الجمعة 29-03-2024 09:45:49 ص : 19 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والانحياز للشرعية (الحلقة 5) استعادة الدولة أولا

السبت 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد العزيز العسالي
 

 



مفتتح:
عنواني الإصلاح إن هم أفسدوا
وأنا التجمع إن أتوا بالفرقةِ
كم باحث عن منصب أعطيته من حصتي
لأنني أرجو بناء الدولةِ
(فؤاد الحميري)

الهدف الأول للإصلاح استعادة الدولة:
موقف الإصلاح المبدئي في أدبياته النظرية ومواقفه العملية هو بناء دولة المواطنة المتساوية وترسيخ مبدأ حق الشراكة الحقيقية لكل أبناء الشعب في صناعة القرار السياسي من جهة كون الشعب هو صاحب المصلحة لا سواه.
وأثبت الإصلاح عمليا هذا التوجه وتجلى ذلك في حكومة الوفاق عام 2012 حتى انقلاب 21 سبتمبر 2014، بدليل أن الإصلاح اكتفى بأربع حقائب وزارية من 34 حقيبة وزارية.

مخرجات الحوار الوطني:
خاض الإصلاح معركة توعوية في صفوف الشعب ومن خلال أعضائه في لجنة الحوار الوطني مشددا على قضية بناء الدولة المدنية القائمة على التوافق الوطني والشراكة الحقيقية في اختيار الشعب للسلطات التشريعية والتنفيذية المركزية والسلطات المحلية.

الظرف الاستثنائي:
دخل الوطن في نفق الانقلاب المليشاوي الإرهابي المشؤوم، في 21 سبتمبر 2014، الذي خطف الدولة والوطن وأعلن القتل وسيلته لإرغام الشعب وقهره عبر مليشياته الإرهابية والاختطاف وتفجير منازل ونهب الممتلكات ومصادرة مقدرات الوطن وغير ذلك من الانتهاكات والجرائم.
وقد ذكرنا في الحلقات السابقة أن موقف الإصلاح ومعه كل القوى الوطنية والاجتماعية في محافظة تعز تمثل في التصدي للمليشيا الانقلابية والانحياز للشرعية، وصولا إلى تكوين المجلس العسكري بتعز لدحر الانقلاب المليشاوي، وكانت فرحة المواطنين وجميع القوى الوطنية بإعلان اللواء 35 انضمامه إلى الشرعية، لاستعادة الدولة وبنائها، ومثل انضمام اللواء 35 النواة الأولى لبناء جيش وطني يستعيد الدولة.
تلا ذلك انضمام ضباط وجنود إلى جانب الشرعية والتحقوا بمدينة تعز لمقاومة المليشيات الإنقلابية.

اتفقت القوى الوطنية بمدينة تعز على تشكيل المجلس العسكري من الضباط التالية أسماؤهم:
1- العميد صادق سرحان.
2- اللواء يوسف الشراجي.
3- العميد عبد الرحمن الشمساني.
4- العميد سمير الحاج ناطقا باسم المجلس.
5- الشيخ حمود سعيد عضوا عن المقاومة.

وقد ذكرنا في الحلقات السابقة أن أبناء تعز ومعهم الإصلاح وكل القوى الوطنية يبحثون عن الدولة.ومع أن الظرف كان استثنائيا على مستوى الوطن ونظرا لضعف موقف الشرعية، كان هاجس استعادة الدولة هو الهم الأول لدى أبناء تعز، حتى تم تشكيل المجلس العسكري.

المقاومة تسند الجيش:
بعد أسبوعين من تشكيل المجلس تم تشكيل مجلس المقاومة وسعى الإصلاح ومعه كل القوى الوطنية لتوحيد العمل العسكري بتعز تحت راية الجيش الوطني والشرعية السياسية، مطالبين القيادة السياسية بإصدار قرارات بتشكيل ألوية عسكرية وترقيمها وضم عناصر المقاومة الوطنية إلى ألوية الجيش.
وصدر قرار بتشكيل شرطة أمن في المحافظة.
كما تم إصدار قرار بتعيين محافظ لمحافظة تعز، ومدراء عموم مكاتب الجهاز التنفيذي للمحافظة، وقد عكست التشكيلات حقيقة روح الشراكة الحقيقية.

