الخميس 28-03-2024 15:17:34 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والانحياز للشرعية.. مواقف، تضحيات (الحلقة 4) التصدي لمليشيا الإنقلاب

الإثنين 22 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 الساعة 08 مساءً / الإصلاح نت - خاص / عبد العزيز العسالي
 

 

مفتتح:

قف في تعز..
كل النقائض ممكنة
إلّا الهزيمة
(من قصيدة للشاعر محمد العاطفي).

تهتدي إن هي أتعزت
وإن جانبتها تخبط العشوى
(عبد الله البردوني، من قصيدة
"رفاق الليلة الأخرى").

حقائق كالخيال:

لقد صدق الأستاذ البردوني، فيلسوف الأدباء، لقد قرر بلغته الرصينة والمكثفة، قرر حقيقة سننية تاريخية حاكمة للاجتماع السياسي اليمني مفادها أن بوصلة الثورات اليمنية إذا تم تصميمها في تعز فإنها تهتدي، وما لم فالنتيجة خبط عشوى.

إن البردوني، رحمه الله، لم يرسم خارطة سننية اجتماعيه فحسب، وإنما يقول لنا: في تاريخك يا تعز استثمار واعتبار.

السؤال: هل كان أبناء تعز مستحضرين تاريخ وسنن الثورات؟ نعم، بل ألف نعم، إن الإصلاح في تعز ومعه كل القوى الوطنية والاجتماعية قد استحضروا سنن التاريخ استثمارا واعتبارا.

إذن المقاومة اليمنية في القرن الـ21م قد "أتعزت" بامتياز.. أتعزت فكرة ووجهة وخطة، ولكن التنفيذ شارك فيه كل الوطنيين الأحرار من أبناء تعز وغيرها.

إن الوطنيين في المحافظات الأخرى ما إن سمعوا بموقف تعز حتى تسارعت أعداد من أبنائها، مواطنين وجيش وأمن، وهم يشتعلون حماسا لا يقل عن حماس أبناء تعز، إلى منازلة المليشيات الكهنوتية الانقلابية، المفسدة في الأرض المهلكة للحرث والنسل.

الجدير ذكره أن الشاعر العاطفي كان ملهم الشاعرية إلى حد التنبؤ الشعري حيث قال:
قف في تعز..
حيث كل النقائض ممكنة
إلّا الهزيمة

كل النقائض الحربية حاضرة داخل المدينة وخارجها، فهل كان الشاعر العاطفي مستلهما البيت الشعري البردوني الآنف.

بداية العمل في دحر المليشيات

اتجهت المليشيات الحوثية الإنقلابية إلى حصار اللوء 35 ماليا وعسكريا لإضعافه، ورغم ذلك فقد انتشر أفراد اللواء مع رجال المقاومة وسيطروا على عدة أماكن منها: الزنوج، أعلى جبل جرة، تلة الزنقل، وادي القاضي، وكسروا الحصار المضروب على البنك المركزي.

خطة المليشيا في حصار اللواء 35 الكائن في المطار القديم بدأت في 4 يوليو 2015 من خلال التسليم الغادر للمخا، وكذلك تسليم مؤخرة اللواء 35 بمفرق المخا، واستقدمت تعزيزات مسلحة بقوة ضاربة أعدادا وإعدادا وعتادا من دبابات وكاتيوشا وهاوزرات والهاون، وغيرها، وكان التقدم من جهة الحوبان عبر خط الستين.

توقعت المليشيا سقوط اللواء 35 بمجرد وصول خبر المخا، ولكن خرجت مسيرة شعبية إلى اللواء 35 هدفها الدعم المعنوي لأبطال اللواء، وهنا أدركت المليشيا أن اللواء سيصمد بصمود أبناء تعز الذين يوصلون الغذاء يوميا.

وجهت المليشيا الانقلابية قصفها الإجرامي العنيف على أحياء مدينة تعز فخلف القصف ضحايا وجرحى بالعشرات يوميا، ويشهد الله أن قذيفة هاون نوع شظايا سقطت جوار سكني التاسعة صباحا والشارع مليء بالمارة، فسقطت القذيفة داخل بسطة أواني طباخة وقتلت مالك البسطة وستة أشخاص بينهم ثلاث نساء وطبيب أسنان وخمسة أصيبوا بإعاقات دائمة.

وتتعمد المليشيا إثارة الرعب في نفوس سكان المدينة بإرسال قذائف صوتية شديدة الانفجار على سطوح المنازل ليل نهار أرعبت الأطفال والنساء والشيوخ، وكان الهدف تعطيل الحاضنة الشعبية، ولكن هيهات.
صحيح أن أعدادا نزحت إلى القرى ولكنها عادت بعد أسابيع لم تتجاوز الشهرين، وبعض النازحين تأخروا لكنهم عادوا معلنين التحدي- نموت مع المقاومة.

في غضون ذلك، تم تشكيل مجلس المقاومة من ستة أعضاء برئاسة الشيخ حمود سعيد المخلافي، ونائبه الأستاذ علي الضالعي، وهو من التنظيم الناصري، وعضوية شخصية اشتراكية وشخصية عسكرية وصحفي وناطق إعلامي، وذلك في 15 أبريل 2015.

