الجمعة 19-04-2024 02:22:41 ص : 10 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

من المدارس إلى المتارس.. الطفولة في مرمى الإرهاب الحوثي

السبت 25 ديسمبر-كانون الأول 2021 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص-زهور اليمني
 

منذ انقلاب المليشيات الحوثية على السلطة الشرعية، وحملات تجنيد الأطفال واحدة من بين عشرات الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب اليمني، بعد أن حولتهم إلى وقود لحربها.

استغلت المليشيات المخزون البشري الهائل للمدارس فاستقطبت الطلاب عبر حيل عدة، بعضها تتم دون معرفة ذويهم، إذ يكتشفون بعد أشهر من البحث عنهم أنهم لقوا حتفهم في جبهات القتال.

في تقرير أطلقه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ومنظمة "سام" للحقوق والحريات، بينت الإحصاءات التي جمعها فريق التقرير أن مليشيات الحوثي جندت (10333) طفلا منذ 2014، بينهم (248) من سن 8-11 عاما، و(3838) طفلا من سن 12-14 عاما، و(6247) طفلا من سن 15- 17 عاما.

وذكر التقرير أن الفترة من يونيو 2015 إلى فبراير 2020 شهدت تجنيد الحوثيين أطفالا في جميع المحافظات التي يسيطرون عليها لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات، تم تجنيدهم من المدارس والمناطق الفقيرة والحضرية ومراكز الاحتجاز، من خلال دروس التلقين والحوافز المالية والاختطاف، ليتم استخدامهم بعد ذلك في القتال، ما أدى إلى وفاة بعضهم وإصابة البعض الآخر.

وأوضح التقرير أن المليشيات ألحقت ضررًا بالغًا بالمسيرة التعليمية للأطفال، وحرمت عددًا كبيرًا من الأطفال من حقهم في التعليم من خلال تجنيدهم، إذ وثّق التقرير نشاطات للمليشيات أفضت إلى تجنيد للأطفال في 150 مدرسة تتوزع على العديد من المحافظات.

وأضاف التقرير أن "الحوثيين عمدوا إلى استخدام المدارس والمرافق التعليمية لأغراض عسكرية، واستخدموا نظام التعليم للتحريض على العنف وتلقين الطلاب العقيدة الأيديولوجية الخاصة بهم، من خلال إلقاء محاضرات ذات مضامين طائفية والترويج لانتصاراتهم العسكرية".

وذكر التقرير أن الأخطر من ذلك تجنيد أطفال موالين للمليشيات للقيام بأنشطة داخل المدارس بهدف التأثير على زملائهم، وترغيبهم بأفكارها المتطرفة أو الالتحاق بجبهات القتال.

وأضاف أنه من خلال البحث والتقصي وجد المرصد الأورومتوسطي ومنظمة "سام" أن عدداً كبيراً من الطلاب الذين التحقوا بالمراكز الصيفية أو بجبهات القتال الحوثية، وقعوا ضحية لزملائهم الذين تلقوا دورات خاصة حول طرق ووسائل الاستقطاب، وتم تزويدهم بمواد سمعية وبصرية مناسبة لأعمار المستهدفين.

أما عن الأسباب التي تدفع المليشيات إلى تجنيد الأطفال، فذكر التقرير أنها: أولا، سهولة التأثير على قناعات الأطفال، وذلك من خلال الدورات الثقافية والعقائدية. ثانياً، استغلال ظروفهم الاقتصادية. ثالثاً، إمكانية استقطابهم من خلال وعود كاذبة ومضللة.

رابعا، الطاعة وتنفيذ الأوامر دون تفكير.

وذكر التقرير أن الأساليب والوسائل المُتّبعة في سبيل إقناعهم للانضمام إلى الجبهات تنوعت، إذ عمدت المليشيات في بعض الأحيان إلى إلحاق الأطفال ببرامج أيديولوجية تدور حول عقيدة وفكر المليشيات المتطرفة، تراوحت مدتها من ثلاثة أسابيع إلى شهرٍ واحد، ثم يتم إرسالهم فيما بعد إلى معسكر تدريبي لحضور دورة تدريبية عسكرية لمدة شهر آخر حول استخدام الأسلحة والألغام والعبوات الناسفة، ثم يتم إرسالهم بعد ذلك إلى ساحة المعركة، حيث يتم الزج بهم في الخطوط الأمامية للقتال، ومهام زرع الألغام والحراسة.

وفي أحيانٍ أخرى، تلجأ المليشيات إلى استخدام أسلوب التهديد مع العائلات، من أجل إرسال أطفالها من أعمار 10 – 17 عاما إلى ساحات القتال، ولجؤوا كذلك إلى تجنيد الأطفال في مخيمات النازحين والأطفال الذين يعيشون في دور الأيتام.

