الجمعة 19-04-2024 17:34:19 م : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الرفض الشعبي لمليشيا الحوثيين الإرهابية.. أدوات مواجهة متعددة (1-2)

الإثنين 24 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 02 مساءً / الإصلاح نت - خاص | عبد السلام الحاتمي
 

 


تتعدد أشكال ووسائل الرفض الشعبي لمليشيا الحوثيين منذ أن كانت مجرد مجاميع قليلة في كهوف صعدة وتشن حرب عصابات ضد القوات الحكومية وحتى اليوم، وتتشكل وسائل الرفض والمقاومة وفق السياق الزمني والمكاني لتدفق الأحداث وتواليها، وتشمل كل ما هو متاح، بدءا من العمل العسكري وانتهاء بالتوعية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتعبير عن عدم الرضا والسخط من المليشيا في مناطق سيطرتها بأساليب عدة، مثل مقاطعة المدارس والمساجد التي استولت عليها المليشيا وحولتها إلى أوكار لنشر أفكارها الإرهابية وثقافة الموت والكراهية، ورفض الغالبية العظمى من المواطنين في مناطق سيطرتها إرسال أبنائهم للقتال في صفوفها، وغير ذلك من وسائل الرفض والتعبير عن البغض للمليشيا وأفكارها الإرهابية.

تدرك مليشيا الحوثيين أنها غير مقبولة شعبيا، وأن نخبة المجتمع والطبقة الواعية والمؤثرة لا يمكنها أن تستسلم لها فضلا عن أن تكون رهن خدمتها، لذلك لم يكن أمام المليشيا إلا أن تستقطب المنبوذين في المجتمع والجهلة وذوي النزعة الإجرامية والسادية لتتمدد وتتوحش، ومنحت أتباعها صلاحية ممارسة العنف والإرهاب لتحكم قبضتها على المواطنين، وتحرص على قمع أي انتفاضة شعبية ضدها بوحشية ودموية، فيكون الأمر استعراضا للقوة ورسالة لبقية مكونات المجتمع مفادها أن أي انتفاضة شعبية مصيرها القمع بكل وسائل الإرهاب والتوحش.

بيد أن هذا العنف وتحول المليشيا الحوثية إلى أوسع تجمع لذوي النزعة الإجرامية واللصوص والتسلط بالحديد والنار، زاد من منسوب الكراهية والرفض الشعبي لتلك المليشيا ووسائلها التسلطية الإرهابية، وكلما أمعنت المليشيا في القبضة الأمنية الحديدية وتوسيع إجراءات تطييف المجتمع ومحاولة ملشنته، تزداد في المقابل الممانعة الشعبية ضدها وتتسع دائرة التحذيرات والتوعية من خطرها، ويمكن القول إن معظم فئات الشعب، لا سيما التي تقطن في مناطق سيطرة المليشيا، تنتظر على أحر من الجمر لحظة الخلاص، وما يحتاجه المواطنون الأحرار هو التنظيم والعمل الجماعي لثورة الخلاص الأبدي من المليشيا الكهنوتية السلالية ونزعتها الإرهابية الإجرامية.

- البدايات الأولى للرفض الشعبي للحوثيين

بدأت أولى مظاهر الرفض الشعبي لمليشيا الحوثيين الإرهابية منذ الجولة الثالثة من حرب صعدة في أواخر العام 2005 وأوائل العام 2006. ورغم أن القوات الحكومية هي من كانت تخوض المعارك ضد المليشيا الحوثية التي تحصنت في بعض جبال صعدة، إلا أنه في الجولة الثالثة من الحرب ظهر متغير جديد وهو دخول رجال قبائل من مناطق عدة على خط المواجهات إلى جانب القوات الحكومية ضد المليشيا، وكان ذلك بمنزلة وعي شعبي مبكر بخطورة المليشيا الحوثية على استقرار الدولة والمجتمع، لا سيما أن المليشيا بدأت حينها بانتهاك حقوق الإنسان في بعض مناطق محافظة صعدة.

وفي الجولة الرابعة من الحرب، وتحديدا في 26 مارس 2007، اعتدى مسلحون حوثيون على طلاب معهد دماج العلمي التابع لإحدى الجماعات السلفية، مما تسبب باستشهاد اثنين من الطلاب، أحدهما يحمل الجنسية الفرنسية، وبدأت خلال هذه الجولة من الحرب عملية حشد مسلحين من أبناء القبائل لمساندة القوات الحكومية ضد مليشيا الحوثيين بشكل أوسع من مشاركة القبائل في الجولة الثالثة من الحرب.

وعندما اندلعت الجولة السادسة من الحرب (أغسطس 2009 - فبراير 2010)، اتسعت رقعة المواجهات حيث شملت جميع مديريات محافظة صعدة، كما توسعت إلى منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران وبعض مناطق محافظتي الجوف وحجة، ومناطق في جيزان السعودية بعد عمليات تسلل للمليشيا الحوثية إلى داخل الأراضي السعودية. وخلال الجولة السادسة من الحرب والهدنة التي سبقتها، هاجمت المليشيا الحوثية بعض القبائل في حرف سفيان بعمران، كما هاجمت مناطق تتبع محافظتي الجوف وحجة، وانتقمت من القبائل المناصرة للدولة، مما دفع تلك القبائل إلى حمل السلاح والدفاع عن مناطقها ضد مليشيا الحوثيين.

