطق الخاضعة لسيطرتها بعدم التعامل مع (697) شركة ورجل أعمال من المناهضين لانقلابها على الدولة.

يشار إلى أن تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، كان قد أشار في تقريره المُقدّم إلى مجلس الأمن، إلى مساعي الحوثيين لبناء إمبراطورية مالية خاصة بالجماعة في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها.

وأكد فريق الخبراء أن الحوثيين "وضعوا إستراتيجية للسيطرة على واردات النفط، وذلك من خلال منح حق الاستيراد لأشخاص وشركات تابعة للمليشيا، في الوقت الذي ظهر تجار حروب جدد مستفيدين من هذه الحرب، بينما أصبحت الغلبة للسوق السوداء على المعاملات الرسمية".

كلمات دالّة

#اليمن