وذكر التقرير أنه في بعض الحالات أقدمت المليشيات على جرّ الأطفال إلى العمليات العسكرية دون علم عائلاتهم، وفي حالات أخرى تم تجنيدهم من عائلات فقيرة قبلت بمكافأة مالية من أجل البقاء على قيد الحياة، حيث أرسلت العديد من العائلات الفقيرة أطفالها إلى القتال مقابل 150 دولارا شهريًا، ليس هذا فحسب، بل في إحدى الحالات أقدمت عائلة على مبادلة طفلها مع الحوثيين بموقد غاز، نظرًا لسوء الأوضاع الحياتية التي يعيشونها.

عدد الأطفال حسب الاستقطاب:

ذكر التقرير أنه بلغ عدد الأطفال الذين تم استقطابهم عبر الترهيب (2039)، و(6745) بواسطة الترغيب، و(639) من خلال التضليل، و(832) حالة اختطاف.

أما بالنسبة لعدد الذين تم استقطابهم بحسب الحالة الاقتصادية، فقد تم استقطاب (5213) من أسر معدمة، و(2839) من أسر محدودة الدخل، و(1843) من أسر متوسطة الدخل.

يفرض مسلّحو الحوثي عقوبات مختلفة على الأطفال المجندين في حال عدم تنفيذ الأوامر أو التقاعس عن أداء المهمات، وتشمل تلك العقوبات الحرمان من الأكل، والسجن، والاعتداء الجسدي، والاعتداء الجنسي، والتهديد بالقتل.

معسكرات تدريب الأطفال:

وثق المرصد الأورومتوسطي ومنظمة "سام" 11 معسكراً تابعاً لمليشيات الحوثي مخصصاً لتدريب الأطفال المجندين، أربعة منها في محافظة الحديدة، والأخرى تتوزع على محافظات: صنعاء، إب، ذمار، صعدة، وعمران.

يتلقى الأطفال في هذه المعسكرات تدريبات في مجال اللياقة البدنية، واستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ونزع الألغام، ورمي القنابل وقذائف الهاون.

أماكن المعسكرات والأعمال التي تمارس فيها:

المعسكر الأول: مزارع منطقة العرج بمديرية الضحى شمال محافظة الحديدة، مهامه تدريب الأطفال على استخدام السلاح وأداء المهام القتالية.

المعسكر الثاني: مزارع منطقة عبال بمديرية باجل، مهامه تدريب الأطفال القادمين من صنعاء، وريمة، وذمار، والمحويت.

المعسكر الثالث: محمية برع شرق محافظة الحديدة، المهام تدريب الأطفال القادمين من مختلف مديريات الحديدة.

المعسكر الرابع: شارع المواصلات بمحافظة الحديدة، المهام تدريب الأطفال القادمين من معسكرات أخرى، لتعزيز الجبهات في الداخل.

المعسكر الخامس: معسكر 48 في منطقة السواد في العاصمة صنعاء، المهام تدريب الأطفال القادمين من المناطق المحيطة بالعاصمة صنعاء أو القادمين من محافظات أخرى.

المعسكر السادس: معسكر في منطقة النقفة بمحافظة صعدة، المهام تدريب الأطفال ورفد الجبهات بالمقاتلين، إضافة إلى إقامة دورات تعبئة عقائدية.

المعسكر السابع: معسكر الحمزة في محافظة إب، المهام تدريب الأطفال ورفد الجبهات بالمقاتلين، ودورات تعبئة عقائدية.

المعسكر الثامن: جامعة الإيمان بصنعاء، المهام استقبال المجندين ومنهم الأطفال، وتعزيز الجبهات.

المعسكر التاسع: الإستاد الرياضي في محافظة ذمار، المهام استقبال وتدريب المجندين، وإقامة دورات تعبئة عقائدية، ورفد الجبهات.

المعسكر العاشر: شعوب، حوش مبنى الأمن السياسي، المهام تدريب ودورات عقائدية، ثم نقلهم إلى محافظة ذمار للحصول على دورات وتدريب لمدة شهرين ثم التوزيع.

المعسكر الحادي عشر: حرف سفيان محافظة عمران، المهام استقبال وتدريب، والتوزيع على الجبهات حسب الطلب.

عاد أحمد بقايا أشلاء متناثرة:

وافق أبو أحمد على التحاق ابنه بالدورة الصيفية لتعلم الدروس الدينية، وغيرها من المقررات والأنشطة التي تجذب اهتمام الفتيان.

بعد مرور شهر لاحظ الوالد تأثير المفاهيم والدروس التي تلقاها أحمد واضحاً في سلوكه، خاصة وأنه أظهر رغبته في الالتحاق بالجبهة لمقاتلة من يسميهم "أعداء الله والوطن".

لم يكن والد الطفل أحمد (14 عاما) مدركا لخطورة ما يحدث لابنه، واعتبر حديثه إنما هو حماس مؤقت نتيجة لما يسمعه في تلك الدورة، وسريعا ما يذهب ذاك مع انتهاء الدورة.

بعد مرور شهر على حضور أحمد تلك الدورة، أخبر أباه بأن المسؤول عن الدورة سيقوم بتكريمه مع مجموعة من زملائه بحضور دورة أخرى مخصصة لتعلم فنون القتال واستخدام الأسلحة.

