الثلاثاء 23-04-2024 10:38:21 ص : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

أحكام الإعدام الحوثية.. القضاء المسيّس في خدمة الإرهاب

الخميس 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص-عبد السلام الحاتمي
 

تتعدد وسائل مليشيا الحوثي لقتل معارضيها وإرهابهم نفسيا، فمعارضوها داخل البلاد، ممن لم يتمكنوا من الفرار من إرهابها، زجت بهم في السجون والمعتقلات واستخدمتهم دروعا بشرية في مواقع عسكرية مستهدفة بقصف طائرات التحالف، وبعضهم تمارس بحقهم التعذيب داخل السجون حتى الموت أو الإصابة بأمراض وعاهات مستدامة، ومن لم تتمكن المليشيات من اعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم من معارضيها الذين يقطنون في المحافظات المحررة أو يعيشون في خارج اليمن، فإنها تسخّر القضاء المسيّس لإصدار أحكام إعدام بحقهم ومصادرة ممتلكاتهم والتعذيب النفسي لأسرهم في مناطق سيطرتها.

ومنذ العام 2017، أصدرت مليشيا الحوثي أكثر من 200 حكم إعدام في قضايا ذات طابع سياسي، بعد محاكمات تفتقر لأدنى معايير وضمانات المحاكمات العادلة، فضلا عن المحاكمات التي تجريها لعدد كبير من المدنيين أمام قضاء مسيّس وغير نزيه ولا طبيعي، ويقتصر دور القضاة في المحاكم على أداء دور تمثيلي في محاكمات أشبه بالمسرحيات وأحكام قضاء مكتوبة سلفا ومخالفة للقانون.

واللافت هو أن بعض الأحكام تكرر إصدارها عدة مرات، وبعضها طالت رؤساء دول غربية مثل رئيس الولايات المتحدة الأميركية السابق دونالد ترامب، في مشهد يعكس مدى الاستخفاف بالقضاء، كما أن المليشيات توظف أحكام الإعدام تلك والأحكام المصاحبة لها لمصادرة أموال معارضيها وممتلكاتهم ممن تصدر بحقهم تلك الأحكام، والملاحظ أن معظم الأحكام تستهدف معارضيها ممن لديهم ممتلكات وعقارات في مناطق سيطرتها، وبالتالي طرد نساءهم وأطفالهم من منازلهم تمهيدا لمصادرتها بذريعة تنفيذ أحكام القضاء.

تنطلق أحكام الإعدام التي تشمل جميع معارضي مليشيا الحوثيين من فرضية أن الشعب كله مدان لدى المليشيات إلا من تأكدت من ولائه لها وقدم تضحيات لأجلها ولو من فلذات كبده الذين تدفع بهم المليشيات إلى محارق الموت، يحدث كل ذلك الإرهاب والتنكيل بالمعارضين وإرهاب أسرهم وذويهم دون أن يحرك المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ساكنا، حتى بعد أن نفذت المليشيات الحوثية حكما بإعدام تسعة من أبناء محافظة الحديدة بينهم قاصر، في سبتمبر الماضي، بتهمة الاشتراك في قتل رئيس ما يسمى المجلس السياسي للحوثيين صالح الصماد. وإذا كان هناك من ردود أفعال دولية إزاء إرهاب المليشيا الحوثية، فإنها لا تتعدى الإدانات المحدودة والخجولة، وكأنها مجرد إسقاط واجب وتسجيل حضور إعلامي فقط لا غير.

 

- نماذج من أحكام الإعدام

قبل التطرق إلى نماذج من عبث الحوثيين بالقضاء وتحويله إلى وسيلة من وسائل الإرهاب، تجدر الإشارة إلى أن مجلس القضاء الأعلى اليمني أصدر قرارات، في أبريل 2018، قضت بإلغاء "المحكمة الجزائية" الخاضعة للحوثيين، واعتبر جميع الأحكام الصادرة عنها ملغية، باعتبارها أحكاما سياسية وغير قانونية.

كانت أول أحكام بالإعدام أصدرتها مليشيا الحوثي الإرهابية، في مارس 2017، عندما حكمت بإعدام شخصيات سياسية عدة، بينها رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي.

وفي يوليو 2019، أصدرت مليشيات الحوثيين الإرهابية أحكاما بإعدام 30 مختطفا مشمولين باتفاق تبادل الأسرى، وذلك ضمن محاكماتها لمجموعة الـ36، وبرّأت 6 آخرين.

وفي أواخر ديسمبر 2019، عاودت مليشيا الحوثي إصدار أحكام إعدام جديدة ضد رئيس الجمهورية ومسؤولين آخرين، بينهم رئيس الحكومة الشرعية معين عبد الملك، ووزير الخارجية السابق خالد اليماني، كما قضت تلك الأحكام بمصادرة جميع أموالهم في داخل اليمن وخارجها.

