الخميس 25-04-2024 03:01:25 ص : 16 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

للانفراد بالحكم والثروة.. الحوثية والتحريش بين القبائل والمكونات اليمنية

الأحد 20 مارس - آذار 2022 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص | توفيق السامعي

 

على خطى الآباء والأجداد الإماميين لم تترك المليشيا الحوثية وسيلة ولا سبيلاً في سبيل تدمير اليمن وبذور الفتن المختلفة فيها إلا واستخدمتها خاصة تلك الأساليب والوسائل التي تؤجج الصراعات بين المكونات والقبائل وتضعف الشعب التي تجعله في شغل دائم بالثارات والأزمات لتمتطيه تلك المليشيات بعد أن تكون عملت كل وسيلة لترويضه، خاصة وسيلة التحريش بين القبائل والمكونات واستخدام سياسة من سبقوهم من أجداده "فرق تسد".
فالمتتبع للمليشيا الحوثية سيجد أنها منذ نشأتها الأولى عملت تحت الغطاء السلالي والطائفي، واخترقت الأحزاب والمكونات بأفرادها وأجندتها كطلائع مجندة في صفوف تلك المكونات حتى تحين لحظة الإفصاح والانقضاض على المشروع الوطني، لينكشف كل أولئك في لحظتهم الأولى بتأييد الانقلاب الحوثي على الدولة والسيطرة على مؤسساتها.
هنا، وفي هذا الموضوع سنستعرض بعضاً من تلك الأعمال والأساليب لدى هذه المليشيا الحوثية..

التفريق بين مكون الزيدية

نشأت المليشيا الحوثية منذ بذرتها الأولى منشأ جارودياً بعمق اثناعشري بدعم إيراني من حيث المال والسلاح والفكر والأساليب والعمل.
فقد ارتبطت هذه المليشيا بإيران منذ بداية الثمانينيات للقرن الماضي حينما لجأ بدر الدين الحوثي إليها، ومن هناك كونوا ما يسمى بالشباب المؤمن.
ظلت البعثات الحوثية الإمامية من اليمن إلى إيران تسير بوتيرة عالية حتى تكونت لديهم قاعدة وأرضية لا بأس بها، اعتنقت كل الفكر الإيراني الإثنى عشري، وهنا بدأ رفضهم لكل المشاريع الفكرية الوطنية أو حتى فكرهم الإمامي الهادوي الخاص، وبدأ حسين الحوثي مؤسس الجماعة مهاجمة الزيدية وأعلامها وفكرها واعتبرها خانعة ذليلة قدم نفسه على أنه مجدد لها.

أصدر علماء الهادوية بيانات مختلفة تؤيد الدولة في حربها على الحوثية عام 2004 وتبرأوا من الفكر الضال لهذه المليشيا، ومن هنا زاد الحوثيون من مهاجمة ما يسمونه الزيدية ونحن نسميها الهادوية لأن الهادي كان قد خرج عن مهنج الإمام زيد وأسس مذهباً وطريقة خاصة به وكل ما هو منتشر اليوم في اليمن على أنه زيدي هو هادوي الفكر والهوية.
ورغم محاولة الحوثية تصوير الصدام الحاصل بينها وبين الدولة في تلك الأثناء على أنه حرب على الزيدية للتحريش بين الدولة والهادوية وصوروه كذلك على أنه حرب على الهاشمية، إلا أن الهادويين رفضوا ذلك الأمر ودانوا الحوثية واعتبروها خارجة ومارقة على المذهب الزيدي والارتماء في حضن إيران الاثناعشرية، ولم تفلح الحوثية في جر كل الهاشمية لذلك الصدام مع الدولة وخلق فتنة عامة في البلاد.
انبعثت رؤية الهادوية تلك من منطلقين اثنين: استمراراً بالأخذ بمبدأ التقية السياسية مع الحاكم مع أنهم في باطن الأمر كانوا مؤيدين ومصطفين مع الحوثية كونهم كانوا في مرحلة ضعف، وهذا أثبتته الوقائع فيما بعد؛ إذ ظهر كل المفتين في تلك الفتاوى ضد الحوثية عام 2004 ظهروا اليوم مؤيدين للانقلاب الحوثي واصطفوا إلى جوار الانقلاب على الدولة، وتبين أن مشروعهم واحد مهما تقاسموا الأدوار.
والثاني خوفاً من اختطاف مذهبهم من أيدي مرجعياتهم الكبار والاصطفاف مع المشروع الإثناعشري الإيراني والتنافس الداخلي بين مكونات الهادوية أو الهاشمية السياسية، وهذا أيضاً عبر عنه محمد عبدالعظيم الحوثي في أكثر من مناسبة وقاد إلى الصدام بينه وبين الحوثية كونه يرى نفسه الأحق بالإمامة من عبدالملك الحوثي.
لم يترك الحوثيون فرصة ولا نفساً لمحمد عبدالعظيم الحوثي ليتنفسه في منافسة الحوثية ووأدوا حركته في مهدها قبل أن يستفحل أمره، وهو نفس الشيء الذي فعله المطهر بن شرف الدين مع أشراف صعدة والحمزات منهم حينما أباد كثيراً منهم لأنهم ادعوا الأحقية بالإمامة منه.

