الثلاثاء 23-04-2024 23:40:50 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الإصلاح والانحياز للشرعية.. مواقف وخطوات (الحلقة 2) تعز وتكوين الحاضنة.. الأسباب والعوامل

السبت 13 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت – خاص / عبد العزيز العسالي

أولا، أسباب تكوين الحاضنة:
1- صلف واستخفاف:
الصلف والغرور عند المليشيا الانقلابية جعلها تنظر تجاه الآخر بكبرياء واستعلاء واستخفاف ولامبالاة، ظنا منها أن المحافظات المغدورة قد تم إسقاطها بقوة مليشيا القطيع، وهنا كانت المليشيا قد كذبت على نفسها، ومن المعلوم بداهة أن أسوأ أنواع الكذب هو الكذب على النفس، غير أن قطعان المليشيا اعتبرت الكذب على النفس هو عين العلم والتخطيط والعبقرية.

كيف لا، ومحمد البخيتي يصرح مرارا أن الغدر بالمحافظات دليل كرامات من الله للمليشيا لأن قطعانها هم أولياء الله.

كما أن ذاك الصلف والاستعلاء الفج زج بالمليشيا إلى مواقف مستفزة لأبناء تعز، فقرر أبناء تعز التصدي للمليشيا الانقلابية بكل الوسائل وفي مقدمتها إيجاد الحاضنة الشعبية.

2- غرور المليشيا.. مظاهر، ونتائج:
- سعت المليشيا إلى إغلاق كل أبواب الحوار، علما بأن ممثليها كانوا يحضرون كل اللقاءات والاجتماعات التي تدعو إليها القوى الوطنية في تعز- آنذاك- وفي طليعتها الإصلاح.

- نسف الاتفاقات: على سبيل المثال، انعقد لقاء مع محافظ تعز تضمن عرض بنود التنسيق بين القوى السياسية في محافظتي إب وتعز، وقد كان موقف المحافظ شوقي هائل إيجابيا مع تعز حتى آخر لحظة التي قدم فيها استقالته كما سنوضح لاحقا.

المهم في هذا اللقاء أن ممثل المليشيا الانقلابية كان حاضرا، وفي الموقف ارتفع صوت أحد الحاضرين رافضا دخول المليشيا مدينة تعز، فالتفت إليه ممثل المليشيا وقال: لمه تزبّط؟ احنا جئنا نحرركم من استغلال بيت هائل سعيد؟
أترك التعليق للقارئ..

- إسراف المليشيا في القتل:
وذلك في المحافظات المغدورة، وتفجير المنازل وتفخيخ الجثث والاختطافات والمطاردات وانتهاك الأعراض واستلاب الحقوق وامتهان كرامة الإنسان دون أدنى وازع ديني أو قيمي أو عُرفي.

هذا الإفساد المليشاوي المهلك للحرث والنسل خلق حافزا قويا لدى القوى الوطنية والاجتماعية في تعز، فاتجه تفكير أبناء تعز نحو التخطيط لوضع إستراتيجية المواجهة.

- السعي إلى إفشال الاتفاقيات كلها:
فكل اتفاق حصل بين السلطة المحلية واللجنة الأمنية من جهة وبين القوى السياسية والمكونات المدنية والاجتماعية، كان يتم إفشاله بعد ساعات.

وقد سلكت المليشيا أسلوب توزيع الأدوار بين قياداتها، هذا الغرور واللامبالاة جعل الكثير من أبناء تعز يتذكرون أخلاقيات اليهود التي ذكرها القرآن العظيم وعرّاها قائلا: "أوَكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم".

لقد تجسدت تلك الأخلاقيات في مواقف المليشيا- اليوم القائد "س" يبلغ السلطة المحلية برفض الاتفاق رقم كذا، وغدا القيادي "ص" يعلن رفض الاتفاق رقم كذا، وهكذا... إلخ.