- مواجهات عنيفة في الجوف وحجة

في مطلع العام 2011، فوجئ أبناء محافظة الجوف بقدوم أعداد كبيرة من مسلحي مليشيا قادمين من محافظة صعدة إلى مديرية الغيل شمالي محافظة الجوف، حينها احتشدت قبائل الجوف وتصدت للمليشيا الحوثية، وكبدتهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

ومنذ مطلع العام 2012، حاولت مليشيا الحوثيين السيطرة على محافظة حجة، لتكون منفذا للسيطرة على ميناء ميدي الواقع على الخط الساحلي للمحافظة، كون ذلك الميناء سيمكنها من تأمين تهريب السلاح من إيران وأيضا تأمين احتياجاتها الاقتصادية، في حال تمكنت من السيطرة عليه، بيد أن أبناء محافظة حجة تصدوا للمليشيا الإرهابية، وشهدت عدد من مديريات المحافظة مواجهات عنيفة، مما اضطر مليشيا الحوثيين للتمترس في الجبال والانتشار فيها، وواصلت قصفها بمختلف الأسلحة التي تمتلكها على الأسواق والقرى الآهلة بالسكان، كما لغمت جثث الشهداء من أبناء حجة، ولغمت منازل المواطنين الذين نزحوا بسبب المواجهات، بالإضافة إلى تلغيم بعض المؤسسات الحكومية والمدارس، وذلك لتعطيلها عن العمل.

- حصار دماج وتحالف القبائل

حاصرت مليشيا الحوثيين منطقة دماج في محافظة صعدة، التي يتواجد فيها معهد دار الحديث التابع لإحدى الجماعات السلفية، ويسكن في تلك المنطقة الآلاف من السلفيين مع أسرهم، وكان الحصار على مرحلتين، الأولى بدأت في 15 أكتوبر 2011 وانتهت في 22 ديسمبر من العام نفسه، والثانية بدأت في 30 أكتوبر 2013 وانتهت في يناير 2014.

خلال الجولة الأولى من الحصار، منع الحوثيون وصول الاحتياجات الإنسانية لأبناء منطقة دماج، مثل الغذاء والدواء، وقصفوا المنطقة بمختلف أنواع الأسلحة، وشمل القصف منازل المواطنين والمساجد والمزارع وخزانات المياه والوقود.

وبما أن الدولة لم تقم حينذاك بواجبها في حماية المدنيين، فقد تحالفت عدد من القبائل اليمنية لنصرة السلفيين وأبناء منطقة دماج بشكل عام، ومن بين القبائل المنضوية في التحالف: ذو حسين، وائلة، عبيدة، آل جعيد، حاشد، سحار، بني ضبيان، ومراد. وكان هذا التحالف لنصرة قبائل دماج بدعوة من الشيخ حسين عبد الله الأحمر، رحمه الله، ومشايخ آخرين.

في غضون ذلك، تم تشكيل لجنة رئاسية لحل قضية دماج بعد هدنة بين الطرفين، لكن الحوثيين لم يتمسكوا بالهدنة، وكانوا يعاودون إطلاق النار، ثم شنوا هجوما عنيفا على المنطقة بدءا من 8 أكتوبر 2013، وعاودوا إطباق الحصار على المنطقة، مما دفع السلفيين والقبائل المناصرة لهم للتصدي للحوثيين وتكبيدهم خسائر كبيرة خصوصا في جبهة كتاف، حيث قتل العشرات من مسلحي الحوثيين، بالإضافة إلى حرق وتدمير عدد من المدرعات والعربات العسكرية (الأطقم) التابعة للمليشيا الحوثية، وأيضا استشهد العشرات من أبناء منطقة دماج ومسلحي القبائل المناصرة لهم، قبل أن يتم ترحيل طلاب معهد دار الحديث وأبناء منطقة دماج من منازلهم ومزارعهم ومحالهم التجارية ومواشيهم وكل ممتلكاتهم التي نهبتها المليشيا الحوثية.

- تمدد المواجهات إلى الرضمة وعمران

شهدت مديرية الرضمة بمحافظة إب مواجهات عنيفة بين رجال القبائل بقيادة الشيخ عبد الواحد الدعام ومليشيا الحوثيين الإرهابية، واندلعت شرارة المواجهات عندما نصبت مليشيا الحوثيين نقاط تفتيش في المديرية في 30 يوليو 2013، بهدف تأمين مهرجان للمليشيا زعمت أنه بمناسبة استشهاد علي بن أبي طالب، فحدثت على إثر ذلك توترات أفضت إلى اندلاع شرارة المواجهات التي استمرت حتى بعد انقلاب المليشيا الحوثية على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014.

وكذلك شهدت محافظة عمران، في العام 2013، معارك ضارية بين بعض قبائل المحافظة ومليشيا الحوثيين، واندلعت شرارة المواجهات من منطقة العصيمات، وتصدر المواجهة حينها مسلحي آل الأحمر وغيرهم من مشايخ قبائل حاشد، ثم تمددت رقعة المواجهات إلى مناطق أخرى في المحافظة، والتف عدد كبير من أبناء محافظة عمران حول اللواء 310 مدرع لمواجهة المليشيا الحوثية، وكانت محافظة عمران رقما صعبا في طريق الحوثيين نحو العاصمة صنعاء لم تتجاوزه إلا بعد مشقة وخسائر مادية وبشرية كبيرة وشراء ولاءات بعض المشايخ القبليين الذين مهدوا لها الطريق إلى العاصمة صنعاء.

كلمات دالّة

#اليمن