 

في حرب صيف 1994
اصطف الحوثيون إلى جانب دعاة الانفصال يومها ووقفوا ضد الشرعية يومها وسلكوا كل السبل الخفية للدفع أساساً بتلك الحرب واستفادوا منها استفادة عظمى.ففي الظاهر اصطف الحوثيون والهاشمية السياسية مع الانفصاليين وهم يبنون أنفسهم رويداً رويداً، ومع أن قافلاتهم الغذائية انطلقت من صعدة تحت عنوان دعم الجنوبيين بقافلات غذائية خيرية إلا أن تلك القافلة -في حقيقة الأمر- عادت بمختلف الأسلحة المتوسطة والخفيفة والتي نهبوها من مخازن وزارة الدفاع في عدن أو اشتروها من النافذين والضباط المستسلمين أو الناهبين، وكنت شاهداً يومها على ذلك النهب ولم يروِ لي أحد هذه القصة بل كنت شاهد عيان عليها، وأنا أرصد تحركاتها وتتبعها.
اعترفت القيادات الحوثية بعد الحرب الأولى على لسان حسين الحوثي وأبيه بدر الدين الحوثي وعبدالملك الحوثي وبعض القيادات الحوثية في مقابلات صحفية أن تسليحها كان من سوق الطلح بصعدة أو من أسلحة الجنوب في حرب صيف 1994.
كانت المليشيا تزيد من الشرخ بين مكونات الدولة الرئيسة المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والتجمع اليمني للإصلاح وتنفخ في فتنة الصدام بين الجميع؛ وصورت تلك المليشيا الحرب كما لو كانت حرب الإصلاح وحده بينما اصطفت مع الانفصاليين ضد الحزب الحاكم يومها المؤتمر الشعبي العام، وهذا ما كشفت عنه واستمرت تغذيه منابرهم الإعلامية والخطابة الدينية والفكرية ومقايلهم الاجتماعية ودواوينهم حتى اليوم، واستمالت الخارجين الجنوبيين إلى صفها ليرد كثير منهم الجميل اليوم للحوثية واصطفوا معها ضد الدولة.

 

ثورة 11 فبراير والاستغلال الحوثي..
في ثورة الشباب 11 فبراير لم تترك المليشيا الحوثية فرصة ولا ثغرة إلا وكانت تمضي تغذي الخلافات وتؤجج الصراعات في كل المجالات والأنشطة والفعاليات.
فبينما كانت تلك المليشيا تشارك الشباب ساحات الاعتصامات في صنعاء وبعض ساحات تعز، كانت قيادة مكونهم شباب الصمود تلتقي الرئيس السابق صالح في قصره وتنسج الحركة الحوثية عموماً التحالفات السرية معه.
وبينما كانت تخيم في الساحات كانت تفتعل المشاكل في المظاهرات وتشق صفوف الثورة وتسير المظاهرات الخاصة بها وترفع شعار معاداة أنصار الثورة.
وبينما كانت مسيرة الحياة الراجلة تمشي على الأقدام من تعز إلى صنعاء في 23 ديسمبر 2011 رافعة شعارات سلمية، كانت المليشيا الحوثية تخبئ أسلحتها في عمارات سكنية على جانبي الطريق، بل حتى بين المتظاهرين حينما استقبلتهم في حزيز ودار سلم.
حاول الحوثيون توجيه تلك المسيرة وبينما كانت وجهتها ساحة التغيير أصرت المليشيا أن تخيم بالمسيرة في ساحة السبعين رغم التحذيرات المتتالية والتنويه إلى قمعها فقادت المليشيا المسيرة إلى مجزرة رهيبة في دار سلم وانسحبت بعد أن أججت المشاعر بتلك الدماء، رغم رفع أصواتنا التنبيه إلى أن المليشيا تخبئ أسلحتها وهي مصاحبة للمسيرة ولكن لا حياة لمن تنادي وكان الوقت قد فات.