- أوعزت المليشيا إلى حلفائها في السلطة المحلية وموظفي الجهاز الإداري بإغلاق الموسسات - غياب وعدم التزام بالدوام.

- أوعزت المليشيا إلى كثير من حلفائها بالنزوح إلى محافظتي إب وصنعاء نزوحا مؤقتا ضامنة لهم بوعود مؤكدة بأن نزوحهم لن يتجاوز ثلاثة أسابيع.

- استفزاز أبناء تعز:
تكررت سخريات المليشيا تجاه أبناء تعز ولبسهم للبنطال، بل وصلت الوقاحة بمشرف حوثي، العقيد (ص. أ. ف.) والذي حضر مراسم دفن العقيد نجيب محفوظ، المشرف التقط المايكرفون منتهزا فرصة الحضور، فلم ينبس بأدنى كلمة عزاء لأسرة المتوفي، وإنما انطلقت لسانه بالحقد الأسود تجاه تعز وأبنائها المبنطلين متباكيا أن تعز لا حامي لها، وأنى لأبنائها المبنطلين أن يحموها؟

وفي تصريح لآخر قال إن طقمين بالكثير وحزمة عُصِي غليظة كفيلة بتركيع صعاليك البنطلونات خلال ثلاثة أسابيع بالكثير.

- التعزيزات المليشاوية إلى المعسكرات.
- التسليم للمواقع الهامة:
قيادات الجيش المحيطة بتعز سلمت المواقع والمرتفعات والتلال الهامة للمليشيا -العروس، القاهرة، وإيصال دبابتين إلى منطقتي حدنان، ومنطقة سِيعه - صبر الموادم، ومواقع أخرى في الضواحي المتاخمة للمدينة.

- توجه معيجير البرطي قائد اللواء 35 للمليشيا بالسيطرة على المدن الثانوية- التربة الشمايتين، والهدف هو إحكام الحصار على مدينة تعز.

ثانيا، عوامل تكوين الحاضنة:
سأتحدث عن أهم وأبرز العوامل التي دفعت إلى خطوة التنفيذ العملي للحاضنة، كما أنني سأستعرض هذه العوامل تدريجيا من القوي إلى الأقوى، وذلك كما يلي:

1- استقالة المحافظ:
أسباب استقالة المحافظ:
اجتمع اللقاء المشترك واللجنة الأمنية وممثل المليشيا في منزل المحافظ، شوقي، يوم 24 مارس 2015، وتوصل المجتمعون إلى النقاط التالية:
أ- مليشيا الانقلاب الوافدة إلى تعز عليها العودة إلى معسكراتها.
ب- رفع النقاط المستحدثة نهائيا.
ج- الانسحاب من التلال المرتفعة والعودة والاتجاه إلى حيث كانت.
د- عودة وحدات الجيش والأمن المركزي المرسلة إلى مدينة التربة.
هـ- تحديد موقف واضح من قائد اللواء 22 ميكا والأمن المركزي بسبب مواقفهما العدائية ضد تعز.
و- إسناد مهمة الأمن في المدينة للشرطة العسكرية.
- وقّع أحزاب اللقاء المشترك وكذا حزب المؤتمر على الاتفاق وانسحب ممثل الحوثي.
- فجأة وصلت الأخبار أن معيجير قائد اللواء 35 توجه بكتيبة عسكرية نحو مدينة التربة، وهنا انفعل المحافظ قائلا: وجهنا أمس بمنع أي تحرك عسكري، فإذا كان لا أحد يلتزم فأنا لا داعي لبقائي كمحافظ، وأعلن استقالته وغادر الغرفة.

- في اليوم التالي، 25 مارس، تحرك الجيش والأمن صوب كرش، وكان ذلك تطور سيئ جدا ضد موقف تعز، فانطلقت المسيرات الشبابية والاعتصامات رغم إطلاق الرصاص الحي على المتعصمين.