لم يساور الأب شك حول هذا التكريم، لذا وافق دون تردد. مرّ شهر على ذهاب أحمد إلى تلك الدورة التي حدثه المشرف بأنها ستجعله يفخر بابنه.

عاد أحمد إلى أبيه، لكنه لم يسمعه يتحدث عن مهاراته في استخدام الأسلحة التي تدرب عليها، ولم يستطيع إطفاء شوقه إليه باحتضانه وتقبيله، عاد أحمد بقايا أشلاء متناثرة، لا بد من دفنها سريعا دون الاقتراب منها.

تحذيرات حكومية:

عمليات تجنيد الأطفال أصبحت من المشاهد المؤلمة التي ترتكبها مليشيات الحوثي، لكن عدم ممارسة ضغوط حقيقية شجعها على الاستمرار في ارتكاب المزيد من انتهاكات تجنيد الطلاب الأطفال بشكل إجباري.

وحذرت الحكومة الشرعية من استمرار مليشيات الحوثي في ارتكاب جرائم تجنيد الأطفال لتعويض مخزونها من المقاتلين الذي أوشك على النفاد جراء الخسائر البشرية غير المسبوقة في معارك مأرب شمال وسط البلاد.

وقال وزير الإعلام معمر الإرياني: "نتذكر عشرات الآلاف من الأطفال اليمنيين الذين جندتهم مليشيات الحوثي وغسلت أدمغتهم بفكر إرهابي، وأخضعتهم للتدريب العسكري ونشرهم في الجبهات خدمة للنظام الإيراني".

وزير الإعلام دعا إلى الضغط على مليشيات الحوثي لإيقاف جرائم تجنيد الأطفال، مع ضرورة قيام المجتمع الدولي بتصنيفها على أنها منظمة إرهابية، بعدما استبدلت التعليم السائد بدورات التطرف المفروضة على مئات الآلاف من الأطفال لدفعهم إلى ساحات القتال.

أفكر بإخراج أولادي من المدرسة:

لا شك أن الحق في التعليم مكفول للجميع، شريطة أن يتضمن برامج تعتني بالأطفال نفسياً وفكرياً واجتماعياً بما يكفل تطوير شخصياتهم ومواهبهم وقدراتهم، وأن يحترم ثقافاتهم واختلافاتهم، وأن يدعو للعيش بسلام، لكن المؤكد أن مليشيات الحوثي حرصت على أن يكون التعليم وسيلة لتعزيز ثقافة الكراهية والعنف وبالتالي الزج بهؤلاء الطلاب إلى ساحات القتال، متسببة بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 2000 طفل سنويا.

تحدثنا إحدى الأمهات حول هذا الموضوع قائلة:

"أصبح ذهاب أبنائي إلى المدرسة أمرا مقلقا لي ولوالدهم بسبب أخذ الحوثيين الطلاب إلى جبهات القتال، حيث اضطر للذهاب بهم إلى المدرسة يوميا ومن ثم العودة بهم إلى البيت. الكثير من الطلاب أخذتهم المليشيات الحوثية إلى الجبهات دون علم آبائهم، كان آخرهم ابن جارنا الذي هو زميل ابني، حيث قام أحد المشرفين باستدراجه لحضور دورة وبعد شهر ذهب إلى الجبهة، لم يمر سوى أسبوع واحد على ذهابه حتى عادوا به إلى أهله جثة هامدة".

وأضافت:

"نتيجة هذا الوضع الذي نعيشه يوميا أصبحت أفكر جديا بإخراج أولادي من المدرسة، فأنا لم أعد أتحمل القلق اليومي الذي أعيشه والذي أثّر على صحتي ونفسيتي ونفسية أولادي".

وتابعت: "لا يكاد يمر أسبوع دون أن يأتي أحد المشرفين إلى المدرسة لعمل محاضرة للأولاد يحثهم فيها على الجهاد، ويسرد لهم قصصا يسميها بطولات لطلاب التحقوا بالجبهات، البعض منهم نال شرف الشهادة كما يدعي. لا أدري إلى متى ستستمر معاناتنا، وإلى متى سنظل في خوف وقلق على أولادنا؟ نسأل من الله الفرج والمخرج".

على الصعيد نفسه، يرى المحامي والناشط الحقوقي ياسر المليكي أنه بالنسبة للمراكز الصيفية فلا شك أن الحق في التعليم مكفول للجميع، شريطة أن يتضمن برامج تعتني بالأطفال نفسياً وفكرياً واجتماعياً بما يكفل تطوير شخصياتهم ومواهبهم وقدراتهم، وأن يحترم ثقافاتهم واختلافاتهم، وأن يدعو للعيش بسلام، لكن المؤكد أن مليشيات الحوثي حرصت على أن يكون التعليم وسيلة لتعزيز ثقافة الكراهية والعنف وبالتالي الزج بهؤلاء الطلاب إلى ساحات القتال، متسببة بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 2000 طفل سنويا.

                                                                                                      

كلمات دالّة

#اليمن