ضرب جامع النهدين

بينما كانت الدعوات لالتقاء الرئيس السابق بأبناء الشيخ الأحمر في جامع دار الرئاسة يوم الجمعة الثاني من يونيو 2011 للتفاهم بحضور قيادات الدولة كلها، وبينما كانت أطراف الثورة في شارع الستين يؤدون صلاة الجمعة هزت انفجارات جامع النهدين أصيب بعض أركان الدولة وعلى رأسهم الرئيس صالح ورئيسا مجلسي النواب والشورى وبعض القيادات الأخرى مدنية وحزبية وعسكرية، وتبادل الجميع الاتهامات بالحادثة، غير أن الطرف الثالث الذي لم يرق له أي تقارب بين مكونات الدولة والمعارضة خاف من ذلك التقارب ودبر تلك الحادثة بالتخطيط المبكر لها كونه المستفيد الأوحد من تلك الحادثة.
فالرئيس السابق نفسه لم يتهم أطراف الثورة ولم تستطع أجهزة التحقيق أن تثبت دليلاً واحداً بقيامهم بتلك الحادثة، وهذا ما اعترف به وزير الداخلية السابق أحمد الميسري، غير أن المؤشرات فيما بعد كانت كلها تصب في اتجاه المليشيا الحوثية.


مجازر الحوثي في صعدة.
في اليوم التالي لمجزرة جمعة الكرامة في صنعاء كانت المليشيا الحوثية تقوم بمجزرة أبشع بحق بيت الحبيشي وبعض القبائل في صعدة راح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً معظمهم نساء وأطفال، ومع انشغال وسائل الإعلام بمجزرة جمعة الكرامة وتداعياتها السياسية كانت المليشيا الحوثية تطوي صفحة صعدة وتحتلها عسكرياً وتوسع بناء مليشياتها المختلفة هناك وتعين محافظاً لها من مناصريها وهو تاجر السلاح فارس مناع.

حصار دماج
عملت الحوثية على ان تكون صعدة منطقة خالصة للحوثية ليس فيها أي مكون سني، وتحت ذرائع مختلفة قامت بحصار دماج وقتل طلاب دار الحديث وتقديم نفسها للدولة أنها تعمل معها في تصفية ما تسميه بالقاعدة والدواعش في دماج..
عملت المليشيا على تفريق القبائل حول دماج حتى لا تناصر تلك القبائل طلاب دار الحديث وأمنتهم قليلاً حتى تم لها تهجير طلاب دار الحديث والاستيلاء عليه ثم عادت تنكل بالقبائل من بعدهم بحجة مناصرتهم وإيوائهم طلاب دار الحديث.

 

في مسيرة الانقلاب 2014
كانت مسيرة الحوثيين من صعدة إلى عمران ومن عمران إلى صنعاء مسيرة تحريش وتفريق بين القبائل وبين الدولة من جهة، وبين الدولة وبين جيشها من جهة أخرى، وبين القبائل والدولة وبين الإصلاح من جهة أخرى، مفتعلة بذلك ذرائع مختلفة أثناء زحفها إلى العاصمة.
فأثناء استيلائها على دماج خرجت من صعدة بحجة محاربة القبائل التي وقفت مع السلفيين وأنها ستعود أدراجها فيما بعد، وقالت إنه ليس بينها وبين أية جهة أخرى عداوات، ما لبثت أن تخلصت منها ثم شنت حربها على قبيلة حاشد وحرشت بين مكونات هذه القبيلة وبطونها وفروعها، واستمالت قبيلة بكيل لصالحها ضد حاشد كمنافسين تاريخيين.

 

تقسيم قبيلة حاشد ودعم بعضها على بعض

لم تكتف المليشيا الحوثية بأن حرشت بين بكيل وحاشد واستمالة الأولى لصالحها حتى استمالت مشايخ بني صريم كعلي حميد جليدان ومبخوت المشرقي ضد مشايخ حاشد التاريخيين من بني الأحمر في العصيمات، وعملت على تقسيم العصيمات وضربت بعضهم ببعض.