2- تمرد الجيش:
تمرد الجيش في اللواء 35 ضد القائد معيجير وأعلن انضمامه للشرعية وتم طرد معيجير.

لقد سجل الجيش موقفا دستوريا وأخلاقيا يعكس وعيا وطنيا عالي المسؤولية، وكان ذلك مكسبا ثمينا لأنه سيكون النواة الأولى لتأسيس جيش وطني، بل وسيكون العمود الفقري للمقاومة الوطنية.

3- أعلن ضباط وأفراد من الجيش والأمن من مختلف الوحدات انضمامهم إلى الشرعية.

4- تعيين العميد عدنان الحمادي رحمه الله قائدا للواء 35.

المواقف العملية للإصلاح:

لا شك أن العوامل السابقة كانت أحداثا مثيرة لكل أبناء تعز فكان المجتمع يطرح السؤال: ما العمل؟ هنا كان الإصلاح يراقب الموقف بدقة متناهية ويتحرك مع القوى السياسية والمكونات الشبابية والسلطة المحلية.

ومن أبرز العوامل النضالية لحزب الإصلاح التي أنضجت ثم أخرجت الحاضنة الشعبية إلى الواقع العملي كما يلي:

1- السعي الجاد نحو الشراكة:
موقف الإصلاح المبكر تجاه الشراكة الحقيقية بدءًا من عام 1992 مع حزب البعث ضد قانون التعليم، ثم تأسيس اللقاء المشترك، وصولا إلى ترشيح شخصية لمنصب رئاسة الجمهورية، وكذا الهبة الشعبية الساعية إلى محاربة الفساد، مطالبا بإنصاف مظالم الحراك السلمي الجنوبي بل والدخول في حوار الطرشان مع حزب الحاكم.

2- بعد انقلاب المليشيا على الشرعية دعا الإصلاح كل القوى السياسية والوطنية في عموم الوطن للتصدي للمليشيا الانقلابية من خلال إصدار بيانات التنديد وتحريك قواعده وأنصاره.

3- إشراك الشباب والشابات:
هذا الموقف تجلى في تعز بقوة، وذلك من خلال دعوة الشباب من الجنسين إلى الشراكة في قرار التصدي للمليشيا الانقلابية.

4- الإصلاح مصداقية ووضوح:
الحقيقة أن شباب وشابات تعز أبلوا بلاء عظيما في التصدي للانقلاب إعلاميا وجماهيريا وسياسيا، والسبب أنهم وجدوا الإصلاح صادقا وجادا في مواقفه مع تعز، وبالتالي انطلقت مكونات الشباب في الأوساط الاجتماعية بكل عزيمة وتفانٍ في تطوير مواقفهم، فقد التقوا بالسلطة المحلية وقيادات الأحزاب والوجاهات- أغلبها وممثلي المليشيا كما قاموا بإنشاء المكونات المدنية لا سيما بعد أن أدركوا حقيقة موقف الجميع عن قرب دون أي لبس.

5- مسيرة غير مسبوقة:
في 11 أكتوبر 2014 قدم الإصلاح الدعم المادي والمعنوي للشباب فقاموا بتحريك مسيرة تحت شعار "مد" أي "مُواطِن.. دولة"، أي لا نريد مليشيا نعم للمواطنة المتساوية نعم للدولة.

لقد كانت مسيرة غير مسبوقة عددا وتنظيما وهتافا أولها في جولة الإخوة وآخرها جوار شركة النفط، غير أنه من المؤسف أن هذه المسيرة لم توثق، لعل قيادة الشباب انشغلت بتحريك الجماهير على حساب التوثيق.

6- اعتصامات ومبيت:
توالت مسيرات الشباب واعتصاماتهم ولقاءاتهم بالجهات، كما ضرب الشباب أروع مواقف الصمود أمام معسكر القوات الخاصة بل وباتوا ثلاثة أيام بلياليها خلال الفترة 21 مارس وحتى 25 مارس 2015 مطالبين برفع النقاط المليشاوية ونزولها من المرتفعات.