وظل الإصلاح -بحكم حضوره الاجتماعي والسياسي- مساندا للسلطة والجيش الوطني بكل إمكاناته المتاحة وذلك من خلال تعميماته المتكررة لأعضائه وأنصاره أولا، والداعية إلى البذل والعطاء المالي من أقواتهم ورواتبهم، كما دعا المواطنين إلى التبرع بما يمكنهم تقديمه.

نحو التحرير:
بعد صدور قرارات جمهورية بتشكيل الألوية العسكرية التالية:
- اللواء 35 مشاة.
- اللواء 22 ميكا.
- اللواء 170 دفاع جوي.
التحق الكثير من أبناء مديريات محافظة تعز بألوية الجيش والأمن والمقاومة الوطنية، اقتناعا بالانضواء تحت راية الشرعية السياسية.
وكانت الجبهات كلها مفتوحة، غرب وشمال وجنوب وشرق تعز وخط الستين.
هنا قام المجلس العسكري بتعز بوضع خارطة نحو التحرير وفق إستراتيجية أبرز وأهم الأولويات، والمتمثلة في تحرير مديريتي جبل صبر - مديرية مشرعة وحدنان، ومديرية الموادم، فتح خط تعز - عدن.

تحرير مديريتي صبر حدنان والموادم.. العوامل والأسباب:

مجتمع صبر يمتلك وعيا ثقافيا ناضجا، كان هو الدينمو المتين والخلّاق الحيوي، بل والعامل الناظم لوحدة الرأي الحامي مصلحة كل أبناء صبر، كما أنه العامل الحاسم بل والصخرة الصلدة التي تحطمت عليها أطماع قطعان المليشيا الإرهابية الانقلابية الحوثية، وسرعة تحرير المديريتين في وقت قصير جدا.

- مكونات الوعي:
تفاديا للإطالة يمكننا سرد مكونات الوعي الناضج لدى أبناء صبر على النحو التالي:

أ- التنوع الثقافي- اجتماعيا وعلميا وسياسيا ومدنيا، إنه وعي متأصل في أعماق نفوس أبناء المديرية.

ب- الوعي المتشبع بالرفض للاستبداد والتسلط أيا كان ناهيك عن هرطقات التصنيف الطبقي المذهبي الطائفي السلالي، ذلك التشبع الثقافي الرافض للاستبداد نتج عنه الإدراك المبكر لخطورة المشروع السلالي الحوثي الهدام والمفسد لهوية المجتمع عقيدة وتاريخا وحضارة، المنافي لمشروع الدولة المدنية الصادرة عن اختيار الشعب.

ج- العزة وإدراك قيمة الكرامة القادمان من ذلك الوعي الثقافي المتشبع بالرفض للاستبداد.

د- التعددية السياسية المبكرة المتعايشة قبل قيام دولة الوحدة والمترسخة بعد إعادة الوحدة اليمنية المباركة.

هـ- وحدة أبناء صبر: اتحدت رؤية أبناء صبر جميعا عدا السلاليين من أمثال بيت الرميمة.
فالغرور السلالي الذي جسده المجرم عبد العزيز الرميمة وعصابته الإجرامية وحقده على أبناء تعز دفعه إلى إرسال أشخاص إلى محافظة صعدة للتدريب بل واستقدام المدربين من صعدة وعمران والهدف قتل أبناء صبر.
وتم إغراق مجتمع صبر بالألغام والمتفجرات وتوزيع الأسلحة لبعض الشباب.
أضف إلى ذلك عمد السلاليون إلى ممارسة طقوس دخيلة على ثقافة المجتمع - نشر ثقافة الكراهية الطائفية- ومن ذلك ترديد الصرخة في المساجد عقب الصلوات وعبر مكبرات الصوت التي استفزت أبناء صبر، وكذا إذاعة الزوامل الحوثية وإقامة المحاضرات ونشر الملصقات والصور والإعلانات والنشرات والرسائل التحريضية، وإبراز الرايات السوداء، واستفزاز وجدان المجتمع بلعن وسب الصحابة وأمهات المؤمنين.

كما أثاروا النعرات الطائفية وأذكوا الخلاف حول نقاط فقهية جزئية بين طلاب المدارس من خلال بعض المدرسين الذين دربوهم لإثارة الخلاف تمزيقا للنسيج المجتمعي.
وتم استخدام مجمع السعيد التربوي بـمديرية حدنان مقراً لاجتماعاتهم وفعالياتهم، والسعي لفتح مراكز ومجالس عامة ببعض قرى المديرية.
إضافة إلى الاعتداء على بعض الشباب وإرسال التهديدات بالتصفيات لكل من يخالف المليشيا.