تضحيات تعز

كانت المليشيات تهاجم من كل اتجاه هدفها اقتحام الأحياء المتاخمة لخطوط التماس وكانت المعارك لا يهدأ أوارها طوال الليل طيلة ثلاث سنوات بالتمام، إضافة إلى الهجوم الذي يحصل نهارا، فيشترك جنود اللواء 35 وغيرهم من الضباط والجنود من ألوية أخرى ورجال المقاومة فيشتبكون بالكلاشينكوف ويصدون المليشيا الإرهابية.
وبخصوص إستراتيجية التصدي، سنوضح ذلك أكثر في الحلقة القادمة، وسنكتفي هنا بتوضيح أن إستراتيجية تعز في التصدي للمليشيا الانقلابية كانت غالبا هي الدفاع حتى أكتوبر 2016، عدا تحرير مديرية مشرعة وحدنان فقد كانت في يونيو 2015، وكذلك أجزاء من مديرية صبر الموادم.

كان التصدي لهجوم المليشيا يستهلك الكثير من الذخائر عالية التكاليف، كمثال، لو حصل أن الدبابة أطلقت في الساعة 10 قذائف فقط فالثمن 3 ملايين ريال، ولك أن تتساءل: ماذا لو استمر هجوم المليشيا ثماني ساعات وفي اتجاهات مختلفة، فالتكاليف تصل 500 مليون ريال.

مواقف الماجدات

عدد غير قليل من الأخوات الماجدات، إصلاحيات وغير إصلاحيات، قدّمن مبادرات لافتة للنظر، وهذه ثلاث نماذج: الأخت "م.م.ع" اشترت خمس قطع كلاشينكوف مع الذخيرة والجربنديات وقدمتها للمجلس العسكري والمقاومة. والأخت "ع" اشترت أربع قطع كلاشينكوف والذخيرة... إلخ. والأخت "أم محمد" اشترت ثلاث قطع مع الذخيرة. وهناك مجاهدات ماجدات من مديريات صبر، كنّ يلبسن الجلباب المعروف ويتجهن لجلب الحطب على رؤوسهن وتحمل كل واحدة منهن قطعة أو قطعتي كلاشينكوف تحت الجلباب.

حصار اللواء 35:

اشتد الحصار والقصف المكثف والمركز في خط الستين قرابة 14 يوما بلياليها بأنواع المدفعية والكاتيوشا- قصفا يدل على تجربة وحنكة وخبرة عالية، ورغم ذلك كله فقد صمد رجال الجيش والمقاومة حتى آخر طلقة يمتلكونها، ورغم ذلك القصف العنيف والهادف والمركز لم يتجاوز الشهداء أعداد أصابع اليدين وكذلك الجرحى.
قدم رجال الجيش والمقاومة ضروبا مختلفة من الشجاعة والتصدي النادرين حتى انتهت الذخائر ثم انسحبوا.
تركز قصف المليشيا باتجاه مقر اللواء 35 بصورة أشد وأعنف يدل على حقد أسود تجاه جنود اللواء فانتهى الماء والغذاء فصدرت التوجيهات بالانسحاب حفاظا على الجيش كون الحرب كر وفر.

جبهة الزنوج:

أولا نعتذر إزاء ترتيب أحداث المواجهات ذلك أن بعض المواجهات الأولى كانت خفيفة على الرغم من شدة صدمتها للمليشيا، والسبب هو حضور المواجهات الكبيرة والمتكررة من جهة وكذلك التداخل الزمني بين المواجهات الخاطفة والمعارك الكبيرة.
جبهة الزنوج كانت هي الفتيل الأول الذي اشتعل مبكرا فأوجع المليشيا في منطقة الزنوج المتاخمة لشمال المدينة وتقع غربا لجبل جرة والمجمع القضائي.
كان هنالك أفراد من الجيش جوار مدرسة عبد الله بن المبارك أعلى منطقة الزنوج.
أغلب المدرسين كانوا قد انضموا إلى صفوف الجيش وأخذوا أهبتهم لمواجهة المليشيا عند أي محاولات للتسلل من جهة الزنوج.

كان حلم المليشيا من وقت مبكر الاستيلا على جبل جرة والمجمع القضائي ولكن هيهات.. المهم هنا تسللت عناصر المليشيا من جهة منطقة الزنوج بهدف الصعود من الجهة الغربية ظنا أن رجال الجيش والمقاومة غير منتبهين، إضافة إلى أن المدرسة "شغالة" ولا يوجد حركات توحي بشيء، وفوق ذلك شخصيات سلالية ساكنة في تلك الجهة كانت قد نسقت مع المليشيا بأنهم سيدخلونهم إلى منازلهم وسينزلون الضربة القاصمة قطعا للإمداد عن المجمع القضائي أولا، وحصارا وقصفا وقنصا للمقاتلين ثانيا، بل وربما خامرهم الطمع باقتياد مقاتلي الشرعية أسرى.

وصلت سيارة حبة جناح الصقر وطقم شبح مملوءان بقذائف الآربيجي ومؤن أخرى.. مكثت السيارتان أسفل الزنوج وخرج بعض الأفراد يتحادثون ويهاتفون قرابة 8- 10 دقائق، كان رجال جيش الشرعية يراقبون الموقف ثم أخرجوا قاذفتي آربيجي وصوبوا على محركي السيارتين في آن فأعطبوهما، وبسرعة فائقة أطلقوا قاذفتين على الذخائر في مؤخرتي السيارتين فتفجرتا.
مدفعية المليشيا في الستين بادرت وأرسلت قذائفها في حالة ذهول فقصفت بيوت السلاليين.. خرجت النساء في ذعر وخرج السلالي فاستقبله بعض المدرسين هو وأسرته وأدخلوهم مكانا آمنا.

كلمات دالّة

#اليمن