7- تضحيات الإصلاح:
شخصيتان قياديتان استشهدتا في المواجهة السلمية في مدينة التربة وقوات معيجير.

8- بعد تعيين العميد عدنان الحمادي، رحمه الله، صدر قرار حرمان جنود وضباط اللواء 35 من رواتبهم، وهنا بادر الإصلاح بجمع التبرعات من أعضائه وأنصاره فجمع 115 مليون ريال وسلمها للمعسكر.

هذا الموقف خلق زخما جماهيريا رسخ مصداقية الإصلاح تجاه تعز، كما أنه آزر موقف الإصلاح.

9- لا استعراضا ولا منّةً:
توالت تضحيات الإصلاح سياسيا وماليا وكثرة الشهداء بحكم سعة القاعدة الشعبية للإصلاح، والأهم من ذلك هو أن الإصلاح ظل ولا زال يضحي دون أن يهمس بأدنى عبارة استعراضا أو منة تجاه الشعب وإنما ضحى من موقع المسؤولية الوطنية والقيم الأخلاقية.

10- الجهاد المالي:
فرض الإصلاح على كل عضو من أعضائه 5 آلاف ريال كحد أدنى قابلة للزيادة، وعلى القيادات 50 ألف ريال كحد أدنى قابلة للزيادة.

11- دعا الإصلاح أعضاءه الموظفين للتبرع بربع راتب.

12- إحلال السلام:
انطلقت عاصفة الحزم وظل الإصلاح مع كل القوى مطالبين اللجنة الأمنية بالقيام بواجبها، حيث سعى الإصلاح إلى توقيع القوى السياسية على بيان بهذا الخصوص بهدف الحيلولة دون حدوث صراع اجتماعي وفوضى أمنية وتحقيقا السلام.

13- أحد مشايخ المؤتمر القياديين اهتبل الفرصة وطلب اللقاء بقيادة الإصلاح بتعز والهدف تجنيب تعز الحرب.

وافق الإصلاح حتى لا يقال إنه كانت هناك فرصة للسلام فرفضها الإصلاح، اشترط الإصلاح أن يكون هذا اللقاء بحضور المشترك، رد الشيخ المؤتمري قائلا: أنا سأبلغ من معي وأنتم أبلغوا المشترك.

ومما قاله الإصلاح هنا: اليوم تسجل تعز تاريخها وكل واحد من مشايخها ووجهائها وأحزابها سيسجل تاريخه وسيكتب التاريخ من اليوم من يعمل لصالح تعز ومن هو ضدها.

انتهى النقاش بأن طلب الإصلاح تنفيذ النقاط التي تم الاتفاق عليها ببيت المحافظ.. كتب الشيخ النقاط وتم الاتفاق مع الشيخ أن يرد الخبر مساء.. فجأة انفجر الموقف تراشقا بالرصاص كما سنوضحه في الحلقة القادمة.

14- التقط الإصلاح انضمام ضباط وجنود الجيش والأمن وتم تكوين المجلس العسكري كنواة للمقاومة الرسمية.

الخلاصة:
- برزت الحاضنة الشعبية عمليا إلى الوجود.
- أبرز العوامل التي أخرجت الحاضنة إلى الوجود هي مواقف الإصلاح علما بأن بقية العوامل كانت إرهاصات قوية لكن الإصلاح رسم خارطة التصدي للانقلاب وفي مقدمتها تضحياته الكثيرة- ماليا وسياسيا... إلخ، كما ذكرنا، والتي أسرعت بإخراج الحاضنة الشعبية إلى حيز الوجود.
- مصداقية وجدية الإصلاح دفعت شباب تعز من الجنسين إلى التفاعل اللامحدود في كل اتجاه وصولا إلى المقاومة وحمل السلاح والاستشهاد.
نلتقي بعونه سبحانه..

كلمات دالّة

#اليمن