وفي إطار سياستها الخبيثة في التفريق بين القبائل والمكر بينها بآلية "فرق تسد"، شهدت محافظة عمران مواجهات مسلحة، بين قبيلتي "العصيمات" و"حرف سفيان" المتجاورتين، سقط على إثرها عدد من القتلى والجرحى.
فقد عملت المليشيا الحوثية على استغلال خلافات قديمة بين القبيلتين تعود لعشرات السنين، على أحد الأودية الذي تدعي كل قبيلة امتلاكها له، من أجل تأجيج الفتنة وإشعال نيران الاقتتال.
حيث قام عدد من عناصر الحوثي بقطع المياه عن مشروع أهلي لقبيلة "صبارة" التابعة لـ"حرف سفيان"، والإيحاء لهم بأن قبائل "العصيمات" هم الفاعلون، لتندلع بعد ذلك المواجهات المسلحة بين الطرفين لتدخل المليشيا الحوثية بدور المصلح بين القبيلتين ومن ثم انضمام الطرفين لتلك المليشيا.

 

التفريق بين اللواء 310 والجيش والدولة
بعد ضربها القبائل بعضها ببعض في أطراف عمران، ودخلت على أنها مصلحة بينها كما كان يفعل يحيى الرسي في القرن الرابع الهجري، استمالت الحوثية هذه القبائل وحيدتها ظاهرياً في مواجهتها اللواء 310 وقائده الشهيد العميد حميد القشيبي، رغم أن مشايخ بني صريم وبعض مشايخ بكيل وحاشد ناصروها ضد اللواء وغدروا بالشهيد القشيبي تحت مسمى لجنة وساطات، وكان وزير الدفاع الأسبق محمد ناصر أحمد يصرح أن الحرب بين مليشيات، جاعلاً من نفسه لجنة وساطات لا مسؤولاً عن جيش يتعرض لشتى أنواع الخيانات والمؤامرات.
كانت المليشيا تخاطب الشعب والدولة ورعاة الانتقال السياسي من الأمم المتحدة والأمريكان وغيرهم أنها بتحركاتها هناك ليست ضد الدولة والجيش وإنما تواجه حزب الإصلاح رغم أنها تقاتل اللواء 310 مدرع أحد ألوية الجيش الوطني، وتماهت الخطابات الإعلامي والرسمية مع مكر الحوثية تلك ليس لتضليل بل كان اصطفافاً واضحاً من الجميع ضد اللواء ومن ثم ضد الإصلاح، بينما كانت حتى عقول الأطفال تقول إن المليشيا الحوثية ماضية في الانقلاب والسيطرة على العاصمة صنعاء وعلى مؤسسات الدولة.

 

تأليب الشعب ضد الدولة فيما تسميه ثورة الجرعة
بعد أن أحكمت المليشيا سيطرتها على عمران البوابة الشمالية للعاصمة صنعاء اتضح كل أجندتها الخبيثة، ساعدها على ذلك افتعال الجرعة في أوقات حرجة للغاية.
استخدمت تلك المليشيا هذه الجرعة والزيادة السعرية في البنزين فسارعت لحشد القبائل من كل مكان بالاصطفاف مع أنصار الرئيس السابق لإسقاط هذه الجرعة، بينما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير لا أكثر، مع علم اليمنيين جميعاً أن المليشيا الحوثية في حال سيطرت على الدولة ستجرع الشعب الويلات.
وبينما كانت المليشيا تتذرع بالجرعة كانت تدرك أن الإصلاح سيكون لها العقبة الوحيدة فتذرعت به وحاولت شيطنته وإبعاده عن الاصطفاف مع الدولة ومع الجيش الوطني، وكذلك مع اللواء علي محسن يومها، ووجهت سهامها نحو الفرقة الأولى مدرع مع أن محسن كان قد أقيل من الفرقة وصار مستشاراً عسكرياً للرئيس هادي وكان قائد الفرقة يومها محمد الحاوري الذي سلم الفرقة بجيشها وعتادها للحوثيين.
بعد أن سيطرت المليشيا الحوثية على العاصمة صنعاء وعلى مؤسسات الدولة عادت مجدداً للصراع مع الرئيس هادي بعد أن قصقصت كل أجنحته القوية وواصلت انقلابها رغم اتفاق السلم والشراكة الموقع ليلة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014 وحاصرت الرئيس هادي في منزله وكذلك رئيس الوزراء خالد بحاح ووضعتهما قيد الإقامة الجبرية وأتمت السيطرة على السلطة وتحركت نحو المحافظات الوسطى والجنوبية ومن ثم الشرقية.