وقامت العناصر السلالية برصد كل تحركات الشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية وجمع كل شيء عن المديريات رصدا يوميا ورفع التقارير إلى مشرفيهم.
وأنشأت النقاط المسلحة في المديرية وأهمها في منطقة صينة (المدخل الرئيسي للمديرية المتصل بالمدينة بحاجات مجتمع صبر).
وعمدت إلى التضييق على الناس وتفتيشهم وصولا إلى استحداث مواقع في التلال الإستراتيجية في المديرية والهدف حصار مدينة تعز والسيطرة على أي تحرك مناوئ للمليشيا.
وفي نهاية المطاف عملت تلك المليشيات على نشر مسلحيها والانتشار داخل المديرية وإدخال عناصر غريبة مدججة بالسلاح.
ونقضت كل الاتفاقيات التي تمت مع عقلاء المديريتين ووجاهاتها الاجتماعية وشخصياتها السياسية لهدف تجنيب المجتمع الصراع والنأي به عن الخلافات والاقتتال.

محاولة اغتيال:
نفذت المليشيات الإنقلابية محاولة فاشلة لاغتيال قيادة التجمع اليمني للإصلاح في مديرية حدنان الأستاذ عبد الله أحمد عبد العزيز الشيخ، وذلك بتاريخ 19 مايو 2015، في الخط العام بحدنان ليلاً،
بتوجيه من المجرم عبد العزيز الرميمة عبر ولده وائل وابن عمه صادق الرميمة، ونتج عن ذلك العمل الإجرامي استشهاد الشاب البريء إياد أحمد سيف من أبناء المحرس.
بعدها استقدمت الدبابة إلى وسط المديرية واستخدمت موقع الكُشار المطل على المدينة لضرب مدينة تعز وجيشها ومقاومتها.
وطال القصف العنيف المديرية بالأسلحة الثقيلة والدبابات من جهة صبر الموادم وتحديدا منطقة ذي مرين، استولت عليه المليشيا بعد تسليم المجرم معيجير لموقع العروس.

دور أبناء مديرية حدنان:
أبرز الأدوار والأنشطة التي قام بها أبناء مديرية حدنان:
- لعبت مديرية مشرعة وحدنان دوراً غير عادي تصديا للأفكار الدخيلة على ثقافة المجتمع وأهمها الفكر السلالي الرافضي المذهبي الفارسي وذلك من خلال الحملات الثقافية الهادفة لفضح وتعرية مشاريع المليشيا الهدّامة الرامية إلى تقويض مشروع الدولة والمصادمة لهوية أبناء اليمن عموما.
وتوظيف المناسبات الدينية والسياسية من خلال الخطب والمواعظ المسجدية في قرى المديرية تحذيرا من خطورة العنصرية السلالية والعصبية الطائفية والمناطقية.ولفت أنظار أبناء المديرية إلى خطورة المظاهر المسلحة التي يقودها بيت الرميمة وضرب الأمثلة بما حصل في المناطق الشمالية وغيرها.وتعزيز وترسيخ دور الشراكة المجتمعية بين المكونات السياسية والاجتماعية المختلفة في مديرية حدنان من خلال تكتل اللقاء المشترك. وتمثل ذلك من خلال التالي:
- حفاظ أبناء المديرية على التنسيق المتواصل بين القيادات السياسية والمجتمعية والشبابية قبل الحرب.
- عقد اللقاءات الخاصة والعامة لوجهاء ومثقفي المديرية وتنظيم جلسات النقاش والدخول في حوار ومناصحة العناصر المتحوثة بل وقيادتها ممثلة بـ"عبد العزيز الرميمة".
- عقد اتفاقيات مع متحوثي بيت الرميمة بهدف تجنيب المديرية أي صراعات وخصوصا مع بداية المواجهات في مدينة تعز في أبريل 2015، والتأكيد على عدم إطلاق أي عيار ناري واحد.
- رفع نقاط التفتيش كونها أصبحت مصدر استفزاز لأبناء المديرية.
- عدم استعراضات المتحوثين بالسلاح والتجوال بين القرى حفاظاً على النسيج المجتمعي.