وفي 23 مارس 2020، أصدرت المليشيا الحوثية دفعة جديدة من أحكام الإعدام غير القانونية ومصادرة الأموال بحق 40 برلمانيا وعسكريا.

وفي سبتمبر 2020، قضت محكمة حوثية بإعدام 109 مسؤولين وقادة عسكريين في الحكومة اليمنية الشرعية.

وفي مطلع أكتوبر 2020، أصدرت محكمة حوثية أغرب أحكام إعدام تصدرها مليشيا إرهابية، حيث قضت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بمحافظة صعدة معقل زعيم الحوثيين، بإعدام 10 ممن وصفتهم بـ"المتهمين" في قضية استهداف طيران التحالف لحافلة مدرسية في سوق مزدحمة بمنطقة ضحيان في صعدة، حسب زعمها.

وقضى منطوق حكم المحكمة الحوثية بإدانة 10 متهمين ومعاقبتهم بالإعدام، وهم: العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله محمد ولي العهد، وتركي بن بندر بن عبد العزيز آل سعود، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وجميس نورمان ماتيس، وجيزال نورتون إنسكوارتز، والرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه علي محسن الأحمر، وأحمد عبيد بن دغر، ومحمد علي المقدشي.

وفي فبراير 2021، أصدرت محكمة حوثية في العاصمة صنعاء حكما بإعدام 11 برلمانيا رميا بالرصاص في ميدان التحرير وسط صنعاء، بتهم سخيفة أبرزها المشاركة في جلسة مجلس النواب التي عُقدت بمدينة سيئون في محافظة حضرموت في أبريل 2019، كما قضى الحكم بمصادرة كل أموال المحكوم عليهم في الداخل والخارج.

وفي أواخر مارس 2021، أصدرت محكمة تابعة لمليشيا الحوثي الإرهابية حكما بإعدام تسعة من شباب ثورة 11 فبراير ودفع 180 مليون ريال وعشر سنوات سجن تعزيرا بحق تسعة آخرين.

الجدير بالذكر أن 18 من شباب ثورة 11 فبراير 2011 كانوا قد اعتقلوا خلال الثورة وصدر بحقهم حكم ابتدائي قبيل انقلاب الحوثيين قضى بالبراءة المطلقة بحق كثير منهم من التهم الموجهة إليهم وتغريم البقية مبالغ مالية تدفع كدية، إلا أن مليشيا الحوثيين سيّست الحكم وأصدرت بحقهم حكما بالإعدام تعزيرا رميا بالرصاص.

وفي أغسطس 2021، أعلنت المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين بصنعاء، الحكم بالإعدام تعزيرا بحق 11 متهما في ما يطلق عليها قضية خلية "عمار صالح" المتهمة في ما سمته "إعانة العدو والتخابر مع دولة أجنبية معادية".

وفي سبتمبر الماضي، أعدمت مليشيا الحوثي الإرهابية تسعة أشخاص اتهمتهم بالمشاركة في قتل صالح الصماد، القيادي في الجماعة والرئيس السابق لما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" للحوثيين، بعد محاكمة هزلية، ولم يسمح خلالها للمتهمين بتوكيل محامين، كما تعرضوا للتعذيب في السجون مما تسبب بإعاقة جسدية لمتهم قاصر ووفاة المتهم العاشر تحت التعذيب، ولقي تنفيذ حكم الإعدام في ساحة عامة وعبر وسائل الإعلام التابعة للمليشيات استنكارا وسخطا شعبيا واسعا.

 

- جرائم لا تسقط بالتقادم

تعد أحكام الإعدام الحوثية بمثابة إرهاب وجرائم حرب لا تسقط بالتقادم، خصوصا الأحكام الباطلة والجائرة التي تنفذها في الساحات والميادين العامة، علما أن تلك المليشيات لا تكف عن قتل الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ بقصف منازلهم عبر الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة والقنص، فضلا عن التعذيب في السجون حتى الموت، مما يجعلها أبشع جماعة إرهابية عبر التاريخ.

وتأتي أحكام الإعدام وتسييس القضاء وتحويله إلى أداة من أدوات الصراع السياسي وإرهاب الخصوم السياسيين، في سياق السجل الإجرامي والإرهابي لهذه المليشيات، التي تمارس من خلال المحاكم التابعة لها غير القانونية أكبر عملية إرهاب نفسي ضد المواطنين في مناطق سيطرتها، وبالتالي فإن التسريع بالحسم العسكري والقضاء عليها يعد ضرورية إنسانية قبل أن يكون ضرورة وطنية، كونها مليشيات تجردت من كل الأخلاق والقيم، وارتكبت كل الجرائم التي لم يسبق أن ارتكبتها أبشع الجماعات الإرهابية في العالم.

كلمات دالّة

#اليمن