 

بعد الاستيلاء على السلطة
بعد الانقلاب الحوثي وسيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014 أرادت المليشيا الحوثية السيطرة على أرحب للمرور نحو مارب وإذلال قبيلة أرحب الموالية للدولة، فحاولت غزوها لكن أرحب كسرتها عدة مرات وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وحينما لم تستطع المليشيا كسر إرادة قبيلة أرحب وهي المحاربة التاريخية للمشروع الإمامي بشكل عام منذ مجيء الرسي إلى صعدة وحتى اليوم، استمالت بعض كبرائها وقدمت لهم المغريات ووعدتهم بالمناصب وكان على رأسهم فارس الحباري، الذي بدوره شق وحدة الموقف الأرحبي وحشد كل الدعم الحوثي الخارجي والداخلي نحو قبيلته وأهله وتسلطوا على بعضهم وحينما بقيت أرحب وحيدة انسحب مقاتلوها نحو مارب وكونوا مقاومة صنعاء هناك ووقفوا للغزو الحوثي بالمرصاد، وباء أبناء أرحب بغرس الثارات المستقبلية بينهم البين بفعل هذا التحريش الحوثي بين أبناء القبيلة الواحدة.
لم تكن أرحب وحدها في هذا الموقف، فقد خرجت المليشيا الحوثية من صنعاء متجهة صوب بقية المحافظات في ذمار والبيضاء وإب وتعز وحتى عدن، واتخذت نفس الأسلوب والوقائع، ونفذت إلى تلك المحافظات عبر هذه السياسة الخبيثة "سياسة فرق تسد".
كان كل شيء واضحاً في هذا الغزو وكل الطرق تؤدي بالحوثية إلى الاستفراد بالحكم حتى تقضي على حلفائها بشكل تدريجي وتجردهم من القوة والسلاح، فأقدت على شق المؤتمر الشعبي العام نصفين؛ نصف معها ونصف مع صالح وقاتلت صالح بالنصف الذي معها حتى صفته في 4 ديسمبر 2017 لتحكم قبضتها الحديدة على صنعاء والحكم ومناطق الشمال.
عملت المليشيا الحوثية على فكفكة القبائل من داخلها حيث كانت تعين مشايخ من قطاع الطرق واللصوص والنهابين المحكومين والمطلوبين للعدالة وتمكنهم من وسائل القوة والنفوذ والمال وتسحب البساط من تحت أقدام المشايخ التاريخيين فتضرب بهم قبائلها وتغزوها من داخلها وتنقلب من داخلها، وهو إضعاف للقبيلة كلها سواء الذين معهم أو عليهم لأن الذين مع الحوثية تبقى أطواق رقابهم بيد المليشيا ولا يستطيعون الخروج من طاعتها.

وأحرقت المليشيا ورقة كل للمتعاملين معها كما فعلت مع مشائخ كثر كالشيخ المشرقي وغيره ممن قتلتهم وسحلتهم في نهاية المطاف.

 

مصادرة القبيلة
جاء الحوثيون واستفادوا من مصلحة شؤون القبائل ليمضوا بنفس خطوات النظام السابق وأنشأوا ما يسمى "مجلس التلاحم القبلي" بقيادة ضيف الله رسام، وأبرزوا أشخاصاً موالين لهم وكانوا مهمشين ممن يلهثون وراء الفتات الحوثي الضامنين ولاءهم المطلق ونصبوهم مشايخ على قبلهم ومنحوهم الدعم الكثير.
ثمة أهداف بعيدة لهذا المجلس وهو ضمان تحشيد المقاتلين من تلك القبائل بعد أن حولت المليشيا القبائل اليمنية إلى هزان بشري لرفد جبهاتهم، كلما انتهت دفعة وذابت كلما طلبوا دفعات جديدة، في حين يقاتلون اليمنيين بعضهم ببعض بقبائلهم فتلتقي عناصر من نفس القبيلة في حروب وجبهات مختلفة وتضمن الحوثية بقاء عناصرها كمشرفين ميدانيين فقط.
تدفع الحوثية بهذه القبائل لقتال بعضها في الجبهات وخلق الثارات المستدامة وانشغالها ببعضها البعض مستقبلاً، في حين تبقى الحوثية على رأس هرم القبيلة فتجمع بين الكيان القبلي والحشد الطائفي.

كلمات دالّة

#اليمن