توظيف الأحداث:
تم تشييع القائد الأستاذ عبد الله أحمد عبد العزيز والذي استشهد مقبلا في جبل جرة، وذلك بعد 13 يوما تقريبا من محاولة اغتياله -كما سبق- من قبل المجرم عبد العزيز الرميمة.
وتم توظيف موكب التشييع للقائد البطل وذلك من خلال خطاب لأبناء المديرية تذكيرا لهم بمحاول الاغتيال الفاشلة والتي استشهد فيها الشاب المرافق يومها، مجددين الدعوة إلى مليشيا الحوثي بالتزام الاتفاقيات فيما يجنب مديرية حدنان الحرب، والحقيقة أن التشييع المهيب تحول إلى توجيه الغضب ضد المليشيا الإرهابية.

التنسيق والدعم والإسناد لأبناء مديرية صبر الموادم ليفتحوا جبهة تربك المليشيا في جبل العروس نظرا لأهميته الإستراتيجية، علما بأن هذا التنسيق كان مبكرا، أي بعد تسليم موقع العروس للمليشيا.
بعد إعلان تشكيل المجلس العسكري ومجلس تنسيق المقاومة داخل مدينة تعز، انضم أبناء صبر إلى الجيش وبعضهم انضم إلى المقاومة.
وكما سبق القول إن المجلس العسكري وضع خطة أولوياته هي تحرير مديريتي صبر أولا، علما بأن الجبهات كانت قد اتسعت إلى حد كبير.

توعية المرأة:
خطة التوعية في أوساط مديرية حدنان بدأت مبكرا بين الجنسين.
الجدير ذكره أن بنت صبر حدنان قدمت جهودا وتضحيات مختلفة لا تقل عن أخيها الرجل، فلقد عملت على تهريب المؤن والذخائر وإيصالها لأبناء المديرية بطرق ذكية.
وقد ذكرنا موقفا لإحدى الأسر وذلك في الحلقة الثالثة فقد كان موقفا جبارا.

موقف.. وقدر رباني:

الشاب "م. ع" شاب مثقف ومدرك لحقيقة المشروع السلالي الانقلابي، صعد وأخواه كغيره من أبناء قريته وسطروا ملاحم عجيبة.
دخل البطل كهفا صغيرا أعلى من بيته وببندقيته الشخصية اصطاد سبعة من المليشيا الإنقلابية.
كان يظن أن أصحابه يحمون ظهره ولم يعلم باستشهاد أخويه كما لم يعلم أن بقية الرجال قد انسحبوا بعد انتهاء الذخيرة.وفوجئ بالمليشيا خلف ظهره، نادوه: اخرج إلينا، فخرج، خاطبوه: هات القناص، أجاب: ليس لدي سوى بندقيتي تلك.
- لم قتلت أنصار الله؟
- دفاعا عن بيتي تلك.
- قائد المليشيا: اقتلوه بقذيفه آربيجي وألصقوه بجدار بيته.
استعد البطل راض بما سطره، وتم تعمير القاذف، وفجأة هاتفه رن.
- القائد: هات التلفون.
أخذه القائد وتأمل الشاشة فرأى في خلفية الشاشة صورة الشيخ حمود سعيد المخلافي.
- هاااا أنت قيادي.. لا تقتلوه.. هيا احمل الجثث التي قتلتها..
- قال: ولأن الجثث كبيرة فقد حملتها مسافة 150 مترا تقريبا، متمنيا أن يقتلوني أفضل.. وضعوني جوار الجثث في الطقم وإلى المستشفى العسكري بتعز لأخضع للتحقيق والتعذيب.

غفلوا عنه.. قفز فورا وخطف المكنسة من يد عاملة النظافة وأعطاها ألف ريال الموجود في حوزته وظل يكنس حوش المستشفى ثم انطلق هاربا.

ابتعد مسافة ثم دخل بقالة وكانت حالته مفزعة فتعاون معه البقال وظل البطل منتظرا هل البقال مع المليشيا، وبعد ساعتين سمع الصبيان يتحدثون عن بطولات أبناء صبر فخرج إليهم وأخبرهم بما حصل له فأعطوه مبلغا وأرشدوه إلى طريق آمن للهروب.

وعاد البطل وفوجئت أسرته التي حسبته شهيدا مع أخويه، وعليه فالخوف من الموت سخافة وضعف يقين بالله.. وهناك قصص مذهلة لعل الله ييسر نشرها لاحقا.

التحية لرجال صبر..
الخلود لشهدائهم..

كلمات دالّة

#اليمن